صناعة الجلود..واقع مرير

تحقيق: إنصاف أحمد
-vرغم امتلاك البلاد لأكثر من «105» مليون رأس من الماشية إلا ان القطاع يعاني اهمالاً من قبل الجهات المختصة فقد شهدت صادراته تدنياً ملحوظاً. ويعد قطاع الجلود أحد أهم القطاعات ووفقاً للإحصائيات الأخيرة فإن عائد الصادرات لم تتعد الـ «44» مليون دولار في العام بينما تقدر صادرات المصنوعات الجلدية للصين فقط لـ «14» مليار دولار وفي تونس «102» مليار دولار في العام رغم أن تعداد الثروة الحيوانية فيها لا يتعدى الـ 2 مليون رأس بينما يقدر في السودان 105 مليون رأس مما يوضح ضعف حجم إنتاج البلاد بالإضافة إلى سوء استغلال تلك الثروة بالصورة المطلوبة. (الإنتباهة) وقفت على مشكلات الإنتاج في هذا القطاع المهمل والمعوقات التي تعترضه عبر الحصيلة التالية..
نمو عالمي
ونجد تقارير علمية أوضحت ان تجارة الجلود تقدر عالمياً بأكثر من 100 مليار دولار امريكي وعند مقارنة قيمتها مع السلع الاخرى يتبين أن حجم التجارة في الجلود أكبر من التجارة بقية السلع الاخرى فقد شهدت تجارة الجلود نمو خلال الفترة من 1993م -2011م لتشير الدراسات ان النمو في التجارة ارتقى بسبب القيمة المضافة حيث ازداد معدل النمو خلال العام 1993 إلى14% والعام 2011 “إلى 97,8 % ما استوجب على البلاد أن يكرس اهتمامه نحو الانتاج وصناعة السلع ذات القيمة المضافة.
واقع الحال
وبحسب إحصائيات كشف عنها مختصون ان تجارة وصناعة الجلود ساهمت على حل قيود سياسات الصادر المبنية على اساس ضريبة الصادر في نمو قطاع الدباغة في ” اثيوبيا وكينيا ويوغندا” مما انعكس في عدد المدابغ الجديدة التي انشئت وكذلك قيمة الصادرات، بينما نجد أن البلاد لازالت تعمل حاليا بضريبة صادر قدرها 15% على صادر الجلود الخام ولازال تهريب الجلود منتشرا ما دعا الدولة ان تدعم تطبيق هذه السياسة في مؤسسات مناسبة واجراءات مساندة أخرى . كما اشتكى اصحاب مدابغ التقتهم (الإنتباهة) من ارتفاع تكاليف مدخلات الصناعة وطالبوا بتوطينها الأمر الذي قاد الى هجرة الكوادر للمهنة الى العمل بمناطق التعدين الاهلي للذهب ومهن اخرى مؤكدين أن تكلفة الجلود الخام تمثل حوالى70% من جملة التكلفة فيما تمثل الكيماويات20% من تكلفة الانتاج والماء والكهرباء والعمالة10% من جملة التكلفة مشيرين الى أن متوسط إجمالي الربح يقدر 33%.
