منظومة الأخوان المتلونين

يحسن كثير منا الظن في منظومة ناعمة نعومة المخمل, اختطت لنفسها درباً مغايراً عن درب السادة أرباب السلطة, بدعوى أن الأخيرين أخطأوا الطريق نحو الهدف وحادوا عن وثن (المشروع الحضاري) الذي أتوا جميعاً من أجله. ولمن لا يعلم فإن كل من شق الدرب من أولئك قد أمعن الطعن في خاصرة المشروع المزعوم يوم كان مع (الإخوة), وذاق من عسيلة الجاه والمال ما جعله يرى أن أستاذه غير قمين بمركزه وأن الزمن قد تعدى أفكاره, فجمعوا الحشود (وشاطوا) أستاذهم خارج الحلبة, ليتفرغوا للتخطيط بعيداً عن النواهي وإن كانت هي ذاتها نواهي ذاتية لا دخل للدين بها. إن من يراهن على من يعرفون أنفسهم بجماعة الإصلاح يراهن على (سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء), فمنظومة الإخوان تلد أسماء شتى لكن عقيدتهم واحدة : السلطة (لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن),فتراهم يتداعون نحو الإعلام ساكبين العبرات على تصرفات إخوانهم, مجددين العهد على دولة العدل والإسلام التي تماهت واضمحلت في خضم زحام السلطة والمال. نقول لعرابيهم, أين كانت دموعكم يوم ذبح الإسلام تحت مقصلة الظلم الذي بدأتم به عهدكم الأول, يوم قتل مجدي ورفاقه بسبب(ألف دولار كانت ببيته) وتدافعتم بعدها بساعات تدافع البهائم, آخذين كل ما بالسوق من عملات؟ أين كانت دموعكم حين تلا ذلك ذبح الألوف من أبناء دارفور وتعلمون من ذبحهم ومن أعان على ذبحهم؟ تباكيتم على دماء عشرات بثورة سبتمر المجيدة وصفقتم لدماء عشرات الألوف, ألأنكم رأيتم أوان رحيلكم قد آن؟ وأن (الأخوان) بصدد (زحلقتكم) كما زحلقوا رفقاء السلاح أعضاء مجلس قيادة الثورة؟ إن أرخص إنسان بالوجود ليس هو من يسرق الناس ولا من يقتلهم, لكن من يكذب عليهم. لذلك لما سئل النبي الكريم هل يسرق المؤمن وهل يزني وهل يقتل؟ كان يجيب نعم نعم نعم, ولكن عندما سئل هل يكذب قال لا. إن أرخص من بالوجود هو شخص يكذب ويعلم أن الناس يعلمون أنه كاذب, لأن في ذلك تمام الفرعنة, فإن فرعون كان يعلم ألاّ أحد مقتنع بألوهيته, بل ربما يتندرون عليه في مجالسهم, لكنه يأبى إلا أن يؤله ذاته ويكذب. هل يظن دعاة الإصلاح الآن أن الشعب بعد ثورته القادمة سيضعهم على قائمة النخبة ليقودوا البلاد نحو حقبة جديدة؟ هل يظن الشعبيون أن عوام البلاد قبل خاصتهم سيمهدون الدرب لقوافلهم كيما تأتي بزفر ونتن جديد بإسم الدين؟ ليعلم الجميع أن أولئك الناس لن يدعوا سانحة إلا وسيستغلوها للوصول لكرسي القصر, وسوف لن يدعوا (جهادهم) نحو الكرسي الذي بدأوه بسبعينات القرن الماضي بمحاولات دامية كحركة 76 التي سكبوا فيها دماء الأبرياء من قوات الشعب المسلحة بغدر مكنهم من السيطرة على البلاد ساعات معدودات, ومحاولات أخرى (ناعمة) للمتماهي مع السلطات الديكتاتورية (بحجة الإصلاح من الداخل), وكل تلك المصطلحات والأفعال هي ديدن الإخوان المسلمين للوصول نحو الكرسي, وقد رأينا ما فعلوا بالكرسي وما فعل بهم الكرسي عبر ثلاثة عقود, أفقدهم إتزانهم ووقارهم المزعوم فطفقوا نهباً في مقدرات الأمة وسفكاً في دماء المعارضين وتعطيلاً لعجلة الإنتاج بتدمير المشاريع الناجحة بحجة أن القائمين عليها (معارضين)! حتى غدت البلاد يباباً بلقعاً بلا طيران وطني ولا ناقل بحري ولا مشروع ينتج ولا سكة حديد ولا سكة نهر حتى البنوك الناجحة تم بيعها للأجانب. إن البديل الذي يجهز حقائبه الآن نحو السلطة القادمة هم رفقاء السلطة بالأمس الشعبيون والإصلاحيون, بإجتماعات خاصة وعامة وتكبير (لكيمان الطماطم) عبر تحافات مشبوهة مع غرماء الأمس من المعارضة, يطبخون ويسلقون على جسد المارد الراقد ولا يعلمون أن للمارد فتية أطهار هم عوام الشعب ممن اكتوى بنيران الظلم والإدعاء بتحقيق أحلامه, فشاهت وجوهكم أراذل بشرية أبت إلا أن تحقق مطامعها عبر أحلام البسطاء ودغدغة مشاعرهم, وأقول لأخوتي وزملائي ورفاقي وجميع المتيقظين من أهل بلادي, إحملوا مشاعل النور والتنوير نحو العوام, ولا تجعلوا ذئاب الإخوان تدير عجلة الماضي فتسرق أصوات بعضهم, فإنهم إن (شبوا وتمكنوا من الكرسي) فلتنتظروا عقود أخر نحو الخلاص.
[email][email protected][/email]