ادريس دبي والمتاجرة بالجيش التشادي في افريقيا*!

الحلقة الأولي والثانية
حلقة أولى من مسلسل مهمات الجيش التشادي في افريقيا…!!

*
تقديم:-
* قبل الولوج الى موضوع المقال أدناه، نطرح جملة من التساؤلات السياسية في تشاد، وتعتبر هذه الأسئلة حديث الساعة في الساحة التشادية هذه الأيام، وهي نقاشات جدية بالفعل، وتدور بشكل يومي بين الناس ويتداولها المواطنون لمعرفة ما يحدث،او يدور بالضبط من أوضاع داخلية تتمثل في الأزمة الاجتماعية، مع اصطحاب قضايا اخرى خارجية معددة تتعلق بقضية الحدود التشادية الاقليمية لتشاد مع دول الجوار، وكذا الدور العسكري الذي يقوم به الجيش التشادي المٌرسل للقتال في مالي، وان طرحنا لهذه التساؤلات ياتي ضمن هموم كل المواطنين العاديين الذين يأملون توضيحا وإجابة شافية من المعنيين بالأمر بصراحة ووضوح، بحيث تمكنهم من معرفة دور أبنائهم المرسلون لقتال في مالي، واهمية واهداف المهمة سياسياً واستراتيجياً للوطن؟، وماهي الفائدة المرجوة التي تنتظر شعب تشاد من وراء ذلك كله، والأسئلة المتداولة بين المواطنون هي:-
– لماذا حدود تشاد الإقليمية مضروب حولها حصاراً عسكرياً مطبقاً من قبل قوات دول الجوار الستة؟
– ما هي اهمية التدخل العسكري التشادي في افريقيا، وهل هناك اولوية تحتم القيام بمثل هذا العمل استباقياً، ولمصلحة من؟..
– ما هي المصلحة الإستراتيجية للبلاد في ذلك؟، وهل ان أمن تشاد القومي فعلاً مهدداً بهذه الدرجة؟
– الا يٌرى سياسياً في تشاد، ان ادريس دبي يريد افتعال أزمات عسكرية خارجية جزافاً للتمويه على الوضع السياسي الداخلي(الأزمة الداخلية)؟، وهل ان هذا الأمر-السياسة العسكرية- تعتبر فقط مجاراة للاوضاع الإقليمية والدولية، اوخشيةً من انعكاسات وتداعيات محتملة الحدوث في تشاد مستقبلاً(امتداد الإرهاب الى الداخل التشادي)؟، أم ان القضية برمتها نعتبرها سياسية مخضة ومفروضة على انجمينا، وباملاءات اضطرارية من قبل قوى خارجية تحتم على ادريس دبي القيام بهذا العمل؟،

محمد علي كلياني- باريس – فرنسا
[email][email protected][/email] المقال:-
* يكاد المرء يُصاب بالدهشة والاستغراب الشديدين مِنْ ادارة الشؤون العسكرية التشادية بالخارج، ويحزن أيما حزن لتلك الحالة في تشاد لإرسال جنودها لمهام قتالية في بقاع إفريقية متعددة(الكنغو، افريقيا الوسطى، دارفور، ليبيا ومالي، الخ..)، وبدون اية فائدة تذكر، اوعلى ضوء استراتيجية وطنية واضحة يمكن ان تحقق لتشاد مصالح حيوية وحماية أمنها القومي،!. إذن، ما هي الأهداف المامولة من وراء ذلك على الصعيد التراب الوطني؟، ام أن الأمر كله يعتبر فقط، مجرد جنون عظمة عسكرية طائشة ومغامرات يقوم بها نظام ادريس دبي للتمويه وأبعاد شبح الأزمات الداخلية عنه، ويعود ذلك بنتائج عكسية على تشاد ويتسبب في تغويض امن واستقرار البلاد، ويدفع الشعب التشادي الثمن في المستقبل.!، ويمكننا قراءة وفهم اهداف هذه السياسة العسكرية لحكومة تشاد بالخارج وتداعياتها على تشاد والمنطقة، ولماذا انتهج ادريس دبي هذا المنحى منذ مجيئه إلى سدة الحكم في ديسمبر عام 1990م، ونستقرء كذلك دواعي ومضامين هذه السياسة، مع التطرق المستفيض الى حجم الخلل والضررالماحقين الذي الحقته تلك السياسة بأوضاع التشاديين علي الصعيد الاستقرار الداخلي والخارجي، وخصوصاً، تلك المأساة والمشاهد المروعة التي أحدثتها هذه السياسة للجالية التشادية بالخارج، وتعريض أفرادها لأبشع انواع الذل والاضطهاد في بعض الدول التي يقيمون فيها، كما هو الحال في(وضع التشاديين السيء للغاية في ليبيا)، ونضيف الي ذلك كله كمثال(الاعتداءات المتكررة التي طالت الجالية التشادية بافريقيا الوسطي خلال السنوات الماضية).

