أخبار السودان

السودان يعزّز جهود تحقيق السلام في الداخل لمواجهة التعنت الإثيوبي

وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان السبت إلى جوبا لإجراء لقاء مع رئيس “الحركة الشعبية شمال” عبدالعزيز الحلو في محاولة لضمه إلى اتفاق السلام، وذلك بعد انضمام حركة “تحرير السودان” بقيادة مصطفى طمبور الخميس إلى اتفاق السلام مع الحكومة السودانية. ويرى متابعون أن السودان يريد كسر جمود المفاوضات مع الحركات المسلحة لقطع الطريق أمام مناورات أديس أبابا في أزمة الحدود التي سبق وأن استثمرت ورقة الحركات المسلحة لاستفزاز الخرطوم ومضايقتها.

الخرطوم – كثف السودان من جهوده الدبلوماسية لتعزيز السلام كأحد أدوات مواجهة المناوشات الإثيوبية في أزمة الحدود، وتنوعت تحركاته عبر جهود داخلية استهدفت تحريك جمود المفاوضات مع الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا.

وقام رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بزيارة جوبا السبت، والتقى رئيس “الحركة الشعبية شمال” عبدالعزيز الحلو لتذليل عقبات سوء التفاهم والتوصل إلى اتفاق ينضم بموجبه الحلو لقافلة السلام بالسودان

وشهدت الأيام الماضية عقد العديد من ورش العمل بين وفود حكومية وسياسية سودانية إلى جانب “الحركة الشعبية شمال” للوصول إلى نقاط التقاء حول مبادئ عامة يمكن التفاوض حولها، وتركزت على مطلب علمانية الدولة وكيفية إقراره بما لا يؤدي إلى تجاوز نظام الحكم، وبصيغة يقبل بها الحلو الذي ما زال مصراً على تطبيقها.

ويرى مراقبون أن السلطة الانتقالية لن تجد غضاضة في تقديم تنازلات لاستيعاب الحلو وحركته تحت مظلة السلام وإنهاء التوترات في المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) بما يضيّق الخناق على إمكانية توظيف إثيوبيا لبعض قادة الحركات في صراعها الحدودي مع السودان، وتحريكهم بالاتجاه الذي تريده، والعودة إلى اللعبة القديمة التي استثمرت فيها أديس أبابا لمضايقة الخرطوم من خلال الحرب بالوكالة.

ويشير تمسك السودان بالسلام في بعض القضايا العالقة داخلياً وإقليمياً إلى أن السلطة الانتقالية لديها رغبة في طي صفحات الحروب التي أضحى استمرارها يمثل خطرا إذا لم تكن هناك خطوات سريعة قادرة على حل النزاعات التي أفرزت وجود عدد كبير من الحركات المسلحة المتمردة.

وتعمل السلطة الانتقالية على تعزيز الثقة التي بنتها مع الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر الماضي بما لا يجعل هناك مجالات للعودة إلى حمل السلاح مجدداً حتى وإن وجدت عقبات تواجه تطبيقه على الأرض.

خالد الفكي: الحركات الدارفورية لديها ارتباطات بقوى إقليمية معادية للسودان

وتستهدف التحركات الإيجابية جعل السودان نموذجاً لإحلال السلام وإنهاء الأزمات في المنطقة، ما يعود عليه بمزيد من الدعم الدولي الذي ينتشله من الأوضاع المتدهورة.

ووقع وفد الحكومة المفاوض برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حمديتي) اتفاق سلام مع إحدى الحركات التي انفصلت عن حركة جيش تحرير السودان في دارفور (جناح مصطفى تمبور) الخميس في جوبا، ما يشكل جذباً جديدا ومهماً لباقي الحركات الصغيرة التي ما زالت بعيدة عن السلام.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري في الخرطوم أبوالقاسم إبراهيم آدم إن “السودان يمضي في طريقه نحو استعادة ثقة المجتمع الدولي، واستجاب لكافة الشروط السياسية والاقتصادية والحقوقية منذ سقوط نظام عمر البشير، ما ساهم في تغيير النظرة القديمة التي كانت تراه مهدداً للأمن والسلم الإقليميين، وتحّول من مصدر قلق إلى نقطة مركزية قابلة لأن تنطلق معها معالجة التعقيدات الأمنية في المنطقة”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن إستراتيجية السودان المنفتحة على الخارج كانت سبباً في تكثيف الضغوط الدولية على الحركات غير الموقعة على السلام للانخراط في المباحثات، وانعكس ذلك على موقف الحلو الذي بات منخرطاً في التفاوض وعلى وشك التوقيع على اتفاق سلام، كما أنه ساهم في تقديم عبدالواحد محمد نور لتنازلات تجعله قريباً أيضا من المفاوضات مع السلطة الانتقالية”.

ويوظف السودان السلام لتدعيم علاقاته مع دولة جنوب السودان، وجاءت الاتفاقية الموقعة في جوبا لإنهاء الكثير من الشوائب التي ظلت طاغية على علاقات البلدين، ما كان سبباً مباشراً في تضييق الخناق على إثيوبيا التي وجدت نفسها في شبه عزلة بعد أن تمكنت الخرطوم من توصيل رؤيتها إلى القوى الفاعلة إقليميا ودولياً.

