خربشة على جدار الوطن 8

ابناء وطني جميلين حتى في أحزانهم ومصائبهم وفواجعهم يتعاونون في السراء والضراء ويتكاتفون ويتعاضدون في الافراح والمناسبات حزنهم نبيل وجميل وفرحهم أجمل ومعبر ونابض وايام الحزن في وطننا ممتدة ومتصلة وكذلك الفرح ونحن من قوم يحرصون على تعزية أهل المتوفي والتخفيف عليهم من فداحة الخطب وهول المصاب ندعو بالرحمة والمغفرة لموتانا ومن رحلوا نشيعهم الى مثواهم الاخير ونهيل التراب على قبورهم ونتبارى في ابراز معرفتنا بكيفية غسل ودفن وقبر الموتى وعابدين درمة يمثل نموذجا فريدا في هذا الجانب بثوبه الأخضر المميز وتواجده الدائم في المقابر -نحمل النعوش ونتسابق الى ذلك ظفرا بالثواب والاجر من الله سبحانه تعالى نعود مرضانا بالمستشفيات وندعو لهم بالعافية والصحة نصاحبهم الى مراكز غسيل الكلى والعلاج بالذرة والاشعاع -وبعدها ننطلق في ارض الله الواسعة سعيا الى باعة البوش الممتزج بماء الجبن وحبات من الطعمية هذه هي نكهتنا المحببة المميزة وهذا هو سر سحرنا وعذوبتنا ونداوتنا الباهية.
حزن الوطن واشجاره ونيله وبركله لرحيل صديقنا الغالي بكته المساجد التي ماانقطع يوما عن صلاة الصبح فيها وتلك التي كان يغدق عليها بالعطاء وارسال الفرش الفاخر -نعاه الفقراء والمساكين الذين كان يعطف عليهم ويتفقد احوالهم بكته الارامل والايتام الذين مابخل عليهم يوما في شي في حدود امكاناته شيعه جمع غفير من الناس الى مثواه الاخير ومقولته لنا في المهجر حاضرة وماثلة أمام اعيننا (العيال كبرت المشفوليات زادت العودة وجبت)
اهل وطني اصحاب طعم خاص كما قلت وكررت مرارا يشجعون هلال مريخ بعصبية مفرطة ويقيمون اركان النقاش خلف أزقة السوق العربي ويشيرون الى الصفوة والقبيلتين الزرقاء والحمراء وصلاح ادريس الارباب والكاردينال وجمال الوالي اسماء لمعت في تاريخنا الرياضي رغم مااقترن بها من هزات للفريقين وخسارات متتالية – وازقة بلادي وثوراتها وحواريها تزخر بالحسان والعذارى وهوى وطيش واستهتار الشباب الغافل -الطعام في بلادنا مميز والكسرة والقراصة والشية والكمونية تسيطر على أطباق موائدنا الرئيسة جملة معطيات رائعة بالفعل واذا ماقدر لنا التوليف بينها فاننا سنتمكن بحق وحقيقة من التأطير لثقافة فريدة مميزة وطاعمة من شأنها اعلاء راياتنا الثقافية والاجتماعيةوالفكرية .
وطني تنتابه نوبة وظواهر تؤمن بالابداع والتميز وقوافل المعرفة والابداع الفكري والتاسيصس للشراكات الذكية بين شباب الوطن سعيا الى المعرفة والتدريب -بناء الذات والقدرات وتحدديد البوصلة والهدف اصبح من المسارات المعروفة في الثقافة الشبابية الناضجة والمدركة لمسئولياتها واحمد للغالبية من شباب الوطن هذا التوجه الجيد ورغم كل مايشاع عن ضياع الشباب في الوطن وانحرافهم وتمزقهم وتشتتهم بين جسور الحضارات والاجيال وتواصلها وفقدانهم لبوصلة توجههم الا ان شباب الوطن بخير -فقط هناك قلة قليلة تغرد خارج السرب ونحن على ثقة انها ستعود الى اوكارها أمام المد والزحف الشبابي الكاسح المتسلح بالعلم والمعرفة والتدريب .
الوطن بخير وسيظل بخير لن يتأثر بحكومات تذهب أو تأتي ولن يهتم باحزاب متفرقة متناحرة لاتملك اي برنامج وطني او رؤية محددة -ولن تؤثر فيه اي بؤر ملتهبة او جراح نازفة -لن تنال منه اي معارضة هزيلة ولا اولئك الذين استمرأو التنقل بين فنادق العالم والعواصم الاوربية وجلسات الشمبانيا الفاخرة التي تقتسم فيها الدولارات وتوزع فيها الغنائم وترسم فيها الادوار الباهتة لان حب الوطن يجري في دمائنا نحن معظم بنيه وهو وطن لايخشى عليه ابنائه من التمزق او الانهيار ولديهم قناعة راسخة بانه سياتي اليوم الذي ينهض فيه ويعيد امجاده.
