البشير المذعور: هل يحول السودان الى سوريا أخرى؟!*

لا اريد أن احبط ثوار السودان الأحرار (ثورة ١٩ ديسمبر ٢٠١٨) الذين فتحوا صدورهم باستبسال لقناصة الاسلامويين ومهروا ثورتهم الغالية بدمائهم المدرارة وسط نواح الأمهات وأنين الثاكلات ودموع الرجال الغالية مستهدفين اقتلاع المسخ الاسلاموي المشوه من جذوره ومع نبل الثائرين وشهامتهم لابد من استدعاء بعض القراءات التي ترمي الى التنبيه لا اكثر حتى يضع مجموع الثائرين المناضلين في اعتبارهم ان المشوار قد يطول وقد لا يكون في سلاسة وسلامة ما حدث في ثورتي اكتوبر وابريل الخالدتين المسروقتين من قوى الظلام الطائفية والاسلاموية اذ عملوا في انقلابهم الممتد هذا الثلاثيني الى تجيير كل شيئ لصالحهم جيشا وشرطة وخدمة مدنية ونقابات وتعليما ومؤسسات محتكرة وقطاعا عاما أفلحوا في خصخصته وتحويله الى اقطاعيات خاصة بالكامل وأفقروا الشعب وعبثوا بامكاناته وثرواته الظاهرة والكامنة وباعوا وفسدوا وأفسدوا..
*تصريح علي عثمان رأس جبل الجليد:*
ما كشفه علي عثمان محمد طه النائب الاول الاسبق وشيخ ظل الحركة الاسلاموية في تصريحه لسودانية ٢٤ يوم ٩ يناير ٢٠١٩ لا يعدو كونه رأس جبل جليد العنف الكامن في هذه الفئة المستهترة غير الورعة التي وضعت بقاءها بازاء بقاء السودان والسودانيين اما ان يحكموا او يفنى السودان حيث قال: *“ولكن هناك كتائب ظل كاملة يعرفونها (واحسن نقول ليهم) هي موجودة تدافع عن هذا النظام اذا ما احتاج الأمر لتسيير دولاب العمل تدافع عن هذا النظام اذا ما احتاج الأمر لان تقوم بمهام الأمر المدني تدافع عن هذا النظام حتى اذا اقتضى الامر التضحية بالروح هذا النظام تحرسه مثل هذه الارادة”،* وعمليا ظهرت هذه الكتائب في قناصتهم الذين اطلقوا اعيرتهم النارية (من وراء جدر) لرؤوس وصدور وبطون وسيقان المتظاهرين السلميين..
*البشير الخيار التكتيكي:*
لم يكن البشير خيارا استراتيجيا لا للكاريزما (الترابي) ولا لظلها (علي) حين مرروا به حيلتهم للداخل والخارج المحيط، للسطو على السلطة (رئيسا وحبيسا) وكان خيارا تكتيكيا فمكروا ومكر الله والله خير الماكرين، فاصبح التكتيكي استراتيجيا، و “خازوق وركب” والتسوي بي ايدك يغلب أجاويدك، وحاولوا ومازالوا يحاولون واتسع الفتق على الراتق..
*الحماية بين “واقنر” و”بلاك ووتر”:*
الطريدة المذعورة “البشير” بين محكمة الجنايات، و”القلع” الجماهيري، والاحلال الاسلاموي الراهق، جعل “البشير” يضع نفسه تحت حماية خبرات أجنبية مدفوعة الثمن من المال المنهوب عنوة واقتدارا لشركة “واقنر” الروسية و”بلاك ووتر” الأمريكية، وهو أمر لم يعد خافيا على المراقبين في الداخل والخارج فقد سجلت الات التصوير “الفاتح عروة” خلف البشير مع “البلاك ووتر” الأمريكية، كما شاهد المواطنون شركة “واقنر” الروسية في الشارع السوداني الذي لا تخفى عليه خافية، فانكشف المستور ومدى الرعب الذي يعيشه الخازوق “التكتراتيجي”..
