محمود محمد طه،،العرفانية في الدين،،الانتهازية في السياسة.!ا

غسان علي عثمان :

(….ولكن الفكر ليس مضموناً أو محتوى وحسب.. هو أداة أيضاً: أداة لإنتاج الأفكار سواء منها تلك التي تصنف داخل دائرة الآيديولوجيا أو داخل دائرة العلم، بمعنى جملة مبادئ ومفاهيم وآليات تشكل فيما بعد العقل الذي (ن)فكر به الذي به (نـ)فهم ونحاكم ونؤول ونعترض..) إشكاليات الفكر العربي المعاصر- محمد عابد الجابري 2005م- ص 51

كثيراً ما يشتكي ويتشكى ويبدى أسفه وحزنه وإن كان لا يكتم (غبينته) لمن أداروا ظهور دفاترهم وأقلامهم لمشروع ظن ويريد مناصروه أن يظل يحتل الساحة إن وجد لذلك سبيلا، هو شعور بالذنب، بالمسئولية الأخلاقية تجاه من تركناهم (يصلبون) ووقفنا كالشبلي نداري خيباتنا أمام جسد الحلاج ونقول في تبجح مجاني (ألم أنهك عن العالمين)! وهذه هي حالة من أحب ويحب ويحابي المفكر الراحل محمود محمد طه (1909م- 1985م)، الرجل الذي لم يقف عن انتهاء الشفقة، وانتحاب الضمير فقرر في لحظة صدق أن ينال شرف النهاية التي اختارها هو، رحل بأمر من قلبه، ولن ننسى وقفته أمام جلاديه التي ذكرتنا بوقفة غيلان الدمشقي الذي رفض الانصياع لفكرة (الجبر) في السياسة واختار الحرية في الدين، وحينها لم يدخر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك وقتاً فقام بقطع يديه ورجليه وقتله وصلبه هذا لأنه عارض سياسة الدولة وفضل أن يعيش أبدا. هكذا كانت نهاية زعيم الجمهوريين محمود وأتباعه. ومن الواجب القول إن بعض الكتاب المهمين من أتباع محمود محمد طه يمارسون النقد الأدبي والسياسي والفكري عموماً، ويتعرضون لكثير من رموزنا الثقافية بالنقد وهذا بالطبع عمل علمي ضروري، ولكن المقلق في الموضوع أنهم لا يشيرون أية إشارة نقدية أو حتى اعتراضية على مشروع أستاذهم، وكأن الرجل فوق النقد!!، ولو يعلمون أنهم بمثل هذا الوعي يسيئون بل ويعملون على هدم جزء كبير من تراث الرجل، ولا أدري لماذا هذا الصمت عن ممارسة الفعل النقدي داخل مشروع محمود، ترى هل للأمر علاقة بما يكنونه للرجل من محبة وبالتالي يخشون أن يخدشوا وجهه وهو في نومته الأبدية؟ أم للأمر علاقة بالتقديس؛ تقديس الرجل واعتباره فوق اعتبار النقد، رغم أن أحدهم لم يتورع في كشف عيوب كثير من رموز الفكر والثقافة والأدب، لكنه كذلك يضعهم جميعهاً على مقياس الأستاذ محمود باعتباره النموذج الأخلاقي الذي يٌحاكم ويتحاكم إليه الآخرون..

وقد كنت كتبت قبلاً محاولة لاستنطاق نص الدكتور النور حمد، الكاتب البار لعلمه، الفياض في التفكير بعمق، حول كتابه (مهارب المبدعين)، ورغم أن الرجل لم يكلف نفسه عناء الرد وهذا حقه بالطبع، إلا أنني كتبت حينها (..لم يستطع النور الذهاب بعيداً لينأى بنفسه “نوراً حمدياً” خاصاً، بل لم يستطع أن يحلق في فضائه الخاص، وشاهدنا؛ إنه ما أنفك يبشر بمشروعه مستشهداً بالجمل التفسيرية التي ابتدعها أستاذه، ذلك في شرح ماهية الحرية، وعن أصل الوجود وطبائع التدين، وإنسانية الفعل..إلخ، وفي كل ذلك كانت قولته (محمود) هي الفيصل في الحكم على الآخرين)، صحيح فقد شيد النور كتابه على أساس من قيمة عليا؛ قيمة أخلاقية أعلى ممن تناولهم بالنقد ولكن نقد محب، وكما قال الطيب صالح، ما أجمل النقد بمحبة، ولكن إن كانت هذه المحبة تعمي البصيرة النقدية وتجعلها في مقام التهليل الدائم والقبعات المرفوعة فحينها ستتحول مناهج النقد إلى مداهنة مجروحة النية، فهل وقع الإخوة الجمهوريون في هذا الفخ؟

