نحو ميلادٍ ثانٍ لرؤية السودان الجديد .. قضايا التحرر الوطني في عالم اليوم (الجزء الثاني والأخير)

ياســر عــرمــان

حق تقرير المصير ورؤية السودان الجـديد

للاطلاع على الجزء الأول من موضوع نحو ميلادٍ ثانٍ لرؤية السودان الجديد قضايا التحرر الوطنى فى عالم اليوم فضلاً[URL=https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-289633.htm] اضغط هنا[/URL]

إرتبط حق تقرير المصير بالنضال ضد الإستعمار بكافة أشكاله. ولحق تقرير المصير أشكال ومضامين متعددة بما فى ذلك الحكم الذاتي كأحد أشكال حق أشكال حق تقرير المصير الداخلي. تكمن قيمة الحركة الحقيقية فى أنها لم تمض فى طريق حركة الأنانيا الأولي (١٩٥٥ -١٩٧٢) فى جنوب السودان التى كانت أول من رفع شعار حق تقرير المصير فى الستينات من القرن الماضى.
منذ بدايتها إتخذت الحركة الشعبية مساراً مغايراً غير مطروق وأعلنت عن عزمها لتوحيد السودان على أسس جديدة مما جعل طرحها متميزاً وجاذباً. لم تتوقف عند مظالم الماضي بل طرحت أجندة مشتركة لمستقبل المضطهدين فى كل السودان، ومن كافة القوميات، وهذا هو ما أعطاها مكانتها المتفردة. اتسق ذلك مع طبيعة الحركة كحركة تقف مع وحدة إفريقيا التى قسمها الإستعمار. ولكن مفارقات التاريخ والجغرافيا والسياسة ومركز السلطة فى الخرطوم تعارضا مع هذه الأجندة الجديدة؛ وترافق ذلك لاحقاً مع المتغيرات الإقليمية والدولية فى تسعينات القرن الماضى. كل ذلك ، مع اسباب أخرى جعل “مجموعة الناصر” بقيادة الدكتور “رياك مشار” ترفع شعار حق تقرير المصير لجنوب السودان فى أغسطس ١٩٩١ منهيةً تسع سنوات من العمل المثابر للحركة فى الدعوة لوحدة السودان دون خلطها مع هدف آخر مثل حق تقرير المصير.
اثبتت التجربة إن شوفينيّ المركز وقوميّى الهامش رغم تقاطع اجندتهم ظاهرياً -سرعان ما يلتقون؛ وبالفعل توصل نظام الخرطوم لإتفاق، وللمفارقة ليس مع دعاة وحدة السودان بل مثل مفارقات سياسية كثيرة فى تاريخ السودان وأنظمة حكمه مع مجموعة الناصر التى تطالب بالإنفصال ولكنها لا تحارب من أجله. فالذى جمع “مجموعة الناصر” والخرطوم هو العداء لفكرة السودان الجديد الموحد الديمقراطي العلمانى.
إحتل القوميون الجنوبيون دائما مكانة بارزة فى صفوف الحركة الشعبية ولذا فإن طرح مجموعة الناصر يدغدغ أحلامهم واشواقهم الدفينة فهم لم يقتنعوا فى يوم من الايام بجدوى النضال من أجل وحدة السودان حتى وإن كانت على أسس جديدة. هنا أصبح قرنق فى مفترق الطرق بين رؤيته وحلمه بالسودان الجديد الموحد وبين الضرورة العملية التى تقتضى الحفاظ على القوميين الجنوبيين الذين يشكلون عظم الظهر بالنسبة للحركة ، لاسيما إن الشمال لم يتجاوب مع رؤيته فى الزمان والمكان المناسبين. ولمعالجة ذلك التناقض إستخدم قرنق مقدراته وسحره وذكائه المعهود وحاول المستحيل للجمع بين رؤية السودان الجديد والحفاظ على القوميين الجنوبيين بتضمين حق تقرير المصير والمصالحة بين جوهر رؤيته القائمة على الوحدة وبين حق تقرير المصير حتى لا تهتز الارض تحت أقدامه فى أى من الإتجاهات. لقد كانت تلك مهمة صعبة ومرهقة. أيضاً كان قرنق يأمل فى التحاق قوى إجتماعية جديدة من الشمال بالحركة لترجيح كفته، وقد كاد أن يصل الى ذلك بعد عدوان النظام على دارفور وإنطلاق الكفاح المسلح فيها ووصول جيشه وحلفائه الى شواطى البحر الأحمر فى شرق السودان، ورسوخ أقدامه فى جبال النوبة والنيل الأزرق. وحينما حط برحاله فى الساحة الخضراء تأكد له أنه كان يرى بعيني زرقاء اليمامة، ولكن بعض الأشراركانوا له بالمرصاد.
حاول قرنق أن يمنع إنضمام القوميين الجنوبيين لمجموعة الناصر، و أن يوظف حق تقرير المصير لدعم رؤيته، ودارت فى تلك الفترة مناقشات ثرّة وطويلة كان من حسن حظى المشاركة فيها.
وبينما كان الكثير من القوى الداخلية والخارجية يسبح فى الإتجاه المعاكس لوحدة السودان عمل قرنق على الدفع بأجندة جديدة على الرغم من التعقيدات واستطاع المصالحة بين المتناقضات دون أن يفقد وجهته الرئيسية صوب السودان الجديد. و كان يدرك إن دعوته لوحدة السودان تمثل أهم مساهماته سودانياً وافريقياً، وأن تحقيق الوحدة فى التنوع هى أصعب المعضلات التى تواجه السودان وإفريقيا، وبإمتلاكه للإجابة على سؤال الوحدة فى التنوع برز كواحد من أهم المفكرين والمثقفين الأفارقة.
عاشت الحركة بعد أحداث اغسطس ١٩٩١ إزدواجية الشعار والأهداف. فقضية الوحدة أمر جوهرى فى فكر السودان الجديد والسعى لفصل جنوب السودان يهدم الرؤية نفسها، مع العلم أن حكومة الخرطوم كانت تغذى وتدفع تجاه الإنفصال للحفاظ على السلطة فى المركز و تدعم كل ما من شأنه أن يعزز رغبة القوميين الجنوبيين فى ترك رؤية السودان الجديد والتركيز على فصل الجنوب. إن الإلتفاف على رؤية السودان الجديد يمثل أكبر نجاح حققه نظام الخرطوم منذ الإستقلال، وهو درس لحركات الهامش حول المهارات الانتهازية للمركز وتشبثه بمصالحه، وقد حرم السودانيين من الحفاظ على وحدة بلادهم على أسس جديدة. لكن المعركة لم تنته بعد وإنتصار المركز قصير الأجل.
بعد إغتيال قرنق عمل نظام الخرطوم فى إتجاهين، اولهما تمزيق الحركة الشعبية إن أمكن، وثانيهما القبول بفصل الجنوب حفاظاً على سلطته. وبعد أن فشل فى تمزيق الحركة دفع فى إتجاه فصل الجنوب. واليوم، فإن الحركة فى السودان مع الفارق التأريخى والعملى بين الجنوب والمنطقتين وإختلاف المناخ الإقليمي والعالمي تواجه معضلة كيفية التعامل مع القوميين فى المنطقتين.
فالسؤال الذى تواجهه الحركة الآن هو هل تتمسك برؤية السودان الجديد، أم تطالب بحق تقرير المصير لإرضاء القوميين فى المنطقتين؟ ومن اللافت للنظر تجربة الأب فيلب عباس غبوش الجريئة فى المنافسة و الفوز بدائرة إنتخابية فى قلب الخرطوم، وتجربة الحركة الكبيرة بعده فلماذا التراجع الآن، مع علمنا أن التكوين الإثنى والجغرافي والتأريخى للمنطقتين وإمتداد سكانهما الى المناطق الأخرى لاسيما الوجود الواسع للنوبة فى كافة أنحاء السودان فالنوبة مثل الآيرلنديين، الذين يتواجدوا خارج ايرلندا أكثر من الذين يعيشون داخل أراضيها، فامتداد النوبة عميق فى أنحاء السودان، وقد شاركوا تأريخياً فى الدفاع عن وحدة السودان ضد الغزاة والمستعمرين. كما أن سكان النيل الأزرق كانوا مركزا هاماً من مراكز السلطة فى السودان وحكموا لأكثر من ثلاثة قرون (١٥٠٥-١٨٢١). فسكان المنطقتين ساهموا بفاعلية فى تشكيل الكثير من الحقب التأريخية و وجودهم قديم قدم النيل العظيم نفسه.
يضاف الى ذلك عدم وجود حدود جغرافية مشتركة بين المنطقتين كما إن السكان الأصليين فى النيل الأزرق ما عادوا يشكلون أغلبية فى اى إستفتاء من أجل حق تقرير المصير. كذلك إن أى إستفتاء على حق تقرير المصير يؤدى الى إستقطاب إثنى غير مسبوق بين مكونات المنطقتين بشكل لم يكن موجوداً فى جنوب السودان، فهنالك قبائل عربية فى المنطقتين خلافاً لحالة الجنوب . ولكل هذه الأسباب فإن المطالبة بحق تقرير المصير تضر بسكان المنطقتين فى المقام الأول. نقطة أخرى هامة يجب الإشارة لها وهى إن تكوين الحركة الحالى وعضويتها لا تنحصر فى المنطقتين.
إن المطالبة بحق تقرير المصير للمنطقتين يغير طبيعة الحرب، مع العلم أن اهم قضايا الحرب الأستراتيجية هى تحديد الهدف منها بأقصى درجات الوضوح وأن يكون ممكن التحقيق مع التمسك به على نحو إستراتيجى. لذلك فعدم التحديد للأهداف بواقعية سيؤدى الى إطالة أمد الحرب وإرهاق سكان المنطقتين، ومع مناخ إقليمى ودولى غير موات سيؤدى الى إنسداد أفق الحرب وصعوبة الوصول الى حلول مناسبة فى وقت مناسب ويقود فى خاتمة المطاف الى تقسيم المحاربين أنفسهم فى وجه نظام فاشى مثل نظام الخرطوم. كل ذلك يعزل قضيتهم من المحيط السياسي الوطني والإقليمي ويؤدى لإنفراد النظام بهم كقوة مناطقية إثنية معزولة من السند الوطني.
إن طرح قضية تقرير المصير وهى قضية إستراتيجية بعد ست سنوات من الحرب أربك الخط السياسي الإستراتيجي للحركة وأدخل من طرحوه فى مازق تفاوضي، ولأننا نعلم بخطورة مثل هذه القضية فقد أقترحنا مرات عديدة جمع القيادة السياسية والعسكرية والمدنية لحسمها واتخاذ قرار ديمقراطى يحافظ على وحدة الحركة. إن قضية تقرير المصير بطبيعتها قضية إستراتيجية ولايمكن ان تكون تكتيكية سواء أن تم ذلك فى مؤتمر أو حدده شخص بطريقة مزاجية.
مايجرى الآن فى النيل الأزرق هو نتاج اولي ومباشر لدعوة تقرير المصير التى قسمت الحركة وستقسم جميع سكان المنطقتين لاحقاً وتعطى نصرا مجانيا لنظام الخرطوم، ولذا فإن التمسك بطرح رؤية السودان الجديد كخيار وحيد هو أحد شروط بقاء الحركة الشعبية موحدة.
أن حق تقرير المصير لا يمثل أعلى نقاط مشروع السودان الجديد إن كان اصلا له صلة برؤية السودان الجديد، بل هو برنامج متراجع عنه، فتلك الرؤية لن تتحقق إلا بتغيير المركز. ولكن من واقع التجارب يمكن القول إن المصاعب التى واجهت حركات الهامش فى هزيمة المركز وغياب الكتلة التاريخية التى يمكن أن تتحالف معها، وتعالى وعجرفة النخب الحاكمة فى المركز، تسببت فى لجوء حركات الهامش الى طرح حق تقرير المصير كمخرج من قضية التهميش.
علينا الحذر عند التعامل مع قضية حق تقرير المصير حتى لا تكون آلية لإنتاج المجتمعات القديمة فالعبرة بالوصول لمجتمع جديد يتسق مع قيم ومفاهيم وأساسيات رؤية السودان الجديد وعلينا ان لا نركز على الشكل بل على المحتوى فى هذه القضية.