– الجاليات التشادية بالخارج تتضرر كثيراً من سياسة دبي الخارجية:-
* وبلا شك، فإن سياسة الحكومة التشادية وانشطتها العسكرية بالخارج كانت ولاتزال تترك بصماتها المعيبة والمخيفة باسم تشاد وشعبها بسبب تدخل تشاد العسكري لأسباب غير معروفة!، وجعلت تلك السياسة العسكرية مواطني بعض البلدان يرسمون صوراً نمطية مخيفة للإنسان التشادي في بلدانهم، وكل ذلك، كان سببه تدخل الجيش التشادي وبصورة عشوائية وغير مدروسة في شؤون بلدان الغير، وهذا العمل العسكري اللامسؤول، قد عرض حياة أفراد الجالية بالخارج لمخاطر جمة،(في ليبيا وافريقيا الوسطى)، وتلك العملية تعتبر جريمة نكراء يحاسب عليها القانون، وكلفت سياسة انجمينا بهذه الدول بعضاً من افراد الجالية التشادية أثماناً باهظاً، وذاق مرارتها اغلب ابناء تشاد ببلاد المهجر، ويٌعتبر ذلك تصرفاً غير مبرراً، وعملاً ارتجالياً متعمداً ارتكبته سلطة تشاد بحق رعاياها في الخارج، وبدون ادنى اي مسؤولية تمكنها من مراعاة أوضاع الجاليات لدى البلدان المضيفة، وستتحمل حكومة دبي المسؤولية التاريخية والاخلاقية تجاه ما قد حدث، او قد ما سيحدث لهذه الجاليات من ماسي وأضرار كثيرة جراء سياساتها العشوائية، لان حكومة تشاد بهذا العمل قد اقترفت جرماً غير أخلاقياً بحق مواطنيها المهاجرين، وتمثل الاحوال القاسية الي عانتها الجالية في ليبيا وافريقيا الوسطي عنواناً سياسيًا عريضاً لإخفاق نظام ادريس دبي في سياسته الخارجية، وانتهت كل اوجه هذه السياسة بفضائح سياسية خلفت ورائها تراكمات وصدىً واسعاً في كل ارجاء الدنيا، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية بمشاهد غريبة(شاهد اليوتيب”آخر حلفاء العقيد في برنامج ما لايقال فيBBC”)، ومن أبرز الصور النمطية التي تركتها سياسة حكومة انجمينا باسم تشاد وشعبها خارجياً، فهي كثيرة جداً لا يسع المقال لحصرها، ولكننا نكتفي فقط بعملية القبض على الدبلوماسيين التشاديين بطرابلس، وهم متلبسين بتهم تتعلق بتجنيد مرتزقة لصالح نظام القذافي مقابل تلقيهم حفنة من الدينارات الليبية الزهيدة!! وتلك بلا ريب تعتبر وصمة عار سياسية على جبين حكومة دبي بالمنطقة.!، ولا يضيرنا شيئا إذا رجعنا للوراء قليلاً لمعرفة خلفية التدخل التشادي العسكري في افريقيا، وهو، ان تشاد منذ العام 1998م، قامت بإرسال قوات مسلحة الي المناطق المشتعلة في منطقة البحيرات العظمي، بجمهورية الكنغو كنشاسا تحديداً، وتلك المهمة تعتبر اول واكبر مهمة عسكرية خارجية للجنود التشاديين خارج اراضي تشاد الطبيعية، وتلك المهمة العسكرية تمت بتمويل من العقيد الراحل معمرالقذافي، ورغم إتمام المهمة بنجاح لصالح نظام الرئيس كابيلا بكنشاسا، إلا أنها، قد اكتنفتها الكثير من الغموض الشديد والتجاوزات الكبيرة بحق الشعب الكنغولي، لاسيما، ذاك الانطباع السيء والصورة الكاريكاتيرية التي ألصقت بسمعة الجنود التشاديين الذين كانوا هناك وقتذاك، وتركت مهمتهم أيضاً أثراً بالغاً في نفوس شعب الكنغو، وظلت اثارها عالقة بذاكرة السكان المحليين حتى اليوم، ولاتزال لعنتها تطارد كل تشادي وباستمرار، وعندما اكتملت المهمة العسكرية بالكنغو، فحمل الجنود التشاديون أمتعتهم للعودة الي بلادهم مروراً بالبر عبر افريقيا الوسطي، وبمجرد وصولهم تراب بانغي، كادوا ان يقلبوا نظام الحكم القائم فيها، وذلك بسبب شكاوي تقدم اليهم بها عدد من فراد الجالية التشادية المقيمة ببانغي، وكان الأمر يتعلق بمناوشات محلية بيهم ومواطنين غاضبين من السكان الاصليين، حيث كانت المناوشات تدور بين الفينة والاخرى بين سكان افريقيا الوسطي وافراد الجالية التشادية، وأصبحت تلك الاحداث شبه اعتيادية طوال السنوات الماضية، خاصة تلك الاعتداءات المستمرة والتي يتعرض لها تشادي المهجر من قبل السكان الممتعضين من مواطني افريقيا الوسطى، والذين يعتبرون التدخل العسكري التشادي في شؤونهم عملاً تخريبياً ولايمكن قبوله، او السكوت عنه بتاتاً، وأحياناً يشيرون الي ذلك، بانه استعماراً تشادياً خارجياً بات يهدد بلادهم، بينما ينعت بعضهم الرئيس بوزيزي بانه(ابن ادريس دبي، وعميلاً تشادياً قذراً)!