محمود محمد طه رجل (كتّاب) ألف عدد من الكتب تنوعت بين رؤاه الدينية المسماة تجديدية وأخرى في راهن ما عاصره رداً ونقداً واستهزاء بما لدى الآخرين، وليس في ذلك من إشكال، لأن الكتابة فعل للمجابهة الناعمة، وإن كانت في واقع الحال أقوى وقعاً من اللطم على الخد الأملس ، وأشد من مياه تأتي مؤتمة لتقلق يقين المحبوسين، وما يستوقف قارئ هذه الكتب والمؤلفات هو غياب المنهج الواضح المحدد، ونقصد هنا الرؤية الكلية لما يسعى في تصديره لقارئه، فمحمود (رسالة الصلاة 1966م – طريق محمد 1966 – والإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين 1969م) يتحرك بشكل مرتب وفق تمائمه العرفانية القائلة بوجود حقيقتين للنصوص الدينية، وبوجود عالم آخر للأفكار، وهو امتداد طبيعي للحلاج؛ الحلاج الذي شغل المفكرين والأدباء فرأى البعض أن قيمة الرجل في تمرده على السلطان السياسي، فعل ذلك صلاح عبد الصبور في مسرحيته “مأساة الحلاج”، وآخرون وضعوا الرجل في مقام المفكر الحر المبدع، قام بذلك الشاعر الهندي محمد إقبال (1877-1938م)”، في ملحمته بالفارسية “جاويدنامه- كتاب الخلود”، والتي قامت بعرضها المستعربة (آنا شميل). كما لا ننسى المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون (1883 -1962م)، الذي عاش الحلاج فكراً، والذي يظل هو الرمز الأكبر في دراسة الحلاج ودراسة التصوف الإسلامي، فقد رأي ماسينيون في الحلاج تجسيداً للمسيح، ومن أهم أعماله نشره لكتاب “ابن باكاويه” “أخبار الحلاج” بعون من كراوس في 1936م هذا وقد غاب محمود عن نصوص أدبائنا وكتابنا، إلا اللهم من نعوه وفرشوا الثوب الأبيض على قبره دون أن يكملوا تراتيل الرحيل، وهنا تجدني أتفق تماماً مع ما يردد حول تغييب (متعمد) للرجل من دفاتر الحراك السياسي والاجتماعي، وهذا ما كتبه الأستاذ عبد الله البشير في بعض مقالاته، مردداً التساؤل المهم وهو لماذا لم تحفظت ذاكرتنا الثقافية والاجتماعية عن حضور محمود فيها؟ والرجل محق، هذا جانب، لكن الجانب المهم كذلك هو هل كان محمود مفكراً يجرب المعرفة على الواقع كما يعرض لذلك تلامذته ومحبوه؟ أم أن الرجل ما هو إلا شيخ جديد ينضاف لقباب الصالحين في عالم التصوف سودانية الجنسية والقانون؟ وهنا تكمن المشكلة في نظري، وهي كيف تم النظر للرجل ومؤلفاته، كتبه ومحاضراته داخل نسق الثقافة السودانية؟ بل كيف يتعامل وتعامل معه مريدوه أو تلاميذه، فالبعض ظل ينظر له كشيخ متغندد (من غاندي) يكره الحياة لشدة حبه لها، ويعذب جسده لفرط ولهه بالروح طليقة حرة، وآخرون فهموا جوهر ما كان ينادي به، وهو فكرة القيم الكلية للدين، والرجل في نظري حاول أن يضع فرقاً بين – بنية الدين – والذي هو الوحي والأخلاق الكلية، باعتبارها مقدسة، وبين بنية التدين التي قام البعض ويقومون حتى الآن بإلحاقها بالمقدس، وجعلهما شيئاً واحداً، وهذا لعمري تفكير عقلاني جدير بالنظر والتوقف. لكن للأسف لم يسمح لنا الرجل بالوقوف عند نقاط من التماسك في الطرح نحدد بها موقفنا من رؤاه الدينية والسياسية، فانظر إليه يقول في معرض التفريق بين بنيات التدين والدين (دي نقطة نحن نجد الحاجة للتمييز في دقتها، هي الشريعة والدين. برضوالحاجة الدرسوها الناس، ودايما يتناقلوها أنو الشريعة هي الدين، والدين هو الشريعة، ودا خطأ. الشريعة هي المدخل على الدين .. الشريعة هي بداية الدين اللي بيه أنت بتسير لى الله. هي الحد الأدنى .. هي الدين تنزل لأرض الناس .. النقطة اللامست أرض الناس من الدين، اللي أنزل من الله، في علياه، وفي اطلاقه، دي شريعة..) (الإسلام برسالته الأولى – الشريعة والدين)، هنا يتفق الرجل مع قولات بن عربي حول وجود ثنائية في الدين بين الشريعة كبنية منزلة للتدبير والفعل وبين الأصل الكلي للتوحيد والتعبد المرتبط بلفظة دين.

فمشروع محمود مشروع فرداني، لذا ظل الرجل ظاهرة غريبة داخل محيط الثقافة السودانية، فالعقل السوداني لا يعقل إلا في جماعة، ومحمود صادم هذا الوعي الجمعي خروجاً بأفكار غريبة في ذلك الوقت.
نواصل في الحلقة المقبلة، عن مشروع محمود السياسي الذي يقف على النقيض من مشروعه الديني، وكيف يتحرك الرجل بين الضفتين.. وهل بالفعل تم تغييبه؟ ولأي أسباب؟ ومن فعل ذلك؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. للاسف رغم الحشو بغرض استعراض مؤهلات اورنيك العضوية، في نادي المثقفاتية، الجلابي، تظل غير مؤهل لاستيعاب ولاحتي سطر واحد من تعاليم اخر رسل امون-رع، محمود، والسبب بسيط:

    انت من حيث المرجعية مستلب مربع للاسف، استلاب احتلال ثنائي، عربي، غربي، اي “نعومي ونجتي” زي ما بنقول!

    عشان كده شابكنا الجابري، الحلاج، والدمشقي، وماشابه!

    نجي لي غربة محمود، كابلغ دليل علي ودارنا نحن، وليس هو، الحالي:

    نعم، سقراط اعدم، او افلاطون بيع كرقيق، لانهم جابو لليونان كلام غريب من عند اسلاف محمود!

    الان ويالسخرية الاقدار، مرجعيتنا بفضل امثالك، من متغربي اليسار الجلابي، في جذورا، او بما انها غربية ،فهي يونانية الاصول، او بالتالي، او بحكم عصاب الاغتراب، الماثل، مصير محمود صادف او كان هو ذات مصير سقراط!