*البشير والهرولة:*
تحرك “البشير” مكوكيا بين شرق العالم وغربه، وبين محوري “المهادنة” و”المقاومة” ولسان حاله يقول “نفسي نفسي” واخرها بايعاز روسي الى “سوريا بشار الديكتاتور” والشبيه بالشبيه يقتدي، وسبق لنظام البشير ان استخدم “البراميل المتفجرة” في حربه على شعبنا بجبال النوبة، والبراميل المتفجرة مسجلة حصرا لسوريا البشارية (بشار وبشير، عجيبة مش؟)، فهل يستخدمها هذا الخازوق المذعور ضد الشعب السوداني؟!..
*مقابضة حزز؟!:*
ظهرت منافسة استلام السلطة بالوراثة من البشير حين اعلن تنحيه عن السلطة في ٢٠١٥ وحمي وطيس المنافسة بين علي عثمان (ظل الكارزما) ونافع (أمنجي الحركة الاسلاموية) فقرر البشير (المراوغ المكار الخازوق) الاستمرار في تسنم القيادة فاظهر بذلك عوار منهج الحركة الاسلاموية المخبأ للشعب السوداني، وما يعتمل بين الفرقاء الاسلامويين باطماعهم الذاتية وبريق السلطة الوهاج الذي يغطي القلوب برين الشهوات، والعقول بالأماني الطافحة، يدل بلا ادنى ريب على انقسامهم فرقا وجماعات وجخانين وهاربين وناصحين وسلاسل من طين، وبخروج المظاهرات من المساجد (ليسقط بس) اتضح ان الشعب العظيم يتعلم ويتقدم ويتطهر من رجس “الكيزان” وان غدا لناظره قريب..
*عالم تحكمه المصالح:*
اتفق علماء السياسة ان اي سياسة خارجية لأي دولة كبرت أو صغرت تحكمها المصالح لا الأيدلوجيات، ولعل الناظر بحكمة الان يرى كبريات الدول نزعت من وجهها غلالة الحياء الكاذب خاصة وقد علا أمريكا تاجر العقارات (ترامب)، وعلا قمة روسيا رئيس الكى جي بي (بوتين) وتجذرت أطماع ابتلاع الضعفاء خاصة اذا كانت دولة واعدة كالسودان، ولعل مسألة اغتيال خاشقحي قد اوضحت بجلاء تسيد الرغبة على الأخلاق الا من اصوات خافتة مبحوحة غير مؤثرة..
*مصر بين رجحان الرغبة وتواري العقلانية:*
لعل تاريخ القيادة المصرية عبر المدى المتطاول كانت تربط علاقاتها الثنائية مع الحكومات عسكرية كانت او حزبية وليس مع الشعب السوداني من ما يدل على قصر نظر غير محمود، لذا كانت رهاناتها دائما على ضعف السودان لا مع قوته، ورغم سيطرة الحركة الاسلاموية على مفاصل الدولة واخضاعها بالكامل لمصالحها المحدودة لا لمصلحة الشعب والوطن نجد ان مصر تراهن على انقلاب البشير على الاسلامويين لا على نهضة الشعوب السودانية..
*الله يكضب الشينة:*
قد يتعنت البشير فيجرب ان يجعلها سوريا أخرى، وقد يلجأ ومن معه الى انقلاب قصر، وقد تشتعل بين فصيليهما المتربصين ببعضهما وفي كل الاحوال علينا اليقظة والله يكضب الشينة..
*حسبنا الله حسبنا ليس سوء يمسنا:*
مثلنا نحن السودانيين في مأزقنا الراهن مجابهة قوة غاشمة ليس لها عقل يميز الصحيح من السقيم ولا خلق تلتزمه يقيدها بمراعاة السبل السليمة في المعاملة كمثل سيدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ابان الدعوةفضاقت عليه الدنيا بما رحبت فخاطب ربه وقت ضيقه: “الى من تكلني الى عدو يتجهمني أم الى قريب ملكته أمري، اللهم ان لم يكن بك غضب علي فلا أبالي” فنحن الان علينا بمواجهة مصيرنا بلا أقارب ولا أباعد بالاستعانة بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وعلينا قراءة واقعنا ولنمتن من تضامننا، فاذا كان الله معنا فمن علينا؟..