مقالات وآراء سياسية

اثيوبيا لن تتراجع: واجتماعات المسؤولين السودانيين والمصريين “تحصيل حاصل”!!

بكري الصائغ

١-
جاءت الاخبار في عام ٢٠١١- اي قبل عشرة اعوام مضت -، ان الحكومة الاثيوبية قد شرعت في بناء سد علي النيل الازرق في اثيوبيا، ويقع السد في منطقة (بينشنول) علي بعد (١٥) كيلو من الحدود الاثيوبية السودانية، وان الغرض الاساسي من انشاء السد توليد الكهرباء لتعويض النقص الحاد في البلاد ، ولتصدير الكهرباء الي البلدان المجاورة، ومن المتوقع انه يكون السد اكبر محطة للطاقة الكهرومائية في افريقيا، تاريخ بدء الاشغال فيه كان في شهر ابريل عام ٢٠١١، وتاريخ الانتهاء منه بصورة كاملة يكون في عام ٢٠٢٢، هذا السد يعرف داخل اثيوبيا باسم (هيداسي).
٢-
ومنذ عام ٢٠١١ بعد بدء العمل في السد وحتي اليوم، وحكومات (اثيوبيا- السودان – مصر) وهي الدول التي يهمها امر السد، في صراع دائم لم يتوقف لحظة منذ ذلك العام ، بدأت العلاقة اولآ بين هذه الدول الثلاثة بشكل ودي ومباحثات مطولة، وارسال وفود ولجان معاينة للسد، والاستعانة بخبراء من الدول الثلاثة واجانب من اوروبا وامريكا عندهم الخبرة والدراية التامة بانشاءات السدود، ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل كانت هناك عدة زيارات قاموا بها رؤساء هذه الدول الثلاثة لاديس ابابا والخرطوم والقاهرة، وفي كل مرة كانت التقاريرعن هذه الزيارات تخرج للعلن متضاربة ومبهمة!!، فقد كان من الملاحظ بشدة، ان الاجهزة الاعلامية في كل دولة من هذه الدول كانت تنشر اخبارعن نتائج الزيارات تختلف عن اخبار اعلام جارتها!!
٣-
اسوأ ما في موضوع موقف السودان من قضية سيد “النهضة”، ان الرئيس المخلوع كانت مواقفه متذبذة لا يستقرعلي رأي واحد!!، فمتي ما سافر للقاهرة راح يساند الرأي المصري ويقف معها ضد اثيوبيا!!، وعندما سافر عدة مرات الي اديس ابابا، اعلن من هناك، ان لاثيوبيا الحق في بناء سد داخل اراضيها!!، وان سد النهضة لا يشكل خطورة علي السودان!!، بل انه صرح في يوم ٤/ ديسمبر ٢٠١٣، ان سد النهضة سيعود بفؤائد علي السودان!!، كل من كانوا علي صلة وثيقة بالرئيس البشير وقتها، اكدوا ان البشير ذهنه خالي تمامآ من اي معلومات قيمة عن السد الاثيوبي، ولا يعرف عنها الا القليل من المعلومات التي طالعها في التقارير التي وصلته من وزارة الري!!، وغير ملم المام كافي بالاضرار او الفوائد!!
٤-
بعض الصحف المحلية في الخرطوم نشرت الكثير عن سلبيات مواقف الوفود السودانية التي سافرت الي اديس ابابا والقاهرة لمناقشة المستجدات حول السد، وان اغلب اعضاء هذه الوفود السودانية اصلآ ما كانت عندهم الخبرة والدراية باشكاليات المشكلة وابعادها!!، وانها وفود كانت بالمرة غير ذي فائدة، لهذا نجد انه ومنذ عام ٢٠١١ وحتي اليوم والسودان موقفه من سد النهضة غير واضح بصورة جلية!!
٥-
جاءت الاخبار اليوم وافادت ، ان الامور قد وصلت الي قمة التوتر بين حكومة القاهرة واديس ابابا، بعد ان صرح الرئيس السيسي بلهجة حاسمة، ان (كل الخيارات مفتوحة)، وبالطبع، من بين هذه الخيارات المصرية الخيار العسكري.
٦-
يبقي السؤال مطروح بشدة: هل حقآ ستلجأ القاهرة للخيار العسكري، وقصف سد “النهضة” في حالة اصرار حكومة علي المضي قدمآ في ملء السد؟!!
٧-
هناك سبعة اسباب قوية تمنع القاهرة بشدة من الاعتداء علي سد “النهضة” الاثيوبي، وهي:
اولآ:
عضوية مصر في “منظمة الوحدة الافريقية” تمنعها من استخدام العنف ضد دول الاعضاء، وان تلتزم مثل باقي الدول في حل المشاكل بالحوار.
ثانيآ:
مصر من الدول المشاركة في “حركة عدم الانحياز”، لهذا وجب عليها ان تسعي الي احترام كل دول العالم بلا استثناء، والا تنتهج نهج يخالف “مبادئ باندونغ” العشرة ، والتي واحدة منها “تسوية المنازعات بالطرق السلمية”.
ثالثآ:
اذا قصفت مصر سد “النهضة” فانها ستخسر كثيرآ، اولها خسارتها صداقة الدول الافريقية الذين حتمآ سيكونون في صف اثيوبيا ويقفون معها عند المحنة – عملآ بالمثل المعروف :( أنا وأخي على إبن عمي وأنا وإبن عمي على الغريب).. او عملآ بالمقولة المعروفة:(الدم للدم يحن).
رابعآ:
اذا قصفت مصر سد “النهضة”، فانها ستجد شجب وادانات دولية، وانه ما كان يحق للقاهرة ان تلجأ للقصف في ظل استمرارية حوارها مع اثيوبيا، وقد يصل الامر الي مقاطعة اقتصادية دولية.
خامسآ:
اذا قصفت مصر سد “النهضة”، فان مصر لن تجد التاييد العربي علي فعلتها، وستجد شجن عربي وسخط شديد، وربما ادانة من الجامعة العربية.
سادسآ:
لا احد من افراد الشعب المصري يتمني ان تدخل مصر في حرب ضد اثيوبيا، فالحروب الكثيرة التي دخلتها مصر عام ١٩٤٨- وحرب حزيران ١٩٦٧- وحرب اليمن عام ١٩٦٢- وحرب اكتوبر١٩٧٣، قد كلفت البلاد الكثير من فقدان الارواح ومليارات الدولارات.
سابعآ:
اذا قصفت مصر سد “النهضة”، فمن حق اثيوبيا ان تطلب تعويض من مصر يعادل حجم الخسارة، وهو بالطبع مبلغ كبير لن تقدر عليه القاهرة.
٧-
ليست “كل الخيارات مفتوحة” امام مصر كما قال السيسي، وعليه ان يستبعد تمامآ فكرة قصف سد اثيوبيا حتي وان كانت مصر تملك اكبر قوة عسكرية ضاربة في افريقيا، عليه ان يبتعد عن اللجوء للعنف لان المتضرر من القصف هو الشعب المصري، الذي اصلآ هو شعب مثله مثل الشعب الاثيوبي يعاني من اوضاع اقتصادية صعبة.
٨-
مرفقات مصاحبة للمقال:
(أ)-
السيسي يحذر الإثيوبيين: “جميع الخيارات مفتوحة” في أزمة سد النهضة، والسودان يلوح بسيناريوهات عدة 🇪🇬