مرت ايام الاجازة كلمح البصر سريعا كالبرق الخاطف ولم يتبقى على رحلة العودة للغربة والمهجر سوى اليومين فقط ورغما عن ذلك لم تسعفني الظروف بزيارة اي من الاهل والاصدقاء وزملاء الدراسة وابناء الدفعة والسلام عليهم ولاحتى الاقرباء منهم وبالمقابل لم اتمكن سوى من تعزية ثلاثة فقط من الاقارب رغم حرص وتكرار والدتي الغالية بان لا اتلوم أو اقصر وعبارتها الحبيبة الى نفسي (أنت عارف أهلك ياطارق ولدي) وأمي بالطبع حفظها الله ومتعها بالعافيةوالصحة من جيل شامخ لن يتكرر ولن يجود الزمن بنسخة منه مرة أخرى.
قررت تخصيص اليوم الذي يسبق السفر للانتهاء من هم لعين مزعج يعاني منه كل سوداني مهاجر وهو مايعرف ويسمى بتاشيرة الخروج وضرورة الذهاب لمبنى جهاز المغتربين الوحيد حاليا بالعاصمة الكائن بمنطقة الصحافة وان كنت قد سمعت ان هناك مبنى آخر يتم تاهيله حاليا بكل من مدينتي بحري وامدرمان -لايوجد في جهاز المغتربين سوى الجباية المقننة واستخراج البرنت وفورم التاشيرة وسط صفوف متراصة من البشر وضيق واختناق بشري ونتمنى ان يوفق معالي السفير دكتور كرار التهامي وهو من الرعيل الاول للمهاجرين السودانيين هذه المرة في وضع حد لهذه المعاناة القاسية التي يعاني منها المغترب السوداني عبر ومن خلال تحديث انظمة اليكترونية للتحصيل المباشر بدلا من الصفوف والزحمة وعدّ الفلوس وان كافة المهاجرين على استعداد لدعم اقتصادهم الوطني والوقوف الى جانب بلادهم كما فعلوا في السابق ولايزالون بالاضافة الى ضرورة انزال مخرجات توصيات مقررات المجلس الاستشاري لاقتصادات المهجر الى ارض الواقع وجعلها واقعا معاشا في حياة المهاجرين السودانيين -والاهتمام بقضية تعليم ابناء المغتربين ومساواتم برصفائهم بالداخل وتفعيل اقتصاد المهجر ونقل الخبرة والمعرفة والكفاءات وان يشعر المهاجر السوداني ويحس بالفعل ان هناك وزارة او ادارة قوية تعنى وتهتم بامره وهمومه بعد أن تغيرت بيئة وظروف الاغتراب كثيرا عن ذي قبل فهذه الشريحة شريحة غالية وعزيزة على الوطن وقاست وتحملت الكثير وحرمت من اجمل سنوات العمر ولازالت تعطي بسخاء منقطع النظير.
استغرقت اجراءات الحصول على التاشيرة وسط تلك الامواج المتلاطمة من جمهور المهاجرين حوالي الخمس ساعات تقريبا من الساعة 9 الى الساعة 2 ظهرا وسط اجراءات كلاسيكية عقيمة ومعقدة رغم انه بالامكان اختصار كل هذا الوقت المهدر في اقل من 5 دقائق عبر ثورة التقنية ونظام يشابه نظام سداد والحكومة الاليكترونية التي اصبحت مطلبا الان بدلا من البحث عن الواسطة وكبار الموظفين والمعرفة والعلاقات كما يفعل الكثيرون عندما يرغبون في انجاز مهامهم في هذا المبنى ولكني من شريحة تؤمن بحق الهامش والمهمشين والبسطاء ومن لاعلاقات او واسطة لهم ولهذا السبب أجد نفسي دائما في وسطهم وبين صفوفهم المتراصة المتزاحمة.
وضعت جواز سفري بجيب ثوبي تأهبا للعودة الى منزل الاسرة الكبير لتناول وجبة الغذاء مع والدتي الحبيبة وأفراد اسرتي الكرام لاسيما أن موعد سفري قد أزف واقترب وكانت رحلة العودة جحيما لايطاق بسبب الزحمة والاختناق المروري القاتل في حر شمس كادت ان تقترب من الارض وقتها وباعة المناديل والمياه من أطفال وطني المحرومين من كل مباهج ومسرات الطفولة يقفون على الارصفة وعند اشارات المرور واثرياء وطني يمتطون السيارات الفارهة من نوع لاندكروزر (مفخرة الارض) والجيب اللكزس والمرسيدس بنز وقد اغلقوا نوافذ سياراتهم استمتاعا بهواء التكييف المنعش وبداخل السيارات تنساب موسيقى حالمة ناعمة هادئة وكأنهم من عالم آخر ولايعيشون في كوكب السودان الحارق .
