مفاكرة مع دكتور جلال: زفة بكري المدينة ليست زفة انتخابية.. سجلات وتسجيلات في مرآة الوطن، هل انتفت الأسئلة بالضرورة

الخرطوم ـ عزمي عبد الرازق
في الثامن والعشرين من أكتوبر الماضي فتحت المفوضية القومية للانتخابات شرفة السجل الانتخابي، مرت خمسة أيام بالضبط وأبواب المراكز مشرعة، العديد من الوجوه عبرت إلى هنالك لإلقاء نظرة على ضمان مشاركتها في الاقتراع، والعديد من الوجوه آثرت الغياب، وهو غياب لم يتسن تبريره أو استنكاره لأسباب بدت خافية على معظم الناس، تبقت أيام معدودة لإغلاق الباب على أخطر مراحل العملية الانتخابية.
في الحادي عشر من نوفمبر الجاري ستطوى السجلات طيا تمهيداً لنشر الأسماء التي أضيفت أو حذفت أو عدلت قبالة الطعن، فما الذي يدور في دهاليز المفوضية؟
نجوم وهموم
من المصادفات الغريبة أن عملية التسجيلات النهائية للأندية الرياضية تزامنت مع تسجيلات الناخبين النهائية، نشط السماسرة هنالك بينما خفت صيتهم هنا، زفة بكري المدينة وزفة الأصم الفرق بينهما في نخبوية العمل السياسي وشعبية كرة القدم ثمة من يردد ذلك.. الزخم الذي يصاحب تسجيل نجوم الكرة بالضرورة لم يصاحب ضيوف مراكز الاقتراع، بالرغم من أن التسجيل للانتخابات مصيرية ولديها علاقة بمستقبل البلد والأمة! مرافعة المفوضية تكمن في حجة وجود سجل سابق أصبح بمثابة أرشيف وطني، وبالتالي من الطبيعي أن تختفي الصفوف عن الأنظار.
خطوط مزدحمة
المعركة انتقلت من المدارس إلى الأسافير، المفوضية خصصت عبر خطوطها الثلاثين الرقم (6006) للاتصال عليه من قبل المواطنين من كل الشبكات لمراجعة بياناتهم في السجل السابق بغرض التأكد والإضافة، الاتصال أزاح كثيرا من العقبات أمام المواطنيين ومن بينها التشويش والتوهان والعجز، الرقم المعروض أعلاه بحسب الأمين العام للمفوضية الدكتور جلال محمد أحمد شهد اتصالات تتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين ألفا في اليوم، وهو مؤشر جيد لنجاح العملية.
مفاكرتنا العاصفة مع د. جلال طرقت معظم الأبواب المغلقة وكانت الاستفهامات حاضرة، في البدء تحدث الرجل عن سير العملية الانتخابية وقال إن البداية كانت موفقة، لأن التحضير كان جيدا، وتمت الاستفادة من التجربة السابقة، إفادات جلال أشارت إلى طباعة السجل الذى يحوي 11 مليونا و600 ألف ناخب تم توزيعها على ذات مراكز التسجيل والاقتراع السابقة لتسهيل عملية الوصول إليهم، بجانب حرصهم على أن يكون المسؤولون عن مراكز الاقتراع من المواطنين المحليين المدربين لسهولة التواصل مع الناخبين، 80% من كوادر المفوضية تم تدريبهم..
بخصوص الإقبال الضعيف يرد الأمين العام بأن هذه المرحلة تعنى بتنقيح الكشوفات، عبر إضافة من باتوا مستحقين للانتخاب بعد وصولهم لسن الثامنة عشرة، أو لمن تحركوا من دائرة لأخرى وهؤلاء مستهدفون، ولذلك ليس هناك زحام على المراكز وتوقعاتهم تشير إلى أن مجمل المستهدفين لن يتجاوز المليونين على أعلى تقدير.
غياب السماسرة
سيرة سماسرة الانتخابات الذين الذين يحصلون على شعارات الناخبين ويساومون بها الأحزاب والمرشحين كما حدث في السابق كانت حاضرة بين دفتي إجابات الرجل الذي يمسك بأخطر الملفات في المفوضية، مما ذهب إليه سد الثغرات وضمانات نثرها بمحاربة كل الأساليب الفاسدة، الفائدة التي جنتها المفوضية من تجارب الاتحاد الأفريقي هى التي عززت خبراتهم بالرغم من أن السودان متقدم جدا في هذا المجال.
“خلال الانتخابات السابقة شهدت العملية حدوث بعض الأخطاء في بطاقات الاقتراع وعمليات التلاعب مما قاد للكثير من الانتقادات والاتهامات للمفوضية”، هو أحد الأسئلة التي أشهرناها في وجه د. جلال..
لم تتغير ملامح وجهه وهو يجيب بأن ما حدث كان في نطاق ضيق جدا، وفي ما يتعلق بخطأ توزيع بطاقات الاقتراع فقد كان رد فعل المفوضية قويا، كما تحدث دكتور جلال وبدلاً عن إيقاف المراكز تم إيقاف الدائرة الانتخابية المعنية، وما حدث كان بسبب طباعة البطاقات في عدد من الدول كجنوب أفريقيا وكرواتيا وإنجلترا، والخطأ حدث في البطاقات التي أتت من إنجلترا، وكان من المفترض تعبئة كل 800 بطاقة، ولكن تمت تعبئها على 1200، فتداخلت البطاقات وحدث الخطأ في بعض المراكز، خاصة وأنه لم تتم مراجعتها كلها قبل يوم الاقتراع، الخبرة جعلتهم يستشعرون كيف يحدث مثل هذا واعداً بعدم تكراره.