(ب)-
عاجل | وزير الري السوداني: تأثيرات سد النهضة على السودان مباشرة وكبيرة

(ج)-
مصر تعلن فشل اجتماعات كينشاسا للتوصل لاتفاق بشأن سد النهضة بسبب تعنت إثيوبيا.. ما الخطوات القادمة؟

‫7 تعليقات

  1. وفي حالة مراعاة ما ذكرت وابتعاد مصر والسودان من ضرب السد الأثيوبي .. سوف يبقى ‏السودان ومصر وإلى ما شاء الله تحت الابتزاز والتهديد الأثيوبي حيث يمثل السد بملياراته ‏السبعون من المياه ” قنبلة شبه نووية ” زرار تفجيرها بين أصابع الرئيس الأثيوبي. ‏

  2. قد تكون هذه الاسباب التى سقتها والمانعة فى رائك مصر من اللجوء الى الخيار العسكرى، ولكن اعتقد ان الاثر من بناء السد على امن مياهها القومى والذى ساقته مصر ، حكومة و خبراء ، يفوق الاثار السالبة الذى عددتها.
    وفى ظنى ان من الممكن جدا ان يكون هذا السد وهذا الصراع بداية حقيقية لحروب المياه، والتى سوف تمتد وتتوسع فى اماكن اخرى من العالم فى المستقبل القريب جدا.

