
نحلم جميعا بعد انتصار ثورة ديسمبر بقيام نظام ديمقراطي مستدام، ولكن التاريخ يذكرنا بان محاولاتنا السابقة لتحقيق هذا الحلم فشلت فشلا ذريعاً. ما لم ندرس أسباب الفشل ونوفر لها حلولا الآن وفوراً، فإن مصير ثورة ديسمبر لن يكون احسن حالا من ثورتي أكتوبر وأبريل.
من الأسباب التي أدت إلى عدم استدامة النظام الديمقراطي نذكر ، هيمنة مجتمع غير حاضن للديمقراطية يمارس الثقافة الأبوية، حروب أهلية متطاولة تحولت من قضايا حقيقية إلى business ، اقتصاد منهار غير قادر على توفير الحد الأدنى من الإنتاج الذي يوفر حياة كريمة للشعب، وسط إقليمي لا يتبنى الديمقراطية و لا يدعمها، كل هذه أسباب مؤثرة، بيد ان الأسباب الرئيسية هما سببان لا غير، الأحزاب السياسية التي لا تؤمن بالديمقراطية ولا ترى في الانقلاب عليها خيانة وطنية، والقوات المسلحة التي لا تحرك ساكنا البتة في مواجهة الانقلابات التي تحدث امام عينيها، وكأنها انقلابات تقوض النظام الديمقراطي في جزر القمر وليس في السودان.
استدامة الديمقراطية تتطلب توفر شرطين أساسيين، أحزاب سياسية ديمقراطية غير انقلابية، وقوات مسلحة حامية للنظام الديمقراطي وقادرة على صد اي مغامرة انقلابية في البلد . دور الأحزاب السياسية والجيش في ظل ثورة ديسمبر يجب أن يتطور إلى شراكة حقيقية لإرساء أسس جديدة لبناء الدولة الوطنية يكون هدفها الحقيقي استدامة النظام الديمقراطي بعد الفترة الانتقالية.
فوز حزب الأمة القومي بالانتخابات في الديمقراطيتين السابقتين وترشحه الاكيد للفوز بها بعد الفترة الانتقالية الحالية ، يجعل الأحزاب الصغيرة مليئة بالحنق والغضب ، وهو ما جعلها لا تتورع من الوصول إلى السلطة عبر الانقلاب في مايو ١٩٦٩ ويونيو ١٩٨٩ ، هذا اليأس المكلف يجب معالجته عبر مقاربة جديدة للحكم تلبي أشواق اليائسين من الوصول إلى الحكم عبر الانتخابات، زيادة مقاعد التمثيل النسبي في الحكم الديمقراطي يجب ان تناقش بطريقة أكثر جدية لإزالة هذا اليأس وإغلاق باب الانقلابات.
القوات المسلحة بعد انتصار الثورات تتسنم قيادة البلاد في الفترات الانتقالية ، ثم بعد الانتخابات يطلب منها العودة إلى ثكناتها وكأن دورها قد أنتهى ، هذه المشاعر السلبية تجعل الجيش غير متحمس للدفاع عن النظام الديمقراطي ، ضمان مشاركة وتمثيل الجيش بصفته الاعتبارية هو ضمانة لاستدامة الحكم الديمقراطي في المستقبل المنظور ، استحداث مجلس سيادي او رئاسي يشرك فيه الجيش بسلطات ينص عليها دستوريا سيكون علاجا شافية وكافياً.
بمعالجة مشاكل الأحزاب السياسية والجيش على النحو المذكور، سيكون شكل الحكم القادم هو سلطة منتخبة تتمتع بالقدر الأعظم من السلطات التنفيذية وسلطة تمثيلية ذات سلطات محدودة تشارك في إدارة الحكم وحفظ توزانه من السقوط.