وطن كله متناقضات ومتضادات ثراء فاحش وفقر مدقع – طبقات ارستقراطية وبرجوازية وطبقات فقيرة معدمة -فضيلة وطهر وعفاف وفي الوقت ذاته رذيلة وكذب ومفسدة -أحرار وشرفاء وخونة ومارقين ومأجورين -اصحاب علم وثقافة وكفاءة وخبرة ومعرفة وفاقد تربوي وجهلة والمطلوب ان نعمل جميعا بكل مااوتينا من قوة للوصول لنقطة الاتزان المفتقدة بين هذه المتضادات الغريبة.
انتهت أيام الاجازة الخاطفة للوطن وغدا نمتطي براق الحنين الى رهق الغربة–والى ذلك الوقت والى حين اللقاء مرة أخرى لكم مني تحايا بحجم الوطن الكبير العظيم المتفرد وشعبه الطيب الابي والمجد والخلود لوطننا وابناء وطننا الاكارم
[email][email protected][/email]
الاستاذ الكبير طارق
سبحنا مع خربشاتك التي قمت بنشرها في هنا في هذا الموقع الاليكتروني الواسع الانتشار بامتداد 8 مقالات دسمة متكاملة غاصت في عمق الازمة السودانية وشخصتها بمنظور وطني صادق وهذه هي الافكار التي يحتاجها الوطن بحق وحقيقة افكار لاتجنح للتطرف والتعصب البغيض بل تسعى الى لملمة جراحات البلد واهله
لقد تناولت الفرح والحزن في الوطن وكيف كانت بلادنا وماالت اليه حاليا تاريخها وحضارتها قيمها وموروثاتها وتقاليدها وعاداتها ماتذخر به من خير وموارد وانسان وبشر متميز لقد كانت مناشدتك للقيادة الحالية مناشدة صادقة تهم كل وطني غيور على البلد والتراب واعتقد كما تعتقد انت ان فرص الاصلاح بيدهم وانهم يستطيعون اعادة الاتزان المفقود ولو فعلوها سيكتب التاريخ اسمهم بمداد من نور
لك الشكر والتقدير وانت تتحفنا بهذه الروائع باسلوب سهل بسيط قوي ومعبر ولغة سلسلة وقلم سيال وفهم عالي جدا ونتمنى ان نراك دوما على صفحات هذا الموقع فانت تستحق بالفعل ان تكون من رواده المتميزين
شكرا لك ياصاحب الخربشات وموعدنا معك في خربشات جديدة وننتظر اطلالتك الانيقة والمميزة.
شكرا استاذ المعز ادريس على التقريظ الذي لا استحقه واتمنى ان يشمر كل الشرفاء والاحرار عن سواعدهم لنهضة الوطن وتحقيق التنمية المستدامة فيه وان تقوم القيادة بتغيير جذري في خريطة وتركيبة الوطن باصدارها لقرارات تتفق مع التوجه العام للبلد واهله الكرام
الاستاذ الكبير طارق
سبحنا مع خربشاتك التي قمت بنشرها في هنا في هذا الموقع الاليكتروني الواسع الانتشار بامتداد 8 مقالات دسمة متكاملة غاصت في عمق الازمة السودانية وشخصتها بمنظور وطني صادق وهذه هي الافكار التي يحتاجها الوطن بحق وحقيقة افكار لاتجنح للتطرف والتعصب البغيض بل تسعى الى لملمة جراحات البلد واهله
لقد تناولت الفرح والحزن في الوطن وكيف كانت بلادنا وماالت اليه حاليا تاريخها وحضارتها قيمها وموروثاتها وتقاليدها وعاداتها ماتذخر به من خير وموارد وانسان وبشر متميز لقد كانت مناشدتك للقيادة الحالية مناشدة صادقة تهم كل وطني غيور على البلد والتراب واعتقد كما تعتقد انت ان فرص الاصلاح بيدهم وانهم يستطيعون اعادة الاتزان المفقود ولو فعلوها سيكتب التاريخ اسمهم بمداد من نور
لك الشكر والتقدير وانت تتحفنا بهذه الروائع باسلوب سهل بسيط قوي ومعبر ولغة سلسلة وقلم سيال وفهم عالي جدا ونتمنى ان نراك دوما على صفحات هذا الموقع فانت تستحق بالفعل ان تكون من رواده المتميزين
شكرا لك ياصاحب الخربشات وموعدنا معك في خربشات جديدة وننتظر اطلالتك الانيقة والمميزة.
شكرا استاذ المعز ادريس على التقريظ الذي لا استحقه واتمنى ان يشمر كل الشرفاء والاحرار عن سواعدهم لنهضة الوطن وتحقيق التنمية المستدامة فيه وان تقوم القيادة بتغيير جذري في خريطة وتركيبة الوطن باصدارها لقرارات تتفق مع التوجه العام للبلد واهله الكرام