تحديات ماثلة
فيما كشف خبير هندسة الجلود بجامعة السودان شيخ الدين بشرى أن قطاع الجلود يواجه العديد من التحديات تتمثل في التعاون المحدود بين الجهات المعنية ما اثر سلبا على تطبيق السياسات وانتاج الجلود لافتا إلى غياب التمويل طويل الأجل وقصير الأجل للذين يعملون في القطاع كما يعانون من نقص حاد في التمويل باعتبار ان اسعار السوق ليست صالحة للاستثمارات طويلة وقصيرة المدى ما جعلهم يعتمدون على التمويل الذاتي المبني على المقدم من المشاريع العالمية كاشفا أن انتاج الجلود المنخفضة الجودة وظهور تجارة الفشودة يقدر70% من جلود البقر بانها اقل جودة من الدرجة الثالثة بسبب عيوب ما قبل الذبح, مضيفا أن تلك العوامل اسهمت في انتاج جلود ذات منتج متدني الجودة اضعف مهارات السلخ وعدم وجود الاشراف المناسب وتحديث وميكنة المذابح وغياب الوعي وكذلك التعاون المحدود بين الجزار والمدابغ لضمان جلود جيدة النوعية والسعر الموحد لكل الدرجات بجانب سوء تنظيم الاسواق وازداد هذا الوضع سوءا بدخول تجارة الفشودة لأن الجلد يكون به اكثر من 100 ثقب أو مخزن بشكل سيئ تجد سوقا واسعا بالاضافة الى التهريب الامر الذي ادى الى عدم الاهتمام بانتاج جلود جيدة ومبينا أن معظم اماكن التخزين في بعض المدابغ ومراكز جمع الجلود غير مطابقة للمواصفات لافتا إلى ان تلك العوامل ساهمت في ارتفاع نسبة الخسارة في الانتاج قبل الذبح بنسبة48% وتقدر بقيمة 20,405 مليون اما بعد الذبح تصل42% وتقدر 17,854 مليون مشيرا الى أن حجم الخسارة التراكمية بسبب عدم اضافة القيمة المضافة 1,421 مليار بجانب التقييد وبطء ومحدودية السياسات واللوائح في توثيق الصادر وعدم توفر مدخلات الانتاج وارتفاع الاسعار بسبب الرسوم الجمركية وتعدد الجبايات ورسوم العبور الولائية وقال ان المحلية اسهمت بشكل كبير في اعاقة الانتاج المحلي والصادر بشكل عام . مطالبا بضرورة الغاء الرسوم وتخفيض الرسوم الجمركية واردات مدخلات الانتاج والعمل على تخفيض قيمة رسوم العبور الولائية والمحلية وتعزيز الكفاءة والفعالية في تطبيق السياسات واللوائح واجراءات الصادر لتقوية وسائل المشاركة الافقية والرأسية بين الجهات المعنية وتفعيل دور مجالس الجلود الاتحادية والولائية وتحسين فرص الحصول على التمويل.
ضعف الطلب المحلي
وبحسب دراسات قدمت في ورشة واقع صناعة الجلود اوضح خلالها مجموع تقدير الطلب على الجلد المدبوغ المحلي بالخرطوم فقط لحوالى “3,125,000” قدم مربع من الجلد لـ250 ورشة ومصنع تعمل في انتاج الاحذية، خاصة المركوب وتضم معظم الورش 5 حرفيين في المتوسط وينتج الحرفي 5 حذاء في اليوم بمعدل 25 حذاء في اليوم للورشة الواحدة وانتاج 1250 حذاء في العام لجميع الورش والمصانع الولائية وتعتمد الورش الصغيرة ومتوسطة الحجم في الوقت الراهن على جلود مستوردة من مصر , وكشفت الدراسات أن الدباغين المحليين لديهم فرصة لزيادة انتاجهم من الجلود المدبوغة حال تم التنسيق مع المصانع والورش المصنعة للاحذية والمنتجات بدعم من الوزارات المختصة ما يؤدي الى انخفاض الطلب على الاستيراد بحوالى 42 مليون جنيه.
ضعف وتدهور
وكشف رئيس اللجنة الفنية للجلود بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بروفسير أحمد حاج الشيخ أن قطاع الجلود يعد من اهم سلع الصادر بجانب توفير منتجات للسوق المحلي مشيرا انها شهدت تدهورا كبيرا بخروج وحدات كثيرة من الاستثمارات الحديثة في البلاد لافتاً إلى تطور تفوق عدد من الدول على السودان موضحاً أن ارتفاع نسبة الاغراق من المنتجات الخارجية خاصة الصين تبلغ 70مليون دولار تمتاز بتدني الجودة فيما بلغ حجم الواردات من الحقائب خلال الفترة من 2012 -2016م بلغت 6,4785 مليون دولار امريكي والاحذية 42,777 مليون دولار امريكي مشيرا إلى ان القطاع يعاني ضعفا كبيرا كاشفا عن اتجاه لوضع العديد من المعالجات للنهوض بالقطاع لجودة الانتاج وقيام المجلس القومي لتطوير الجلود واصدار سياسات للقطاع واضحة بالاضافة الى قيام مشاريع محددة وفق ما قدم في الإستراتيجية القومية.