الإضطهاد القـومى والإسـتغلال الطبـقى:الإبصار بعيـنيـن

بعد مضى أكثر من ثلاثة عقود على طرح رؤية السودان الجديد وتجربتها فى الكفاح المسلح إتضح جلياً أن التركيز على قضايا الإثنية والثقافة وإشكالات الهوية وقضايا الإضطهاد القومي أمر فى غاية الأهمية لبناء حركة جماهيرية لكنه غير كاف للوصول الى مجتمع جديد.
إن الاستغلال الإقتصادي، الإجتماعي و السياسي وإلغاء كافة اشكاله تمثل الوجه الآخر والهام لعملية التحرر الوطني، وأنه من المستحيل إنهاء الإضطهاد القومي دون حل قضية العدالة الإجتماعية. وهذا هو الطريق الذى يصنع المواطنة المتساوية الحقيقية، وأن تغيير وجوه الحاكمين الإثنية غير كافية لإحداث تغيير فعلى وجذرى. فتركيبة القوى الحاكمة سواء ان أطلقنا عليها “الجلابة” او أخترنا لها إسماً آخر معقدة إجتماعيا وطبقيا وإثنياً، ويظل الهدف النهائى لمشروع السودان الجديد هو إلغاء كافة اشكال الإستغلال بما فى ذلك النوع وتحرير النساء. إن الربط بين قضية العدالة الإجتماعية والإضطهاد القومى يشكل حجر الزاوية فى بناء مجتمع ديمقراطي جديد، وهذه القضية على نحو التحديد لم تجد الإهتمام الكافى فى تجربة الحركة على الرغم من أن مفكر ومؤسس الحركة ينتمى للمدرسة التى تأخذ قضايا الإضطهاد القومي والثقافي والإقتصادي والسياسي والاجتماعي وجذوره التاريخية كحزمة واحدة فى إرساء أركان مشروعه، ولكن ظلت قواعد الحركة أسيرة لقضايا الإضطهاد القومي وجانبه الثقافي وإشكاليات الهوية كمحرك رئيسى يشكل وعيها بعمق.
لم يجد الوجه الآخر للإضطهاد والإستغلال وجوانبه الإقتصادية الإجتماعية كمكون رئيسى للإضطهاد القومى وللتهميش الثقافى حظه من الإهتمام والدراسة فى أطروحات الحركة بما فى ذلك قضايا هامة كقضية الأرض. على سبيل المثال، إن الجوانب الإقتصادية الأجتماعية الطبقية، لاتزال هي لب الإضطهاد القومي فى جنوب إفريقيا رغم زوال النظام العنصري وتشكل مجرى الصراع الرئيسى هناك.
مركز السلطة لا لون له، ولكن الأفراد والمجموعات الحاكمة فى المركز لهم لون وهم لا يتورعون من أستخدام العنف ضد اى محاولة للتغيير سواء أن قام بها شباب إنتفاضة سبتمبر ٢٠١٣، فى شوارع مدن المركز أو قوى الكفاح المسلح فى الريف. فمحاولة تغيير المركز لا تقابل بالورود فى اى منطقة من مناطق السودان، بل إن المركز يجيش المهمشين أنفسهم للدفاع عن سلطته وضد بعضهم البعض.

