الرئيس البشير يضع نظامه في قفص الاتهام

نفي الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن يكون السودان قدم أية دعم عسكري, أو تسهيلات لبعض أطراف الصراع في مصر, و المقصود هنا أنهم يدعمون الحركة الإسلامية المصرية التي تعرضت لتجريد من السلطة, من قبل القوات المسلحة المصرية, و التي انحازت إلي جانب المعارضة التي تقف في خندق مواجه لجماعة الأخوان المسلمين, و لكن سيظل السودان موضع أية اتهام إذا حدث في مصر عنف ضد الدولة, و يأتي الاتهام من خلال, تصريحات الرئيس البشير أثناء الثورة الليبية, حيث صرح الرئيس البشير أنهم دعموا الثورة الليبية بالسلاح, بهدف إسقاط النظام في ليبيا, ثم كرر هذا التصريح في أماكن مختلفة, و بدأت تلوكه قيادات الإنقاذ, هذا التصريح يجعل الشك قائما, باعتبار إن النظام في السودان لديه استعداد في تقديم مثل هذا الدعم, و بالتالي تكون ألسنتهم و سؤ البصيرة السياسية قد أوقعتهم في شبكة الاتهام, هذا الاتهام لم يكن صادرا من المعارضة السودانية بكل أنواعها, أنما اتهام أكده الرئيس بعظمة لسانه, كما هناك بعض الحوادث تؤكد ذلك في التاريخ, عندما ضربت بعض العربات في شرق السودان, و يقال أنها كانت تحمل سلاحا يهرب داخل الأراضي المصرية, كل هذه حوادث تتداعي مع بعضها البعض.
عندما كانت تندلع مظاهرات الربيع العربي في بعض الدول, و تتهاوي الأنظمة الديكتاتورية أمام حناجر الجماهير, كانت قيادات الإنقاذ ترتجف خوفا من أن تندلع المظاهرات في الخرطوم في أية لحظة, و لذلك كانت القيادات و علي رأسهم الرئيس البشير يبحثون عن وسائل تقيهم حدوث المظاهرات في الخرطوم, لذلك كانوا يرددون أنهم هم جزء من هذه الثورات, و أعلنوا أنهم قدموا مساعدات للثوار في ليبيا, محاولة منهم لامتصاص الغضب الجماهيري, و هذا التصريح بمد الثوار بالسلاح يجعل النظام موضع اتهام, خاصة بعد دعوة قيادات الأخوان للخرطوم و دعوة الرئيس المصري, و إعلانهم أنهم قد توصلوا معهم إلي رباط إستراتيجي, و منحوهم ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة في البلاد, رغم إنهم حرموا منها أهل البلاد القادرين علي الزراعة, كل تصريحات الدعم المسلح تجعل النظام موضع اتهام حقيقي, رغم إن الدول التي قدمت دعما حقيقيا للثوار في كل بلاد الربيع العربي, لم يخرج من قياداتها واحدا يؤكد إن بلاده تدعم هذه الثورات, رغم إن العالم كله يعلم دعمهم للثورات, و هذه هي حكمة الذين يفهمون السياسية, في كيفية التعامل بأسسها, بأن لا تورط بلدك من خلال مستمسك و بينة تضعك في التاريخ موضع اتهام.
ثم خرج مسؤول التنظيم في حزب المؤتمر الوطني, و يقول في تصريح إن موقف حزبهم غير رمادي من الذي يحدث في مصر, و أنهم يتطلعون إلي أن تكون علاقتهم جيدة مع أية نظام يأتي في مصر, ثم خرجت وزارة خارجية النظام بتصريح, تقول إن ما يحدث في مصر هو شأن داخلي, و لكن تأتي الحركة الإسلامية و تتخذ موقفا مخالفا لذلك و تعتقد أنه انتهاك للشرعية, و معارض للمبادئ الديمقراطية الصحيحة ” يا حرام و ما حدث في السودان بيد عمرو أم الشيطان” و لا تقف عند ذلك الحد بل تذهب ابعد من ذلك, عندما تعطي أجهزة الأمن تصريحا لأعضاء ذات الحركة الإسلامية بالتظاهر ضد ما يحدث في مصر, و يتوجهون إلي السفارة المصرية بالخرطوم, و كما ذكر العديد من الكتاب السودانيين, إن السلطة ترفض للمعارضة الخروج للتظاهر رغم أنه حق دستوري كتبه النظام بيد قياداته, و لا اعتقد إن المؤتمر الوطني يستطيع أن ينفي إن رئيس الحركة الإسلامية في السودان و بموجب قرارات مؤتمرها الأخير هو الرئيس البشير, و بالتالي الموقف السياسي للرئيس البشير هو رفض الوضع الجديد في مصر, و دعم المتضررين منه و مساعدتهم, خاصة تربطهم علاقات إستراتيجية مع بعضهم البعض ” أيه هذه المواقف المتناقضة و التي لا يقبلها العقل” و بما إن الحركة الإسلامية هي التي تمثل المرجعية الأساسية للنظام, يكون الموقف السياسي للنظام ضد ما هو قائم في مصر.
