سيف الدين احمد فرج الله النقرابى

سيف الدين احمد فرج الله النقرابى: بروز عالم سوداني لم تثنيه عن النجاح سياسة الفصل والتشريد في بلاده

كانت سعادتي بالغة عندما اتصل بي أخي وصديقي العزيز سيف الدين النقرابي ليخطرني بعباراته المتواضعة المعهودة بأنه قد تمت ترقيته لمرتبة البروفيسور في ذاك اليوم. لقد سعدت لدرجة لاتوصف بهذا التقدير العلمي الرفيع لرجل لم تكن حياته مريحة ولا طريقه سهلة، بل واجهته من الصعوبات والعقبات ما لا يمكن تصوره، وعلى كل المستويات…لكن عزيمته وقوة شكيمته وعناده وإصراره كانت عونا له في التغلب عليها جميعا…وتحقيق الانتصار تلو الانتصار حتي ارتقي اليوم لأعلى مراتب التقدير العلمي والأكاديمي العالمي…ضاربا المثل والنموذج لشباب السودان بأنه رغم أهوال الطريق والأشواك المعيقة من كل نوع يمكننا ان نعيش بأمانة وشرف ونحقق النجاح والإنتصارات..
وددت اليوم أن أقدم له ولأسرته الكريمة تهنئتي الخالصة بترفيعه لهذه الدرجة الرفيعة….وأن اعبر له عن تقديري الشخصي، وأيضا تقدير النشطاء لما حققه ـ رغما عن معاناته والمعاملة القاسية التي لقيها من سلطة تجار الدين في بلاده ـ من إنجازات علمية رفيعة، ترفع عاليا من سمعة بلادنا في المحافل العلمية والأكاديمية على الصعيد الدولي.
أذكر أنه في أحد لقاآتنا في القاهرة أتيحت لنا معا فرصة تناول وجبة شعبية دسمة في أحد مطاعم القاهرة مع لفيف من الأصدقاء، وأن سيف الدين النقرابي أتحفنا في تلك الأمسية بحديثه الشيق المفيد عن كثير مما يتعلق بالأغذية وتكنولوجياتها بأسلوب سهل ميسر…. ولاشك أننا جميعا شعرنا وقتها بأنه بلاشك ذو معارف علمية نادرة ، وأنه بذلك علي اتم إستعداد للقيام بدور مهم في هذا المجال الحيوي في بلادنا إن اتيحت له الفرصة….
تخرج سيف الدين أحمد فرج الله النقرابي فى جامعة الخرطوم ـ كلية العلوم ـ قسم النبات وتحصل على التوالي علي شهادتين: شهادة الماجستير وشهادة الدكتوراه من نفس الجامعة في علم النبات (احياء دقيقة)، وعمل على صعيد التدريس الجامعي في عدد من الجامعات السودانية، وكان يحدوه أمل وطموح كبير في مواصلة مابدأه من جهد ليشارك في الإعداد العلمي والأكاديمي لأجيال قادمة من الطلاب والدارسين من شباب بلاده، وأن يتمكن من التعمق في البحث العلمي في المايكروبايولجي وهو علم أهميته كبيرة وبالأخص على صعيد الصناعات الغذائية ووسائل حفظها…
لكن سلطة المتاسلمين تجار الدين لم تتح له مثلما لم تتح الفرصة لغيره من اساتذة الجامعات أن يؤدي دوره في وطنه ومن أجل أبناءه…فقد بدأت سياسات التمكين البشعة والفصل من الخدمة والتشريد على نطاق واسع لم يسبق له مثيل…وتحول جهاز الدولة ليكون عصا غليظة تستغل لضرب الشرفاء والوطنيين، وليبقي المطيعين والمنتمين لسلطة العار حتي لو كانوا بلا تأهيل أو دراية بما يوكل إليهم….فسادت فترة من العبث والاستهتار والتردى في الخدمات وضعف بل إنعدام أي دور إيجابي تؤديه الإدارة وأجهزة الدولة.