تثقيف انتخابي
من بين الضمانات المبذولة بعدم تكرار الخطأ الاستفادة من الدعم الكبير في الفترة السابقة خاصة في ما يتعلق بالتدريب وتوفر 163 خبيرا، دربوا كوادر المفوضية في مختلف المجالات من التخطيط واللوجستك والجندر وترسيم الدوائر والتثقيف الانتخابي، بجانب بعض الدورات التدريبية الخارجية، فضلاً عن ذلك فقد شارك قيادات المفوضية في مراقبة انتخابات عدد من الدول وهو ما أكسب المفوضية خبرة كبيرة، سيما وأن الانتخابات تقوم على التراكم، ولكن تعطل الانتخابات في السودان خلق فجوة تم ردمها عبر التدريب المكثف، المفوضية ـ بحسب دكتور جلال ـ شرعت في عمليات التثقيف الانتخابي بدعم من منظمة الهجرة الدولية عبر 54 منظمة وزعت على كل ولايات السودان، ولكن هل يعني ذلك تفادى النسبة الكبيرة للتالف من الأصوات والتي اعتبرت في الانتخابات الماضية الفائز رقم ثلاثة؟
يجيب الأمين العام بذات البساطة بأنه عادة تكون الأصوات التالفة 13% ولكنهم لم يصلوا لهذه النسبة، في بعض المراكز والدوائر يكون التالف رقم ثلاثة، والسودان متقدم على الكثير من الدول، وذلك بسبب ممارسة الانتخابات منذ وقت طويل، كما أن الإقبال على التصويت يعتبر افضل من الكثير من الدول، أضف لذلك فإن للمرأة دورا فاعلا بل في بعض الأحيان تتفوق على الرجل، وهو اعترف قذف به الرجل الثاني في المفوضية.
صوت المهاجرين
من المداخل المهمة السماح للسودانيين بالخارج المشاركة بالتصويت للمقاعد النسبية (المرأة والقوائم الحزبية) وهو ما يقدر بنصف مقاعد البرلمان، البرلمان وافق على التعديل في هذه الجزئية كما أخطرنا بذلك الأمين العام، وقد تم الاتصال بالدول التي بها عدد كبير من السودانيين للحصول على موافقتها، أما بعض الدول التي تشهد اضطرابات أمنية كليبيا وسوريا واليمن فقد تم تحاشيها.
من الجوانب التي طرقنا عليها في مفاكرة دكتور جلال دعوات المجتمع الدولي لتأجيل الانتخابات مما يعني أنه لن يقوم بتمويلها؟ لكن الأمين العام وطاقم المفوضية يعتبرون أنهم معنيون بتنفيذ الاستحقاق الدستوري كما هو مقرر ووفقا لقانون الانتخابات، وبما أن الانتخابات استحقاق على الحكومة فهو واجب التنفيذ، لذلك فإن الحكومة هي المسؤول الأول عن توفير الميزانية، وإذا جاء أي دعم فسيكون بشكل معين وليس أساسيا، الأمين العام لم يكتف بذلك ولكنه ينفض ما وسعه من توقعات ببعض الدعم من منظمات دولية تدعم كل ما يتعلق بالحكم الراشد والانتخابات، فضلاً على أن دول كالصين وروسيا وكوريا الجنوبية والهند من الممكن أن تقدم دعما للعملية الانتخابية.
مواكبة التعديل
ومن القضايا المثارة هذه الأيام التعديل على مستوى الدستور وقانون الانتخابات بإلغاء انتخاب الولاة، وهو أمر غير مزعج بالنسبة للمفوضية، يقول د. جلال إنهم ملتزمون بالدستور والقانون وان حدث تعديل فسيقومون بإلغاء بطاقة اقتراع الوالي فقط لا أكثر، وفوق ذلك هو غير معني بتأجيل الانتخابات ولكنه قطع بعدم فتح السجل مرة أخرى حتى ولو تأجلت الانتخابات ودفع أسبابه بأن التسجيل عملية مرهقة ومكلفة مالياً وإداريا، وبالضرورة فإن أي صرف على السجل الانتخابي ليس خسارة باعتبار أن ذلك يمثل كسب في المستقبل، سيما وأن تكلفة السجل الانتخابي تعادل 60% من مجمل ميزانية العملية الانتخابية لأنه يستمر لخمسة عشر يوما علاوة على فترة الاستئنافات، أما التصويت فيجري في يومين فقط، ومن الثغرات التي تحدث عنها البعض هي التمييز في اعتماد المناديب ونشر الكشوفات التي حولت اسم نجل محمد عثمان الميرغني مقروناً بصفة السيد، لكن دكتور جلال يدافع عن موقفهم بأنهم يعتمدون أسماء المناديب بحسب ما أرسلت لهم، دون حذف أو إضافة، انتهت المفاكرة ولكن لم ينته الأمر الذي سوف يستفتى فيه الشعب، وتظل العديد من الاستفهامات تتناسل بين كل مرحلة انتخابية وأخرى.
اليوم التالي
سجلوا وانتخبوا براااااكم