    نعم، سقراط حينها كان مستلب، استلاب ثقافة كوشية، او بالتالي كان غريب وسط اهلو او مرجعية ثقافتم الارية، او بالتالي اعدم، بجريرة افسادو للشباب!!

    وبذات الطريقة، وكما سقراط، ولكن من الموقع المقابل، نحن كمستلبي ثقافة عربية، غربية اعدمنا محمود، الاصيل الاوحد فينا، بي معني المتحرر الاوحد، فينا، من عصاب الاستلاب!

    وقع ليك؟

    في الختام، العاصروني في اداب الخرطوم، بيعرفو، اني افنيت سنيني في مقهي النشاط، كمعارض للفكر الجمهوري، باعتبارو، فلسفة اغريقية وافدة!

    عييييييييييييك!

    كلام اغرب من الخيال ولكن من عاصروني في نشاط الثمانينات، يعلمون هذه الحقيقة!

    كنت بجي جاري جري من محاضرات الفلسفة الاغريقية، لصاحبها، صديقي دكتور شداد،او طوالي لي ركن دالي والقراي!!

    فقط، لافاجا بعد ما جيت امريكا، انو بالعكس مايسمي بالفلسفة الاغريقية، هي بالاساس بضاعة نحن، او بالتالي هي بضاعة الاصيل محمود!

  2. الاستاذ الشهيد محمود مجمد طه هو باني السودان الجديد السودان الخارج من هوس القرن السادس الميلادي وهوس المتأسلمين هو السوط الذي الهب ظهر الطائفيه والاخوان المسلمين ومن قبل الغزاة المستعمرين ورفض بيع السودان مقابل حياته ومن قبل رفض المساومه علي الوطن
    سلام طبت يا محمود

  3. الشكر الجزيل لك كاتب هذا المقال ورحم الله الشهيد محمود محمد طه شهيد الإنسانية والديمقراطية .. محمود محمد طه تجربة فكرية لم تكرر مرة ثانية على تاريخ الدولة السودانية الحديث ..

  4. تحياتى
    مقال جميل , احب المقالات التى يعرف كتابها كيف يوجهون عرباتهم الفكرية
    انا ايضا اختلف مع الراحل الكبير محمود فى فهمى للاسلام , لكن فى قراءتي المتواضعة له وجدت ان هذه الكتابات تتوفر على منهج وا ضح ومحدد, وهو هدف قل ان تلمسه بهذه السهولة فى سط بناء فكرى بهذه الاهمية, وهذا الهدف هومحاولة لرصد رحلة الانسان الذى هو عند محمود فى مسير مستمر تلقاء الله . غير ان سهولة هذا وبداهته يجعل القارىء يظن( مثلك )انه لامنهج هنا وهذا هو ماأعيبه عليك كباجث يقع بمثل هذه السهولة فيما يمكن ان نعذر به قارىء عادى ليس من اهل التخضصص!!
    اعتقد ان محمود محمد طه ليس مجرد مفكر فقط , ولا هو سياسى فقط ولا هو مجرد شيخ فقط, ولكى يفهم يجب الاخذ فى الاعتبار كل ماسبق
    الزعم بأن محمود امتداد طبيعى للحلاج ليس صحيحا,ولو صح هذا لقلنا بذات المنطق ان البسطامى والسهروردى ووالخ ومن قبلهما الغزالي والنفرى يمثل كلهم امتدادات طبيعبية لبعضهم بعضا ,فقط على اساس اتفاقهم جميعا حول ذات التمائم العرفانية( حقيقة وشريعة وبطن وظاهر) الخ
    غير ان الاشارة الى العلاقة بين محمود والحلاج ستقود بالضرورة الى اجترار الاتهام القديم حول حلولية افكار السيد محمود , وهى فكرة يطرحها الفكر الحلاجى دون مواربة , بينما نجد ان فكرة الانسان الذى يرتقى بذاته عبر المجاهدة وتجويد الصلاة حتى يرق ويشف فى الطريق الى الله ,والذى ينتهى حيث لاحيث وعند عند ,هى فكرة اكثر اتساقا وقبولا فى محيط سنى ولكنه يقدر التصوف وكل المتصوفة هم بالضرورة اهل سنة وجماعة
    الجرأة الكبيرة فى تناول القضايا الاسلامية فى مجتمع شبه امى واقطاعي يسيطر على مقدراته احزاب الطائفية وطلائع الاستعمار انتجت نجاحا كبيرا وانتشارا للفكر الجمهورى على حساب تيار الاسلام السياسى ثم انتجت ايضا نوعا من الغيرة السياسية والفكرية هى التى ادت فى النهاية الى محاولة استئصال الفكر الجمهورى على يدالكيزان و نظام نميرى
    هذه الجرأة اعتقد انها دفعت بكثير من المثقفين الى البحث فى الفكر الجمهورى فكتير من الناس ممن سمع عن كتاب الرسالة الثانية فى الاسلام تحرق شوقا لقراءة ومعرفة هذه الرسالة الجديدة , ليجد انها ليست الا محاولة للاجتهاد المختلف بشكل ينعش الفكر الدينى فى قلوب المؤمنين به, هذه الجرأة فى التعبير عن الافكار فى محتمع غير ديمقراطى وغيرمتسامح , ويتميز بانخفاض المستوى الثقافى والفكرى كل هذا ادى بشكل من الاشكال الى غياب هذا المفكر من الذاكرة الثقافية السودانية

