مقالات سياسية

المزايدة في ميدان الأخلاق!!

أستغرب جداً من الحملات الممنهجة عبر الهجوم الفظ والعار لشخصية رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك من قبل أنصار النظام البائد والذين يوالونهم من السلفيين ، فقد درجوا على رمي الرجل بأقذع الشتائم ودمغه بالالحاد ويظنون أنهم بذلك سيحدثون شرخاً في جدار الحكومة المدنية عبر احداث تخريب معنوي في أهم أعمدتها وأركانها.

بدا ذلك واضحاً من خلال الرهان على أن حمدوك لن يؤدي العمرة وهو يزور المملكة العربية السعودية ، هكذا يتدخلون حتى في (خويصة النفس) وداخل ضميرها ، وكأنهم المسؤولون عن العلاقة بين العبد وربه ، المهم أدى حمدوك العمرة وبهتوا وخابت توقعاتهم.

يجب أن يدرك كل الذين مروا على مشروع الحركة الاسلامية في السودان ، أن خاتمة المطاف تقول شيئاً واحداً هو إنتهت تجربة الإسلاميين إلى الفشل وان أكبر فشل للحركة الاسلامية كان في الميدان الذي اختارته (ميدان الأخلاق)، حيث حولت السودان إلى واحدة من أكثر 5 دول فساداً في العالم، والأكثر فساداً في تاريخ السودان الحديث، أما الحديث عن التفسخ وحروب الابادة وغيرها لا يسع المجال لذكره ، هذه التحولات غير الاخلاقية في بنية الدولة السودانية باتت الآن واضحة بعد نبش الملفات في أعقاب سقوط البشير ، وهذا الامر واضح كالشمس لا يحتاج الى مزايدة فحتى الشيوخ أمثال عبدالحي يوسف هم الآن مطلوبين لدى العدالة للإجابة على أموال أهدرت في غير وجه حق.

من الواضح أن بعض الاسلاميين ما زالوا لم يعُ الدرس ويريدون التعامل بما صدقوه ولم يكونوا مؤهلين له من حيث الاخلاق و(أنتم الاعلون) ، فهؤلاء لديهم اعتقاد بأنهم مسلمين وزيادة، ويأولون الإسلام تأويلاً مسرفاً متزيداً، تأويلاً يجعل الإسلام شمولياً منغلقاً وانكفائياً، وبذلك ينطبق عليهم المثل (الشىء إذا زاد عن حده انقلب ضده)، وينقلب التأويل الإسلامي للإسلام إلى إسلام ضد الإسلام!، لأن الإسلام دين الرحمة ترك مجالاً للعقل وللحكمة الإنسانية البشرية، بينما هؤلاء يريدون (شاملاً) يقمع الحريات ويلجم تطور الفكر والعلوم والفنون وينتهك الخصوصية..!

يجب أن يدرك المعارضون لحمدوك من التيارات الاسلامية أن ميدان الاخلاق ليس وسيلة مناسبة لهم للمنازلة ، وعليهم ترك ما ظلوا يعتقدونه وهو مجرد أوهام فهم ليسو من يمتلكون حقيقة الاسلام بصورة كاملة ونهائية، وليتهم يتواضعون ويراجعون تجاربهم ويقدمون نقداً ذاتياً علهم بذلك يجدون فرصة للعودة من بوابة الديمقراطية، (المهم) حمدوك أدى العمرة وربنا يتقبل منه.

الجريدة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..