تحسبات مستقبليه

لغالبيه العظمى من الشعب السوداني أجمعوا على ضروره التغيير في السودان ، ولكن ليس هناك تصور مدروس ، أو نهج أجمع عليه الناس ، فما زالنا في حيره من الامر ، مع تعقد الوضع الداخلى لتعدد وتنوع مكوناته ، على ماهيه ملامح المستقبل وكيفيه تطبيق أُسُسه .
أدرك أن الكل ينادى بالمثل وبالفضيلة ، ولقد تم عرض الكتير من النماذج لمنهجية الحكم المرجوة ، وحدثت تفاهمات هنا وهناك ، لكن في المحصله النهائيه فما زالت تنقصنا الكثير من الأستعدادات .
والفكره المطروحه منطلقه من مخاوف لا يستهان بها تسود بين أوساط السودانيين خشيه الذهاب للمجهول ، او إستغلال الفراغ المتوقع حدوثه من جهات لا تعير إهتماما بالآخرين أو بالإطروحات المتعارف عليها
التغيير جيد وهو سنه الحياه ، ولكن في ذات الوقت لا نريد التغيير من حيث التغيير كيفما كان . لا نريد أن نتعطل أكثر أو نتخلف عن ركب العالم بمسافات أطول . لا نريد تسلطا همجيا لا يراعي المبادئ والحقوق والمُثل والقيم .
كل الدراسات الحديثه في معظم العلوم الحديثه تهتم بما يعرف بالتحسبات الوقائية prevention measures والتي تعتبر ضروريه في محاوله تجنب ما يمكن تجنبه من مشكلات قبل حدوثها.
لا يمكننا القول أننا لا نملك الكوادر البشريه أو يصعب علينا إستنباط إستراجيات الحكم الرشيد ، فالحمد لله بلادنا غنيه بأبناءها ونثق في كفاءاتهم وهناك تصورات شبه مقبوله الطرح
ولكن تكمن القضيه في الأجندات الخاصه بكل طرف ، وهذه الأجندات هي مثار الخلاف وعدم التوافق . فالكل قلق من حاله تمكن الأخر أو تسيده ، وذلك نتيجة لمعرفته أو لإفتراضه الإلمام بأجندة الآخر . وهذا هو الشئ الذي يدفع بالكل في محاولة التفوق على الكل ، ليفرض موقعه ، ولذلك تبرز ظواهر عدم الرضا والخلاف وسعي كل فئه او كيان أو فرد لتثبيط الآخر .
إذا حاولنا معالجه هذه الأجندات أو محوها فسوف نمكث سنوات . ويستوجب علينا معالجتها كل على حده ، بمعنى مثلا أن نقنع الشيوعيين أن فكرهم زمانه ولى ، أو الاحزاب القديمه أنها نمط قديم ومجرب ، وكذا المؤتمر الشعبي فسد وهذا المؤتمر الوطنى فشل ، وتلك الحركات المسلحه نهجت غلط الخ.. جدال ليس له أول ولا آخر . وهذه ليست آرائي الخاصه بل هذا نموذج لما يتداوله البعض عن البعض الآخر
هناك مسؤوليه مشتركه ، يوجد بيت مهدوم لابد أن يتشارك فيه الجميع لكى يبنى من جديد . فلا بد من الترفع عن الأجندات الخاصه وإعادة صياغة التوجهات بالصوره التى تتوافق مع مطمح الغالبيه . وأن ألتقي مع الجمع وأجمع معهم بشرط أن لا يكون إجماع تكتيكي ويضمر البعض غيره فتسود بذلك ظواهر عدم الثقه في الآخر .
نريد قناعات راسخه ، بشر خالى من الاجندات الخاصه ، من المشاعر السالبه التى يريد البعض تفريغها والتشفي . فالأوطان مسؤليه سامية تتطلب السمو بذواتنا حتى تتناسب مع مكانتها
التخلى عن الأنانية المتمثلة في محاولة إقصاء الآخر أو طمثه . لكن هذا الآخر أيضا عليه الإرتقاء إلى مستوى الفكرة الشموليه والأهداف الشموليه التى تتوافق مع المستوى العريض .
هذا إن كنا فعلا نحب الوطن ، لذاته ، لشعبه ، لمكانته ، ولأننا منسوبين إليه . أما إن طغت أجنداتنا الخاصه على نهج كل منا فالمعزره ، هذه تعتبر دونيه من المستوى لا تؤهل منسوبيها للفعل الناجح الذي يتوخى منه خدمة الوطن بالإخلاص والتجريد المطلوب
أدرك أن هذا النوع من الحديث فيه قدر من المثالية بالنظر لواقعنا السياسى المعاش . لكن تشبثنا بهذه المثاليه هو الجوكر المطلوب لربط الكيانات السياسية في قالب متحد .
والأمر لا يحتاج لجدال مع الآخرين ، بقدر ما يحتاج لمعالجات ذاتية ، وترميمات داخلية ، وتصافي فردي مع النفس . فبعلاج ما بداخلنا كحزب أو كيان أو نفس ، نتأهل فعليا في نواحي كثيرة ، ونكون في حالة توق لمعانقة الآخر في نقطة الإلتقاء إحتراما لتقدمه أيضا، ولما إصلحه ، وتقديرا لتجرده ، وبمعنى آخر لتساميه
عودوا وراءا ، أو إبتكروا نموذج جديدا خاص بالسودانيين ، أخوةً متحابين ، مستثمرين موروثات خصالنا الجميلة تطبيقا لنزيّن بها المستقبل ، رافضين كل ما سلف ، آملين بل متفائلين بما هو آت
على الجميع المسارعة نحو سنتر الإلتقاء ، هيناُ ليناً مع إخوتا له في الوطن الشاسع ، متوافق متحد ، متناسي متغاضي ، مذوبا للعراقيل ، عازم على الوصل ومحترزا الفصل وهيا جميعا إدفعوا ..
في سنتر الإلتقاء الجامع بعون الله ، رجاءا لا نريد إجماعا على شخصيات ، بقدر ما نريد إجماعا وتوافقا على الآلية الي تجلب الشخصيات ، على المواصفات والمؤهلات التي ينبغي ان تتوفر في الشخصيات ، فلكل موقع متطلبات يجب توفرها فيمن سيشغله
لا نريد دستورا مفروضا ، بل نريد إجماعا على كيفيه إختيار صاغته ، وكيفيه صياغه مضامينه وإعتماد جهات مراجعته .
وللحديث بقيه ..
[email][email protected][/email]