و رغم ما ذكرت سابقا إن ما حدث في مصر انقلاب عسكري, مهما حاول الليبراليون المصريون تبريره و لوي عنق الحقيقة, لآن الديمقراطية لا تصنع بالدبابات و لا بقعقة السلاح و انتشار العنف, أنما الديمقراطية هي التزام بالقانون و وعي الجماهير و التظاهرات و الاعتصامات السلمية لآن الهدف هو إن تجعل سلوكك و تصرفاتك و ممارساتك تقوي الثقافة الديمقراطية و ترسخ مبادئها في المجتمع, و هذا لا تصنعه البزة العسكرية, و لكن ما حدث في مصر لا اعتقد أنه سوف يرجع العجلة للوراء, و لا اعتقد إن القوات المسلحة سوف تتراجع عن موقفها, و سوف تجد تأييدا من الليبراليين, و سوف يسوق النظام عالميا, و بالفعل قد وجد ترحيبا من أغلبية الدول النفطية, و حتى قطر لم تتخلف عن دعم النظام الجديد, و هذا التحول الجديد في المسرح السياسي في مصر لا اعتقد في مصلحة الإنقاذ, إن الإنقاذ التي حاولت إن تتوصل إلي رباط إستراتيجي مع جماعة الأخوان في مصر, باعتبار إن الأخوان سوف يحكمون مصر منفردين, و سوف يضيقون علي المعارضة السودانية, هذا لن يحدث في المستقبل, و الواقع في مصر أصبح في مصلحة المعارضة السودانية, حيث إن المعارضة تحتاج إلي إعلام يوصل صوتها إلي الشعب السوداني في ظل احتكار الدولة للإعلام, و سوف يجد الليبراليون السودانيون مساحات كبيرة في القنوات المصرية, و هذا أمر سوف يؤدي إلي تعديل المعادلة السياسية القائمة, و إذا ظلت قيادات الإنقاذ في غيبوبتها دون قراءة صحيحة للواقع المتغير في الإقليم لا محال أنها سوف تواجه تحدي قويا في المستقبل القريب, إن الأيام المقبلة سوف تشهد مواجهات حقيقية بين السلطة و المعارضة, و لا تمنعها القبضة الأمنية القائمة الآن, فالتضييق علي الحريات و منع الكتاب و مصادرة الصحف و التضييق علي الصحافيين, تجعل السودانيين يبحثون خارج الحدود لوسائل تساعدهم علي النضال, و لن تفيد اتهامات الحكومة للمعارضة أنها تنفذ أجندات خارجية, فهي التي تدفع الناس للبحث خارج حدود الوطن, و لا اعتقد هناك خيانة أكبر من انفصال البلاد, و تضيع ثلث أراضيها, و السكوت عن أخري محتلة.
و في ذات السياق, قد وصلتني دعوة عبر بريدي الالكتروني, من قبل بعد الديمقراطيين السودانيين, يطالبون فيه من بعض النخب السودانية التواجد في مصر, بهدف فتح حوار سياسي و ثقافي مع مجموعات الليبراليين و الديمقراطيين المصرين, بهدف كيفية تهيئة المناخ في المنطقة لترسيخ المبادئ الديمقراطية و مواجهة التيارات الديكتاتورية, و إن خلق علاقة بين الليبراليين و الديمقراطيين في كل من مصر و السودان سوف تساعد علي نشر الثقافة الديمقراطية و محاصرة الأفكار غير الديمقراطية, و اعتقد إن الحوار في حد ذاته مهم لكلا الجانبين, و هذه ليست أول مرة يحدث فيها حوار بين النخب السودانية و المصرية, أنما حدثت حوارات عديدة في التاريخ المعاصر, كما هو معروف تاريخيا, إن جزءا كبيرا من النخب السودانية في منتصف القرن الماضي كانت تربطهم علاقات وطيدة مع القوي السياسية في مصر, الأمر الذي هيأ لدخول أفكار جديدة في الساحة السودانية, و ربما يكون التاريخ يعيد نفسه, و لكن بطرق أخري, و نسأل الله التوفيق.
زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email][email protected][/email]
يكفي ان نظام البشير سمح بقيام مظاهرة يقودها السنوسي لتاييد مرسي ومعلوم ان النظام لا يسمح بقيام مظاهرات الا اذا لاقت هوي في نفسه!
أستاذ زين العابدين صالح حينما يجمع أكثر من 30 مليون مصرى على رفض الرئيس مرسى ويخرجون الى الشارع ثم لايستجيب كما فعل الرئيس عبود فى السودان ومبارك فى مصر ذاتها فلا بد للجيش من التدخل وحسم الامر حتى لا يتفاقم ويحصد الارواح كما يحدث الان فى سوريا وقبلها فى اليمن وليبيا فخروج الملاين من الشعب على اى رئيس استفتاء لايختلف كثيرا عن صناديق الاقتراع التى اتت به فهذا الشعب وداخل الصناديق اصوات ذات الشعب