كان اسم سيف الدين أحمد فرج الله النقرابي في أعلي قائمة المفصولين من الخدمة والتشريد بل وضعت أمامه كثيرا من العراقيل حتى في اتمام دراسته بصورة بشعة من ادارة الجامعة الاخوانية يعلم بها كل من عاصره في تلك الفترة بجامعة الخرطوم.
بعدها اضطر للسفر للعمل باليمن وعمل بجامعة تعز باليمن لمدة عامين بجواز منتهى الصلاحية، ففي سابقة خطيرة كانت السفارة قد رفضت تجديد جوازه نظرا لمواقفه الوطنية ورفضه لسلطة المتأسلمين. غادر بعد ذلك اليمن كلاجئ الى كندا حيث إستقر حتي العام 2000، وعايش كل ظروف اللجوء في كندا، البلد الذى قدم ه الكثير بعد مهزلة الفصل والتشريد من بلاده.
في كندا اتيحت له الفرصة للعمل خلال فترة ما بعد الدكتوراه في جامعة بروك متعاونا مع بروفيسور الن كاسل بقسم الاحياء ثم كمتعاون في نفس القسم لتدريس بعض الكورسات الاساسية زائد المتخصصة.. وأتيحت له أيضا فرصة العمل كأستاذ زائر في جامعة وسترن بلندن كندا في معامل البحث العلمي الخاصة بالبروفيسر قريق ثورن..
في هذه الفترة اكتسب كثيرا من الخبرات على الصعيدين: التدريس والبحوث…وهذا ماأتاح له فرصة الالتحاق بالجامعة الوليدة والفتية بسلطنة عمان (جامعة نزوى) حيث تم إختياره كأستاذ مشارك بقسم الاحياء والكيمياء في العام 2007. في هذه الفترة واصل سيف الدين النقرابي تجربة التدريس في هذه الجامعة الجديدة، لكنه لم يحصر نشاطه فيها، بل قام بكل الجهود الضرورية لمواصلة تعاونه في مجال البحث العلمي مع جامعات كندا وجامعات في السلطنة أيضا. وتمكن من تأسيس اول معمل لأبحاث الميكروبيولوجي بالقسم، وهو اول معمل ابحاث في الكلية بعد مركز البحث العلمي المركزي بالجامعة.
تركزت أبحاث سيف الدين على عدة جوانب اهمها التحكم في سموم الفطريات المسرطنة التي تنتج في الاطعمة مثل الفول السوداني، وهي ابحاث قادت الى نتائج مبشرة نشرت منها عشرات الابحاث في عديد من المجلات العالمية المهمة. هذا بالإضافة إلي الاشراف على عدد من الطلاب امتد فيها تعاونه مع استأده البروفيسور عبد القادر الزين الشفيع الاستاذ بجامعة السلطان قابوس الذى كان يقول عنه سيف الدين أن له الشرف ان يكون مشرفا وابا له خلال مرحلة الدكتوراه. بالإضافة الى بروفيسور سيف البحري من جامعة السلطان قابوس وعدد من الباحثين من السودان و دول اخرى.
قبل عامين تم إختيار د. سيف الدين النقرابي رئيسا لشعبة الاحياء بالكلية. وقد أتاحت له فرصة وجوده بتلك المؤسسات العلمية ان يساهم في كثير من اللجان ذات الصفة الادارية والاكاديمية، وشارك بفعالية في معظم اعمال الاعتراف الاكاديمي حيث لعب الكثير من الأكاديميين دورا مهما في رفع مستوى الجامعة كجامعة ناشئة. وبناء علي ذلك لأبد من إعتباره من المؤسسين حيث فتحت ابوابها في عام 2004 والتحق بها هو في عام 2007.
وعلي صعيد خدمات الوسط الأكاديمي ساهم د. سيف الدين النقرابي كممتحن لعدد من طلاب الدراسات العليا بعدد من الجامعات بالإضافة الى العمل كمحكم للعد كبير من المجلات العلمية العالمية زائد المشاركة في عدد من المؤتمرات العلمية المحلية و العالمية بالإضافة الى تدريب كوادر مختلفة في المجال ونشر المعرفة للعامة اصحاب المصلحة الحقيقية من نتاج البحث.

