إدارة جامعة كسلا.. الإتهام السياسي بزعزعة أمن الدولة لأساتذتها

علي بابا

في ظاهرة ليست بغريبة على إدارة جامعة كسلا، المثيرة للجدل، قام مدير الجامعة بتحرير خطابات فصل جماعي لعدد سبعة من أساتذة كلية الطب، بعد أن تقدموا بخطاب للمدير يفيد بإضرابهم عن العمل، وذلك بعد أن رفض مدير الجامعة لهم طلب منحهم (بدل البيزك)، وهو بدل درجت معظم الجامعات السودانية على منحه لأساتذة العلوم الطبية الأساسية، كتعويض لهم حيث أنهم لا يعملون بعيادات خاصة كبقية الأطباء، وقد طالب أساتذة جامعة كسلا بمنحهم هذا البدل إسوة بزملائهم في بقية الجامعات، ولكنهم إصطدموا برفض المدير القاطع مما حدا بهم لإعلانهم للإضراب والتوقف عن العمل.
وجاء رد فعل المدير قويا وغاضبا وقام فورا بكتابة خطابات فصل جماعية لهؤلاء الأساتذة، وفوجئ الجميع بوجود تقرير أمني بأنهم معارضين سياسيين يهدفون الى التخريب ومحاربة النظام الحاكم وزعزعة أمن الدولة.
حقيقة إن هذا لشئ عجاب، فمعرفتي الشخصية بهؤلاء الأساتذة تجعلني أقسم بأكاديميتهم البحتة وتوجههم العلمي الصريح، بل أن بعضهم لا يعرف حرف (السين) من كلمة سياسة، وبعضهم قد لا يعرف شيئا عن التاريخ السياسي السوداني، فكيف يتم وصفهم بالمعارضين السياسيين المزعزعين لأمن البلاد، وتلفيق مثل هذه الاتهامات لخيرة الأساتذة المعروف عنهم حسن الأخلاق وقمة التهذيب وسماحة المعاملة.
ولكن والشهادة لله فطن المسؤولين في أجهزة الدولة لهذه المؤامرة التي تريد تشويه صورة هؤلاء الأساتذة وتم تبرئتهم من هذه التهمة وانصافهم وتثبيت مبلغ (البدل) المطالبين به شهريا ليتم صرفه لهم، الأمر الذي بدأ فعليا في أرض الواقع تنفيذه، وتم حل المشكلة جذريا، مع خالص شكرنا واحترامنا للمسؤولين الذين قاموا بتثبيت الحقوق لأصحابها، مما يدل على أن هذا الوطن النازف بعافية، وأنه كما يوجد فاسدون في النظام الحاكم فكذلك يوجد فيه المخلصون من أبناء هذا الوطن، فالفساد ليس حكرا على حزب وكذلك الصلاح، وإنما هي النفس البشرية الأمارة بالسوء.
إن عقلية إدارة جامعة كسلا، عقلية متشفية منتقمة من كل ممن يخالفها الرأي، ولنا ملفات كثيرة في ذلك بخلافاتها المتكررة مع أساتذة وكذلك مع نقابة الجامعة، مما أدخلها في خلافات عديدة أضرت بموقف الجامعة الأدبي في جميع ساحات التقاضي، وخير مثال لذلك الصراع الدائر في ملف (بدل الوجبة) بين ادارة الجامعة وبين النقابة.
ليس كل من يطالب بحقوقه معارضا لنظام الدولة، وليس كل من ينتقد مؤسسات الدولة يتم تصنيفه مناضلا سياسيا ومهددا لأمن البلاد،،،
اتقوا الله عز وجل أيها المسؤولون فقد ولى زمن التهديد السياسي وكبت الحريات وغادر دون رجعة، وصار الكل يجاهر بالحق، وهذه حكومة وفاق وطني يشترك فيها الجميع، يحكمهم القانون، وكل من يخالف القانون يجب أن ينال نصيبه من الجزاء والعقوبة.

أخيرا.. من حقنا أن نحلم بوطن حر نزيه، يسوده القانون يتم فيه انصاف المظلوم ويعاقب فيه الظالم..