، وهو ما نفاه مؤخراً بوزيزي نفسه مبرراً موقف ساحته وازالة الحرج السياسي عنه وصفاً الوضع:(ان التشاديين يريدون إرهاب شعبنا)، متوجهاً بالرسالة إلى قادة التمرد الأخير بحركات(سليكا)، والذي قادته ضده انطلاقاً من الأراضي الشمالية المتاخمة للحدود الجنوبية مع تشاد، وفي تلك الحادثة وسوابق أخرى حدثت خلال مهام عسكرية للجنود التشاديين بإفريقيا، حيث تحدثت تقارير عسكرية دولية تعزز هذا الاتجاه، ويعتقد معدي التقرير بان الجندي التشادي غير منضبطاً في مهام عسكرية خارجية، وأوردت التقارير الدولية عبارة مثيرة للجدل، وهي ان: -،(les troupes Tchadiens sont incontrôlée au mission militaire)،-أي ان الجنود التشاديين لايمكن السيطرة عليهم في المهمات العسكرية بالخارج -.. وفي بانغي اعطعت حادثة الجيش التشادي انطباعاً سيئاً ومخيفاً يومذاك، ولولا تدخل حكماء في افريقيا في تلك الأيام، لأدت الحادثة إلى الإطاحة بالرئيس في بانغي وقتذاك ولأسباب غير معروفة الأهداف..! وبعد خروج الجنود التشاديين من هناك، فقد توجهوا صوب الأراضي التشادية ودخلوها ليلاً، وتمركزوا في مناطق بالجنوب التشادي، وبداوا بمطالبة حكومة ارديس دبي بتنفيذ شروط كثيرة تخصهم، ومنها ترقياتهم برتب عسكرية عليا.. واشياء اخري اشترطوها قبل الرجوع إلى ثكناتهم العسكرية.. ولأنهم جاءوا بأموال وأسلحة غنموها من الكنغو، لايريدون ان يسألهم عنها احد قانونياً(تحديداً الأموال والممتلكات الأخري التي اكتسبوها..الخ..)،!. ولامناص اذاً، إلا ان تذعن حكومة دبي لذلك، وتستحيب لمطالبهم، خشية بان لاتتحول ردة فعلهم في حال الرفض، الي تمرد عسكري مسلح يصعب السيطرة عليه، وفي ذلك الوقت لم يستخرج النفط في جنوب تشاد لتمويل أي حرب متوقعة.. ولا ننسي بالتذكير أيضاً، وفي ذاك الوقت، كان هناك تمرداً مسلحاً يقوده أبناء الجنوب التشادي بقيادة العقيدين(كتي نوجي مويس ولاوكن باردي)، وهو وضع خطير يعزز مخاوف حكومة دبي إذا تطورت الأمور إلى ابعد مع الجنود القادمين للتو من جبهات القتال ويحملون في عروقهم(الدم الفائر)، والشيء الأغرب في تشكيلة الجنود الذين قاموا بالمهمة العسكرية في الكنغو، فهم يتشكلون من جنود حكوميين وعناصر اخرى تابعة للمعارضة التشادية التي وقعت حينها اتفاق سلام مع حكومة انجمينا عبر وساطة سودانية في أكتوبر عام 1997م، ورغم ذلك، فإنهم ذهبوا وشاركوا في المهام العسكرية هناك،؟، والسؤال هنا ماهو الأمر الذي جعل العقيدة العسكرية للجيش التشادي تنحرف وتنتكس بهذه الدرجة التي تحدثت عنها التقرير العسكري الدولي، ويصبح جيش تشاد جيشاً غير منضبطاً في المهمات العسكرية بالخارج؟ وما هو السبب الاساسي الذي ساهم في انحطاط المؤسسة العسكرية التشادية خلال السنوات الأخيرة،وبمجيء دبي للحكم في تشاد(1990-2103)- .وهذه الأسئلة ندفع بها كالعادة إلى المعنيين بالأمر عسكرياً في تشاد.. وبنظرنا نعتقد ذلك كله تصرفاً عسكرياً تشادياًز غير مسؤولاً، ويمثل سابقة خطيرة ووجهاً جديداً في السياسة الخارجية التشادية، ويمثل ايضاً شكلاً معيناً من التدخل في شؤون بلدان الغير.
.—————————————————————————___________
الحلقة الثانية من مسلسل مهمات الجيش التشادي بالخارج

ادريس دبي والمتاجرة بالجيش التشادي في أفريقيا..12

ادريس دبي والمتاجرة بالجيش التشادي في أفريقيا..12
الحلقة الثانية من مسلسل مهمات الجيش التشادي في الخارج!

