
لا غرابة في ظهور تجمع المهنيين، كونه خلاصة تجربة طويلة لنشاط نقابي وطني ظل مُستهدفاً على الدوام من جميع الدكتاتوريات..
استهدفته مايو للقضاء عليه، لكنه نهض كالسمندل بعد أن ابتدر التغيير في ابريل 1985م..
لا غرابة في هذا، إنما الغراية في ظهور تجمع الاتحاديين المعارض. فنحن – زوّار الضريح – نحفظُ عن ظهر قلب وصية المراغنة لأحبابهم ومريديهم، بألا يهبشوا الفتَّة حتى يبرُد حشاها بتلافيف الصبر أو بالبهبة..
إن كانت تلك هي الوصية الميرغنية فمن أين نهض تجمع الاتحاديين المعارض ليُسفِر عن وجهه ضد ولاة الأمر في هذا الزمان؟
للاجابة على هذا السؤال نعود بكم إلى رقصة البشير الأخيرة في الساحة الخضراء حيثُ احترق الشقيق سكينجو متجاوزاً حتى الوصية التي تدعوه للمحافظة على أصابعه!
في تلك الساحة بُعيد تفجُّر الحِراك الثوري، أقدم السِّبط حاتم السر على حرق ذاته الشريفة لصالح الانقاذ وهو السياسي الذي منافسا للبشير على رئاسة الجمهورية!
كانَ سكينجو مُدنَفاً ومُندلِقاً في تلك الساعة، مثلما أنه أشعل اللهيب في بادية كردفان – عندما افتتح البشير طريقه الخائب – بقوله ألا صفوف بعد ذلك إلا صفوف الصلاة!!
لا خفاء في الأمر، فالشقيق كان يؤكد للمخلوع أنه عاد من القاهرة بعد لقاء الزعيم، وأنه يتحرك وفق خطة تمضي في اتجاهين: اتجاه تأمين التحالف مع المخلوع بلسان، واتجاه تأكيد الانسلاخ عنه بلسان،،، وليس في هذا جديد بالنسبة للمراغنة حين يضطرون الى ركوب الصعب!
هل أسلمت القفاطين قيادها للمخلوع الذي لم يكن يرى في الشوارع غير المندسين والشيوعيين، وهلمّجرا؟
هل علم المراغنة – اصحاب الأسرار النورانية – كيف كان المخلوع يتندر بسيرتهم مع رؤساء دول الجوار؟
لقد ازدهر تجمع الاتحاديين من عمق الأزمة، وداخل روابط الطلاب..
ولقد كان قدر الشباب الاتحادي هو الرفض لهيمنة الطائفية بقطع مفاوزا عبرّ عنها المرحوم الشريف حسين في قوله:
خرطومُ يا مهد الجمال ودرة الاوطان عندي ..
أنا كم أخافُ عليك من شوقي و تحناني ووجدي..
لما أذاعوا عفوهم وتخيروا المنفين بعدي ..
هرعوا إليك ضعافهم وبقيتُ مثل السيف وحدي..
كان هذا الشباب هو وقود الثورة في بري، وكان علي محمود حسنين ..
كان الاتحادي حزبا للحركة الوطنية، فهل كان في حوجة لظهور السبط حاتم السِّر، بتلك الهيئة في (جبجبة البشير) الأخيرة؟!