اعتقال ….زهرة ابراهيم….!!!

.
حياتها مثل كل الذين جلدتهم ظروف المعيشة الجبارة، قد تشربها الفقر الذى نادرا ما يترك مجالا للانبساط…. طعم حياة جافة تكاد زهــرة ان تتذوق مرارتها، فى حلقها اليابس هم لقمة العيش الخانق…يحاول البعض ان يجد لنفسه سبيل مــــا .. لتخفيـف عبأ الحـــمل الذى يهد الحيل… اكثر مما هو مهدود، البعض يحاول ان… ينفد بجلده هربا …اتقاءا شر مواجهة غير متكافئة من سوق يتعملق وجيوب تضمر… وحياة تتعقد… انه الواقع الاليم للاسف….ما اكثر تعقيدات حيـاة فى بلد …لايترك للمواطن البسيط ، خيارات لعيش كـــريم يمكنه ان يعتمد عليه… بل غالبا ما يتركه لظروفه الخاصة فاما ان يهلكه الجوع والمرض او يسلبه حقــــوقه ومقدراته البدبهية … فتسحقه الهمــــوم… والحسرة.. وفى الحـــالتين المواطن… هو الضائع الاكبر…
ولم تتعلم حكوماتنا رغم انها تعد من الحكومات المعمرة لم تصقلها التجارب ولم تضيف لها سنوات كهولتها وشيخوختها حنكة وخبرة فى ادارة شئون البلاد ولم تتعلم مبــــادىء التقدم والحرية… وتقدم الانسانية من حولها والسير الى الامام ولم يتعلم اى المسؤول ان المسؤول الحقيــقى هو الذى يحتم عليه ضميره خـــدمة الـــوطن لا ليعيش لنفسه .. ولـــم تعرف حتى اليوم… ان الربيـع العربى لم يتمخض الا بعد ان ضاقت… المنافذ… بالشعوب فخلعت جلاديها رغم… انوفهم ….
زهرة تراقب …بعيونها المرهقة المنهكة وقد كست جفــــونها هالة سوداء… أيــاديها المعروقة … الغبشاء التى تشققت من الم الكدح ..وشقاء العمل حتى اخشوشنت اطـراف اصابعها ..ولم يتذكر جسدها متى عرف ….نعومة الانثى وغنج النساء…وربما قد نسيت ملامحها وتقاطيعها… وهى لم تنظر الى وجهها فى المراة. منذ اسابيع ولربما شهورخلت لترى التضاريس والتغيرات… وماتفعله الهموم … بل تكاد تنسى … فى ساقية …شقائها المستمر….انها امرأة …
لسان حالها ينادى … احيـانا كانما يستجدى المارة فى السوق ، وامامها كســــرتها حتى تبيع منها ما تيسر … ما اطول نهاراها …المحفوف بالتعب … تجلس يومها… تنتظر من يشترى انتاجها.. او بعض شىء منه، عسى ولعل ان تتمكن من اطعام …الافواه الجائعة التى تنتظر عودتها بفارغ صبر…ابوين مريضين مقعدين.. وابناء لم يبلغوا الحلم… بيت قديم متهالك، يكاد سقفه ان يقبل الارض… باب مهترىء ونوافذ مخلوعة.. اه من تعبها الممتد فيها ومعها لقداكل كل شبابها ….كما تاكل نيران كسرتها الحطب الذى توقــده بها
نعم تبدأ يومها من بواكير الفجر قبل ان تستيقظ الشمس ، لتستهل صباحاتها… بصناعة الكسرة التى شاءت… اقدارها ان تكون مصدر رزقها … فى ايام محفوفة بالغلاء الطاحن والايام لا تعير امثالها رقة شفقة.. او عاطفة رحمة ..وغالبا ما تسحق…. البسطاء تحت وطأة النسيان …بين رماد الاهمال….
لم تكن زهرة تمتلك من السوق العريض المكتظ ..ولا حتى المكان الذى تبيع فيه كسرتها
لا يكاد يمضى عليها النهار… الا وهى فى شد وجذب … فــاول النهار… يزورها موظـــف الصحة …ولا ينتهى جدله معها الابعد ان تمنحه بقشيشا مفروض لا يتنازل عن المبلغ ولا سوف يقوم بمصادرة كسرتها … ولاينتصف النهار وتجد زهرة المغلوبة على امـــــرها امامها موظف الضرائب ولا يتزحزح من مكانه الابعد ان يأخذ مبلغ ثم موظف …المحلية …وادارة السوق…الخ …..
كان ذلك اليوم استئنائيا فى حياة المواطنة زهرة ابراهيم ..لايشبه بقية الايام الاخرى … وكعادة زهرة جلست وامامها كسرتها …تنتظر الزبائن…ولم تبيع شىءفازداد.. احساسها بالعوز.. وحاجتها الملحة لمال لعلاج والدتها …وحاصرتها التزاماتها الكثيرة ..بالهموم ثم تذكرت الظلم الذى تواجهه من موظف الصحة والضرائب والمحلية وخلافه فاحست بغصة تقف فى حلقها …. وقبل تجفف دمعتها من خدها…جاءها موظف الصحة قائلا بكل تهكم وازدراء… زهرة وين حقنا ولا حا اصادرمنك كسرتك…!!
اجابته زهرة.. من وين …من وين ياحرامى اجيب ليك قروش وانا ….مابعت حتى الان شيئ…!!
اجابها بكل استهجان واستعلاء … شوفى يابت الناس تبيعى ما تبيعى دا ما يخصنى … يا تدفعى لى قروشى كاملة …ولا اصادر منك كسرتك … وانت عارفة القانون معاى..!!
اسودت الدنيا فى عيون زهرة المسكينة …وبدون تفكير اخذت مقعد الحديد وبكل ما اوتيت من قوة هوت به على رأس موظف الصحة الذى صاح باعلى صوتـــه ثم سقــــط معــشيا عليه… يتشحط فى دمــه… وهــكذا تم القبض على المواطنة زهرة ابراهيم ..وايداعـــها فى سجن النساء بتهمة الاعتـــداء على موظـف الحكـــــومة…. اثناء تأدية واجبه … !!!
ابتسمت زهرة ابراهيم بمرارة المظلوم ….وهى تتمتم خالقنا رازقنا… والماعنــدو ضـــهر بنضرب على بطنو…..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وعامل درداقة ايضا بالسوق الشعبي امدرمان، قام بنفس الدور. لكنو عملها (نجيضة)..؟؟.. سلم الموظف الذي كان يطارده الى الآخرة مباشرة،
    مثل هؤلاء الذين يعملون في هذه الاعمال الهامشية البسيطة، يجب دعمهم ومساعدتهم وخاصة من يعولون الاسر، ولكن الجشع والفساد لم يترك مجالا للرحمة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..