
(١)
السيد رئيس الوزراء السودان الدكتور عبد الله حمدوك، لا شك ان خبراتك الثرة ومؤهلاتك العلمية المرموقة هي التي دفعت قوي الحرية والتغيير بان تضع ثقتها في شخصك لقيادة الحكومة الانتقالية ريثما يتم ارساء دعائم السلام والاستقرار والحرية ومبادئ حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون. وتجدر الاشارة الي ان هذه المبادئ السامية ظلت أشواقاً وتطلعات لجماهير الشعب السوداني التي قادت الثورة فاقتلعت نظام المؤتمر الوطني الذي اذاق الشعب السوداني أفانين البطش والتنكيل ثلاثين عاماً. ومهما يكن من امر فانه يبدو جلياً للمراقب المشهد السياسي ان الحكومة الانتقالية هذه، تواجه تحديات كبيرة وجسام والتي تتمثل في التركة الثقيلة نتيجة للسياسات الحمقاء التي كان نظام المؤتمر الوطني البائد ينتهجها، مما احدث خراباً ودماراً للبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السودان بشكل غير مسبوق ،وقد قامت قيادات النظام المنحل بممارسة الفساد من سرقة ونهب للمال العام.
(٢)
وتبعاً لما سبق الذكر فقد كان الدين يمثل القوة الباطشة التي استخدمتها الجبهة الإسلامية القومية منذ انقلابها علي السلطة السياسية في السودان في ٣٠ يونيو ١٩٨٩، وذلك من خلال حروب جهادية لأسلمة واستعراب القسرين لشعب جنوب السودان وفرض الوحدة بفوهات البنادق واسنة الرماح .تلك السياسات كانت القشة التي قصمت ظهر السودان فانفصل الجنوب في يوليو ٢٠١١. فيما ظلت منطقة ابيي رهينة تحت قبضة القوات المسلحة السودانية ومليشيات الدولة العميقة، فشعب دينكا نقوك ما انفك يتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان ،والتي تتمثل في عملية التهجير القسري ومن ثم استيطان جماعة المسيرية الرحل داخل حدود منطقة ابيي بهدف التاثير علي ايً استفتاء محتمل يجري في المنطقة. وبطبيعة الحال يعد هذا النهج انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
(٣)
سيدي الرئيس. ان معالجة القضايا العالقة بين دولتي السودان لابد ان تضع في صدارة أولويات حكومتك الانتقالية كما جاءت في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩، في الباب الرابع ،المادة العاشرة ، البند الخامس ( معالجه كل القضايا العالقة بين دولتي الجنوب والشمال بما يفتح الطريق لإعادة العلاقات على أسس جديدة وراسخة ) ومما يجدر الذكر في هذا المضمار ان قضية منطقة ابيي تمثل احدي هذه القضايا العالقة. ولعل سياسات نظام المؤتمر الوطني البائد كانت العقبةً الكؤود ،حيث لم يجر استفتاء لدينكا نقوك حسبما ورد في برتوكول حل نزاع ابيي، مايو ٢٠٠٤، والذي أشار بصورة واضحة وجلية بان يجري استفتاء لعشائر دينكا نقوك والسودانيين الآخرين المقيمين في المنطقة إقامة دائمه ويكون هذا الإجراء، تزامناً مع استفتاء جنوب السودان في يناير ٢٠١١، بيد ان هذا الأمر لم يحدث نسبةً لنكوص وتعنت حزب المؤتمر الوطني وقد خرق الاتفاق، ثم اشعل الحريق في المنطقة في مايو ٢٠٠٨،ومايو ٢٠١١ كما شرد الألف من المواطنين من ديارهم. مجمل القول ان هذه السياسات قد دقت الإسفين بين الحلول المطروحة لوضع النهاية الأكيدة لمعاناة شعب دينكا نقوك.
