مقالات وآراء سياسية

جدل سفسطائي حول العلمانية…والكل طاش خارج الشبكة!!

د. فراج الشيخ الفزاري

يدور في السودان، هذه الأيام، جدل عنيف ، وبمنطلقات فكرية وعقائدية وجهوية مقصودة، حول فصل الدين عن الدولة، بعد مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها بين الحكومة السودانية، والحركة الشعبية جناح الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو…
والمصيدة التي وقع فيها معظم المتحاورين، وقد عناها وقصدها رموز النظام السابق، أنهم قد ركزوا في حواراتهم وخلافاتهم ، مبنيا علي اعتقاد خاطئ، وهو أن فصل الدين عن الدولة ، لا معني له ، الا العلمانية!
ولكن الحقيقة اذا كان فصل الدين عن الدولة يعني العلمانية فان فصل الدين عن الدولة يعني أيضا الدولة المدنية…وهذا ما ظل يتجاهلونه في الحوار.
نعم ، العلمانية ، كما ذكرها منتقدوها،فيها كل الرزايا والبلاوي والمصائب و( الذنوب)… بل وأكثر..ونزيد علي ذلك أنها لا تتوافق وعقيدة أهل السودان…ولكن…وتلك هي القضية….
أن فصل الدين عن الدولة، لا يعني اننا قد أخترنا العلمانية كنظام للحكم في السودان..بل اخترنا الوجه الاخر من المعادلة..اخترنا الدولة المدنية…وهذا هو الذي عرفناه وفهمناه من خلال الحوارات التي دارت بين الحكومة والحركات المسلحة والأحزاب السياسية قبل التوقيع علي مذكرة التفاهم…لأن هناك فروق جوهرية ما بين العلمانية ومفهوم الدولة المدنية.
الدولة المدنية ، هي التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع ، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية او الفكرية دون شروط…انها تقوم علي السلام والتسامح وقبول الاخر والمساواة
الدولة المدنية، تحكمها شروط وقيم ابرزها المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات..
الدولة المدنية تؤسس علي نظام مدني، لا ملكية ولاعسكرية ولا ديكتاتورية ولاجمهورية شكلية لزعيم أبدي بل تداول للسلطة بشكل دوري عبر الديمقراطية..كما تقول وتؤكد أدبيات هذا النظام.
وبهذا الفهم ، فنحن مع الدولة المدنية….فتلك المبادئ السامية هي التي كانت أبرز محركات ثورة ديسمبر العظيمة…فهل نرفضها بعد ان اصبحت طوعاً بين ايدينا ؟
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. اصبت عين الحقيقه . اخترنا الدولة المدنية…وهذا هو الذي عرفناه وفهمناه من خلال الحوارات التي دارت بين الحكومة والحركات المسلحة والأحزاب السياسية قبل التوقيع علي مذكرة التفاهم…لأن هناك فروق جوهرية ما بين العلمانية ومفهوم الدولة المدنية.كذللك لا يجب الخلط مابين الحريه والتحلل والانحلال .

