الذهب إنتاج وفير وتهريب كبير

أسماء محمد جمعة

في يناير 2018 اعترف وزير صناعة النظام المخلوع “موسى كرامة” أمام البرلمان أنَّ الإنتاج الحقيقي من الذهب يبلغ 250 طنًا في العام، ولكن يُهرب أغلبه خارج البلاد، طبعًا لم يذكر أن من يفعلون ذلك أغلبهم كوادر النظام المخلوع أنفسهم وتحت حماية حكومتهم، وفي ديسمبر 2017 قال وزير الطاقة والتعدين إنَّ إنتاج السودان من الذهب بلغ 105 أطنان، أي بفارق145 طنًا، وهذه هي الكمية المهربة التي لم يذكرها، ولكنه أكد أنَّ “التهريب عبر مطار الخرطوم يعد من أكبر المشاكل التي تواجه عملية السيطرة على الذهب”.

لم يكن النظام المخلوع عاجزًا عن منع تهريب الذهب إذا أراد ذلك، ولكن لم يفعل لأن قادته واتباعه هم المهربون الأساسيّون، ولا أعتقد أن الأمر قد تغيّر كثيرًا بعد سقوطه الذي لم يكتمل بعد، وليس هناك معلومات متاحة ومحدثة عن الإنتاج والتهريب، وما دخل خزينة الدولة أكد أن التهريب مازال مستمرًا وأظنه زاد مع ازدياد الفوضى وحرب النظام المخلوع، وما القبضيات التي تتم في مطار الخرطوم في فترات متباعدة ونادرة ماهي إلا صدفة يقع فيها البعض وربما هناك تستر لأننا لم نسمع بمحاكمات ضد المهربين إلا نادرًا.

ورد في الأخبار يوم 18 من هذا الشهر، أنَّ هيئةالجمارك سلمت وزارة المالية سبائك ذهب تم ضبطها خلال الأشهر الماضية في المطار من قبل منسوبي هيئة الجمارك وبلغ حجم المضبوطات 103.690.7 كيلو و690.7، وعليه السؤال الذي يفرض نفسه؛ كم من الكيلوهات عبرت المطار خلال نفس الأشهر، بلا شك ستكون أكثر بكثير ولكن لا أحد يعترف.

أعتقد أنَّ أغلب إنتاج الذهب ما زال يهرب حتى الآن وعبر مطار الخرطوم بشكل أساسي، فهو حتى هذه اللحظةيفتقر إلى الإجراءات الأمنية المشددة، ويمكن لأي شيء أن يمر نتيجة الإهمال والتغاضي عن التفتيش الدقيق، وأعتقد أنَّ كل من سافر عبره شعر بالفرق الكبير بينه وبين مطارات العالم التي لا يمكن أن تمر منها وقية ذهب أو جرام ممنوعات، والحق يقال؛ في مطار الخرطوم المهربون لا يجدون كبير عناء لتهريب أي شيء، وقد شهدت بنفسي حادثة تهريب أموال بالعملات الأجنبية تحملها سيدة قامت برشوة أمن المطار بمبلغ ضخم وغادرت إلى كينيا (بمزاج) ووصلت سالمة غانمة، وأظنها اليوم تخرج وتدخل السودان وتصف الحكومة بالفشل مثل الكثيرين.

الحقيقة تكشف أن إنتاج الذهب وفير والتهريب كبير وخسارة البلد عظيمة، وعليه الأمر يحتاج إلى ضبط وسياسات تقلل التهريب بشكل جاد، ومطار الخرطوم ما زال في حاجة ماسة إلى التطوير والارتقاء به إلى مصاف المطارات. فهو ليس بوابة لتهريب الذهب فقط؛ بل وأشياء أخرى، وإن كان إنتاج الذهب الحقيقي قد تجاوز المائتي طن ونصف في العام فلتتنازل الحكومة عن نصف هذه الكمية من أجل تطوير المطار وتطهيره، فما يشجع البعض على التهريب عبره هو أنهم على علم بأن إمكاناته تتيح لهم ذلك،خاصة وأن دولة النظام المخلوع ما زالت موجودة وما زال سلوك أغلب العاملين به يمتازون بالاستهتار والإهمال، وبيئته مشجعة على الفوضى.

الديمقراطي