  5. ان ناتي متاخرين خير من ان لاناتي ابدا جميل ان نرجع ونراجع ونجلد انفسنا بسياط النقد التحية لكاتب المقال وكل من تجاوب معة سواء ان كان متفق اومختلف نحتاج لانعاش ذكرتنا بمثل هذه المقالات الرائعة

  6. الي المعجبين بمحمود محمد طه والذين لم يقرأوا كتبه وخدعوا بقدرته الفذة على المجادلة والملاحاة أقدم لهم ولكم جميعا هذا البحث الجميل وهو من اعداد الندوة العالمية للشباب الاسلامي الحزب الجمهوري في السودان
    إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي

    التعريف:

    هو حزب (*) سوداني أسسه محمود طه ليدعو إلى قيام حكومة فيدرالية ديمقراطية (*) اشتراكية (*) تحكم بالشريعة الإسلامية – كما يزعم – . ومبادئ الحزب(*) مزيج من الأفكار الصوفية الغالية والفلسفات المختلفة مع شيء من الغموض والتعقيد المقصود بغية إخفاء كثير من الحقائق أولاً ولجذب أنظار المثقفين ثانياً.

    التأسيس وأبرز الشخصيات:

    ? مؤسس هذا الحزب هو المهندس محمود طه الذي ولد عام 1911م وتخرج في جامعة الخرطوم أيام الإنجليز عندما كان اسمها (كلية الخرطوم التذكارية) عام 1936م.

    ـ يمتاز بالقدرة على المجادلة والملاحاة.

    ـ تعرَّض للسجن في الفترة الأخيرة من حياته، ثم أُفرج عنه بعد ذلك، لكنه قاد نشاطاً محموماً فور خروجه من السجن معترضاً على تطبيق الشريعة الإسلامية (*) في السودان ومحرضاً الجنوبيين النصارى ضدها مما أدى إلى صدور حكم بالإعدام ضده مع أربعة من أنصاره بتهمة الزندقة (*) ومعارضة تطبيق الشريعة الإسلامية.

    ـ أمهل ثلاثة أيام ليتوب خلالها، لكنه لم يتب، وقد أعدم شنقاً صباح يوم الجمعة 27 ربيع الثاني 1405هـ الموافق 18/1/1985م وعلى مرأى من أتباعه الأربعة وهم:
    1) تاج الدين عبد الرزاق 35 سنة، العامل بإحدى شركات صناعة النسيج.
    2) خالد بكير حمزة 22 سنة طالب بجامعة القاهرة ـ فرع الخرطوم.
    3) محمد صالح بشير 36 سنة مستخدم بشركة الجزيرة للتجارة.
    4) عبد اللطيف عمر 51 سنة صحفي بجريدة الصحافة. وقد أعلنوا جميعاً توبتهم بعد يومين وأنقذوا بذلك رقابهم من حبل المشنقة.

    الأفكار والمعتقدات:

    ? لهذه الحركة أفكار(*) ومعتقدات شاذة تنبو عن الحس الإسلامي وقد حدد زعيمهم الأهداف التي يسعون إليها بما يلي:

    ـ إيجاد الفرد البشري الحر ” الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول “.

    ـ إقامة ما يسمى بالمجتمع الصالح ” وهو المجتمع الذي يقوم على المساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية “.

    ـ المساواة الاقتصادية: وهي تبدأ بالاشتراكية (*) وتتطور نحو الشيوعية (*) (عندما كان لها طنين ورنين وقبل سقوطها الأخير) ولا ندري ماذا كان سيقول أتباعه بعد سقوط الشيوعية.

    ـ المساواة السياسية: وهي تبدأ بالديمقراطية النيابية المباشرة (*) وتنتهي بالحرية (*) الفردية المطلقة، حيث يكون لكل فرد شريعته الفردية (وهذا منتهي الفوضى).

    ـ المساواة الاجتماعية: حيث تمحى فوارق الطبقة واللون والعنصر والعقيدة.

    ـ محاربة الخوف.. ” والخوف من حيث هو الأب الشرعي لكل آفات الأخلاق ومعايب السلوك (ويعنى هنا مخافة الله) ولن تتم كمالات الرجولة للرجل وهو خائف، ولا تتم كمالات الأنوثة للأنثى وهي خائفة في أي مستوى من الخوف وفي أي لون من ألوانه، فالكمال والسلامة من الخوف ” رسالة الصلاة، ص62.

    ? نشأ الدين (*) ـ حسب زعمهم ـ من الخوف حيث يقول: ” ولما كان الإنسان الأول قد وجد نفسه في البيئة الطبيعية التي خلقه الله فيها محاطاً بالعداوات من جميع أقطاره فإنه قد سار في طريق الفكر والعمل من أجل الاحتفاظ بحياته، وقد هداه الله بعقله وقلبه إلى تقسيم القوى التي تحيط به إلى أصدقاء وإلى أعداء،ثم قسم الأعداء إلى أعداء يطيقهم وتنالهم قدرته، وإلى أعداء يفوقون طوقه ويعجزون قدرته.. فأما الأعداء الذين يطيقهم وتنالهم قدرته مثل الحيوان المفترس والإنسان العدو فقد عمد في أمرهم إلى المنازلة والمصارعة، وأما الأعداء الكبار والأصدقاء فقد هدته حيلته إلى التزلف إليهم بتقريب القرابين وبإظهار الخضوع وبالتملق، فأما الأصدقاء فبدافع من الرجاء وأما الأعداء فبدافع من الخوف، وبدأت من يومئذ مراسيم العبادة ونشأ الدين ” رسالة الصلاة ص 31.