  3. اذا قصفت مصر سد النهضة فإنها ستخسر صداقة الدول الأفريقية ليس بسبب منطق ( أنا وأخي على إبن عمي وأنا وإبن عمي على الغريب).. او عملآ بالمقولة المعروفة:(الدم للدم يحن). ) و لكن لأنه من منظور الدول الاخرى أي خارج الدول الثلاث ( السودان و أثيوبيا و مصر ) هو أن هذه الأمور يجب أن تحل بالحوار و أن المطالب الاثيوبية ليست بالمستحيلة و أيضا بسبب أن أثيوبيا هي مقر الأتحاد الأفريقي و من المشين أن يتم شن حرب على دولة المقر من دون موافقة الدول الأفريقية الرئيسة

    1. السؤال المهم هو إذا قصفت مصر سد النهضة هل الاثيوبين سيقصفون السد العالي؟؟ طب ازاي بقى؟ نقول ليكم الإجابة عند إسرائيل. نحن دايرين مصلحتنا بس لا خير في إثيوبيا ولا مصر. قلبتا الهوبة الليلة ما كنت دايماً مؤيد مصر مالك انشاء الله خير

  4. ١-
    ضحكت حتي استلقيت علي ظهري، وشر البلية ما يضحك!!، وكيف لا اضحك وقد جاءت الاخبار اليوم الخميس ٨/ ابريل الجاري وافادت، ان بروفيسور ياسر عباس وزير الري والموارد المائية قد صرح ان “كل الخيارات تبقى مفتوحة أمام السودان بشأن مسألة سد النهضة بما فيها اللجوء لمجلس الأمن”!!.
    ٢-
    ضحكت، لان بروفيسور ياسر عباس قد استعمل نفس تعبير الرئيس المصري السيسي، الذي صرح قبل ثلاثة ايام مضت، ان ” “كل الخيارات تبقى مفتوحة امام موضوع السد الاثيوبي”!!، هل اللغة العربية جد ضعيفة عند البروفسور المهام، ولم يجد كلمات مناسبة يصرح بها عن موقف السودان الرسمي فاقتبس تصريح السيسي!!
    ٣-
    الحمدلله كثيرأ, ان السيسي لم يصرح بنية مصر في شن حرب كاسحة ضد اثيوبيا،…والا كنا بتصريح من وزير الري يعلن فيه شن حرب كاسحة ضد اثيوبيا!!
    ٤-
    راجعت السيرة الذاتية للبروفسور ياسر عباس وزير الري والموارد المائية في حكومة حمدوك، فوجدتها مشرفة تستحق الاحترام، خبراته كثيرة ومتعددة في مجالات الهيدلوجيا والموارد المائية، ويعمل كاستاذ زائر في المعهد العاليم للمياه بهولندا، يتمتع ياسر بخبرة واسعة في النمذجة الهيدلويكية والهيدرلوكية وانظمة الموارد المائية ،وانظمة الرى ، وتطبيقات الاستشعار عن بعد ، ونمذجة المناخ الاقليمية، وعمل في تطوير نظام الانذار المبكر بالفيضانات لنهر النيل…ولكن يبدو انه لا يجيد الادلاء بالتصريحات!!

    1. القضية في سد النهضة ليست فنية لتعدد لنا خبرات أخينا ياسر! هو للاسف ضعيف المخارج والمداخل وهو يصلح استاذ يدرس مقرر في الكلية … قضية سد النهضة تجاوزت المسائل الفنية .. هذا الموضوع يحتاج لمتخصص محنك في إدارة الازمات ومتحدث سريع البديهة ليس آآآآ آآآآآ. ياسر قد يصلح مستشارا لمن يدير هذه المشكلة المعقدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..