محمد علي كلياني/ باريس [email][email protected][/email] * لقد ذكرنا في الحلقة الماضية عدة قضايا تتعلق بمهمات الحروب التي يقوم بها الجيش التشادي خارج ارض الوطن، وهي في اغلبها تعتبر حروب مغامرات تخدم النظام الحالي في انجمينا، وليست لها أية مصلحة جوهرية تخص الشعب التشادي ومصالحه الوطنية، وتلك تعتبر هذه الحروب أكبر محنة يتعرض لها الجيش التشادي في تاريخه منذ العام 1990م، وخلال تلك الفترة ظل ابناء الشعب التشادي يراقب عن كثب تلك السياسات العسكرية التي انتهجها دبي بالخارج وإرسال فلذات اكباد التشاديين الي محارق ازهقت فيها ارواحاً ذكية في طول وعرض القارة الأفريقية!، فمات من مات، وتضرر من تضرر، وتشوه من تشوه.. وقد كانت تلك السياسة لازالت تنخر في عظام التشاديين، وان جراحاتها تدمي قـلــب كل مواطن.

* قضية تسويق الجيش التشادي في القارة السمراء:-
– منذ مجيء ادريس دبي السلطة في انجمينا، فقد رافق ذلك موجة من انخراط أجانب في أوساط الجيش الوطني، ونخص بالذكر هنا ابناء إقليم دارفور المجاور والذي ان اغلب حاملي السلاح فيه كانوا ممن عملوا في الجيش التشادي بصفة رسمية أو غير رسمية، ولايزال بعضهم يخدم هناك ويتقاضى راتباً عسكرياً لقاء القتال في صفوف الجيش التشادي، ومن هنا بدأت قضية جديدة تتكشف حقائقها لاول مرة على الملأ داخلياً في تشاد وفي دول المنطقة، بان تشاد لها فائض من المقاتلين وتريد التخلص منهم أو الزج بهم في حروب خارجية مدفوعة القيمة، فقام ادريس دبي بانتهاج سياسة عسكرية خطيرة بالمنطقة، وهي تتعلق بتسويق الجيش التشادي الي قيادات القارة الافريقية عبر التدخل المباشر، او غيرالمباشر، او دعم حركات التمرد التي تنوي الاطاحة بالانظمة السياسية القائمة في بلادها بالقوة العسكرية، وهذا الاسلوب كان اكثر وضوحاً إبان احتدام الصراع بجمهورية افريقيا الوسطي عام 2003م، وكذا الحرب في دارفور السودانية من نفس العام تقريباً، وقد امتد هذا المنوال متواصلاً الي ان وصل عمق الحرب الأهلية في ليبيا ومالي حالياً، وان القافلة لازالت تسير باتجاه الاسوء، ولاندري الي متى، وأين ستتوقف مسيرتها الخطرة في المنطقة؟، ويشار هنا، إلى ان تلك التدخلات العسكرية السافرة لنظام تشاد في شؤون الغير لايخلو من ريبة وشبهات السياسية و فضائح مستمرة،(تصفح”قصة المرتزقة الكبرى”)على محرك القوقل العالمية.!
– أطماع حكومة دبي في أفريقيا الوسطى:-
(بانغي ضحية يتيمة)
* ومن الملاحظ هنا ايضاً، ومن خلال ازمة افريقيا الوسطي السياسية، نرى، انه تكمن من ورائها عدة أطماع سياسية واقتصادية لحكومة ادريس دبي بتشاد، وفي العام 2003م قامت القوات التشادية بدعم المتمرد(فرانسوا بوزيزي)، وبفضل الدعم العسكري التشادي استطاع التمكن من الاستيلاء علي السلطة بالقوة ضد غريمه(ٓانج فليكس باتاسي)في بانغي،. وقٌبيل استخراج النفط التشادي، والذي تقع معظم حقول إنتاجه في مناطق الجنوب المتاخمة لحدود افريقيا الوسطي، فقد كان الهدف من التدخل في افريقيا الوسطى كان يحمل في طياته دوافع اقتصادية بالدرجة الأولي، حيث تربعت شركات تشادية علي احتكاراجزاء كبيرة من تجارة الماس والذهب والأحجار النفيسة، وبٌعيد استخراج البترول التشادي وتصديره بسنوات، تغيرت الأحوال السياسية، وطرأت تطورات جديدة شملت اغلب ساحات المنطقة، فأضحي الأمر كله مختلفاً، وبحجم التطورات ذاتها، فقد اكتنفت المنطقة الواقعة ما بين تشاد وأفريقيا الوسطي والسودان، ظروف وتطورات ادت الى اندلاع حروب دموية، وصاحبتها احداث ومستجدات كثيرة جداً، ومن تلك المتغيرات، فقد أخذ النزاع المسلح نصيبه الكافي في المنطقة وقفز قفزات نوعية في دارفور، واتسعت رقعة دائرته، وامتد طابع ذلك العمل المسلح الي تشاد ليعمق الخلاف السياسي في تشاد ذاتها، ووصل الأمر فيها الي درجة الاشتباك المسلح، وحدثت انشقاقات عميقة وسط مؤسسة الجيش التشادي،! وأدي ذلك بدوره إلى اضطراب امني كبير وفوضى مسلحة واسعة ومعتبرة، وقام المتمردون المسلحون في كل دولة بتسخين الأجواء باستخدامهم السلاح على طول الشريط الحدودي لكل من(تشاد، السودان وأفريقيا الوسطي)، وذاك النشاط المسلح جعل الحياة اكثر صعوبة للسكان العاديين ودفعت بهم الاحوال الى اللجوء والنزوح خارج ميادين القتال الملتهبة، وأعلنت تلك المنطقة، منطقة كارثة إنسانية، ورغم صعوبة الأوضاع، فان كل حكومة معنية اتخذت تدابيرها أمنية طارئة لحماية نفسها من السقوط في ظل الظروف الحافلة بالاضطرابات، وكان للسودان النصيب الاكبر من ذلك النزاع المسلح، بينما وصلت بعض من المعارك المسلحة قلب العاصمة التشادية أنجمينا، ولكن الرئيس ارديس دبي نجى باعجوبة، وبفضل دعم”ماما باريس”له، وذلك جميل لايمكن نسيانه وجحده ابداً.!