(٤)
سيدي الرئيس الدكتور عبد الله حمدوك، بناء علي ما تقدم في هذه التوطئة نتقدم لسيادتكم باعتبارك. رئيسا وقائداً لاعلي سلطة تنفيذية في الدولة السودانية بالمطالب الآتية :-
اولاً :- فتح حوار سياسي مع قيادة دينكا نقوك ابيي ، وذلك من اجل ترتيبات انتقالية جديدة في المنطقة تمهيدًا لتنفيذ مقترح الاتحاد الأفريقي سبتمبر ٢٠١٢، والذي يقضي لوضع الحل النهائي لقضية ابيي.
ثانياً : – ان تلتزم الحكومة الانتقالية بالقرار القضائي الذي اصدرته محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي ٢٢ يوليو ٢٠٠٩ برسم حدود عشائر دينكا نقوك التسع التي حولت الي مديرية كردفان من قبل الإدارة الاستعمارية البريطانية عام ١٩٠٥. وهو القرار الذي قبله دينكا نقوك علي مضض بالرغم من انه في واقع الأمر كان ظالماً في محتواه، حيث تم تقليص حدود ارض دينكا نقوك من ١٨٥٠٠ كيلو متر مربع، الي ١٠٠٠٠ كيلو متر مربع. فأمست حدود منطقة ابيي من الناحية الشمالية عند خط العرض ١٠ درجات و١٠ دقائق ،بدلاً من ١٠ درجات و٣٥ دقيقة شمالاً.
ثالثاً :- ان تلتزم الحكومة الانتقالية بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي ٢٠٤٦ لسنة ٢٠١٢ والذي يلزم القوات المسلحة السودانية ومليشيات الدولة العميقة التي تحتل حقول النفط في منطقة دفرا (كيج ) التابعة لدينكا نقوك بالانسحاب، اذ ان وجود هذه القوات يشكل خرقاً للقرارات الدولية.
(٥)
رابعاً:- ان تلتزم الحكومة الانتقالية بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي ٢٤٤٥ لسنة ٢٠١٨ والذي يدعو دولتي السودان للاعتراف بإدارتين منفصلتين احدهما، في منطقة ابيي تحت إدارة دينكا نقوك والاخري في مدينة المجلد تحت إدارة المسيرية.وهذا من شانه ان يجنب هذه المجتمعات دوامة العنف والمواجهات الدموية.
خامساً :- سيدي الرئيس ان استمرار انتهاكات لحقوق الإنسان في منطقة ابيي قد يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين اذ ان هجمات مليشيات الدولة العميقة علي المواطنين وحرق القري في شمال ابيي ربما يعكر صفو العلاقات بين دولتي السوداني مما يدخلهما في نزاع مسلح،وعليه نطالب سيادتكم بالتدخل واتخاذ إجراءات من شانها وقف هذه الاعتداءات ونزيف الدم.
سادساً:- سيدي الرئيس نطالب بالسماح لشعب دينكا نقوك برفع دعوة جنائية امام النائب العام السوداني ضد الرئيس المخلوع عمر البشير ورموز من قبيلة المسيرية، حيث تشمل القائمة كل من عبد الرسول النور، الدرديري محمد احمد ،مهدي بابو نمر،الخير الفهيم المكي، محمد الصالح الصلوحة، الدكتور ابو القاسم قور حامد والدكتور سليمان محمد الدبيلو، وذلك قصاصاً عن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي قاموا بارتكابها في حق شعب دينكا نقوك منذ ١٩٨٩.
(٦)
سادساً :- سيدي الرئيس نطالب بإعادة فتح تحقيق جنائي مستقل حول ظروف التي اغتيل فيها السلطان كوال دينق كوال (كوال ادول) مايو ٢٠١٣ داخل حدود منطقة ابيي. كما نطالب أيضا بفتح تحقيق في ملفات الفساد والتي تتعلق بعائدات نفط منطقة ابيي منذ ٢٠٠٥، وهي ٢٪ حسبما جاء في برتوكول حل نزاع ابيي ٢٠٠٤، اذ لم يتلق دينكا نقوك ايً أموال من عائدات النفط حتي لحظة كتابة هذه الرسالة.
مشار كوال اجيط
محامي