أخبار السودان

مؤتمر هيرمسبورج ..أزمة الدولتين.. معاناة شعوب وفشل قيادات

هيرمسبورج: فاطمة غزالي

في ضاحية هيرمسبورج التي تبعد ٦٠ كليو من مدينة هانوفر الألمانية هي عاصمة ولاية ساكسونيا السفلى إحدى ولايات ألمانيا وإحدى أكبر مدن البلاد. يبلغ عدد سكانها 520,000 نسمة. تقع في شمال ألمانيا على نهر لاينه.. في صيف هيرمسبورج كانت فعاليات مؤتمر المجموعة الأوربية التنسيقية لمناقشة ومناصرة قضايا دولتي السودان وجنوب السودان، حيث تتناسب درجة الصيف الأوروبي مع سخونة القضايا المطروحة في مقدمتها الحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، والحرب الأهلية في دولة الجنوب ومراراتها، بجانب الحوار الوطني ويذكر أن هذا المؤتمر يعقد دورياًً منذ العام ١٩٩٠ لمناقشة قضايا الشمال والجنوب، ومناصرة ضحايا الحرب، ودعم الحوار والسعي لتقريب وجهات النظر بين السودانيين.. لم تنته أهداف المؤتمر بانفصال الجنوب باعتبار المشهد السياسي للدولتين لم يتعافَ من أمراض الأزمة بين الشمال والجنوب إلى أن اندلعت الحرب الأهلية في دولة الجنوب وبذا أصبح السودان بدولتيه مأزوم بالحروبات.. مؤتمر هيرمسبورج الذي بدأت فعالياته في الثالث من يونيو الجاري حتى الخامس منه، لم يكن مؤتمراً لتجمع المعارضة المدنية والمسلحة كما أوردت بعض الصحف، بل أقرب لتجمع بين الحكومة والجبهة الثورية والشاهد على ذلك حضور ممثلي السفارة السودانية من برلين للمشاركة في فعالياته وحضور دكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة وقيادات الجبهة الثورية نصر الدين الهادي والتوم هجو ودكتور يوسف الكودة.. والمنظمات والمجتمع المدني، وممثل الخاريجية الألمانية والشاهد أن هناك غياب تام لممثلي الأحزاب بالداخل..
المؤتمر الألمانية رقم (٢٧) تناول الأزمة في السودانيين، وكيفية الخروج من الحروب التي هددت أمن الدولتين وخلقت وضع إنساني سيئ في دولة الجنوب ومناطق الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، كما تطرق المؤتمر للحوار الوطني، ودور المجتمع الإقليمي والدولي في تصاعد حدة الصراع في الدولتين، وقدمت خلال المؤتمر العديد من أوراق العمل التي ركزت على الأوضاع الحالية في دولة الجنوب، وعلاقة الشمال بالجنوب قبل الانفصال، وقطع بعض المشاركين في أن معاناة الدولتين عبرت عن أن الدولتين وقعتا تحت أزمة القيادة وحملوا القيادات السياسية الحاكمة مسؤولية ما يحدث من حروب، وتعمق المؤتمر في تفاصيل الأزمة بالرجوع إلى أزمة الهوية والتهميش للأطراف وسيطرة المركز على الموارد وتجاهل التنمية.
وخلصت بعض أوراق العمل إلى عجز الساسة السودانيين عن تحويل الأفكار الجيدة في إدارة الدولة واعتبرت غياب التنمية والرؤية السياسية الراشدة والفساد جوهر الأزمة في جنوب السودان وتناولت الأوراق غياب دور البرلمان في صناعة القرارات الراشدة، وضعف المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، وحملت المؤسسات التقليدية السلطوية والإدارة الاهلية جزء من مسؤولية انهيار الوضع في دولة الجنوب، ونبهت الأوراق إلى غياب نظام المؤسسات العدالية، والسياسية، وتناول المؤتمر ثقافة القبيلة وإقحامها في السياسة، وانتشار ثقافة الفساد السياسي بجانب سلوك الشخصيات السياسية الإقليمية ودورها السالب في السياسة، وانتقد البعض مباشرة سلفاكير ومشار في التعامل مع الانتخابات من منطلق قبلي، واعتبر بعض المشاركين. إن أخطاء قيادات الجنوب تسببت في نتائج كارثية تمثلت في الوضع الإنساني سيئ وانتهاكات لحقوق الإنسان، وفقدان الرؤية السياسية وقطعت بأن ما يجري في التفاوض في أديس أبابا دليل على فقدان الرؤية الحقيقة للخروج من مأزق الحرب وخلصت بعض الأوراق إلى ضرورة دعم الأطراف الجنوبية للتفاوض في أديس أبابا وإيجاد حلول عسكرية لحفظ السلام في الجنوب، وسيادة حكم القانون، ونبهت المؤتمرون إلى أن السلام المطلوب ليس عبر القيادات فحسب بل لابد من حوار قاعدي لتجاوز الاقتتال القبلي المدفوع بأجندة سياسية، وحماية الحق في الحياة، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين خاصة التعليم للخروج من مأزق استغلال انتشار الجهل وغياب الوعي في المجتمعات.
الحوار الوطني من القضايا التي حظيت بناقش حاد خاصة المجموعة السودانية باعتبار أن البيئة السياسية والقانونية لا تسمح بالحوار الوطني وتنظيم محادثات حقيقة تفضي إلى المصالحات الوطنية، وتناول المؤتمر مآسي الحرب في البلدين واعتبر بعض المشاركين أن الذين لم يمروا بتجارب العنف يتحدثون عن التفاوض بينما الذين تأثروا بالعنف يتحدثون عن حلول قوية بما فيها المحاكمات باعتباره لا تعزل عن مناخ الرؤية التصالحية عبر التفاوض لكون حفظ السلام يتحقق بقناعة الأطراف وليس بالقوات العسكرية فقط.. خلص النقاش في الجلسة الأولى للمؤتمر بأن الأزمة في السودانين معقدة ولكن حلها ليس مستحيلاً.
إذا تواضعت الأطراف المتحاربة في الدولتين على أسس لتحقيق السلام والديمقراطية وبناء الدولة في البلدين عبر ديمقراطية حقيقة بمشاركة الأحزاب والمجتمع المدني وقيادة حوار وطني صادق لإنهاء المأساة في السودانيين.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..