    ? وسيلتة إلى تحقيق هذه الأهداف تكون بالعمل على قيام حكومة في السودان ذات نظام جمهوري فيدرالي ديمقراطي اشتراكي.

    ? زعم أنه تلقى رسالة عن الله كفاحاً بدون واسطة.

    ? زعم بأن الدين هو الصدأ والدنس، وقد قام في ظل الأوهام والخرافات والأباطيل التي صحبت علمنا بالله وبحقائق الأشياء وبما يمليه علينا الواجب نحو أنفسنا ونحو الله ونحو الجماعة.

    ? يقول بأن مستوى شريعة الأصول هو مستوى الرسالة الثانية من الإسلام وهي الرسالة التي وظف حياته للتبشير بها والدعوة إليها.

    ? يزعم أن محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الإنسان في سائر أمته إذ كانت له شريعة خاصة قامت على أصول الإسلام وكانت شريعة أمته تقوم على الفروع.

    ? يشير إلى أن الشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار، فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية، ولقد عاش المعصومُ يعني الرسول (*) صلى الله عليه وسلم الشيوعية في قمتها، كما يذكر ذلك في كتابه الرسالة الثانية ص 147.

    ? كان الجمهوريون يحرضون على خروج الأخوات الجمهوريات في تشييع الجنائز، وإذا اضطروا للصلاة فإن المرأة الجمهورية هي التي تؤذن في حضور الرجال!

    ? لا يولمون للزواج الجمهوري، ولا يضحون في مناسبة عيد الأضحى، مخالفة للسنة.

    ? الشهادتان: يقول زعيمهم في كتاب الرسالة الثانية ص 164ـ 165:” فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يجاهد ليرقى بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة،ولا يرى إلا أن الشاهد هو المشهود، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب ” قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون “.

    ? الصلاة: الصلاة بالمعنى القريب: هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة، والصلاة بالمعنى البعيد: هي الصلة مع الله بلا واسطة، أو هي صلاة الأصالة.

    ? يرون بأن التكليف في مرحلة من المراحل يسقط عن الإنسان لاكتمال صلاحه، إذ لا داعي للعبادة حينذاك. على نحو ما يقول غلاة الصوفية.

    ? يقول مؤسس الحزب:” ? ويومئذ لا يكون العبد مسيراً، إنما مخير قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله، فيكون حيًّا حياة الله، وقادراً قدرة الله، ومريداً إرادة الله، ويكون الله ” ـ تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيراً ـ وهذا هو مذهب الصوفية في وحدة الوجود.

    ? يقول رئيسهم: إن جبريل تخلف عن النبي (*)، وسار المعصوم بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة.. والنبي الذي هو جبريلنا نحن يرقى بنا إلى سدرة منتهي كل منَّا، ويقف هناك كما وقف جبريل حتى يتم اللقاء بين العابد المجرد وبين الله بلا واسطة، فيأخذ كل عابد مجرد، من الأمة الإسلامية المقبلة شريعته الفردية بلا واسطة فتكون له شهادته، وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه ويكون في كل أولئك أصيلاً.

    ? هناك أشياء لا يعتبرونها أصلاً من الإسلام كالزكاة والحجاب والتعدد.

    ? يرى زعيمهم ” بأن اللطائف تخرج من الكثائف، وعلى هذه القاعدة المطردة فإن الإنجيل (*) قد خرج من التوراة (*) كما ستخرج أمة المسلمين من المؤمنين، كما ستخرج الرسالة الأحمدية (أي الجمهورية) من الرسالة المحمدية، كما سيخرج الإخوان من الأصحاب “.

    ? يقول محمود طه عن القرآن الكريم: ” القرآن موسيقى علوية، هو يعلمك كل شيء ولا يعلمك شيئاً بعينه، هو ينبه قوى الإحساس ويشحذ أدوات الحس ثم يخلي بينك وبين عالم المادة لتدركه على أسلوبك الخاص، هذا هو القرآن “.

    ? له رأي خاص في معنى الشرك ومعنى التوحيد:

    ـ الشرك لديه: ” هو الكبت الذي انقسمت به النفس الإنسانية إلى عقل واع وعقل باطن بينهما تضاد وتعارض “.

    ـ يبيِّن مفهوم التوحيد من وجهة نظره بقوله: ” ولا يكون الفكر مسدداً ولا مستقيماً إلا إذا أصاب نقطة التقاء الضدين العقل الواعي والباطن ـ هذا هو التوحيد “.

    ? يقول عن الإسلام: ” الإسلام في أصوله يحوي شريعة الإنسان، لكنه في فروعه لا يزال يحوي بعض السمات الملطفة من قانون الغابة “.

    ? يعتقدون بأن الذين كانوا حول النبي هم أصحابه، أما الأتباع الذين يتبعون الدعوة الجمهورية فهم الإخوة معتمدين في ذلك على الحديث الذي رواه ابن ماجه في كتاب الزهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لوددنا أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: يا رسول الله أولسنا إخوانك ؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي، وأنا فرطكم على الحوض.. “.

    ? يقول: “.. وحين يكون إنجاب الذرية هو نتيجة العلاقة الجنسية بيننا وبين النساء تكون ثمرة العلاقة بين الذات القديمة وزوجها الإنسان الكامل ـ المعارف اللدنية ـ فإن انفعال العبودية للربوبية يرفع الحجب التي أنستنا النفس التي هي أصلنا ـ نفس الله تبارك وتعالى ـ وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين الذات الإلهية والإنسان الكامل (الجمهوري والجمهورية) ينبث العلم اللدني في فيض يغمر العبد الصالح من جميع أقطاره، ومن هذا العلم اللدني يوضع رجال ونساء “.