– ومن خلال تلك اللحظات المفصلية برزت عدة سيناريوهات سياسية وعسكرية تشادية وجديدة كلياً لما كان متوقعاً في السابق، وذلك باتجاه التعامل مع الملف الأمني والعسكري في جمهورية افريقيا الوسطي، ومن اهم محاور هذه السياسة:
1- المحور العسكري، تري تشاد ان حماية مناطق البترول لابد ان تأتي ضمن سلم أولوية الأمن القومي والاقتصادي، وجَعْلِ افريقيا الوسطي منطقة عازلة تحول دون تهديد مصادر النفط القريبة من الحدود، وهي سياسة لازالت قائمة وتزداد وتيرتها يوماً بعد يوم، لاسيما حينما تشتد عملية الشد والجذب داخل افريقيا الوسطى، وتعلى نبرات انقسام الوسط السياسي الوسط أفريقي، ودفع الامر تشاد فيما بعد الى تعهدات عسكرية ودعم لوجستي لنظام بانغي، وذلك للقيام بدحر أي تمرد ضد سلطة بوزيزي القائمة، وآلت حكومة دبي على نفسها حمايته من السقوط في كل مرة..! .. إلا ان أنجمينا، هذه الأيام تفكر جدياً للتخلص من نظام بوزيزيه ولاسباب كثيرة، ولكن بطريقة خاصة جداً، وهي الطريقة المتعارف عليها سياسياً”انقلاب ناعم عبر تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية”والتي انبثقت من مفاوضات ليبرفيل مع المعارضة المسلحة في أفريقيا الوسطى.. لان نظام انجمينا كان يخشى من صعود تيارات سياسية تدور خارج فلكها، وخشية ايضاً من فقدان وضعية تم تثبيتها منذ سنين هناك، ويساورها الخوف كثيراً كذلك من حدوث اي فراغ سياسي محتمل في بانغي يبدل موازين القوى التي ظلت تفرضها انجمينا باستمرار تجاه بانغي، فان حدث ذلك، وختلت الموازين، فانه بالطبع قد يحمل الي انجمينا اخبارًا غير سارة في الجنوب، مفاجآت سياسية كبرى عبر الحدود، حيث حقول انتاج النفط، والتي تعتبر عصب حياة حكومة أنجمينا، او اي طارئا آخراً قد محتملاً ومتوقعقاً، ولم يكن في الحسبان، ويمكن ان يربك المخطط التشادي وقلب موازين القوى السياسية والاقتصادية برمتها، ولهذا الهدف وغيره، فحملتْ القوات التشادية على عاتقها ادارة العمليات العسكرية نيابة عن جيش افريقيا الوسطى، وصد عدة غارات للمتمردين الذين عزموا تغويض سلطة بوزيزي، ولا تزال القوات التشادية ترابط هناك بشكل دائم، وللهدف ذاته!.
ومن هنا نري، ان البٌعد الأمني والاقتصادي بات يشكل سياسة استراتيجية لانجمينا تجاه الأوضاع ببانغي، وقد يستمر الوضع هكذا إلى ان(….).!
2- وهناك ايضا قضية تعتبر اكثر ازعاجاً، وتسبب صداعاً نصفياً للحكومة التشادية في أفريقيا الوسطي، وهي إمكانية امتداد التمرد التشادي المحتمل الي هناك”مع ظهور بوادر توحي بذلك”، ولذلك أجبرت تشاد حكومة بوزيزي بعدم السماح لاي نشاط معارض لها داخل اراضي افريقيا الوسطي مقابل حمايته من ضربات المتمردين، وبتلك السياسة، فقد اصبحت”الدويلة الصغيرة ضحية التجاذبات الامنية والسياسية والاقتصادية لدولة تشاد”،!
