“مهاتير لم يقل لشعبه ما بيقلعنا الا الزارعنا”

محمد حسن شوربجي
اتساع دائرة الفقر فى بلادى لم تكن وليدة اليوم فقد بدأت حين تمكن الإسلاميون من موارد الدولة وبطريقة فاحشة.
فبدأ الناس يئنون فقرا مدقعا فقالوا لهم ان الفقر هو ايسر الطرق الى جنات النعيم وان مجرد الخروج من اتون الفقر يعنى الولوج فى عوالم الفسق وان الصبر الطويل على الفقر والتمرغ فيه حتى الثماله خير للمؤمن من الخروج منه .
وظلوا يعملون علي اقناع الفقراء ان الفقر قدر سابق وسنة من سنن الله فى حين قال سيدنا على رضى الله عنه وارضاه : لو كان الفقر رجلا لقتلته.
وحينها كنت فى السودان فهالنى فقر اهلى وازدياد معاناتهم اليوميه –
كما هالنى حالهم وهم يبدأون يومهم مبكرا ليختموه فى السادسة مساء.
في وقت تطاول فيه الاسلاميون فى البنيان وشاعت قصص كافورى الاسطوريه و التى تبادلها الناس فى كل مكان وان هذه عمارة فلان وان هذه الارض قد سرقت وان هذا المطعم الفاخر المطل على النيل هو لوزير الدفاع وان عشرات محطات البنزين تعود لفلان وان شارع النيل قد تم بيعه لتماسيح السلطه وان الاختلاسات للمال العام قد كثرت وأن وزير الصحه هو صاحب مستشفيات معروفه. وأنه من أمر باغلاق مستشفى الخرطوم دعما لمستشفياته الخاصه. وتوالت قصص مصانع السكر ومشروع سندس وقروش المغتربين المساكين وكبرى الدباسين وشركة الاقطان وسودانير وخط هيثرو ووووو.
حينها تذكرت خبير الاقتصاد الغاني جورج أيياتي حين أطلق عنان غضبه تجاه مفسديي أفريقيا –
حيث تحدث الرجل عن اوجاع افريقيا وعن حكوماتها المريضه وكيف انها تطلب الكثير من المساعدات الخارجيه بحجة ان هناك مؤامرات تحاك ضد شعوبها –
و ان افريقيا قارة غنيه جدا وتذخر بمختلف الثروات ألا انها لا تستثمرها محليا فى وقت تنشد كل النخب الحاكمه المساعدات ليصب فى وعائها – وتحدث الخبير ان فساد افريقيا يكلف 148 مليار دولار سنويا وان رأس المال الذى يهرب من افريقيا يقدر ب 80 بليون دولار سنويا وان افريقيا تنفق 20 مليار دولار على استيراد المواد الغذائيه .
وان من بين كل رؤوساء افريقيا لا يمكن استخراج عشرون رئيسا جيدا حيث ان غالبيتهم مفسدون قد افقروا شعوبهم وان انسب وصف لحكومات افريقيا هى حكومات الخفافيش حيث يمتص الخفاش دم فريسته.
ولعل بلادى من البلاد التي يقصدها الخبير الغاني.
فهى وعلى الدوام تتأرجح في أتون مختلف الكوارث :
** الحروب
** تنازع السلطه
** فشل التخطيط
** تهميش الأقاليم
** اهمال الزراعه
في وقت يدعون فيه ان مهاتير محمد بأني ماليزيا هو صديق حميم لهم كاسلاميين.
ولا ادري لماذا لم يجتروا تجربته صديقهم الناجحه.
فلقد وصلت ماليزيا في عهده هذا الرجل ذرى لم تصل إليها دولة حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنويا.
فلقد حقق مهاتير السلام الداخلي في ماليزيا من خلال سياسات إنتاجية وتنمية ونجح في عقد صفقات تاريخية بين أرجاء النخب الماليزية وفي المقابل أعطى فرصة تميز للطائفة المالاوية في مجالات الصحة والتعليم والرؤى والأفكار.. فهذا الرجل لا يرى الإسلام انه مجرد ممارسة مجموعة من الشعائر الدينية بل كان ينظر للإسلام على انه منظومة متكاملة تصلح لجميع شؤون الحياة وبفضل هذه العقلية الجبارة والروح المتشبعة بتعاليم الشرع نهض بماليزيا و حلق بها ، فلم يكن الرجل مجرد أداة لتطور تاريخي يتداعى بالعدوى من محيط الجوار الناهض،
بل كان يدرك ما يفعل بالضبط فهو رجل فكر وانجاز في آن واحد،
وهو الحاكم الذي تحول إلي أعظم مفكر وصاحب نظرية للطفرة الآسيوية.
وحين اكمل دوره فى خدمة وطنه قال :
(وقتي انتهي.. لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003م لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد).
ولم يطمع في السلطة ولم يقل ما يقلعنا الا الزارعنا.
ولم يتهم شعبه بشذاذ الآفاق أو الحسو كوعكم أو في زمن الانقاذ كنتو بتتقسمَوا الصابونه وتشربوا الشاهي بالتمر أو انتو شعب جعان فهل تعرفوا الهمبرقر.
لم يزايد على شعبه بل شكره واحترمه.
وكأن عمله إبداع في البدايات وروعة في النهايات
ترك السلطة للاجيال ولم يتشبث بها كحكامنا المرضى الذين حولوا حياتنا الى جحيم من الفقر والمرض والذعر والخوف والبغض والحسد فى حين امتلات خزائنهم وبطونهم بالاموال وقد تطاولوا فى البنيان شأنهم شأن قارون الذى خسف الله به الأرض
إن اتساع دائرة الفقر في بلادنا بتمكُن الاسلاميون من موارد الدولة وبطريقة فاحشة قد عبًر عنها أهل شمال السودان عندما كانت سلطة الاسلاميين تستقطع ثلث محصولهم الزراعي الذي يعتمدون عليه في الحصول على كل احتياجاتهم بقولهم (تلت للزبير، وتلت للطير، وتلت للاسبير، و المزارع لي مكير) (بكسر التاءالأولى)يصفون بذلك توزيع ناتج محصولهم ، ولذلك تركوا الزراعة والباقي معروف. أمّا سكان المدن فقد نصحهم الاسلاميون بتربية الماعز في الحيشان ومعلوم أن سكان العمارات (هم)لا يحتاجون لذلك لأن ثلث محاصيل المزارعين كانت من نصيبهم يأتيهم خراجها من كل مكان و ليس من الشمال فقط. شخصياً كنت مثل المغتربين في الخليج يذهب نصف راتبي لأهلي في السودان وأدفع سنوياً (8)ألف ريال مقابل التحويل الوطني وتجديد الجواز (اللخدر) مايعني أنهم أفقروا حتى المغتربين.