التهمـيش كحـزمة مـتكاملـة

فى السنوات الأخيرة أفتعلت معركة فى غير معترك حول مفهوم المركز والهامش والتحليل الطبقى والتحليل الثقافى. من المعلوم إن نظرية المركز والهامش نفسها هى من انتاج مثقفين من قلب مدارس اليسار الجذرى، وهؤلاء لا يغفلون التحليل الطبقى فى نظرتهم للمركز والهامش العالمى؛على رأسهم “اندريه غندرفرانك وسمير أمين” وهم رواد مفهوم المركز والهامش فى علم الإقتصاد السياسى. كما إن كل من “بول سويزى” و “وبول باران” و ” مورس دوب” تناولوا جوانب مهمة فى دراستهم للإحتكارات وأزمة الرأسمالية ، و جميعهم قدموا إسهامات جليلة فى هذا المجال. أخذ المفهوم عنهم آخرون وطبقوه على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية، بعض هؤلاء لم يشر مطلقاً بأنهم أخذوا من مفكرين آخرين! أما الذين تناولوا هذه المفاهيم فى السودان فقد إستندوا فى بعض الجوانب فى التاريخ والإقتصاد على إنتاج كثير من المثقفين من قلب حركة اليسارالسودانى أيضاً. ولذلك فإثارة هذه القضية بالشكل الذى طرحت به هى إفتعال لصراع لا أساس له فى قضية فكرية مصادرها معلومة وروادها من المفكرين معلومين. ويمكن للمدارس الفكرية المختلفة ان تأخذ من بعضها البعض وتغتنى وتثرى بعضها الآخر، هذا من ناحية نظرية. أما عملياً وحينما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الحركة الشعبية وحركة الطلاب المستقلين والمؤتمر السوداني، فنقول بشكل قاطع أن هذه القوى جميعها من قوى السودان الجديد، وينتميان لنفس الكتلة التاريخية المناط بها التغيير، والعلاقات بينهما إستراتيجية والتباين إن وجد؛ فبالضرورة لن يؤثر على ما هو إستراتيجى.
ونذكر إن مؤسس الحركة دكتور قرنق ينتمى الى مدرسة تتعامل مع التهميش الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي ومنظوره التاريخي كحزمة واحدة متكاملة الاسباب وتؤمن بأن تهميش النساء هو الأعمق. الحركة الشعبية هى رائدة قضايا الهوية والمواطنة المتساوية ومن المفيد لفكرها ولمستقبلها السياسي ولمستقبل بناء الكتلة التاريخية ان تتلاقح وتعطى وتأخذ من كل تيارات السودان الجديد. علينا إدارة نقاش عقلانى وموضوعى بعيداً عن محاولات تقسيم قوى السودان الجديد بدعوى إمتلاك الحقيقة المطلقة من أىٍ طرف.

هـل الهامش والمـركز كـتلة صماء؟

من القضايا التى أضرت بنضال الهامش ضد قهر المركز هى نظرة عدد كبير من المناضلين الى المركز والهامش ككتلة صماء. وهم بذلك يتوقفون عند سطح الظواهر ولا يلامسون عمقها. فالمركز يمور بقوى إجتماعية وإقتصادية وثقافية متعددة المشارب على مستوى الحاكمين والمحكومين. فالمحكومين ينتمون الى قوى إجتماعية وإقتصادية تعانى بمستويات متفاوتة من قهر المركز. فالمركز الجغرافى يضم قوى مهمشة عريضة غاضبة من سياساته وتقاومها، على مستوى الوعى السياسي يتباين إدراكها ومقاومتها لسياساته، ومن الخطأ المساواة بين المستغِلين والمستغَلين. إذ لابد من التمييز بين حكام المركز وفقرائه، وبين شهداء إنتفاضة سبتمبر من بنات وأبناء المركز الجغرافي، وبين جلاوزة “الأحجار الكريمة” من الأمن الذين ينتمون الى نفس الرقعة الجغرافية. عدم التمييز بين القوى الإجتماعية والسياسية فى المركز يؤدى الى أخطاء إستراتيجية وتكتيكية فى معرفة من هم أعداء الهامش ومن هم أصدقائه. كذلك الهامش ليس كتلة صماء، فكم من المنتمين للهامش خدموا المركز السياسي والحقوا الضرر بالهامش، وكم من المتنفذين فى المركز السياسي ينتمون الى الهامش الجغرافي. والهامش نفسه يضم قوى إجتماعية وبروقراطية إدارية وسياسية مصالحها مع المركز، ويضم قوى مهمشة تقاتل لمصلحة المركز ضد الهامش نفسه، ولدى بعضها مفاهيم ثقافية وعنصرية ضد بعضها الآخر.
إن مستقبل نضال الهامش يحتاج للتدقيق النظري والعملي حول المصالح الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لمكونات كل من المركز والهامش حتى لا نأخذهما ككتل صماء مما يخدم المركز. ومن المهم الإنتباه إن مدن اليوم فى غالبها من المهمشين. إن التهميش يأخذ اشكالاً عديدة منها ما هو إثنى وطبقى وثقافى بجانب تهميش النساء. لذلك فإن إدراك وفهم وتبيّن كافة أشكال التهميش مهم فى معركة التحرير.

خصـوصيات مناطـق الهامـش وعـلاقتها بالمـركز

لمناطق الهامش قضايا خاصة بها، أهمها الأرض والمواطنة المتساوية ، والعلاقة مع مركز السلطة، والحاجة لإعادة هيكلة المركز لمصلحة اقاليم السودان المختلفة، وان تحكم الأقاليم نفسها بنفسها، وضرورة إيجاد ترتيبات أمنية جديدة مستدامة لمصلحة الجميع، إضافة لقضايا التنمية المتوازنة والتوزيع العادل للثروة. كل هذه القضايا لن تحل إلا فى إطار قيام مركز جديد بعد إعادة هيكلته، ملك لكل المساهمين فى الشراكة الوطنية.
سعت الإتجاهات القومية الضيقة لتغليب الخصوصيات دون النظرة الى دور المركز وأهمية إعادة هيكلته لأنصاف المناطق المهمشة. يجب أن لا ننسى أن كل القوانيين التى تحكم الهامش تتم صياغتها فى المركز بما فى ذلك القوانيين المتعلقة بالأرض والمواطنة والتنمية. لا ندعوا للسير فى إتجاه معاكس لقومييّ المناطق المهمشة لأننا ندرك أهمية الخصوصيات التى تميز الهامش بما فى ذلك التأريخية منها، ولكن لا نرى أى حلول حقيقية لها دون تغيير سياسات وإعادة هيكلة مركز السلطة. وفي هذا الصدد من الضروري ان نقول ان قضية الأودك في النيل الأزرق وهي مهمة للحركة يمكن ان تحل في اطار ترتيبات خاصة في داخل اقليم النيل الأزرق نفسه وفي داخل السودان، وإن الحزام الذي يربط بين الجنوب والشمال من ام دافوق وحتي النيل الأزرق يصلح لإقامة شراكة إستراتيجة إيجابية بين دولتي السودان، ولاسيما المنطقتين اللتان قاتل سكانهما من السودان مع اهل جنوب السودان.