هذا الشكل المقترح للحكم سيقلل من ديمقراطية النظام الديمقراطي ويحوله إلى نظام شبه ديمقراطي، لكنه سيضمن استمراره واستدامته، سيوفر مناخا معتدلا لتدريج الثقافة الديمقراطية في المؤسسات والأحزاب السياسية والمجتمع والجيش، حتى الوصول إلى مرحلة إكتمال الإيمان بالديمقراطية، ووقتها سيكون مقبولا وموضوعيا إعادة الجيش لثكناته وإيقاف التمثيل غير الانتخابي في مؤسسات الحكم.
يوسف السندي
[email protected]
[email protected]
دا ما حل دا؟ كيف تشارك الجيش في الحكم؟ هل تعطيهم السيادة كما هو الحال الآن أن يكون رئيس مجلس السيادة أو رئيس الجمهورية في نظرهم وتترك للمدنيين رئاسة مجلس الوزراء؟
طيب إنت كده أعطيت الجيش مبرراً شرعياً للانقلاب والتناحر فيما بينهم على من يكون على رأس الدولة! ماذا لو قام بعضهم بالانقلاب على بعض هل تقف الحكومة المدنية مكتوفة الأيدي أم أن الانقلاب العسكري لا يمسها ولا يخصها أو أنه سيكون دائماً محصوراً في تولي المنصب المتروك للجيش دون أن يغير في طبيعة ومحتوى الشراكة بين العسكر والملكية في نظام الحكم الذي تقترحه؟
لا يا سيدي. إن فكرتك هذه ضد المفاهيم العالمية في دور مؤسسة العسكريتاريا في أنظمة الحكم الحديثة. فالجيش مثل الشرطة هو مؤسسة دولة تابعة للحكومة المدنية في توجيهها وإدارتها مثل كافة مؤسسات الدولة في إطار الفصل والاستقلالية بين سلطات الدولة الثلاث مع إعمال نظام الكبح والتوازن المطلوب.
إن فكرتك هذه فيها إنحراف كبير عن هذه المفاهيم السائدة عالمياً وٱن وجود دول بنظام مزدوج أو براسين عسكري ومدني سيعقد العلاقات الخارجية للدولة ويصعب التعامل معها من الدول هذا إذا لم يسهم في إمكانية التدخلات في شئونها الداخلية والخارجية.
إن الحل في نظري ينحصر في إبعاد عنصري العكننة والعرقلة لتطور البلاد بسبب الصراع الدائري بين النظامين الحزبي والعسكري وليس اشراكهما.
إن تكوين النظام الحزبي كان خاطئاً منذ مبتدأه هكذا وبدون قيود وشروط عليه لضمان ممارسة الفكرة الأساسية لقيام أي حزب سياسي على الفكرة والبرامج وليس على الطبقة أو القبيلة أو الملة أو الطائفة أو خلاف ذلك من الخزعبلات. كان يجب منذ البداية أن ينص قانون الأحزاب أو الانتخابات على منع تسجيل أي حزب لا يؤسس على منفستو وبرنامج عمل واضح يستطيع الناخب أن يؤيده عليه أو يحاسبه ومن ثم منع قيام أي حزب يقوم على الطائفية أو المذهبية العقائدية أو السياسية أو على الهوية أو القومية، وطنية كانت أو متعدية لحدود البلاد. وهذا ما نريده اليوم تطبيقه على هذه الأحزاب في حالة سماح الشعب بتطبيق النظام الديموقراطي الليبرالي التعددي الحزبي وأقول الشعب لأن هذا سيضمن في الدستور الجديد الذي يستفتى عليه الشعب وإن كنت أفضل نظاماً ديمقراطياً آخر غير حزبي سيطرح أيضاً للاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد كخيار ثاني. أي ستكون المخايرة في الدستور بين نظامي الديمقراطية الحزبية والديمقراطية المؤسساتية غير الحزبية.
دائما يا هندي كلامك خارم بارم
باللّه، شوفوا الدريويش الجهلول، دا ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!
مقال غير موفق