3- وفي خلال الشهور الماضية من العام المنصرم، أحست تشاد برغبة الرئيس بوزيزي ونواياه بفك الارتباط التشادي، ومن جانب واحد، فقامت أنجمينا بزعزعة استقرار قصره، “كجس نبض سياسي وامني”، وقدمت انجمينا دعماً مالياً وعسكرياً لمجموعة حركات تمرد(سليكا)، والتي أوشكت الإحاطة بنظام بوزيزيه، ولولا تدخل قوات جنوب افريقيا عسكرياً، لأصبح بوزيزي من آثارالماضي السياسي في بانغي، ونشير ايضاً الي قضية حركات تمرد(سليكا)هناك مؤخراً، فقادت تشاد وساطة سلام مشبوهة وهشة عبر”مجموعة دول غرب افريقيا لتهدئة الأوضاع هناك”، وكان الهدف من وراء ذلك كله، هو إخضاع بوزيزي للضغوط التشادية، وتلك هي بمثابة شروط ثقيلة على بوزيزي وتضعه في خانة الحرج البالغ أمام شعب بلاده، وان بقى بوزيزي على تعهداته تجاه تشاد، فانه يعتبر داخلياً”عميلاً تشادياً قذراً”، واتضحت تلك الموشرات التشادية من خلال مباحثات برازافيل لحل الازمة بإفريقيا الوسطي، بان تشاد أرادت ان يكون هناك تعديلاً سياسياً طفيفاً داخل حكومة بوزيزي يحفظ مصالحها المذكورة، وهو الامرالذي فسرته أوساط دولية واقليمية مراقبة، بان تشاد هي التي اقترحت على دول المجموعة الأفريقية ليبرفيل بفرض شروط علي بوزيزي باستيعاب معارضين مواليين لها في حكومة وحدة وطنية تتكون من المعارضة السياسية والعسكرية”ثم الانقضاض عليه والتخلص منه نهائياً عبر القوى الثورية الجديدة”، وفي أثناء تلك التطورات، أفرجت أنجمينا على عدد من معارضي الرئيس بوزيزي، كانوا معتقلين منذ سنوات في السجون السياسية التشادية، ومن بينهم ضباط وسياسيون،!. ولا ننسى الواقعة التي حدثت بالأمس، حيث سلمت حكومة دبي وزيراً من افريقيا الوسطى الى بلاده مان قد فر من هناك وطلب حق اللجوء السياسي في تشاد..!
– تشاد وإزعاج الجيران عبر الهواجس الأمنية في الحدود:-
* ولنعود بالتفاصيل قليلاً، الي سياسة تشاد العسكرية في المنطقة، فإننا بالتأكيد، نلاحظ ان الحدود التشادية حالياً اصبحت محاطة بشكل محكم بقوات من دول الجوار، ومنها:-
القوات المشتركة التشادية السودانية المتمركزة علي طول الشرط الحدودي للبلدين، وهناك قوات(FOMAC)متعددة الجنسيات بافريقيا الوسطي، وهي تتألف من جنود تشاديين وكمرونيين وكنغوليين، وفي الأخيرتين فالأمر لايخلو من تأثير تشادي فيهما، ففي الكنغو لايمكن نسيان مهمة جيش تشاد بمنطقة البحيرات العظمى عام 1998م، وان الكمرون تربطها اتفاقات وعقود لتصدير نفط تشاد عبر ميناء كريبي الكمروني، ومن جانب حدود تشاد مع نيجيريا والنيجر، نجد وحدات من قوات مكافحة الإرهاب التي أنشئت لملاحقة جماعة(بوكوحرام)النيجيرية المتطرفة، والتي أرهقت هاكل(أبوجا)بنشاطها التخريبي الذي استهدف الكثير مراكز الشرطة والجيش، وقد شكلت هذه القوات بناءاً علي طلب من نيجيريا التي كانت تتزرع دائماً، بان الجماعة الإسلامية المتطرفة تصدر إليها العنف انطلاقاً من شبكة الحدود بين البلدين، ولذا، فان تشاد مضطرة للمشاركة بقوات على الشريط الحدودي المشترك، لان نيجيريا قوة إقليمية، وفي حال رفض اقتراحها، فربما ردة فعلها ستكون قاسية جداً تجاه انجمينا، وأما الحدود التشادية الليبية، فهي الأخرى، فلم تكن بأحسن حال من الحدود الاقليمية لتشاد مع باقي الدول المجاورة، فبعد احداث ليبيا الدامية، وسقوط القذافي وثبوت تورط حكومة تشاد في الحرب الأهلية هناك، فقد اعلنت السلطات الليبية في طرابلس، بان الحدود الليبية مع تشاد تعتبر مناطق عسكرية مغلقة،!.
– حصار حدودي مضروب حول تشاد:-
* إذن، لقد أضحت الحدود التشادية مع كل دول الجوار(نار تحت الرماد)، حيث يصعب علي أي تشادي ان يضع قدميه فيها ويجتازها بسهولة وسلام من اجل جلب احتياجاته الضرورية، كما كان الأمر معتاداً وسهلاً منذ سنين مضت، وفي هذا المضمار، فان الوضع ظل قاتماً بمحيط تشاد، ومحفوفاً بكثير من المخاطر، واصبح من العسير جداً وجود اي حدود تشادية آمنة مع دول الجوار..!