تجـارة الـرق، العنصرية، البناء الـوطنى و كتابة التأريـخ

منذ إنطلاقها إستندت رؤية السودان الجديد على المنظور التاريخي فى الدعوة لوحدة السودان، لأن السودان جزء من حضارات وادي النيل القديمة. ان الشخصية السودانية هى نتاج لمسيرة تاريخية طويلة مرتبطة بالمدنيات وأنظمة الحكم ونشأة العلوم والحضارة الإنسانية على ضفاف وادي النيل التى بناها الإنسان الإفريقي الاسود منذ آلاف السنين قبل الميلاد. تلاقحت أيضا حضارات وادى النيل القديمة مع الديانة المسيحية التى دخلت السودان الحالى بعد ثمان وثلاثين عاما من ظهورها، حيث قامت ممالك مسيحية على ضفاف النيل وازدهرت لأكثر من الف عام، وكانت العذراء تزين جدران كنائسها كإمرأة سوداء.
تبع ذلك إنتشار الإسلام على مدى أكثر من تسعة قرون من التبشير منذ اتفاقية البقط فى ٦٤١ م . فى مطلع القرن السادس عشر (١٥٠٥ م) قامت اول سلطنة بملامح إسلام سوداني بعد تحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع. وسميت تلك السلطنة بالسلطنة الزرقاء على لون سكانها.
هذه المسيرة التأريخية الطويلة منذ “كرمة ونبتة” مروراً بالسلطنة الزرقاء وممالك وسلطنات دارفور وكردفان والبجا وأنظمة الحكم المختلفة فى جنوب السودان وغيرها من أشكال نظم الحكم المحلية التى شملت كل السودان وجواره الحالى شكّلت التنوع التاريخي لبلادنا وإنسانها.
فى دراسته لتأريخ السودان تأثر مؤسس الحركة بنتائج البحوث التى أجراها الكثير من العلماء حول حضارات وادى النيل، وعلى رأسهم المفكر والمؤرخ السنغالى الكبير الشيخ ” أنتا ديوب” الذى إعتبر البعض رسالته للدكتوراة حول حضارات وادى النيل السوداء بمثابة إنجيل التاريخ الأفريقيى. فتح الإطلاع على نتائج تلك الدراسات والبحوث نقاشا طويلا داخل صفوف الحركة حول رؤية السودان الجديد من منظور تاريخى. فالتأريخ هو أحد أهم مكونات الدعوة لوحدة السودان كما أن الإلمام بالتاريخ مهم من أجل المصالحة الداخلية بين الشعوب السودانية، والمصالحة عالميا مع الحضارات الإنسانية الأخرى.
لقد كان الإنسان الأسود فاعلاً وحاضراً فى مسيرة التاريخ العالمى، وهذا مهم لمواجهة النظرة الدونية للسود فى العالم. هذا ماذكره أيضا الشيخ “أنتا ديوب” فى كتاباته. ولذلك فالدفاع عن التنوع التاريخى للسودان هو الذى يسند وحدته، وكما أشرت فى كتابات سابقة: “فإن الأنتقاص من تاريخ السودان هو الذى إنتقص من وحدته”. فالذين يريدون ان يوحدوا السودان عليهم أن يتصالحوا مع تنوعه التاريخى حتى يتصالحوا مع تنوعه المعاصر.
لن تكتمل اى عملية مصالحة وطنية حقيقة إلا بقراءة موضوعية لتأريخ السودان لاسيما فترة تجارة الرق والأثار والجراحات العميقة التى خلفتها فى قضايا البناء الوطنى ووحدة السودانيين ونظرتهم لبعضهم البعض. دراسة تلك الفترة والكشف عن ما جرى فيها والإنتقاد الواضح والشفاف للمارسات التى حفلت بها ومخلفاتها اللاحقة ومكافحة العنصرية الحالية التى تمخضت عنها، وأصبحت تشكل أحد المكونات الثقافية والمرارات التى تعوق البناء الوطنى أمرا هاما لمستقبل التعايش بين السودانيين.
لن يتم كل ذلك إلا ببناء دولة مواطنة متساوية وأن تتخذ الدولة سياسات واضحة لمكافحتها من خلال التربية والمناهج التعليمية وإرثاء ثقافة مجتمعية متكاملة واصدار التشريعات الصارمة لمكافحتها . يجب أن لا نعتقد أن بإمكاننا تجاوز مرارات تلك الفترة بمحاولة إغفالها و السماح لها بضرب النضال المشترك للسودانيين من أجل مستقبل أفضل. كما يجب أن لاتتسب فترة تجارة الرق والعنصرية التى خلفتها فى تقسيم قوى التغيير وتعطل عملية توحيدها فى معركتها لبناء مجتمع جديد معافى.
إن أجندة المستقبل يجب ان تبنى على الحقائق دون تزويغ او تزويد. لقد عبّر الشهيد “جوزيف قرنق أوكيل” من قبل فى إطار حديثه عن فترة تجارة الرق وعن “هوبكنز” ودور الإستعمار والكولونياليه فيه التى وفرت الاسواق لترويجها، وضرورة الإستفادة من دروس تلك الفترة لمواجهة قضايا اليوم دون أن نظن أن الخصوم الداخليين أشد وطأة من الخارجيين، وتأكيده على ضرورة إنهاء الإستغلال الداخلى ومواجهة الإستغلال الخارجى، مشبهاً الذى يهرب من إستغلال الجلابة لإستغلال الرأسمالية العالمية كمن يهرب من بيت المرفعين الى بيت الاسد!
لذلك علينا أن نواجه ماضينا بجرأة لنصنع ما هو أفضل بمستقبلنا، فتأريخ السودان يحتاج الى إعادة قراءة وكتابة مبنيّة على الحقائق، وبأيدينا دون وجل؛ وفى تكامل وشمول وفى إعتراف تام بمساهمات كافة أقوام السودان.
هنالك مساهمات عديدة فى هذا الخصوص من السودانيين، ومن بعض الأجانب المهتمين كانت الحقيقة مقصدها فى تتبع دروب التاريخ الشائكة والمؤلمة فى كثير من الأوقات. لذلك نحن نحتاج فى توجهنا نحو المستقبل ان نربط أنفسنا بمراسي تأريخنا، فالسفن التى لا تربط فى المراسى بحبال متينة يجرفها التيار بعيداً. فالنربط أنفسنا بحبال تاريخنا. فليس بإمكاننا تبيّن دروب المستقبل قبل أن نجاوب على أسئلة من شاكلة : من نحن ومن أين جئنا، والى أين نود الذهاب؟ فحاضرنا ومستقبلنا سيأخذ من ملامح ماضينا.

الصـوفية التسامـح والتعـايش- المسيحية والديانات الإفـريقـية

شكّلت الصوفية ملامح الإسلام السوداني بطابعها المتسامح والقادر علي التعايش مع الديانات الاخري، ونشرته بالموعظة الحسنة والحكمة والرايات المطرزة بالنذور على مدى تسعة قرون، وتفاعلت مع الثقافات الإفريقية وأخذت منها أيقاعاتها وتبنت بعض وظائفها الاجتماعية والتى تفاعل معها شيوخ الطرق الصوفية. ورغم ما علق بالتصوف وبعض المتصوفة من شوائب إرتباطهم بالحكومات الشمولية، لكنها تظل ترياق ضد الإسلام السياسى والسلفية الحربية. فالطرق الصوفية راسخة الجذور فى مجتمعنا، وفى حملات بناء الحركة بعد إتفاقية السلام نشأ ود ومحبة بين شيوخها وبين الحركة، وانضم بعضهم الى الحركة. لقد قامت الصوفية على التسامح فى تفاعلها مع التنوع السودانى ولذلك علينا ان نستمر فى التفاعل الإيجابى معها لترسيخ قيم الفضيلة والتسامح واحترام التنوع فى بلادنا.

لاتزال هنالك مجموعة مقدرة من سكان السودان تعتنق الديانة المسيحية، والديانات الافريقية، حتى بعد إنفصال الجنوب، مما يستدعى الإهتمام بقضية التنوع الدينى فى بلادنا. قضية التنوع الدينى لن تحل بشكل جذري إلا بالوصول الى سودان جديد ديمقراطي علماني يفصل بين الدين والدولة، ويؤسس دولة المواطنة المتساوية ويقف على مسافة واحدة من جميع الأديان ومن المؤلم أن هذا النظام إستهدف المسيحيين السودانيين بشكل عام، كما شرد آلاف الأقباط السودانيين فى فجاج الأرض. ولذا فإن قضايا المسيحيين السودانيين والمؤمنيين بالديانات الافريقية شديدة الصلة والإرتباط بإقامة نظام ديمقراطي ومواطنة متساوية.

