واشنطون…. ضرر الضغوط

واشنطون…. ضرر الضغوط:

عادل الباز:

قال المحلل السياسى اللامع د. خالد التجانى فى مقال له بعنوان الخرطوم في مرمى التدخل الدولى: (ان السياسة الأمريكية لا تمارس فرض الضغوط من أجل الضغط فحسب، بل من أجل ان يؤدي ذلك إلى تحقيق أجندة معينة تسعى إليها). نعم هذه واحدة من حقائق السياسة الامريكية اذ تهدف الضغوط لتحديد مسار تحركات الآخرين فى حدود استراتيجيتها او تعمل على ردع ما تعتقد انه مهدد امنى يزعزع استقرار منطقة ما كما شهدنا عندما دخلت القوات الجنوبية منطقة هجليج، اذ لم تتردد واشنطون فى تحريك آلياتها الدبلوماسية الثقيلة مستخدمة تصريحات وزيرة خارجيتها وتصريحات الامين العام للامم المتحدة بل جيشت العالم ضد اعتداء الجنوب. استخدمت الولايات المتحدة اخيراً الضغط الدبلوماسى عبر مجلس الامن لتحريك المفاوضات بين الحكومة السودانية وحكومة الجنوب عبر مسارعتها باصدار القرار 2046 الذى ساهم فى ما جرى من تفاهمات حول الملفين الانسانى والنفط.
امس الاول قال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير دفع الله الحاج علي (ان جهود بعثته نجحت في تعطيل صدور بيان رئاسي غير متوازن حول محادثات اديس ابابا بين السودان وجنوب السودان تقدمت به الولايات المتحدة الامريكية منذ اسبوعين)، واضاف (فقرات البيان لم تكن موضوعية بينها التأسف على عدم قبول السودان لخريطة أمبيكي بعد تحفظه على ضم منطقة الميل 14 للجنوب). تحاول امريكا فرض ضغوطها ولكن هذه المرة على طرف واحد هو حكومة السودان لصالح الطرف الآخر وهو حكومة جنوب السودان فى وقت يقبل فيه الطرفان على مفاوضات صعبة تتعلق بالحدود ومنطقة ابيي في الثلاثين من الشهر الجارى. وقبل محاولة اصدار البيان الرئاسى من مجلس الامن اطلق السيد برنستون ليمان المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان الاسبوع الماضى تصريحات فى ذات الاتجاه قائلا (إن الوقت قد حان كي يقبل السودان بخطة الاتحاد الأفريقي بسحب قواته من الحدود بين السودان وجنوب السودان، تمهيدا لإقامة منطقة منزوعة السلاح بين الجانبين).
تكثيف هذه الضغوط على طرف من الاطراف الآن يشئ بان الولايات المتحدة لا تمتع بدور نزيه فى المفاوضات الجارية اذ كان يكفيها فقط حث الطرفين على التفاوض بجدية لا فرض موقف محدد على طرف. تدخل واشنطون لفرض ارادتها يعقد مسار التفاوض اكثر مما يسهل العملية. يجأر الجنوبيون الآن بالشكوى من ان اتفاق النفط قد فرض عليهم من المجتمع الدولي وذلك ليس صحيحا وان صح فان ذلك الاتفاق اذا كان فعلا استجابة لضغط خارجى فلن يصمد طويلا كما قال استاذنا محجوب محمد صالح اول امس. ولابد للساسة الامريكان التعلم من اخطائهم فالكارثة التى احدثها تدخلهم الرئيس في قضية ابيي التي صيغ بروتوكولها بناء على اقترح دانفورث الشهير، لازالت تمثل عقبة اساسية فى التفاوض بل هى التى عقدت كل الملفات الاخرى ولم يجد حلها بواسطة لجنة الخبراء ولا محكمة لاهاى. فممارسة الضغوط للحصول على نتائج عاجلة سوف يفاقم الازمات لاحقا ويعود بنا لمربع الحرب سريعا.
فى 12 ابريل من العام الحالى بعث الرئيس اوباما بخطاب فى غاية الرقة والرقي للسودانيين فى البلدين قائلا: (مستقبلكم مشترك لن تكونوا فى سلام اذا كان جيرانكم مهددين لن تحققوا تنمية ما لم تتشاركوا التجارة والاستثمار.). بالضبط هذا هو الدور الامريكى المطلوب، الدور المحفز والداعم والخطاب الموضوعى الذي يعين الطرفين على تجاوز حزازاتهما وصراعاتهما. لم يعد احد فى السودانين يصدق ان لامريكا جزرة يمكن ان تهديها لاى منهما فلقد ظل السودان ينتظر هذه الجزرة منذ نيفاشا وما قبلها وما بعدها مرورا بالاستفتاء ولكن بعد كل تنازلات يحصل على وعود سرعان ما تتبخر. الجنوب ايضا منذ استقلاله قبل عام لم يحصل على شىء سوى الوعود حتى وهو فى اوج ازمته المالية بعد اغلاق انبوب النفط لم تمتد له اليد الامريكية بمليم احمر. الطرفان يخافان عصا امريكا اكثر من انتظار جزرتها. الدور الامريكى يمكن ان يكون مفيدا اذا سعى لدعم لجنة امبيكى وحشد الدعم العالمى للطرفين فذلك افضل من فرض ضغوط ثبت انها تضر اكثر مما تنفع.

الصحافة

تعليق واحد

  1. السلام لا يأتي يجب ان نذهب اليه ونتمسك به حتي ينجلي هذا الليل البهيم
    وتهدا تلك العاصفه الهوجا ولتسكن هذه الريح الصرصر !
    لان في السلام يزول المرض ويفك المحبوس ويعود الغائب ويغتني الفقير
    نعم في السلام تتحول الشدائد الي رخا والعيش الي هنا والمستقبل الي نعما
    والكل يعلم بان لهيب الشمس يطفيه وارف الظل وظما الهاجره يبرده الما النمير
    وعضه الجوع يسكنها الخبز الدافي ؟
    لقد حار الطبيب ووقف العلما وبارت الحيل امام نفاذ القدره ووقوع القضا
    وحتميه المقدور ؟ والسلام .

  2. يعني يا أستاذ.. الجزرة هي المقسمة معاك – معاهم ..
    يجيبو الصوت تتذكروا الصلاة .. وما بنصلي .. ( الله اكبر ) ..!!

  3. لن ترضي عنك اليهود والنصاري حتي تتبع ملتهم يجب ان نقطع العشم في علاقات جيدة مع امريكا ولنعلم ان للكون اله هو الذي يقدر الخير والشر وكفايه لحدي هنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..