مقالات سياسية

هذه هى العقلية التى تحكمكم (6 ): وزير الرى السابق وعرَّاب البكور !!

* هل كانت الحكومة فى حاجة الى سبعة عشر عاما، لتكتشف خطل وخطأ فكرة البكور وتقديم عقرب الساعة ضد كل قواعد الجغرافيا ونظام التوقيت الدولى، ليس ذلك فقط، بل إختيار فصل الشتاء موعدا لتقديم الساعة وليس الصيف، كما تفعل الدول التى تطبق التوقيتين الصيفى والشتوى (وليس تقديم أو تأخير الساعة بشكل مستديم كما فعلت حكومتنا العبقرية)، وذلك لاستغلال فترة طول النهار فى فصل الصيف (أكثر بأربع أو خمس ساعات عن الشتاء) والاقتصاد فى الطاقة، إذ تغيب الشمس فى دول الشمال الجغرافى فى وقت متأخر، لذلك تلجأ بعض هذه الدول لتقديم الساعة فى فصل الصيف للاستفادة من طول النهار، وهى فكرة تجد ما يخالفها ويعترض عليها الآن باعتبار أنها ليست ذا فائدة كبيرة من ناحية اقتصادية فى هذا الزمن حيث اصبح الاعتماد على الطاقة الكهربائية أمراً ضروريا طيلة اليوم، ولم يعد لطول النهار أهمية تذكر للاقتصاد فى استخدام الطاقة الكهربائية!!

* فى السودان يكاد لا يوجد فرق يذكر فى فترة طول النهار بين الشتاء والصيف الا بمقدار ضئيل جدا (حوالى ساعة فقط)، وبالتالى فإن فكرة تقديم الساعة فى الصيف للاستفادة من طول النهار أمراً ليس ذا فائدة اقتصادية على الاطلاق، بل على العكس من ذلك، فله الكثير من الاضرار من نواحِ كثيرة، اقتصادية واجتماعية ..إلخ!!

* على سبيل المثال، فإن الفترة الصباحية صارت ضيقة جدا، مما جعل اللحاق بالعمل او الدراسة فى الموعد المطلوب امراً غاية فى الصعوبة مما يهدر الكثير من المال، كما أن السودانيين اعتادوا على ممارسة أنشطتهم الاجتماعية والرياضية فى فترة العصر، وبما أن المسافات صارت طويلة والشوارع مكتظة بالعربات، والمواصلات مزدحمة أو معدومة بسبب الاكتظاظ السكانى الشديد ، فلقد اصبحت العودة الى المنازل صعبة جدا قبل مغيب الشمس، وجاء تقديم الساعة ليزيد الطين بلة وينتهى من فترة العصر بشكل عملى، فتحولت المناسبات الاجتماعية والرياضية (السداسيات، الدافورى سابقا) الى المساء مما تسبب فى المزيد من استهلاك الطاقة ووقوع خسائر اقتصادية جمة على المستوى الفردى والجماعى، بدلا من توفير الطاقة والمال بتقديم الساعة، فضلا عن التأثيرات السلبية الأخرى على الحياة الاجتماعية، وبعض الانشطة الاقتصادية التى اعتاد الناس على ممارستها خلال (العصريات) والاستفادة منها ماليا !!

* كل هذا الكلام وغيره قلناه عند بروز فكرة البكور، وبعد التطبيق الذى شهد الكثير من المآسى، لدرجة وقوع حالات من الموت بين السكان بسبب الخروج من المنازل فى وقت مبكر جدا قبل شروق الشمس بكثير، وعلى سبيل المثال الحاجة (كلتومة) التى خرجت لتقديم حفيدها بضع خطوات كما اعتادت كل يوم، عند خروجه الى المدرسة، ولكن بسبب الظلام الدامس تعثرت فى عتبة المنزل ووقعت واصطدمت رأسها بالحائط وتوفت نتيجة نزيف فى المخ، وكذلك الطفل الذى الذى أدخل يده فى وعاء للأوساخ بمدرسته لاستخراج قلمه الذى وقع منه وهو يرمى بعض الاوساخ، فلدغته عقرب لم يرها بسبب الظلام، وتوفى بين يدى مدرسه وهو فى الطريق الى المستشفى !!

* قلنا كل هذا الكلام، ولكن لم يستمع إلينا أحد، بل ظل عرَّاب البكور وصاحب الفكرة الدكتور (عصام صديق) وزير الرى آنذاك، يتصدى لنا ويسخر منا ويسمينا بـ( النخب المتثاقلة)، ويصفنا بالجهل كلما تحدثنا عن خطأ البكور وتقديم الساعة، وجاء الآن بعد سبعة عشر ليتنصل من الفكرة ويعزيها لآخرين، بعد أن إكتشف خطأها الفادح، ولكن بدون أن يعترف بها علانية، ويعتذر عنها، وهو مسلك اعتدناه وتعودناه من العقلية التى تحكمنا، ولكن هل ستظل هذه العقلية تحتاج الى كل هذه السنوات الطويلة لتتراجع عن أخطائها، بينما تنحدر البلاد الى هاوية عميقة كل يوم ؟!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مشكور استاذنا زهير السراج على هذه الاطلاله الجميله في موضوع البكور ذو اثار السلبيه الواضحه في حياة السودانيين فمثلا في مخيلة اي سوداني ان وقت النوم اذا جاءت الساعه العاشرة مساء عندها تنقطع التلفونات والزيارات. فالبكور سرق منا الليل ومتعة الزيارات المسائيه بين الاصدقاء والاقارب فشكرا ان كفيت ووفيت في وصف اثاره السلبيه في مجتمعنا وتخيل لي صديق يعمل وكيل نيابه في حلفا الجديده تشاورت معه في رفع دعوة لمحكمة الشؤن الاداريه في ارجاع التوقيت وذهبت الى محام في الخرطوم فقال لي لاتنجح الدعوه وكنت مستعد ان ادفع مبلغ 20000 الف جنيه لهذا الصدد ورجعت فاصبح صديقي وكيل النيابه يسخر منى فاذا عقولنا القانونيه الموجوده بهذا الضعف وهذه السزاجه فياحسرتي على حقوق المواطن ومن ياخذ حقه من قوانيين الارتجال و الامر المحلي.لك التحيه ياذهير ياراقي

  2. من الشلاقة العلي عصام صديق و ابتكار البكور في غير تخصصه فقد قفز للصمغ و راح يفتي في البايوتكنولوجي !!! محن سودانية علي قول عمنا شوقي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..