الديمـقراطـية وحـقـوق الإنسـان

قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان واحدة من القضايا التى تستحق المراجعة الدقيقة فى تجربة الحركة. والحركة مثلها مثل كثير من حركات الكفاح المسلح إعتبرت الأخطاء والجرائم التى أرتكبت أنها أخطاء وجرائم عابرة لابد من المرور بها أثناء إنجاز مهام التحرير، وأن الأهداف السامية للتحرير تعلو على مثل هذه الأخطاء المؤقته. لقد كان هنالك الكثير من الضحايا لتلك الممارسات لاسيما فى حروب الهامش الداخلية الطويلة التى كانت فى غالبيتها بدفع من حكومات الخرطوم. والحركة والجيش الشعبي خاصة فى البدايات لم يأخذا قضايا حقوق الإنسان كمكون رئيسى فى ممارستهما، وقد الحق ذلك تشوهات بالتجربة.
إتضح من تجارب العديد من حركات التحرر الوطني إن إغفال قضايا حقوق الإنسان اثناء عملية التحرير لايمكن تداركه بعد التحرير.
وبعد اتفاقية السلام ٢٠٠٥ لم تعط الحركة الإهتمام المطلوب لقضايا التحول الديمقراطي وركزت جل إهتمامها على تنفيذ الجوانب التى ستؤدي الى الإستفتاء على حق تقرير المصير على الرغم من أن التحول الديمقراطي كان ركناً رئيساً من أركان الإتفاقية. كما لم تتمتع الحركة بالحساسية المطلوبة تجاه كثير من الممارسات المخالفة لحقوق الإنسان التى ارتكبتها أجهزة المؤتمر الوطني أثناء الفترة الإنتقالية. و كان مركز السلطة وحزب المؤتمر الوطني يساومان لإغفال قضايا التحول الديمقراطى فى مركز السلطة مقابل تنفيذ جوانب الإتفاقية المؤديه لحق تقرير المصير. وقد تطلب تحقيق الإستفتاء على تقرير المصير معارك شاقة، زاد من مشقتها غياب التحول الديمقراطى الذى دفع ثمنه الجنوبيون والشماليون معا بعد الإنفصال، فبقاء النظام القديم معادٍ لكلا شعبى السودان.
ولأن قاعدة الحركة الصلبة فى جنوب السودان كانت تريد أن تنجو بجلدها من دولة الفاشية الإسلامية لذلك لم تهتم كثيرا بقضايا التحول الديمقراطي.
إن حركات الهامش جمعيها إهتمت أكثر بقسمة السلطة والثروة والتى أصبحت قسمة فوقية بين الصفوة ولم تؤد لتحول ديمقراطى فى بنية السلطة وإعادة توزيع الثروة لمصلحة الفقراء والمهمشين وبدون ذلك لا يمكن إنهاء التهميش.
إن قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان تمثل أحد أهم الآليات لإنهاء التهميش وقد آن الآوان لوضعها فى صلب برنامج حركات الهامش ونضالها، فبدون ديمقراطية لايمكننا بناء مجتمع جديد يؤدى الى إنهاء التهميش، وهذه القضية يجب أن تشكل أحد أعمدة فكر السودان الجديد.

الديمـقراطـية الداخـلية وانتخـاب الـقـيادة

أشرنا من قبل بضرورة أن تشكل الديمقراطية أحد أعمدة فكر السودان الجديد دون ضبابية، والديمقراطية ليست بالأمر السهل واذا أردنا ان نحققها فى المجتمع علينا أن نطبقها داخل تنظيمنا ففاقد الشئ لا يعطيه. لقد عانت الحركة من مصاعب حقيقية فى الديمقراطية الداخلية و كان للعمل العسكري والتراتبية العسكرية تأثير سلبى واضح فى ذلك، بل إن الجناح السياسي للحركة لم يأخذ ملامحه و يتشكل إلا فى وقت متأخر وكانت البداية الفعلية هى المؤتمر الأول للحركة فى “شقدوم” عام ١٩٩٤. والآن بعد مضى وقت طويل منذ التأسيس الأول للحركة فى ١٩٨٣ لابد أن ننتبه لقضية الديمقراطية الداخلية، وان تأخذ موقعها المستحق حتى تزدهر الحياة الداخلية للحركة وتنطلق بمساهماتها نحو المجتمع.
إن أحد المقومات الرئيسية للتنظيمات الحديثة هو إنتخاب القيادة فى ظل نظام داخلي يتيح الديمقراطية والتبادل السلمي للمواقع القيادية وهو ما يجب أن يشكل ملمح رئيسي لما نود أن نقوم به من تجديد تنظيمى.

حـركة إصـلاحية أم ثــورية !

يجب أن تكون الحركة التى نحن بصددها حركة ثورية تحررية واضحة الأستراتيجية وتتبنى تكتيكات ملائمة لتحقيق تلك الأستراتيجيات. من الطبيعى أن تمر الثورة عبر محطات الإصلاح ولكن قطارها لا يتوقف عندها كمحطات نهائية فمشروعنا أبعد من الإصلاح وهو مشروع ثورى تحرري يرمى لبناء سودان جديد لمصلحة كل السودانيين.

حــركة حـقـوق مـدنـية ديـمـقراطـية فى المـدن

إعتمدت الحركة فى غالب تأريخها على الكفاح المسلح والآن بعد التغيير الكبير فى التركيبة الديموغرافية والطبقية فى المدن و وخصوصاً مناطق الإنتاج الحديث أضحت الوسائل الناعمة أكثر ضرورة من أى وقت مضى.
لم يجد توظيف الوسائل الناعمة معالجة كافية من الحركة رغم أن محاولات عديدة بذلت فى هذا الإتجاه. الآن لامناص من بناء حركة حقوق مدنية تحررية فى مدن السودان مرتبطة عضوياً بالريف ومنفتحة على القوى الديمقراطية والتقدمية والمستنيرة لانتصار مشروعنا. إن الحركة التى ندعوا لها يجب أن تكون ذات أجندة واضحة فى قضايا المواطنة المتساوية وضد العنصرية وتناضل من أجل الخبز و السلام والتحرر وتحسين شروط الحياة المعيشية لكافة السكان، وتربط بين قضايا العدالة الإجتماعية والمواطنة وتحقق ديمقراطية الثقافة والسلطة. مثل هذ الحركة هى التى يمكن أن يعول عليها فى بناء الكتلة التاريخية من جميع القوميات ولمصلحتها جميعاً، معتمدة على استخدام وسائل اللاعنف والعمل السلمى المدنى الديمقراطي وهى أحدى وسائلنا نحو المستقبل. الذي يجدر ذكره ان هناك قضايا ذات خصوصيات بعضها مؤقت، أصبحت تشكل اجندة جديدة من ضمنها قضايا الاراضي، السدود، الإبادة الثقافية، البيئة، تجمعات المزارعين، الرعاة، المفصولين تعسفيا والنازحين واللاجئين وغيرها تحتاج الي إنتباهة خاصة.

إتفـاقيات السـلام والإندمـاج فى النظـام القــديم

لاشك أن إتفاقية السلام الشامل هى كبرى الإتفاقيات التى تمت، وكانت ذات أثرٍ كبير داخلياً وخارجياً. أحد أركان الإتفاقية هوالتحول الديمقراطي ، وقد كان هو الضمانة العضوية لتغيير السودان عبر إنتخاب سلطة جديدة فى بداية النصف الثانى من عمر الإتفاقية. كما أن الإنتخابات والأستفتاء على حق تقرير المصير كانا أهم آليات تغيير الأوضاع القديمة. ولكن عند التطبيق تم عن عمد تجاهل التحول الديمقراطى الذى هو الأساس لعلمية التغيير، ولو تم التحول الديمقراطي؛ لأحدث أثراً إيجابياً كبيراً لمصلحة الوحدة، وتحقيق السلام بين البلدين فى حالة الإنفصال. كذلك لم تأخذ القوى السياسية المعارضة الحقوق الواردة فى نصوص الإتفاقية حول التحول الديمقراطى مآخذ الجد، ولم يسع معظمها لإستخدام وثيقة الحقوق الدستورية لفرض الأمر الواقع على الحكومة، بل إعتبرت ذلك من مهام الحركة، وهو جزء من الأسباب التى أدت الى الحفاظ على النظام بشكله القديم. رغم ذلك فان تغييرا بشكل من الأشكال قد تم رغم محدوديته وقتها ولم يعد الحال مثل ما كان قبل الإتفاقية.
تم توقيع إتفاقيات عديد بعد نيفاشا خارج وداخل السودان، لكنها لم تؤد الى التغيير المطلوب مما يطرح سؤالاً مركزيا حول كيفية تحقيق السلام والتغيير معاً، إذ لا يوجد سلام فى ظل الحفاظ على النظام القديم. هذا هو أحد الاسئلة التى تحتاج لإجابة، ونحن نعمل لتجديد الحركة والإنفتاح على الآخرين. فهل من الممكن ان نصل الى اتفاقية سلام خارج الدائرة التقليدية لتقسيم السلطة والثروة؟