ويذهب متابعون للتأكيد أن قدرة السودان على طمأنة الداخل والخارج كبيرة بعد أن وضع إثيوبيا في موقف صعب للغاية، وشل تحركاتها العسكرية في التعامل مع تقدم الجيش داخل أراضيه شرقاً، ولم تجد أديس أبابا عوناً من أصدقائها وأخفقت في الارتكان إلى استخدام ورقة الحركات التي أصبحت محروقة عقب وجود قيادات منها في السلطة المركزية في الخرطوم.

إثيوبيا مهددة بفرض عقوبات عليها بسبب الانتهاكات في إقليم تيغراي، بينما أثبت السودان جديته في التمسك بالسلام

وقد تجد إثيوبيا نفسها مضطرة إلى استخدام الحلول العسكرية المباشرة التي لن تكون سهلة بعد دعم الجيش السوداني قدراته بشكل جيد الفترة الماضية ونجاحه في تنظيم صفوفه بتوجيه الثقل العسكري إلى الشرق، مقابل توجيه قوات الدعم السريع غرباً، وتواصل التعنت ورفض محاولات الوساطة الإقليمية والجهود الساعية لإنهاء الأزمة ومحاولة كسب المزيد من الوقت على أمل تغيير موازين القوى الحالية.

وتبدو أديس أبابا محاطة بتهديدات من قبل المجتمع الدولي بفرض عقوبات بسبب الانتهاكات التي وقعت في إقليم تيغراي، بينما أثبت السودان جديته في التمسك بالسلام.

ومضت تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد الذي أكد فيها عدم رغبة إثيوبيا في الدخول في حرب مع السودان بلا فائدة، لأن قوى كبرى تريد أن تشاهد تصرفات على الأرض تؤدي إلى تحقيق السلام في ملفات الحدود وتيغراي وسد النهضة.

وأكد المحلل السياسي خالد الفكي أن الحكومة السودانية تؤمن بأن أفضل وسيلة للتعامل مع التهديدات الخارجية تأتي عبر حلحلة الكثير من القضايا الداخلية، والوصول إلى تسوية سلمية شاملة الفترة المقبلة بما يدعم موقفها في الحصول على حلول سياسية موازية لبعض القضايا الإقليمية العالقة على رأسها أزمة الحدود مع إثيوبيا.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “الحركات الدارفورية والمتواجدة في المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) لديها ارتباطات مباشرة بقوى إقليمية معادية للسودان، بالتالي الوصول إلى سلام شامل يعني توحيد الجبهة الداخلية ومنع أي دخول جديد على هذا الخط”.

ويمضي السودان نحو تطبيق رؤية وطنية للحفاظ على السيادة والاستفادة من الموارد المتعددة في دارفور والنيل الأزرق أو شرق السودان، وقد تكون المحاولات المكثفة حالياً في جنوب السودان للسلام مع حركة الحلو مقدمة لفتح مجالات استثمارية واسعة مع دول الجوار، وتحويل مناطق النزاعات إلى بقعة جغرافية للسلام.

العرب

‫3 تعليقات

  1. المجتمع الدولي تحكمه المصالح… الانتهاكات التي وقعت في جنوب السودان ودارفور والنيل الأزرق لا تقلون بما حدث في أثيوبيا.
    لماذا التصعيد ضد إثيوبيا لمصلحه مصز..
    ماذا قدمت مصر للسودان. أثناء وبعد الثوره.. مقارنه مع الجاره إثيوبيا.
    مصر دوله محتله حلايب وشلاتين وابو رماد.
    لماذا لا يكون هناك تحرك دبلوماسي لحل الخلاف مع إثيوبيا وهي لم تدعي ملكيتها اراضي سودانيه ظل النظام البائد يتنازل عنها ويغض الطرف
    الحل لا يمكن أن يكون عسكريا. لكثير من الاعتبارات…. حق الجوار والدم والتاريخ الذي لم يشهد حربا مع إثيوبيا منذ تأسيس الدوله السودانيه الحديثه.
    الدبلوماسيه أين من هذا
    اين وزاره الخارجيه.
    اين رئيس مجلس الوزراء. عندما يقول أحدث تغيرا مع المجتمع الدولي في العلاقات.
    أليس أولى العلاقات الداخليه وحسن الجوار.
    واضح ان هناك جهات تريد تورط السودان في حروب وهو يمر بمرحله تحول ويمكن فهم ذلك لكثير من التشاكس بين المكون ين المدني والعسكري لافشال الثوره.
    وكل ذي عقل يميز

  2. تاني التعاون مع دول الجوار وتحويل بؤر الصراع الي مناطق استثمارية مع دول الجوار وتحويلها لبؤر سلام.

    تحويلها لبؤر سلام ما اختلفنا. اما ان تتداعي دول الجوار للاستثمار في اراضينا ليه، يا هو دي اثيوبيا بتزرع في ارضنا منذ ٢٥ عام ايه استفدنا وليه نطمع فينا الاعداء. متي يتخلي السودانيون عن الضعف والانكسار والكلام اللين ، هذه امور وطنية يجبالتحدث عنها بقوة وثقة.
    وليه عشان نحقق الاستقرار والسلام نرشي الطامعين في ثرواتنا وارضنا.
    العالم ملئ بشركات لا تحتل ارضك وتخرج متي ما طلب منها وشركات البترول الاستثمرت في السودان وخرجت لاقوي دليل. هناك شركات صينية وروسية واوروبية وامريكية وكثير من الشركات الاخري التي تحب ان تستثمر، والسودانيون أنفُسُهم يمكنهم ان يستثمروا بسواعدهم ارضهم وثرواتهم. اوقفوا كتابة الترهات لو سمحتم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..