عاشقة الشاشات وبومة الخراب

عثمان بابكر محجوب
أماني الطويل (عاشقة الشاشات) تقول :”الذهنية السودانية ثأرية وصفرية وغير متسامحة” قرأت في الويكيبيديا سيرتها الذاتية تبين لي انها حاصلة على شهادات متعددة ووظائف عالية لذلك من المستغرب ان تتفوه بما تفوهت به لا فض فوها لو انها بالفعل جديرة بتلك الشهادات والوظائف لكن على ما يبدو ان وصولها الى رتبة مرموقة يرجع سببه ودون ادنى شك الى ارتباطها بعالم الجاسوسية والرذيلة ولا شك ايضا انها تعاني من ضمور عقلي لا تخفيه فلتات لسانها . ولو انها حقا خبيرة بالشأن السوداني لكانت عرجت قليلا على الاسلام السياسي وتحدثت عن تدميره للسودان بشكل منهجي هذا الاسلام المستورد من ديارها ديار سيد قطب والقرضاوي .
وما نطلبه من الشاشات التي تستضيف أماني الطويل هو ان تبلغ المشاهدين مسبقا من ان المقابلة مع اماني موجهة لمن تجاوز عمره العشر سنوات كي يتمكن المشاهد من ابعاد اطفاله عن الشاشة عند ظهورها لما في صورة أماني من قبح وبشاعة تدخل الرعب الى قلوب الاطفال خصوصا وهي تنبح . وهي كساعية خير تحدثنا عن الحرب الاهلية بكل ثقة لذلك نذكرها بهذا البيت من الشعر لعله يناسب سيرتها :
كساعية للخير من كسب استها ***
لك الويل لا تزني ولا تتصدقي.
وفي هذا الظرف العصيب الذي يمر به بلدنا ، نأمل من الاطراف المتحاربة التعقل والتنبه للشامتين من الجيران لان استمرار هذه المذبحة لن يكون في النهاية الا وبالا على المنتصر والمهزوم . وطريق الاحتراب هذا سيؤدي الى تشرذم البلاد وجعلها فريسة سهلة لاشباع اطماع الدول المجاورة والبعيدة على اشلاء شعب عانى ويلات كثيرة .
وفي هذه المتاهة التي دخلنا فيها لا ينفع التحليل بقدر ما ينفع الصمت والتفكر بان متحف الجماجم في روندا شاهد حي على الاقتتال الداخلي بين اهل البلد الواحد فلماذا نريد ان نبني مثله في الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري وباقي مدن البلاد اما كفانا ما حصل مع جنوب البلاد ودارفور من مجازر وخراب حتى لا نتعظ . دارفور تحولت الى تورابورا . فهل الخرطوم ستصبح قندهار؟ هل النموذج الراقي لاسلامنا السياسي ان تتجسد قرى ودساكر افغانستان على ارض السودان ؟هل هذه الحضارة هي مثالهم الذي يعدون به أهل السودان؟ وليس في ما نقوله اية مبالغة الم يستقبل البشير بن لادن باني افغانستان المتحضرة؟! ولماذا متحضرة لان الكافر يصنع الطائرة والمسلم يخترع دعاء ركوب الطائرة . وكل اختراع من الكفار يقابله دعاء من المسلمين لاستخدامه .
نحاول وبصدق احترام مشاعر المؤمنين لكن الكيل قد طفح خصوصا وان المؤمن الصادق غائب عن الساحة راضيا بانتماءه للاغلبية الصامتة فيتلقى الضربات ويتحمل الاوجاع من تجار الدين الذين باسم الدين ارتكبوا وسوف يرتكبون كافة الموبقات والجرائم .
وهنا لا بد من لوم القوى الجذرية التي سلكت طريق العدمية بدلا من الانخراط في العملية السياسية على سلوكها الصبياني حيث انها لم تعير اي اهتمام لمن دعاها الى العقلانية السياسية فاوقعت نفسها في فخ الوصفة الاميركية لتدمير الدول حيث ان نهج الفوضى الخلاقة التي تعتمده الادارة الاميركية يرتكز اولا الى وصفة مستشار وكالة المخابرات المركزية الاميركية البروفيسور جين شارب (بومة الخراب) في إسقاط الديكتاتوريًات وفق ما يسمى نظريًة حرب اللاعنف حيث تشتعل الانتفاضات الشعبية وشعارها اسقاط النظام لكن لا يواكب هذه الانتفاضة برنامج واقعي بل مجرد شعار لا لكل شيء وبعد ان يتصدع البنيان السياسي للدولة تأتي الخطوة التالية بتحريك ميليشيات بعد صناعتها وتشتعل الحرب وهذا ما حصل في ليبيا وسوريا واليمن وكاد يحصل في مصر واليوم دور السودان. وعلى جميع السودانيين ان يدركوا انهم اوقعوا انفسهم في هذا الفخ ولم يعد مهما الاصطفاف خلف البرهان او حميدتي او ضدهما لان عاشقا السلطة كذلك الامر وقعا في الفخ نفسه ومن الاولويات حاليا ان لاتتكون في الخرطوم وباقي المدن خطوط تماس عبر فرز المدينة الى احياء تتقاسم القوى المتقاتلة السيطرة عليها وتحصينها بحيث تصبح الحرب مناوشات لان في ذلك خراب مؤكد وبما ان الوقائع على الارض ما زالت في مرحلة الكر والفر فعلى الطرفان الاقتناع بان حربهم عبثية ومن الضروري ان تضغط القوى السياسية السودانية بكل اطيافها لوقف هذه الحرب ولا بد من العودة الى طاولة المفاوضات.
وما نشهده في هذه الايام من ترحيل للاجانب والعرب والمنظمات الدولية الانسانية من السودان أمر طبيعي لان هؤلاء الناس تربطهم علاقة بالدورة الاقتصادية والاجتماعية للبلد المضيف لكن عند اختلال حالة الامن يرحلون عادة وهذا حصل ويحصل في كل الدول وليس السودان استثناء لكن الهستريا الاعلامية التي ترافق ترحيل هؤلاء مع اغلاق السفارات تباعا يؤكد على رغبة المجتمع الغربي وعلى راسه اميركا في تدهور الاوضاع حتى بلوغ دورة من العنف لا نهاية لها . والخطر الثاني هو اطلاق المساجين الى الحرية لان ذلك يطعن في مصداقية الاحتكام الى القضاء خصوصا وان الرادع الاخلاقي لايشكل ضمانة حقيقية مع وجود مئات الالاف من الغرباء خارج نطاق قانون الاقامة مما يزيد من المخاطر الامنية .
فهل يستجيب المتبارزان الى عويل اهل الضحايا وانين الجرحى وصراخ الاطفال ويوقفوا حمام الدم وهل نسيا ان السودان بلد شاسع يتسع لاهله جميعا وفيه من الخيرات ما يكفي للعيش الرغيد فلماذا الاصرار على تدميره وقتل شعبه وتهجيرهم . هل هي متعة السلطة وان بنيت بالجماجم وفي بحر من الدم؟ وما نفع الكلام اذا ما كانت أذن السفاحيين صماء .!؟ .