لن يتاسف عليكم أحد من المؤتمر الوطني.

دفعني لكتابه هذا النص ما قرأته في تعليقات كثيره من المقالات و البوستات علي صفحات الانترنت التي تدافع عن الطفلة رؤينا ضحية جريمة أم دوم في 14 اكتوبر 2015 من القراء ومتابعي صفحات التواصل، و قد أثار هذا الدفاع من مقالات وبوستات في نفسى أشجان كثيرة و عادت بي الذاكرة الى بواكير بداية نشاطي في العمل المدني في حقوق الانسان بدارفور، و أنا أرى فتيات يحرقن بعد أن تم أغتصابهن من قبل مليشيات حرس الحدود بمدينة الطينة السودانية في ذلك الوقت، اليوم، وبالرغم من العالم أصبح يعرف كثيراً عن هذة الجرائم التي وقعت في دارفور من ذللك الوقت والي اليوم، الإ أن هنالك مناطق أخري تدور فيها الحرب لا يعلم عن مأسيها أحد، تواصل الحكومة السودانية ممارسة ذات السلوك السلبي وبصورة أشمل تجاه ابناء الهامش في مختلف مناطق السودان، هذة المره، تجاوزت فيها الحكومة و طفلها الشرس المدلل (الدعم السريع) الخطة السابقة وطرق مليشيات حرس الحدود و داست على مواطنيها و استرخصت دماءهم بصورة مقززة وصلف وبرود غريب، وكذلك أهمية تناول هذا الموضوع في هذا التوقيت لعوامل عدة أهمها انتشار ظاهرة العنف ضد النساء و أطفالهن من ابناء وبنات الهامش السوداني النازحين الي المدن الكبيرة، بالرغم من القوانين الموجودة بها والأعراف الدولية التي تكفل للنساء والأطفال النازحين واللاجئين بفعل الحرب حقوقهم، وتمنع انتهاكها أثناء وبعد وقبل هذه الحروب والنزاعات المسلحة.
لم توقف الحرب في السودان أوزارها بعد، ولا يعلم أحد متي سوف تتوقف، ولا زال مواطنو عدد من مناطق وولايات الهامش يواصلون رفضهم و احتجاجهم بكل الوسائل الثورية والمدنية، و قابلت وتقابل حكومة المؤتمر الوطني هذا الرفض بتكوين مليشيات للدفاع عن هذه (البلطجة)، و فتحت أبواب السجون و بيوت الأشباح للتصدي للمواطنين من هذة المناطق، واليوم يزداد الوضع تعقيداً، والذي تسببت في ذلك بشكل أساسى الهيمنة السياسية و طغيان الجموح السياسى و الطموح الشخصي على مصلحة الوطن والمواطن بالهامش والمدن الاخري السودانية.
يزيد من تعقيد الوضع غياب الإهتمام الشعبي، وسلبية المؤسسات الشعبية (مؤسسات المجتمع المدني) في مواجهة و تصحيح الأوضاع التي ألحقت ولا زالت تلحق بالمصلحة الوطنية لبقاء مواطن الهامش السودان في مأمن من بطش النظام بضربات موجعة، تزيد وتعمق من الرغبة في الأغتراب عن الوجدان الجمعي. اذ لم يجد المواطنون المتضررون من جراء الحرب في تلك المناطق في معظم الأحيان أى تجاوب أو دعم من الشارع السوداني و الذي شهد تجاوبا عاليا مع أحداث البوسنة و غزة وسوريا والصومال، و غاب تماما عن التجاوب مع كثير من القضايا المحلية الكبيرة، التي تشكل اولوية لمنكوبي هذة المناطق الهامشية، وأخر مثال سئ ما حدث للطفلة رووينا موسي (التي تشردت أسرتها بحرب عبثية في الهامش بجبال النوبة).
لقد استفادت كل الحكومات الشمولية في السودان من عدم وجود رأى عام فاعل في القضايا الانسانية والحقوقية لانسان الهامش السوداني التي يمكن ان تكون أرضية لاعادة بناء الوطن وفقاً لاسس جديدة، وتفكفك الدولة الشمولية أن أحسن أستخدامها، وتبعاً لهذا الفشل المتواصل في أستثمار تلك الفرص التي تأتي، انفردت باتخاذ أخطر القرارات وتجاهلت المتضررين، كما يحدث حاليا في اصرار الحكومة السودانية على وضع وبناء سلسلة من السدود والعقبات في مجري الوصول الي سلام وانهاء معاناة الهامش والتحول الي وضع أخر يحترم أدميتهم في مناطقهم الاصلية التي هجروا منها او في مناطق اخري نزحوا اليها من البلاد، متجاهلة كل الأصوات العقلانية المنادية بذلك، والسبب انها حكومة لا عقل لها.
سيكون من العسير جدا علي كثيرين هضم حقيقية ثمن لحرب الذي دفعه الطفال ولنساء في الهامش كشيك علي بياض ثمناً للحروب العبثية المشتعلة ، وسنحتاج الي مراجعة آليات حماية الاطفال والنساء وتاهيلهم ما حالة الحروب والنزاعات المسلحة في هامش السودان. أحداث الحرب السودنية العبثية التي أشعلها الأسلاميين وما سقط فيها من ضحايا من النساء والاطفال والى آثارها المدمرة مكبوتة و غير الواضحة للجميع، سواء على الجانب النفسي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، كبيرة حيث أدت هذة السنوات الطويلة من الحروب والنزاعات المسلحة إلى تأثير بالغ في حياة النساء و أطفالهن من خلال تسببها في إدخال المر أة في دائرة مغلقة من الفقر، واليأس، وانعدام الأمان النفسي والشخصي، و إلى تغيير عملها ونمط حياتها، و إجبارها و أطفالها على العمل في التسول والدعارة والأعمال غير الأخلاقية.
جرائم الحرب والقانون الانساني وقانون حقوق الانسان أثناء الحروب العبثية التي وقعت والتي تقع في مناطق الهامش السوداني كثيرة في السنوات الأخيرة، وآخرها الحرب على جبال النوبة والنيل الازرق يظهر عدم الاحترام الواضح لهذه القوانين والقواعد، وبالرغم من العديد من المآسي الناتجة عن الحروب والنزاعات المسلحة على المدنيين من النساء و أطفالهن تندي لها الجبين، وما زلنا بعيدين عن الأخذ بالمبادئ والحلول التي تضمنتها التشريعات الدولية، خاصة القرار رقم 325 لعام 2000 م.
إلقاء الضوء على فشل اليات تطبيق القوانين، والأعراف، والمعاهدات الدولية التي تكفل وتحمى حقوق المدنيين خصوصاً النساء والاطفال أثناء الحروب والنزاعات المسلحة السودانية، وكيفية الاسترشاد بها لحماية المدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة في مناطق الهامش السوداني هو المحك الرئيسي لقياس مدي إلتزامنا اخلاقياً تجاه شعوبنا واخوتنا في هذ الوطن الذي ترغب حكومته ورئيسه في لفظ ولاياته الهامشية ليتخلص من أثاتر جرائم ارتكبت في حق هولاء الأبرياء كما فعل بجنوب السودان الذي أنفصل ولم يتأسف عليه أحد من النظام وحكومة البشير.
[email][email protected][/email]