أخبار السودان

وثيقة الشيوعي .. الأزمة وطريق استرداد الثورة

الخرطوم– ندى رمضان

تباعد المواقف السياسية داخل مكونات الحكومة الانتقالية، وكذلك حالة الاستقطاب الحاد بين مكونات المجتمع السوداني، وسع من دائرة الخصومة السياسية في ظل أوضاع اقتصادية مستفحلة تنذر بتفجر مخاطر جمة حسب ما يؤكده المراقبون السياسيون، والذين يعتبرون أيضاً أن الوضع الحالي يمثل تهديداً وعقبة للانتقال السياسي السلمي في البلاد، ما دفع بأطراف سياسية إلى الدعوة لإسقاط الحكومة بسبب ما يصفونها بتعنتها وتمسكها بالحلول الخارجية.

خلال الفترة الأخيرة، نادت مجموعات سياسية بإجراء انتخابات مبكرة، متعللة بفشل الحكومة الانتقالية في حل المشكلات الرئيسية والاقتصادية، والتأخير في تحقيق السلام. وفي خضم كل ذلك؛ طرح الحزب الشيوعي السوداني وثيقة برامجيه بعنوان (السودان .. الأزمة وطريق استرداد الثورة)، وضح فيها رؤيته حول الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكيفية الخروج منها، وتطرح الوثيقة الخطوط العريضة لبرنامج عمل مستنداً على الوثائق والاتفاقيات السابقة الموقعة بين قوى المعارضة المختلفة وتهدف -حسب الحزب- لمعالجة السلبيات وتطور الإيجابيات من مضمون وتجارب المسيرة الثورية ومنعرجاتها، في تقدمها وتراجعها. كما تطرقت للسلبيات التي صاحبت نشاط قوى المعارضة والأخطاء الفادحة التي ارتكبتها في الفشل في الالتزام الصارم بأهداف الثورة وتنفيذ شعاراتها، وحماية مكتسباتها.

وحول ذلك؛ يرى الصحفي والمحلل السياسي، عمرو شعبان، في حديث لـ (مداميك)، أن طرح الشيوعي متسق مع الأزمة السياسية التي تعيشها قوى الحرية والتغيير، والفراغ والبون الشاسع ما بين الحاضنة والجهاز التنفيذي وبين الحاضنة البديلة المصنوعة (مجلس الشركاء)، وما بين المجلس العسكري (مجلس السيادة)، وأشار إلى أن الوثيقة جاءت لردم هذا الفراغ والرجوع لمؤسسات التأسيس منذ يونيو 95، ومؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا، مروراً بوثيقة البديل الديمقراطي 2012م، ثم وثيقة إعادة تشكيل وهيكلة الدولة السودانية 2016م.

ونوه شعبان إلى أن الشيوعي بطرحه استطاع ملء الفراغات بين تلك الوثائق، وسعى لملء الفراغات في مرحلة الانتقال بإعادة صياغة المشهد، وراهن على الوثيقة حال تبنيها من قطاع عريض من الشارع. وقال إن الشيوعي لم يبعد كثيراً عن إعلان الحرية والتغيير وشعاراته، وتوقع التفاف الشارع حول الوثيقة، مؤكداً أنه للتعامل مع الوثيقة في إطار التبصير بها وتبسيط مفرداتها؛ يحتاج الأمر لقيام العديد من الورش أو اللقاءات المفتوحة بالشارع السوداني، ومن ثم خلق التفاف حول إعلان الحرية والتغيير المنبثق من وثيقة الحزب الشيوعي المطروحة.

ومن جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، زين العابدين صالح، إن الوثيقة تعتبر نقلة للخروج من دائرة الاتهامات وفرض الشروط إلى تقدم مبادرة وطنية بهدف خلق حوار سياسي وحوار مجتمعي، والحواران يصبان في كيفية تحقيق شعارات الثورة. ونبه إلى أن الوثيقة مطروحة للحوار، باعتبار أن الساحة السياسية في أمس الحاجة إلى أن تنتقل من الشعارات التقليدية وحالة الهتاف إلى طريق العقل، والذي يحتاج أن يلتزم الجميع قواعد الحوار والمنطق. وأشار للعديد من القضايا التي تتفق عليها القوى السياسية والشارع، وأضاف: “هناك قضايا تحتاج التعامل معها بحكمة، جميعها تتطلب بيئة تساعد على الحوار، ولابد أن تخرج القوى السياسية من حالة الإحساس بالمنتصر والمهزوم، ليكون لديها الاستعداد الكامل للحوار مع الآخر، ويجب البحث عن الطرق التي تؤدي إلى الأرضيات المشتركة”.

وأكد زين العابدين، لـ (مداميك)، أن الساحة السياسية في أمس الحاجة لعملية التثاقف الوطني الديمقراطي، التي تتطلب قبول الرأي الأخر دون ضجر، بعيداً عن حالة العلو التي تتوهمها بعض القوى السياسية، مؤكداً أن الكل يحتاج لمرحلة التثاقف ومرحلة تبادل الأفكار، وتابع: “عملية البناء الوطني تتطلب تضافر الجهود التي يجب أن يشترك فيها الجميع”، مبيناً أن ما جاء في الوثيقة يعد تبايناً وتنوعاً، رغم أن المصطلحين يشيران للشخص بالاختلاف لكنهما عنصران مهمان لعملية الوعي السياسي الديمقراطي.

ودعا المحلل السياسي لفتح العديد من النفاجات التي تطل بها على الآخرين، وتفتح باب الحوار حول الوثيقة، بعيداً عن أي شروط مسبقة، باعتبار أن القوى السياسية التي تنتقل من مرحلة الجدل الشفاهي إلى الحوار الفكري تؤمن بالرأي والرأي الآخر، باعتبار أن الحوار ليس فقط يطور الوثيقة، ربما يخرج بوثيقة تجد القبول من الجميع، وتشكل أرضية لحوار دستوري.

وأكد زين العابدين أن الحوار واستمراريته يشكلن الأرضية الجيدة لإنتاج ثقافة ديمقراطية، ونبه إلى أن الأنظمة الشمولية التي مرت على البلاد حدت من إنتاج ثقافة ديمقراطية يمكن الانطلاق من أرضيتها، وإن كانت الأرضية هشة يجب تقويتها بتعدد منابر الحوار، موضحاً أن الكل وصل لقناعة أن البلاد لا يمكن أن تحكم بتيار فكري واحد، أو ممارسة إقصاء للتيارات الأخرى، وهذه تعد محمدة، لتدرك النخب السياسة ضرورة نجاح قضية التحول الديمقراطي.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..