    ـ ويذكر قائلاً: ” فهذا الوضع بين الذات الإلهية والإنسان الكامل ـ انفعال العبودية بالربوبية ـ هو الذي جاء منه بين الرجال والنساء انفعال الأنوثة بالذكورة، هو ما يسمى بالعلاقة الجنسية “.

    ـ يقول أيضاً: ” انفعال الأنوثة بالذكورة، وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة الجنسية، وتكون ثمرتها المباشرة تعميق الحياة واجتنابها ووصلها بالله بغير حجاب، وهذه هي ذروة اللذة “.

    ? ويقول في ذات الكتاب:” وليس لله تعالى صورة فيكونها ولا نهاية فيبلغها، وإنما حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين بتجديد حياة فكره وحياة شعوره في كل لحظة، وإلى ذلك تهدف العبادة”.

    الجذور الفكرية والعقدية:

    ? لقد جاءت أفكار هذا الحزب مزيجاً مشوشاً مضطرباً من أديان وآراء ومذاهب كثيرة حديثة وقديمة:

    ـ فقد اعتمد مؤسس هذا الحزب على آراء محي الدين بن عربي في كتابه فصوص الحكم مما حمل بعض النقاد على الاعتقاد بأنهم حركة صوفية باطنية (*)، يضاف إلى ذلك أنهم يطلقون البخور ويرقصون في الشوارع على الأنغام الإيقاعية في حلقات الذكر الجمهوري.

    ـ يصدر في كثير من آرائه عن فرويد، وداروين.

    ـ لعله متأثر بالنصرانية من خلال مناقشته لفكرة الإنسان الكامل الذي سيحاسب الناس بدلاً عن الله. وقد أخذ أفكاره من كتاب الإنسان الكامل لمؤلفه عبد الكريم الجبلي.

    ـ اعتمد على الأفكار الاشتراكية الماركسية في تحديد معالم فكرة الدولة القادمة التي يدعو إليها.

    ـ إنهم يلتقون في كثير من أفكارهم مع البهائية والقاديانية.

    ـ على الرغم مما سبق فإنه يصدر كتبه بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية مستدلاً بهما فيما يدعو إليه، لكن ذلك لا يضفي عليها صفة الإسلام قط بل الحقيقة أنها لون من ألوان الردّة.

    الانتشار ومواقع النفوذ:

    ? نشأ هذا الحزب (*) وترعرع في السودان، وأنصاره بلغوا بضع عشرات من الألوف، لكن عددهم انحسر وتقلص كثيراً جدًّا وذلك عقب إعدام زعيمهم، فيهم نسبة لا بأس بها من المثقفين الذين خلا فكرهم من الثقافة الإسلامية الدينية، ومن المتوقع أن ينقرض هذا الحزب تماماً نتيجة لانتشار الصحوة الإسلامية في السودان.

    ويتضح مما سبق:
    أن الحزب الجمهوري في السودان حزب منحرف عن الإسلام عمد مؤسسه إلى إفراغ المصطلحات الإسلامية من مدلولاتها الشرعية ووظف حياته لهدم الإسلام وتحريف أصوله وسلك طريقاً ينأى بأتباعه عن الدين الصحيح بتلبيس الحق بالباطل مستفيداً من أفكاره ومستعيناً بمصادر أخرى غير إسلامية من الفلسفات الإغريقية وتابع غلاة الصوفية في المناداة بوحدة الوجود وألبسها طابعاً علميًّا لتجد سبيلها إلى نفوس الشباب وبعض المنبهرين ببريق العلم، وانتهى أمره بأن غالى فيه أتباعه واعتقدوه المسيح المنتظر وأقرهم على ذلك ولم يعترض عليه. ولقد أراح الله المجتمع السوداني من شروره بعد أن استفحل أمره وأنقذ بإعدامه آلاف الشباب الأغرار وأنصاف المثقفين من فتنته.

    —————————————————————–
    مراجع للتوسع:
    ـ أسس دستور السودان، ـ محمود محمد طه، وهو كتاب نادر الوجود إذ يعملون على إخفائه من الأسواق.
    ـ تطوير شريعة الأحوال الشخصية، محمود محمد طه.
    ـ طريق محمد، محمود محمد طه.
    ـ كتاب رسائل ومقالات، محمود محمد طه.
    ـ كتاب الإسلام والفنون، محمود محمد طه.
    ـ رسالة الصلاة، محمود محمد طه.
    ـ لقد أصدر الجمهوريون كذلك كتاب (الضحية ليست واجبة لا على الأغنياء ولا على الفقراء).
    ـ الفكر الجمهوري تحت المجهر، النور محمد أحمد، مطبوعات اتحاد طلاب جامعة أم درمان الإسلامية، أمانة الشؤون الثقافية.
    ـ دراسة مفصلة عن الحزب الجمهوري في ملفات الندوة العالمية للشباب الإسلامي.

  7. قتلوه لانه عرفهم واجاد تعريفهم لعنة الله عليكم ايها الاسلاميون .. ورحمة الله على الشهيد محمود محمد طه

  8. افكار محمود محمد طه لا تعدو كونها اعادة صياغة لمعتقدات ابن عربي و الحلاج التي بين العلماء ضلالها و بطلانها.