حــركات التحــرر: تــراجـع الأحــلام الكـبيـرة

فى ظل الليبرالية الجديدة والرأسمالية المتوحشة ? كما أشرنا من قبل – تواجه حركات التحرر الوطنى فى بلدان الجنوب اوضاعاً عالمية غير مواتية لوجودها لتحقيق التنمية وبناء المجتمعات الجديدة. وكما تابعنا فى السنوات الأخيرة فقد تم القضاء على دول بكاملها نتيجة للتدخلات الخارجية كما حدث فى العراق وليبيا. فى ظل هذه الأوضاع فإن حركات التحرر الوطني الحاكمة او التى فى المعارضة تجابه اوضاع شائكة. إن تجارب حركات التحرر الوطني فى الحكم انتهى معظمها الى فشل فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لشعوبها، ونحا كثير من قادتها ورموزها للدكتاتورية بدلا عن الحرية والتحرر فى ظل مناخ عالمى سلبي انتشرت فيه الحركات القومية الضيقة والشعوبية والتوجهات الإثنية والتيارات الدينية المحافظة فى أكثر البلدان تقدما إقتصاديا.
يضاف الى ذلك تشابكات العولمة والتطور فى أجيال البرمجيات، وتأثيرها الكبير ايجابا وسلبا على عقولنا فإن إنسدادا بيّنا فى الآفاق وتناقص فى الأحلام الكبيرة والرؤى الطامحة لتحقيق عالم أكثر انسانية أصبحت على المحك. وفى هذا الوقت ورغم ما يدور من حولنا إقليميا ودوليا فإننا ملتزمين بمحاولتنا بالتمسك بالأحلام الكبيرة وبرؤية السودان الجديد.
إن المناخ الإقليمي والعالمي يشهد أنحداراً بلغ فى بعض الأحيان درجة طرح الأفكار العقيمة البالية من أعلى منصات المسرح العالمي. ان هذه الأوضاع تؤثر بشكل او بآخر فى واقعنا الداخلي وتشجع الأنزواء السياسي والفكري وتدعم تصاعد قضايا الإثنية الضيقة والتطرف الديني.
على الجانب الآخر فإن الإرهاب الذى يستهدف المدنيين يجد أساسه بصورة او أخرى فى أزمة النظام العالمي وعدوانه الذى لم يترك آفاقاً للتطور والعدالة لملايين الفقراء على مستوى العالم ولا سيما بلدان الجنوب.
فى هذا المناخ المضطرب تصبح محاولتنا للتمسك برؤية تقدمية مثل رؤية السودان الجديد، وبناء منظمة وطنية ديمقراطية أمرا ضروريا وحيوياً لشعبنا وللبلدان المجاورة لنا، وهى المنظمة التى يمكن ان تساهم بفاعلية فى الحفاظ على وحدة السودان والسلام فى جوارنا.

إنفـصال جـنوب السـودان والإتحاد بيـن بلــدين مستقـلين

نحن الذين حاربنا مع أبناء شعبنا فى جنوب السودان وأحببنا الجنوبيين والجنوب مثل حبنا للشماليين والشمال لا نفرق بينهما فقد تعلمنا محبتهما معاً.
إن حقيقة إنفصال الجنوب والإبادة الجماعية فى السودان هما حدثان من الضخامة بمكان ليدفعا كل وطنى لاعادة النظر فى المشروع الوطني القديم واستبداله بآخر على نسق مغاير.
لكننا نعلم أن النظام الفاشي الحاكم وبحكم طبيعته لن يعيد النظر فى نظامه القديم إلا مجبراً. ولذا فإننا نتوجه الى قوى التغيير خاصة قوى السودان الجديد وقوى التقدم والاستنارة التى نسعى معها لبناء منظمة ثورية، ومثلها نتوجه الى قوى التغيير العريضة للعمل على إزالة النظام، والإتفاق على أسس جديدة للمشروع الوطنى عبر مؤتمر دستورى ينقلنا لترتيبات دستورية ديمقراطية تعيد هيكلة الدولة السودانية. هذه مهام تواجه جميع الشعوب السودانية. إن رؤية السودان الجديد رؤية سودانية خالصة انتجتها أرض بلادنا و تشكل نقطة تلاحم والتقاء بين الشعبين فى دولتى السودان. يضاف لذلك أن مجموعات كبيرة من المواطنيين السودانيين شاركوا فى حرب التحرير فى جنوب السودان، وهى نقطة تلاحم أخرى من النضال الذى قادته الحركة ضد التهميش حمل كثيراً من المواطنين الجنوبين الى نضال فى مناطق متفرقة فى شمال السودان.
لقد ساهمت الحركة فى إنتاج وعى مغاير وعلاقات مشتركة بين دولتى السودان لا تزال صالحة لمد يد الأخوة الشريفة بينهما.
بإنفصال الجنوب إنتهى شكل من أشكال الوحدة، والفرصة الآن لإعتماد شكل آخر جديد للوحدة بين بلدين مستقلين على أساس الإحترام المتبادل لإستقلال وسيادة كل منهما وخلق علاقة إستراتيجية تسندها المصالح والجغرافيا والتاريخ والدماء واقامة (اتحاد سودانى) بين الشعبين والدولتين.
هذه هى الدعوة التى يجب أن تتبناها الحركة والكتلة التاريخية التى تنتمى اليها فى السودان. على هذه الكلتة أن تأخذ على عاتقها مهمة الوصول لذلك الاتحاد السوداني لمواجهة تعقيدات بلدان الجنوب والإسهام الإيجابي إقليمياً وعالمياً لاسيما وحدة إفريقيا والتعاون الإستراتيجي بين الأفارقة والعرب خصوصاً أن أغلبية العرب تتواجد فى إفريقيا.
لاشك ان كلا البلدين محتاجين لإقامة الوحدة على أساس التنوع، والى مشروع وطني ديمقراطى داخل كل منهما، ويحتاجان للتعاون والشراكة الإيجابية مع الإقليم والمجتمع الدولى وفق المصالح الوطنية لكليهما. وإن كانت مصالح بلدان الجنوب فى بناء علاقات دولية متكافئة لمصلحة جميع الشعوب تقتضى توحدها، فمن باب أولى أن نبداء بجنوب السودان الذى نشاركه التاريخ والثقافة وأطول حدود دولية ومصالح فعلية لمواجهة إشكاليات وتحديات عالمية كبيرة. ويجب أن يكون هذا الاتحاد مقدمة لإتحاد أكبر مع جميع بلدان الجوار.
إن تجارب عديدة إستطاعت أن تقيم أشكال مستحدثة من الوحدة ففى اوروبا يمكنك الذهاب من إسبانيا حتى الحدود التركية بترتيبات اوروبية مشتركة ونحن أحوج لمثل هذه الترتيبات من غيرنا، وهذا يشمل جميع بلدان الجوار، ولكن علاقتنا مع الجنوب لها وضعها الخاص والمتميز ولها مكانة فى قلوبنا وافئدتنا، وحينما غاب الجنوبيون فقدت بلدنا ملحها وفقدت بعض طعمها ومذاقها.

