مُطاردة (الإمام) أم محنة المُعارضة؟!

ظَلّ زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي في حالة ترحال منذ اعتقاله على خلفية انتقادات كان قد وجّهها لقوات الدعم السريع، وظَلّ الرجل يتحرّك في مساحات المُعارضة المُسلّحة منذ إعلان باريس 2014م وصولاً إلى اجتماعات برلين 2018م، خلاصة نشاطه مع المُعارضة المُسلّحة أن بات خيار العمل السلمي هو الأرجح، وبلغ الأمر أن تمّ إعلان ذلك في ?إعلان دستوري? مُذيل بتوقيع نداء السودان الذي يضم أبرز الحركات المُسلّحة، وهو الأمر الذي جَرّ على هذه الحركات انتقادات واسعة من قواعدها المُتمسِّكة بالعمل المُسلّح.
المهدي موقفه المُعلن على الدوام أنه ضد العمل المُسلّح، وظل يعمل لهذا الهدف مع الحركات حاملة السلاح، وما توصّلت إليه الأطراف في برلين بالاتفاق على الخيار السلمي، ينبغي أن يجعل حكومة الخرطوم أن تستقبلها بالورود لا بالمُطاردة في عواصم الدول.
ربما هو سؤال كثيرين يختلفون مع نهج الصادق المهدي في المُعارضة، سؤالٌ يبدو أنّه لن يجد إجابة؛ لماذا يفعل المهدي كل هذا وجزاؤه هذا؟!
قرار القاهرة بمنع دخول الصادق المهدي إلى أراضيها والذي يُعد سابقة في تاريخ البلدين، لا يُمكن قراءته فقط من زاوية الخرطوم تريد كذا والقاهرة تفعل كذا، وبالمُقابل، القَاهرة تُريد كذا والخرطوم سَوف تَفعل كذا.
الأمر مقروءٌ في إطاره العام الذي يَجعل المُعارضة المَدنية والمُسلّحة مُحاصرة إقليمياً ودولياً، الوضع الذي عليه زعيم حزب الأمة والمعارض الوسطي، وما ستكون عليه المُعارضة المُسلّحة بالخارج، هو وضع يُمثل واحداً من مطلوبات إقليمية ودولية.
منذ انضمام السودان لعاصفة الحزم بقيادة السعودية واحتضان الخليج للحكومة السودانية وإعلان الخرطوم نفسها لمواقف جديدة تتواءم والموقف الإقليمي وُصُولاً للموقف الدولي الذي بَاتَ يهمه أمرين ?الإرهاب والهجرة?، منذ ذاك الوقت كان أمام المُعارضة خيارات لتدارك الوضع ومُواكبة هذا المُتغيِّر الكبير، لكن لم يحدث ذلك حتى وصل الأمر توقيف قياداتها في المطارات.
ما حدث في القاهرة ينبغي أن يُعيد الحسابات ويُعيد كذلك ترتيب الأوراق الإقليمية والدولية، فالأمر لا يبدو أنّه يتعلّق فقط بالخرطوم والقاهرة.. هذا تحوّلٌ كبيرٌ وتغييرٌ يريد له المُجتمع الدولي أن يمضي في هذا الاتجاه.. لا أدري إن كان هناك تفكيرٌ للمُعارضة في الخارج للعودة إلى البلاد والعمل من الداخل، لأن الداخل على ظُلمه بَاتَ أكثر أمناً من العواصم، لكن يظل العمل مع الجماهير هو الذي يصنع الفرق.
التيار