    و ما يثيره اتباع الرجل من الضجة حوله لا يرقى الى الواقعية ففكر الرجل كان مستهجا في الاوساط الدينية في السودان على اختلاف اطيافها من صوفية الى سلفية, و لم يتبعه الا بعضا من الشباب الجاهل دينيا و المتعلم دنيويا

  9. من ناحية الدين، فالمسلمون لا يحتاجون الى فكر و لا الى تجديد فكري، فكتابهم و سنة نبيهم فيهما الكفاية عن أي فكر آخر و من بحث عن الهدي فى غير كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم أضله الله، و عليه فمثل هذا المقال لا حاجة له و لا فائدة ترجى منه بل هو مجرد عبث و تضييع لوقت القارئ.

  10. تجربة طه جديرة بالاحتفاء والنقد معاً كاحدى أبرز محاولات التجديد الفكري الاسلامي في القرن الماضي.. المصري نصر حامد أبوزيد الذي كان يدرس في جامعة القاهرة -فرع الخرطوم- تأثر به من دون أية اشارة له:

    1.قرأت تقريبا كل كتب الأستاذ محمود.. وارى أنها كانت من أهم وأجرأ محاولات التجديد في الخطاب الديني وما يحدث الآن في دول الربيع ويهدد الديمقراطيات الوليدة في المنطقة ما هو إلا تجلياً لأزمة فكرية عميقة في الأساس … فالديمقراطية لن تترسخ في هذه المنطقة من العالم ما لم تسبقها أو تصحبها ثورة إصلاح ديني حقيقي وتجديد ديني كما حدث في أوربا (جون كالفن ومارتن لوثر قادا الإصلاح الديني في أوربا وكان هذا ضروريا للنهضة الأوربية التي لم تكن لتتم بدونه).

    2.من المهم الآن أيضا نقد الفكر الجمهوري ..لكن الجمهوريين لم يخرجوا بعد من صدمة إعدام شيخهم الأستاذ محمود ولم ينتجوا فكرا يضيف أو ينقد التجربة إلا كتابات قليلة مثل محاولات عبد الله النعيم وهو يواجه نقدا شديدا من الجمهوريين أنفسهم واتهاماً بخروجه من الفكر الجمهوري.

    3. من الدراسات المهمة في تحليل ونقد التجربة الجمهورية وفكر طه كتابات الأكاديمي المتميز للغاية الأستاذ السابق في جامعة الخرطوم-قسم اللغة الانجليزية د.محمد محمود, وقد كان تلميذا سابقاً لأستاذ محمود, وهو الآن يدرس في الجامعات البريطانية ومن كتبه المهمة هنا ( Quest for Divinity: A Critical Examination of the Thought of Mahmoud Mohamed Taha,2009)) فضلاً عن مقالات أخرى بالعربي.

    4.من الأشياء المهمة التي للأسف لم توثق حتى الآن, هي الحوارات الفكرية العميقة التي دارت بين المفكرين الكبيرين: الأستاذ محمود محمد طه والإمام الصادق المهدي في سجن كوبر أواخر عهد نميري عندما سجنهما نميري سويا في سجن كوبر بسبب معارضتهما قوانين سبتمبر 1983 . لقد مضى الأستاذ ونرجو أن يذهب بعض الجمهوريين وأصحب الفكر لتوثيق ما دار من حوارات فكرية مطولة بين الرجلين من السيد الصادق بما يخدم الفكر السوداني والإسلامي بعامة.

  11. + نبوءة الأستاذ محمود محمد طه عن حكم الاسلامويين الكارثي الحالي للسودان لن تكتمل الا بعد أن نضعها جنبا الى جنبا مع تساؤلات الكاتب السوداني النابغة الطيب صالح الشهيرة .. فإليكم عبارة الطيب صالح كاملة هنا:

    مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟

    أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟
    أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟
    أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟
    أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي و المصطفى ؟
    أما قرأوا شعر العباسي والمجذوب ؟
    أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟
    إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟
    أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي إلى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق .
    من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟
    هل حرائر النساء من ” سودري ” و ” حمرة الوز ” و ” حمرة الشيخ ” ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟
    هل ما زال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟
    هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟
    من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل – مَن هؤلاء الناس ؟

  12. يتوب من ماذا ؟؟ رجل يقول ربي الله ويشهد ان محمدا رسول الله اتريدونه ان يرجع عن هذا الطريق ام ماذا؟؟؟؟ انتم الان تكبرون وتهللون وتفعلون افعالا حتى المجوس والبوذيين واليهود لا يفعلونها
    يجب ان تتوبوا انتم عما تفعلون وترجعون الى الصراط المستقيم.
    اما افكار هذا الرجل بالرغم من انني ليس اتباعه ولا اعرف عنه الكثير لكنها تدل على افكار رجل عاقل وافضل من المتأسلمين الف مرة.اتقوا الله واسألوه ان يغفر لكم عما فعلتموه بها الرجل.

  13. كلمة حق في وجه سلطان جائر وقد قلتها يا شهيد الفكر والحرية محمود محمد طه ,,,رفضت أن تتراجع ,, وذهبت الى المشنقة وأنت تبتسم ,, فالسودانيين الان ينتظروا تحقيق سوفاتك السبع ,,, وهي اتيه لا محال في ذلك

  14. الاعزاء “ابو جولة” او “واحد” تحياتي:

    باختصار ارجو ان لا يكون مخل، نعم مايسمي بالفلسفة اليونانية، ماهي الامقاربة ثقافة ووعي اري، لذات ما يعرف بالتصوف اليوم، البتعني لغة الحكمة، والمفردة في جذورا سودانية اي كوشية.

    نعم، زي ناس الترابي، ناس عبدالخالق، الصادق، عبدالله الطيب، الطيب صالح، وماشابه، من حمبرات الاستلاب الثنائي، الغربي العربي، كذلك كانو من يسمون بفلاسفة الاغريق!