  2. هي المسألة ما مسألة انت وهو تختاران أو تفضلان الدولة المدنية؟ الموضوع هو تعريف العلمانية وهل هي المدنية أم هنالك فرق؟ المسألة ليست مسألة إختيار أيهما كما أن تعريفها لا يؤخذ أو يفهم (من خلال الحوارات التي دارت بين الحكومة والحركات المسلحة والأحزاب السياسية) وإنما من فقهاء نظم الحكم والادارة!! ثم ما علاقة (الحريه والتحلل والانحلال) بالعلمانية أو المدنية؟
    الدولة المدنية هي مقابل الدولة البوليسية الدكتاتورية الشمولية أو العسكرية وهي دولة يتصور فيها كل شذوذ دستوري واداري وينعكس ذلك الشذوذ في قوانينها التي لا تكرس لأغراض إقامة العدل لأت النظام الشمولي غرضه دائماً هو خدمة الحاكم – فرداً كان أو طغمة عسكرية أو حزباً شمولياً حاكماً أوحداّ وليست لخدمة المحكومين إلا أن قبيلة أو طبقة الحاكمين!
    والدولة المدنية بعد فرزها من الدولة الشمولية قد تكون ديمقراطية – ديمقراطية الأغلبية – وقد تكون دون مستوى الديمقراطية المثالية من حيث طبيعة الأغلبية الحاكمة فيها – هل هي أغلبية برامجية – أي تنافسية على برامج تنموية تنتخب على أساسها أم هي أغلبية عصبية دينية طائفية كانت أم جهوية قبلية أو عنصرية. وعليه فإن الدولة المدنية الديمقراطية قد تكون دولة دينية – أي تحكمها غالبية دينية بقوانينها الدينية ديمقراطياً. وما شرط أن يكون هذا الدين الحاكم ديناً سماوياً وانما قد يكون في شكل عقائد ومذاهب سياسية واجتماعية اقتصادية تعارض وتعادي الأديان المذكورة كمذهب الشيوعية والاشتراكية والتقدمية! إذن فإن الدولة المدنية ليست ضماناً ضد هيمنة الأغلبية الدينية أو الطائفية وهي العاهة المستديمة بالنسبة لديمقراطيات السودان منذ استقلاله، وهي على كل ديمقراطية غير راشدة ولا رشيدة ولا مستنيرة من حيث فهم الأغلبيات الدينية لمقتضيات دينها التي تستوجب مراعاة حقوق الأقلية والحريات الفردية حين تسن التشريعات الدينية بالأغلبية الميكانيكية وتطبقها على الكافة دون مراعاة حقوق من لا يؤمنون بها. وهنا يلتمس الحل في العلمانية باعتبار الكي هو آخر العلاج. أي يفشل التحول إلى الديمقراطية الراشدة المباشرة الخالية من وساطة الأحزاب السياسية وذلك بحظر المتحزبين لأي مذهب سياسي أو ديني أو قبلي كان من تمثيل المتحزبين مثلهم أو مناصريهم ووضع أسس موضوعية جديدة للتمثيل الجغرافي والفئوي والمهني والنوعي والذي لا يأتي بأغلبية ميكانيكية (ملتزمة حزبياً بمواقف مسبقة أو مقررة من الحزب) وتتشكل الأغلبية في مناصرة كل مسألة بحسب قناعة النواب في البرلمان بموضوعيتها وقوة طرحها ومداولتها في المجلس!
    وعليه فإذا فشلت إقامة مل هذه الديمقراطية المباشرة بدون أحزاب فلا علاج إلا بالكي بالعلمانية والتي تمنع بنص الدستور لاعبي الديمقراطية الحزبية من استخدام أعلبياتهم الميكانيكية في فر طقوس دياناتهم على من لا يؤمنون بها – مما يعني عدم منعهم من ممارستها أو التحاكم اليها في حاصتهم خارج إطار الدولة وهذا هو باختصار ما قصده طارحو العلمانية ومن وافقوهم عليها. ن الدولة العلمانية تمنع تغول الأحزاب الدينية ولكنها لا تمنعهم من دينهم كما أنها لا تبيح محظورات المجتمع ولا تحلل الفسق فالقوانين تقوم على أخلاق المجتمع والأخلاق هي نتاج أو جماع كافة الأديان وفطرة الإنسان التي تميزه عن الحيوان. وبالطبع فإن قوة الأخلاق لدى المجتمعات تختلف بحسب درجة تدين أفرادها وتمسكهم بفضائل دينهم، والدولة المدنية العلمانية تقف معهم في تحريم وتجريم ما ينتهك هذه الفضائل ولكن بعقوبات خلاف تلك المتبعة في ثقافتهم الدينية كالقتل بالرجم أو بالسيف وبتر الأطراف خاصة وهي أمور جدلية بين مذاهبهم.

  3. وجهة نظر نحترمها ونقدرها…واتمني ان يكون ذلك فاتحة شهية لمداخلات ومرئيات تتناول هذا الموضوع من نوحيه ومتغيراته المتعددة.
    لك ودي ومحبتي وفي انتظار بقية المداخلات….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..