الإطــار التـنـظيـمى الجـديـد

ولأن “الدجى يشرب من ضوء النجيمات البعيدة” كما انشد شاعرنا الكبيرالراحل الاستاذ تاج السر الحسن، فإن بلادنا تحتاج الى مشروع وطني مغاير قادر مع الآخرين على بناء كتلة تاريخية، وتوحيد الضمير الوطني والسياسي لسكان المدن والريف.
إن تجديد الرؤية الذى يأخذ المتغيرات والممارسة العملية يعنى بالضرورة تجديد الإطار التنظيمي بما فى ذلك الوسائل والآليات والديمقراطية الداخلية وانتخاب القيادة والتبادل السلمي والديمقراطي للسلطة داخل التنظيم ومن ثم فى المجتمع العريض.
إن تجديد الرؤية والآليات التنظيمية هما مفتاح رئيسى للإنتقال بالحركة الى وضع جديد، وهى قضايا مترابطة إذ لا يمكن تجديد إحداهما دون تجديد الأخرى. لقد جاء الوقت لضخ هواء نقى جديد فى رئة الحركة يبعدها عن التكلس والجمود، ويمدها بروح نضالية جديدة جاذبة للمهمشين وللسودانيين من كافة دروب الحياة.
إن الهدف هو خلق حركة على نمط جديد واختبار أراضي وآليات جديدة وذلك هو المدخل الصحيح لإعادة بناء الحركة والمساهمة فى بناء الكتلة التاريخية. عند القيام بذلك علينا ان نحدد مصادر القوة وان نضع إستراتيجية واضحة لبناء هذه المصادر وهذه هى أولى مهام البناء التنظيمى.

لمـاذا لـم يتمـكن تنظـيمـنا مـن تغـيير المــركز

بعد انتفاضة إبريل ١٩٨٥ كنت حينها من قادة حركة الطلبة الذين شاركوا مع الملايين فى إنتفاضة إبريل التى أطاحت بنظام نميرى. كنت قد أمضيت عاما قبل الإنتفاضة فى سجن كوبر جذبتني فيه رؤية الحركة مثل المجاذيب فى كل زمان ومكان، واطربتني إيقاعات ودفوف الكفاح المسلح التى أخذت حيزاً واسعاً منذ ستينات القرن الماضي. وعلى أيام نميرى كنا نطالع تجارب الكفاح المسلح فى افريقيا وامريكا اللاتينية، وتوصلنا الى ان الكفاح المسلح يحتاج الى حركة سياسية سلمية كجناحي طائر ليحلق. قمت مع أصدقاء العمر “حسن نابليون” و”على العوض” بمحاولة تكوين جماعة ” الخبز والسلام والتحرر” ودخلنا فى نقاشات مطولة مع آخرين وكنا ننوى بناء جناح سياسي فى المدن للحركة لجذب قوى هائلة معطلة الطاقات لتناصرها ولتطرح قضايا الخبز والسلام والتحرر وتناضل من أجلها فى شوارع المدن. ولكننى حينما ألتقيت بالمسؤلين عن مكتب الحركة فى الخرطوم ومنهم الراحل الدكتور ” بيتر نيوت” و ” أدوارد لينو” و”يوهانس يور أكول” ولمحاذير التاريخ والسياسة والجغرافيا وترصد أجهزة الأمن ومفارقات الإثنية التى تتغذى على أكل الثقة بين مختلف القوميات، لم تجد فكرتنا صدىً عند مكتب الحركة السري فى الخرطوم.
بعد ذلك اتجهت للإنضمام للجيش الشعبي. وحينما وصلت معسكر اللاجئين فى “إتنغ” فى الحدود الأثيوبية السودانية بالقرب من مدينة “قمبيلا” فى يناير ١٩٨٧ قمت بترجمة برنامج حركة “الخبز والسلام والتحرر” مع الراحل والصديق الصحفي “شول كوانج” والصديق العزيز ” جورج ماكير بنجامين” وأعطينا نسخة للراحلين الكبيرين “اروك طون اروك والعم اليجا مالوك” ولاحقا ناقشتها مع الدكتور جون قرنق حينما التقيته للمرة الأولى فى المدرسة السياسية فى معسكر” الزنك” فى أحدى ضواحى قمبيلا فى منتصف ١٩٨٧، تناقشنا فى هذه القضية الهامة التى ظللت أطرحها بإستمرار فى مختلف منابر الحركة ولكنها لم تجد العناية اللازمة على مر سنوات الحرب الطويلة مع ان قرنق ويوسف كوة مكى كانا من مؤيدى هذا الطرح، لكن الكفاح المسلح ظل يفرض أولوياته باستمرارعلى الحركة.
لم تتمكن الحركة لأسباب عديدة أخرى ومثلها حركات الكفاح المسلح فى مناطق السودان الأخرى من التحليق بجناحين، ولم تستطع ربط الكفاح المسلح فى الريف بالعمل السياسي السلمي فى المدن والمزج بين القوى الناعمة والخشنة. كان ذلك سيستنهض جماهير واسعة المشارب كتلك التى إستقبلت قرنق فى الساحة الخضراء لاحقاً. هذه الجماهير بالضبط هى ما كان يحتاجه الكفاح المسلح ليلحق الهزيمة بمركز السلطة، وجماهير المدن تحيط بالحاكمين إحاطة السوار بالمعصم، خصوصا إن المدن على أيام الحرب الأولى كانت تعج بملايين المهمشين من جنوب السودان والمناطق الأخرى.
على الرغم من أهيمة الدور الذى لعبه الكفاح المسلح ولازال يلعبه ضد فاشية الإسلام السياسى إلا أن حرمان الكفاح المسلح من أهم حليف إستراتيجي الحق الضرر بقضايا المهمشين.
الحركة بوصفها كبرى حركات الكفاح المسلح، والأم الروحية لحركات الهامش، مؤهلة للإتجاه صوب المدن وبناء حركة تحرر للحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية، تصادم ولا تهادن أنظمة الخرطوم، وتحرر مركز السلطة بتلاحم العمل السلمى الديمقراطي المدني فى الريف والمدينة، مما يعطى روح جديدة لا تجعل حركات الكفاح المسلح نهباً للإتفاقيات التى تؤجل حل القضايا، وتقدم أطواق نجاة للنظام القديم. وقد آن الأوان للحركة أن ترد الإعتبار لنضال مهمشي وفقراء ومثقفى المدن، وأن تصعد درج سلم المدن نحو بناء حركة جماهيرية جذرية قادرة على فرض أجندة المواطنة المتساوية وبناء دولة ديمقراطية لا تغفل العدالة الإجتماعية وديمقراطية الثقافة والسلطة وتبصر الإضطهاد بعينين.
الحركة فى ذلك لا تبدأ من الصفر، فلها وجود فعلي فى مدن وريف السودان، ولديها تنظيمات ذات تجربة وبنية تحتية طوال الفترة الإنتقالية (٢٠٠٥-٢٠١١)، وقد تبلورت ظاهرة جديدة فى الحرب الثانية لم تكن موجودة من قبل، فقد برز قادة من الحركة في كل الولايات والقطاعات أعلنوا مواقف صريحة ضد النظام وتحملوا السجون ومعاناة النضال وهم من سيقود العمل التنظيمي والسياسي الذى ننشده.