قصور وزاري
واتهم الخبير في مجال الجلود د. محمد السر وزارة الثروة الحيوانية والسمكية باهمال القطاع وعدم تحسين نوعية المنتج والاهتمام بصحة الحيوان بالاضافة إلى غياب الارشاد مشيرا لضرورة تكامل الادوار لرفع قيمة الجلود من القاعدة بالمحافظة عليها عبر الحوافز التشجيعية منوها بضرورة قيام مدينة الجلود والتي قد تساهم في تطوير القطاع مع الاهتمام ببناء القدرات في كل المجالات مع الاتجاه لتوفير المدخلات محليا وقال إن90 % منها يتم استيرادها من الخارج ولا بد من توفر الصناعات الكيمياوية للجلود ولتخفيض تكلفة الانتاج مع التركيز على التكنلوجيا.
تداخل الاختصاصات
فيما أرجع المنسق القومي للجلود بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية د. صلاح الدين مختار مشكلة القطاع إلى تضارب الاختصاصات بين المركز والولايات والمحليات وقال من المفترض أن يوجه الاهتمام بالمركز كاشفا عن قيام مجالس بالولايات ما أدى إلى وجود مشكلة بجانب عدم تأهيل المسالخ بالصورة المطلوبة واصفاً الوضع بالفوضى وكاشفا عن الاتجاه في الاونة الاخيرة إلى وضع سياسات لمنع تصدير جلود الفشودة وتحسين الخام في كل الولايات عبر وضع خطة بالاضافة إلى قيام وحدات صغيرة للتصنيع بالولايات ورفع الوعي بالتنسيق مع كافة الجهات.
تدخل رئاسي
فيما يرى رئيس الاتحاد الافريقي للجلود صلاح عبد الله العوض أن قطاع الجلود يتطلب تدخل رئاسة الجمهورية لما له من اهمية في الاقتصاد السوداني لافتا إلى ان وزارة الصناعة والمالية وبنك السودان لم تستطع الوصول لقرارات ناجعة للنهوض بالقطاع مشيرا أنها قد يساهم في توفير 500 مليون دولار في ظل ارتفاع الدولار وذلك عبر تشغيل الخريجين والطاقات المعطلة من ورش ومصانع ما يسهم في اعادة الصناعة المحلية لسيرتها الاولى مشيرا لضرورة اصدار قرارات من الدولة بجانب الاقتداء بتجارب العديد من الدول كالهند وباكستان واثيوبيا وقال صلاح أن الامر يتطلب رعاية الماشية للحفاظ على الجلود بالاضافة إلى تطوير المسالخ وتدريب العاملين وتأهيل الماكينات والمدابغ مشددا على ضرورة وقف استيراد الاحذية من الخارج, لافتاً لوجود اكثر من 1500 ورشة متوقفة عن العمل بالاضافة إلى منع استيراد الجلود المشطبة من مصر والتي تعد خصما على المنتج المحلي فليس عليها جمارك أو ضرائب بجانب توفير مدخلات الصناعة خاصة وانها تساهم في رفع التكلفة بجانب تقليل الضرائب الباهظة وطالب بضرورة اتاحة الفرص لكافة الجهات وعدم احتكار التصنيع على جهات بعينها خاصة أن صناعة الجلود في طريقها للزوال واوضح أن الجلود الافريقية تمتاز بنوعية جيدة مضيفا ان السودان لديه فرصة بعد توقف عمل المدابغ في اروبا بسبب التلوث خاصة بعد تطور الصناعة في الاونة الاخيرة.
مطالبات المسؤولين
واجمع القائمين بالأمر على ضرورة تطوير المدابغ لتوفير جلود ذات جودة عالية بالاضافة إلى الاهتمام بالمواصفات الخاصة بالتنسيق مع الهيئة مع ضرورة قيام المدينة الصناعية للجلود وتعزيز الترابط والمشاركة الفاعلة لمجالس الجلود الاتحادية والولائية لتشجيع الاستثمارات وتوفير المدخلات بجانب الغاء الرسوم الجمركية واصدار التشريعات للحد من تهريب الجلود الخام ومكافحة الاغراق وتشجيع الصناعة المحلية وتحسين الجلود ومطابقتها للمواصفات بالاضافة الى ضرورة اجازة قانون تحسين الجلود للعام 2017مع ضروة الاهتمام بالتسويق بقيام مجمعات إنتاجية
الانتباهة