    القرو في خلاوينا كحيران في منطقة اسوان الحالية، او بعد داك قعدو يورجغو بي وعي استلابم الكوشي حينها!

    عشان كده حوربو بشدة في ديارم، طوردو او قتلو، باعتبارم بقولو في كلام طير، غريب جدا، في مرجعية ثقافة بلدم، اليونان!

    اها دار الزمن دورتو، او بحكم ودارنا الحالي الناجم عن استلابنا الغربي العربي، اصبح واحد زي محمود او لانو اصيل ثقافيا من حيث المرجعية، غريب بينا، لدرجة دفعتنا لاعدامه شنقا حتي الموت، يا للماساة بحق!

    مافي ابلغ من كده قط، كتعبير عن حالة الكومة الاحنا عايشين فيها اطلاقا!

    احيانا الزول المضهب، بي معني فاقد للذاكرة الثقافية، للاسف ما بعرف حتي اهل بيتو او لو وقفو قدامو عديل كده!

    ده السبب يا سبحانك، الوهابية والمهاويس عامة هم سادة وعينا “الحالي”، او مفردة وعي هنا، مجرد مجاز لغوي، فرضو السياق!

    كنتيجة، اهو احنا بنكتل بعض بالملايين، لاننا حقيقة “مجانين” لاشك، وهذا واقع، نعايشه جميعا!

    حيجي يوم، احفادنا حيحتارو جدا، للجن البنسوي فيهو ده، بقيادة شيطان الجرة، المتمثل في النظام الحالي، او طرحو، الغريب، العجيب، الوافد والاجنبي!

    بالنسبة لي مقاربة سقراط الرمزية، فكاتب المقال مرجعيتو كمستلب هي مرجعية الناس الاعدمو سقراط، اللي هم زاتم الناس الاعدمو محمود كاذلام غزاة، وليس “حوارنا” سقراط، الشيخو محمود في الحقيقة!

    اتمني اكون قدرت اوصل المعني!

    زي ما قال اخر رسل رع محمود، كل ما تشعب المعني، ضاقت العبارة!

    طبعا لما اتكلم بالطريقة دي عن محمود، ناس دالي والقراي زاتم، بقومو صوف من زي كلامي ده، عاضين العراقي، لانهم زي غيرم، فهمم تقليدي لي اسهام محمود!

    كمثال خذ تعريف محمود للشرك!

    يا الهي!

    ده ذات مفهوم عصر الاهرامات للتوحيد!

    لا ادري من اين لمحمود مثل هذه المعرفة حقيقة، والكلام ده الي اليوم ماوصل السودان، دع عنك عصر نشاة محمود!

    شئ جد مخيف!

    انا وروني ليهو اهلي افارقة امريكا، مع اني متخصص تاريخ “افتراضا”!

    الختان مثلا المعروف بالفرعوني، هو اساسا لازالة الشرك، طقوسيا، اي اشهار، او اعلان لبداية التكليف بي فهم اسلام الثقافة العربية!

    نعم البظر في الانثي، يرمز لجانب ذكوري، ازالتو يجسد مفهوم التوحيد، داخل الفرد وكذلك ختن الذكر، يزيل الجانب الانثوي فيه، رمزيا!

    الثنائية دي هي اساس كل، شئ تقريبا، في عقيدة التوحيد المروية!

    نعم الذات الالهية هي الوحيدة البتجمع الاضداد هذه، او ده كلو بنقولو من باب المقاربة او توصيل الفكرة، وهذا الاسلوب في توصيل الفكرة، كتابة او علنا او امام الملا، بالمناسبة كان من المحرمات، الاحتارو اماما او تعجبو منو ايما عجب، “فلاسفة” الاغريق!!

    لاحظو كيف حفظ النصوص او تسميعا هو اساس طرح الاسلام العربي، او بالذات الوهابي، والنتيجة زي ما شايفين، فساد مطلق، لانو حفظ النصوص او تسميعا، فهم مادي للدين، او بالتالي مدمر للقيمة الروحية في الفرد، الاساسا السلوك، واداتا، الرياضة الروحية، كقيام الليل، والتلقي المباشر، بي صورة خاصة، مش علنية او جماهيرية، من زول واصل، جسد هذه القيم علي مستوي السلوك الشخصي، في حياتو الخاصة!

    لم تكن للدولة او حتي المجتمع دخل، تاريخيا، بي حياة الفرد، العقدية، اطلاقا، عكس مرجعية المهد الشمالي الارية، البتشمل الساميين والاسيويين!

    علاقتك بي خالقك، كانت حاجة خاصة جدا جدا، لايتدخل فيها كائنا من كان، لانو الغرض كان النجاة، للفرد، وليس المجتمع او الدولة اطلاقا!

    الايمان بالحياة الاخري في عصر الاهرامات كان مطلق، بي معني شامل كامل، او ده كان العامل الاساسي المتحكم في حياة الفرد!

    عشان كده الي اليوم معابدم هي الباقية، او مش بيوتم، او عشان كده ابتدعو التحنيط، من فرط الايمان المطلق بالحياة الاخري، وليس الحياة الدنيا او الانية!

    فهم للدين مختلف اختلاف جذري عن فهم المهد الشمالي، المادي، البروغماتي!

    فتات هذا الفهم الي اليوم مركوز في اعماق كل سوداني، او ده السبب الجعل من الاخرين الاحنا بنحاول نتمقص هويتم، اسلوب حياتم، كدين او اسلام او شريعة حسب وهم الاستلاب، يعجبو بي شخصية السوداني، قبل ما يتمسخ في ظل ممارسات نظامم هم، اي العرب، مثل هذا المسخ!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..