قضايا التنـظـيم والممـارسة التأريخـية

ترتبط قضايا الحركة التنظيمية إرتباطاً لا إنفصام لعراه بممارساتها الفعلية وحصاد الممارسة فى العقود الماضية، ولابد من تقييم وسائل عملها وهياكلها خلال هذه الفترة والنتائج الفعلية التى توصلت لها. توفرت للحركة موارد بشرية جيدة، وقد ظل عشرات الألاف من الشباب ومن كادر الحركة متفرغين بشكل يومى لآداء المهام التى تطلبها القيادة، ومع ذلك يمكن القول ان هذه الموارد البشرية الضخمة لم تستخدم بكفاءة عالية على الرغم من مجهودات بناء القدرات السياسية والعسكرية.
يشار أيضاً الى إن فئات المثقفين الذين إنضموا للحركة لم يجدوا الفرص الكافية والمساحة المناسبة لتمدد قدراتهم. يرتبط النجاح المحدود فى إستغلال مقدرات الأعضاء بشكل رئيسى بقضية إعتماد الحركة على الكفاح المسلح دون الأشكال الأخرى. كما اعتمدت الحركة عسكرة بنيتها التنظيمية لإدخال الإنضباط فى صفوفها بجانب انها ورثت تجارب الأنانيا الأولى وكثير من سلبياتها، كما أن قادتها الكبار الذين أتى معظمهم من الجيش السوداني قاوموا فى كثير من الأوقات التحديث الثورى الذى أدخله قرنق. كذلك إستنزف إختلاط ما هو موضوعي مع الذاتي فى قضايا الهامش والتباعد وعدم الثقة التاريخية بين القوميات المهمشة الكثير من الوقت والطاقات. والآن بعد مضى كل هذا الزمن فإن الحركة تمتلك تجربة ثرّة حول ما يمكن أن تتحصل عليه من الكفاح المسلح وما ينقصها من آليات وهياكل جديدة للإنفتاح على قوى أكبر. ولذلك فإننا حينما نتجه لتجديد الرؤية علينا أن نتجه الى تجديد الوسائل والهيا

تعليق واحد

  1. اكيد انن راقد تحت شجرة وبتحلم باوهاكم دي, السودان لو حكمتو انت والا حكمو غيرك ما دام هو سوداني حيكون نفس العقليات الخربة النمطية التقليدية, انت اكبر مثل, قاعد تنظر ليك كم سنة؟ ورينا انجاز واحد انجزتة في الفترة دي؟ كلام كلام كلام عمرك كله زيك زي الصادق الما صادق وزيك زي البشكير الكذاب الاشر, نفس التربية والفهم, والدليل الثاني هو تمجيدك للماضي الذي لم يكن سوى حاضر انت خارجه بعد تم لفظك بعيداً عنه.
    السودان الجديد هو سودان العمل والاجتهاد والاخلاص والنزاهة وحب الوطن والغيرة الوطنية وليس نظرتك التي لا تزال هي نظرة شمال وجنوب.

  2. شوف يا عرمان مافى ميلاد تانى ولا تالت مش لو عملتو جزئين لو مائه جزء مافى زول بعبرك من الافضل ان تقدم نقد ذاتى لنفسك قبل تجربتك وماذا قدمت للرؤيه منذ ميلادها قبل ميلادك الذى تبشر به كانك المخلص..
    ارجع للزمن مره واتذكر ما فعلته برؤيه السودان الجديد..
    عموماً الرؤيه ماضيه فى مسارها الصحيح الذى تنعته انت وابواغك بالانقلاب..

  3. الحلو يعلم تماما كل هذه الحقائق التى ذكرتها والنوبة يعلمون هذه الحقائق وأكثر لكن المسألة لا تتعدى حافز لزيادة المكاسب فى المفاوضات لا غير وبالتالى أنت وعقار من الذكاء لابد لكم من خطة استباقية والا الزمن ليس فى صالحكم لأنكم الآن أنتم خارج هذه المنظومة

  4. انت لسسسسسسسسسسسسسسسسسسة بتهضرب بالسودان الجديد لنج ده
    ههههههههههههههههههههههههههههههههه

  5. إقتباس:
    “وقد شاركوا (النوبة) تأريخياً فى الدفاع عن وحدة السودان ضد الغزاة والمستعمرين”

    وجود النوبة في السودان وتفاعلهم مع مكوناته لا يسبر عمقه من خلال مشاركتهم في الدفاع عن وحدة السودان ضد الغزاة فحسب .. النوبة بمكوناتهم الحالية بجبال النوبة هم سكان الممالك المسيحية في القرون الوسطى فيما يعرف اليوم بمثلث حمدي .. وكنت أعتقد يقيناً أن الأستاذ ياسر عرمان يعلم بهذا..

    فلماذا يغمط الأستاذ ياسر النوبة إرثهم هذا حينما ذكرت أن سكان النيل الأزرق كانوا قد حكموا السودان ثلاثة قرون؟؟ مع أن النوبة هم أصحاب حضارة وادي النيل النوبي؟؟!!

    عايزنا نقول ليك برضك في النهاية جلابي؟؟

  6. لم يتطرق عرمان لاتفاقية نيفاشا و حق المنطقتين في المشورة الشعبية.وحق تقرير مصيرهم
    لماذا هذا التغافل المتعمد ؟

  7. أيها الجسور

    معاً لسودان جديد ..
    سودان ديمقراطي ، لا صغير فيه ولا كبير . يتساوى فيه الجميع امام دولة القانون و المواطنة .

  8. اكيد انن راقد تحت شجرة وبتحلم باوهاكم دي, السودان لو حكمتو انت والا حكمو غيرك ما دام هو سوداني حيكون نفس العقليات الخربة النمطية التقليدية, انت اكبر مثل, قاعد تنظر ليك كم سنة؟ ورينا انجاز واحد انجزتة في الفترة دي؟ كلام كلام كلام عمرك كله زيك زي الصادق الما صادق وزيك زي البشكير الكذاب الاشر, نفس التربية والفهم, والدليل الثاني هو تمجيدك للماضي الذي لم يكن سوى حاضر انت خارجه بعد تم لفظك بعيداً عنه.
    السودان الجديد هو سودان العمل والاجتهاد والاخلاص والنزاهة وحب الوطن والغيرة الوطنية وليس نظرتك التي لا تزال هي نظرة شمال وجنوب.

  9. شوف يا عرمان مافى ميلاد تانى ولا تالت مش لو عملتو جزئين لو مائه جزء مافى زول بعبرك من الافضل ان تقدم نقد ذاتى لنفسك قبل تجربتك وماذا قدمت للرؤيه منذ ميلادها قبل ميلادك الذى تبشر به كانك المخلص..
    ارجع للزمن مره واتذكر ما فعلته برؤيه السودان الجديد..
    عموماً الرؤيه ماضيه فى مسارها الصحيح الذى تنعته انت وابواغك بالانقلاب..

  10. الحلو يعلم تماما كل هذه الحقائق التى ذكرتها والنوبة يعلمون هذه الحقائق وأكثر لكن المسألة لا تتعدى حافز لزيادة المكاسب فى المفاوضات لا غير وبالتالى أنت وعقار من الذكاء لابد لكم من خطة استباقية والا الزمن ليس فى صالحكم لأنكم الآن أنتم خارج هذه المنظومة

  11. انت لسسسسسسسسسسسسسسسسسسة بتهضرب بالسودان الجديد لنج ده
    ههههههههههههههههههههههههههههههههه

  12. إقتباس:
    “وقد شاركوا (النوبة) تأريخياً فى الدفاع عن وحدة السودان ضد الغزاة والمستعمرين”

    وجود النوبة في السودان وتفاعلهم مع مكوناته لا يسبر عمقه من خلال مشاركتهم في الدفاع عن وحدة السودان ضد الغزاة فحسب .. النوبة بمكوناتهم الحالية بجبال النوبة هم سكان الممالك المسيحية في القرون الوسطى فيما يعرف اليوم بمثلث حمدي .. وكنت أعتقد يقيناً أن الأستاذ ياسر عرمان يعلم بهذا..

    فلماذا يغمط الأستاذ ياسر النوبة إرثهم هذا حينما ذكرت أن سكان النيل الأزرق كانوا قد حكموا السودان ثلاثة قرون؟؟ مع أن النوبة هم أصحاب حضارة وادي النيل النوبي؟؟!!

    عايزنا نقول ليك برضك في النهاية جلابي؟؟

  13. لم يتطرق عرمان لاتفاقية نيفاشا و حق المنطقتين في المشورة الشعبية.وحق تقرير مصيرهم
    لماذا هذا التغافل المتعمد ؟

  14. أيها الجسور

    معاً لسودان جديد ..
    سودان ديمقراطي ، لا صغير فيه ولا كبير . يتساوى فيه الجميع امام دولة القانون و المواطنة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..