ونحن نتطلع لمساهمة مستقبلية من د. سيف الدين النقرابي وزملاء الكثيرين ـ الذين شردتهم سلطة الخرطوم ـ في تطوير وتنمية بلادهم التي أكثر ماتكون حاجة لهم. وذلك بعد أن عانوا الأمرين من سياسات الفصل من الخدمة في بلادهم وشردوا في بلدان العالم، لكنهم بإصرارهم وصبرهم وجهدهم الكبير تمكنوا من تحقيق انتصارات ونجاحات علمية ومهنية مرموقة ومهمة. ولعل كل هذا لن يحدث إن لم يتم إجتثاث سلطة تجار الدين من جذورها لتزول الماساة الإنسانية الكبري التي ترزح تحت نيرها بلادنا….,حتما سيعود يوما قريبا سيف الدين النقرابي وزملاءه للمساهمة في عملية البناء الكبري بعد الدمار والخراب الهائل الذى حل بها.

د. حسين إسماعيل نابري
التجمع العالمي لنشطاء السودان بمواقع التواصل الإجتماعي “رياس”
باريس ـ فرنسا

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بالإضافة لما ذكره دكتور نابري فالبروفسور سيف الدين النقرابي إنسان سوداني بمعنى الكلمة و شهم و تحس رغم شهاداته العلمية أنه “تربال” ريفي يحمل كل صفات النبل الريفي الأصيل إضافة إلى روحه المرحة و قفشاته التي لا تنتهي و لا تمل مجالسته. فالأخ سيف الدين النقرابي عالم في معمله تربال في تعامله يحمل السودان في دواخله تحبه من أول لقاء و يحبك هو من “أول نظرة” فلا أدري كيف تفرط جامعة الخرطوم في مثل هذاالعالم الفذ. أحييك بروفسور سيف و أهنئك مرة أخرى و أشكر دكتور حسن نابري الذي لم ألتق به و لكني سمعت عنه من سيف النقرابي و أتمنى أن ألقاه فقد صدقت يا دكتور في كل كلمة قلتها عن هذا العالم.

  2. سيف الدين أذكره فى جامعة الخرطوم فى ثمانينات القرن الماضى عندما كان طالبا بكلية العلوم قسم الاحياء و كنا فى نحن فى قسم الرياضيات و هو يتقدمنا بعام واحد. كان الاخ سيف بشوش ومرح و قل ما تجده غاضباً بل اذكر حفلات الجامعة و خاصة تلك التى يشارك فيها الفنان ابو عركى و كيف كان الاخ سيف يتفاعل مع أغنية التوب و الأغانى الحماسية الاخرى بطريقة تجعل الطلاب يصيحون و يقوم الجميع لتقليد الاخ سيف فى حركاته وهم فى قمة الحماس لدرجة انهم لو كان لديهم سيوف لاخرجوها و حتى فى داخليات البركس يقوم البرالمة بعمل حفلات افتراضية لمحاكاة الاخ سيف. زمان يا زمان كان جميع طلاب جامعة الخرطوم صغارا رجالا ابطالا و طالبات صغيرات كبيرات فى منتهى رجاحة العقل.

  3. بالإضافة لما ذكره دكتور نابري فالبروفسور سيف الدين النقرابي إنسان سوداني بمعنى الكلمة و شهم و تحس رغم شهاداته العلمية أنه “تربال” ريفي يحمل كل صفات النبل الريفي الأصيل إضافة إلى روحه المرحة و قفشاته التي لا تنتهي و لا تمل مجالسته. فالأخ سيف الدين النقرابي عالم في معمله تربال في تعامله يحمل السودان في دواخله تحبه من أول لقاء و يحبك هو من “أول نظرة” فلا أدري كيف تفرط جامعة الخرطوم في مثل هذاالعالم الفذ. أحييك بروفسور سيف و أهنئك مرة أخرى و أشكر دكتور حسن نابري الذي لم ألتق به و لكني سمعت عنه من سيف النقرابي و أتمنى أن ألقاه فقد صدقت يا دكتور في كل كلمة قلتها عن هذا العالم.

  4. سيف الدين أذكره فى جامعة الخرطوم فى ثمانينات القرن الماضى عندما كان طالبا بكلية العلوم قسم الاحياء و كنا فى نحن فى قسم الرياضيات و هو يتقدمنا بعام واحد. كان الاخ سيف بشوش ومرح و قل ما تجده غاضباً بل اذكر حفلات الجامعة و خاصة تلك التى يشارك فيها الفنان ابو عركى و كيف كان الاخ سيف يتفاعل مع أغنية التوب و الأغانى الحماسية الاخرى بطريقة تجعل الطلاب يصيحون و يقوم الجميع لتقليد الاخ سيف فى حركاته وهم فى قمة الحماس لدرجة انهم لو كان لديهم سيوف لاخرجوها و حتى فى داخليات البركس يقوم البرالمة بعمل حفلات افتراضية لمحاكاة الاخ سيف. زمان يا زمان كان جميع طلاب جامعة الخرطوم صغارا رجالا ابطالا و طالبات صغيرات كبيرات فى منتهى رجاحة العقل.

  5. التهنئة للصديق العالم البروفيسير سيف الدين النقرابي على ماسجله من نجاحات، فهي فى نظري أفضل نموذج يقدم اليوم لشباب السودان الذي يعاني من ظروف قاسية صعبة فرضها عليه واقع سلطة تجار الدين…النجاح ممكن بل ضروري لتأمين مستقبل افضل لا للناجحين وحدهم ولأسرهم، بل لبلادهم المكلومة التي يجب أن تعاد صياغتها وبناءها من الصفر من جديد…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..