– شعب تشاد يطرح أسئلة محيرة(اين المخرج)؟:-
* وداخلياً، في تشاد تظل الكثير من الأسئلة المطروحة، والتي قد لاتجد اية إجابات شافية وقاطعة تحددها ملامح سياسية ودبلوماسية واضحة تستجيب لواقع البلاد المزري جراء سياسية أمنية محضة أنتجتها حكومة دبي بتخبطها العسكري في المنطقة، أو تقوم- انجمينا- بتقديم طرح بديل يمكن من خلاله ان يؤدي الى انفراج للأفق، ويمكن ان ينقذ الموقف الحالي في الحدود التشادية مع الجيران، او تقديم خارطة طريق تمكن الكل من تجاوز تلك القضايا الحدودية الملحة، ..
– ومن ضمن الأسئلة التي تطرق أذهان التشاديين بشدة، هي؛-
* لماذا اصبح المواطن التشادي محاصراً ضمن نطاق دائرة جغرافية ضيقة”داخل تشاد فقط”؟.. وماذا تفعل حكومة دبي دبلوماسياً لفك عقدة تشاد التي تعتبر بلداً قارياً لا مرفئً بحري له، والتخلص من عقدة الحصار الجغرافي؟.. وهل ان نمط السياسة العسكرية والامنية المتبع حالياً في أنجمينا سيزيل، أم سيعمق هاجس المخاوف لدى الجيران من عبر الحدود، وبخاصة أولئك الذين يرون تشاد، وبشكلها الحالي، تعتبر واحدة من اكبر المهددات المباشرة لامنها القومي؟، ام ان سياسة أنجمينا العسكرية في المنطقة ستبقى كما هي، وعلى حالها، وان كانت ستدفع المزيد من التوجس الإقليمي لدول المنطقة لمراقبة حدودها مع تشاد أكثر دقة من ذي قبل؟.. وما هي مخاطر بقاء هذه القوات الاجنبية على مرمى حجر من الحدود التشادية؟.. وما هي الآثار التي قد يخلها وجود هذه القوات على صعيد الامن القومي التشادي؟.. وأسئلة أخرى كثيرة تدور بخلد أي مواطن تشادي يريد معرفة الحقيقة، وما يدور بالضبط حول حدود بلاده ومحاصرة شعبها، وبهذه الطريقة .
– شكوك تنتاب البعض وتزداد أكثر مع مرور كل يوم:-
* انا شخصياً، لا ادري قطعاً، ان كانت الحكومة التشادية لديها أدنى فكرة لكل ما يدور من حولها من تطورات في الحدود وبالمنطقة، او ان لها تصوراً معيناً يمكنها من تدارك كل هذا المأزق والمواقف الحرجة، ولا اظن أيضاً، ان الأمر كذلك، وهل ان حكومة دبي تحمل برنامجاً، او خططاً معينة للحل على المدى المنظور؟!، ام انها ستترك الامور عالقة على حالها، وتظل تنتظر كل الاحتمالات المفتوحة كي تطرق الأقدار أبوابها السحرية، وتحل كل مشاكل تشاد الحدودية مع دول الجوار بضربة لازب؟،!.
– استقراء لمستقبل التطورات القادمة:-
* وفي سياق استقرائنا لمستقبل التطورات القادمة، فاننا قد نستنتج مفاهيم مفادها، ان اول النتائج السلبية لسياسة تشاد الخارجية، هي انها أحدثت شرخاً كبيراً في موازين علاقاتها الإقليمية مع الجوار، ويمكن للمرء رؤيتها من زاويتين وبدون لبس، وهما:-
-1/ إقليمياً:- تعد قضية مراقبة الحدود التشادية عبر قوات دول الجوار، ادخل انجمينا في نمط من التناقض الواضح في سياستها الاقليمية مع الجيران، على اعتبار ان دبلوماسية أنجمينا فشلت في تحديد الهدف وإيجاد المخرج السليم لبناء علاقة ثقة متبادلة ومتوازنة مع محيطها، بعيداً عن الحلول الأمنية في الحدود المشتركة، وثم ان عدم فتح تلك الحدود، او التوتر فيها على الدوام يعتبر جزءا كبيراً من عملية اعاقة التنمية الاقتصادية في تشاد، لان تشاد كما ذكرت، انه بلداً مغلقاً جغرافياً، ويحتاج لكل منفذاً برياً او بحرياً يخفف عنه الكثير من عناء المشكلات الداخلية، إذا أخذنا في الاعتبار”العمال التشادية والتجارة الحدودية ..الخ”.
– 2/ ودولياً:- ان الشد والجذب بين انجمينا وباريس خلال بداية هذا العام، واحياناً الملاسنات على الاجهزة الاعلامية لايزيد الطين الا بلة، وتشكل هذه بالنسبة الى دولة كبرى بحجم فرنسا، هو نوعاً من سياسة(اللعب بالنار)، في افريقيا المركزية(Afrique Central)، لان فرنسا لاتحتاج الي نظام ادريس دبي، بقدرما، ان ادريس دبي هو الذي يحتاج إلى باريس لدعم موقفه السياسي في الداخل، ونضيف أيضاً، ولايمكن لنظام ضعيف وهش سياسياً ومتناقض مع نفسه، ان يفرض علي باريس شروطاً سخيفة جداً، ويمكن قبولها دون مضض..
* مطالب باريس من دبي قبل الذهاب إلى الحرب في مالي:-
– كانت مطالب باريس من ادريس دبي منطقية جداً عندما تسلم هولاند مقاليد حكم الاليزيه، وهي مطالب لا تتجاوز الإصلاحات الداخلية في تشاد وتعديل الخريطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي تعرضت للتخريب منذ 23 عاماً، واعتماد سياسة اصلاحات واضحة تحتاجها البلاد، بدلاً من احتكار السلطة خلال تلك الفترة، كما جاء الخلاف بين باريس وانجمينا في بادي الامر على خلفية تجميد زيارة دبي الي باريس، وعلى اثرها كان الحاح باريس للنظام التشادي بتقديم إيضاحات شافية تتعلق بملف “اغتيال المعارض ابن عمر محمد صالح”، رئيس الحزب العدالة والتنمية والذي قتل في مطلع يناير 2008م بانجمينا على يدي قوات الحرس الجمهوري، وبفضل وساطة قام بها لوبي من ارباب الشركات الفرنسية العاملة في تشاد، قبلت باريس زيارة دبي الاخيرة لباريس لطرح ملفاته بشان العلاقة الجديدة مع حكام قصر الاليزيه، وطبعاً في السياسة الكل يحمل في جعبته ملفات تمهيداً للتباحث بصددها، وكالعادة، فان تشاد، أو بالأحرى نظام انجمينا استند كل ملف يتعلق بالتفاوض مع الفرنسيين – الادارة السابقة والحالية-، وحينها تشابك الأمر في انجمينا وحدث ارتباك سياسي كبير، لان الفرصة ضيقة جداً لافهام السلطة الجديدة، وكان الملف الوحيد الذي ظل ادريس دبي يناور به في وجه البارسيين الجدد هو ملف الحرب في مالي، وعلى الرغم من ان باريس قد قللت في البدء من اهمية الملف التشادي الخاص بالحرب، إلا ان التحركات العسكرية للجماعات الإسلامية صوب باماكو قد عجّل بقبول الفكرة التشادية للمشاركة في الحرب، ويمكننا حصرها في التالي:-
1/ التحركات العسكرية للإسلاميين اقتربت من منابع إنتاج مصادر الطاقة التي تعمل فيها شركات فرنسية، وكادت ان تهددها تلك التحركات، ونرى ان باريس دفعت بقواتها باستعمال ودون انتظار قدوم القوات الأفريقية الي ارض مالي.
2/ هناك الآلاف من الرعايا الفرنسيين بدولة مالي، وتحديداً في باماكو، وإذا قدرت للإسلاميين دخولها، فان بالطبع سيجد الرعايا الفرنسيين في خطر كبير جداً لا سيما وان من أهداف الإسلاميين اختطاف رعايا فرنسيين آخرين يضافون إلى قائمة الرهائن المحتجزين في قبضة هؤلاء، وهو أمر خطير للغاية للإدارة الجديدة بزعامة فرانسوا هولاند على الصعيد الداخلي.
3/ ان الحرب في مالي وبتلك المعطيات اصبحت مفروضة على باريس، لان وفي حالة التقاعس فيكان حقول انتاج اليورانيوم في النيجر سيضحى مهدداً انطلاقاً من الاراضي المالية اذا تركت باماكو فريسة سهلة للارهابيين، كما يصف احد الخبراء الفرنسيين معلقاً على الاحداث هناك.
* اذن، ان الظروف الحالية في حرب مالي وفرت على نظام ادريس دبي فرصة ذهبية لطي الخلالف مع باريس، وان كان الامر مؤقتاً سياسياً!..
– وقد تكشفت لدى دبي حقائق وقناعات سياسية، بان باريس جادة معه لأبعد حد ممكن فيما يتعلق بالوضع التشادي الداخلي وكذا الإقليمي، ولذلك، فليس هناك مفر الا بالتعجيل الى ارسال قوات تشادية للمشاركة في الحرب ضد الارهاب في مالي، ويعتبر هذا في الاعراف السياسية نوعاً من العربون السياسي، والتودد والتقرب من باريس، وبخطوة للإمام، ولكن يبدو ان هذا التقارب الذي تطمح اليه انجمينا، لايزال في بدايات طريقه، ولم يصل الى مرحلة النضج، وان طموح التطبيع النهائي بين البلدين مازال بعيدا جداً وهو مربوط بشروط قاسية أحياناً، وريثما تضع الحرب في مالي أوزارها، فان التهدئة السياسية مطلوبة، لان باريس في حرب مقدسة ضد الارهاب كما يحلو القيادات الفرنسية وصف الوضع….
وتواصل البقية في الحلقة القادمة

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..