خم الرماد.. الذي كال حماد..!

عبد الجواد .. أفندي قديم كان يشار اليه في شبابه ببنان فتيات الحي وفتيانه ، تدرج في الوظيفة الى أن بلغ الدرجة دي أس متزوج وله ولد وبنتان ، زوجته ستنا تتباهى به وسط نساء الحي وتتحدث عن قرب ترقيته الى مدير المصلحة قريباً ..!
ورث عبد الجواد بيتاً هو الأعرق في المنطقة عن المرحوم والده الباشكاتب الذي تركه وحيداً لا أخوة له ولا إخوات !
فجأة في ذات صباح وهو يقوم بتسخين سيارته نصف العمر .. جاءته ستنا وهي تلهث بأن التلفزيون ينوه إلى بيان هام سيذاع بعد قليل وأن المارشات العسكرية تتخلل ذلك التنويه !
فقد إعتاد عبد الجواد أن يذهب الى سوق السمك بالموردة كل جمعة للقاء زملاء الدراسة والوظيفة .
أدار مؤشر الراديو من لندن الى أم درمان ..وبدأ يستمع الى البيان بصوت العميد عمر حسن أحمد البشير !
عاد أدراجه من نصف الطريق ليجد البيان في نهاياته و تمعن عبر التلفاز طويلاً صورة ذلك الضابط المغمور !
لم يمض عام حتى لاحظ عبد الجواد أن ساكناً جديداً إشترى الأرض المجاورة له وبدأ يبني !
ذهب للتعرف على الرجل الذي قابله بلحية يبدو أنها حديثة التكوين وعرفه بنفسه وفي تجهم شديد..أخوك في الله ..حماد ..ولم يزد على ذلك !
بعد أقل من شهرين إكتمل المنزل وجاء الرجل باسرته ..ثم بدأ يناور مع عبد الجواد باستمرار وإلحاح في محاولة لشراء منزله بمبلغ خرافي !
لم يستسلم عبد الجواد أفندي حتى بعد أن جاءه قرار الإحالة الى الصالح العام ، الذي تواكب مع سفر إبنه البكر الى الخليج للبحث عن عمل وتغطية زواج إبنته الثانية ومصاريف دخول الصغرى الى كلية الطب !
قام عبد الجواد بتقسيم المنزل و إيجار جزء منه ليعتاش منه إضافة الى معاشه المتواضع ..بينما كان جاره الذي أصبح كوز كبير ورئيساً لعدة لجان حزبية يقوم بتعليه طوابق منزله في كل عام ويثني ويثلث في ما طاب له من النساء !
بعد ربع قرن من الزمان والعلاقة بين الجارين تزداد في تنافر طبيعة الحياة وفي تباين واضح بين البذخ الظاهر في مكان والتواضع والستر في جانب آخر !
وقبل حلول شهر رمضان الحالي بيومين كان عبد الجواد يضع قارورة من العرقي في ساحة منزله بعد ان اصبح هو وزوجته وحيدين لا أنيس لهما وقد تزوجت البنت الصغرى الطبيبة ..فأعدت له ستنا المزة وهي تدعو له بالتوبة مع حلول هذا الشهر الكريم وأن يكون هذا آخر خم رماد في حياته وكان يردد خلفها وفمه مليء بالسلطة الخضراء ،، اللهم آمين ياحاجة والله بس من قرفنا بنشرب السم الهاري ده!
من الجانب الآخر كانت سيارة الدفار تقوم بانزال كميات من المواد التموينية الرمضانية في منزل الجار الكوز حماد وقد مدت ستنا رأسها مستطلعة الآمر في فضول ، فسمعت السائق يتحدث مع التاجر المورد بالهاتف ، وهو يقول نعم أنزلنا جزء في منزل زوجتي الشيخ الثالثة والثانية وهانحن ننزل للثالثة نصيبها ..ويضحك في خبث لالا لا تخف حقنا نزلناه في الأول ..هو ضاربو فيها حجر دغش ما نحن عارفين الرماد الخماهو من صفقة سكر رمضان ..إن شاء الله بالساحق والماحق عليهو الحرامي .. قال صايم في الحرم قال..ثم أخفض من صوته حينما لاحظ وجود ستنا عند الباب التي اغلقته في هدوء وهي تضحك مخاطبة عبد الجواد ..والله عاد يا فردة زي ما بقولو اولاد الزمن ده .. خم الرماد خشم بيوت!
فضحك فردتها و قد شفط جرعة طويلة من كأسه وهو يقول هغ هغ هغ أنا خم رمادي يعتبر والله اعلم .. ذنبي على جنبي براي والله غفور رحيم ..!
لكن الحرامي ده خم رماد الدنيا والآخره على راسه لأنه سرق حق مساكين وغلابة ..وماشي يعني يتحلل في الكعبة ..؟
والله ده فعلا القطعو فيهو المثل البقول ..الرماد كال حماد هغ هغ هغ ..كدي شوفي اللحمة دي ما تحّرق وتبقى رماد كمان هغ هغ هغ كال عبد الجواد ههههههها يضحكان معاً في صفاء ويستغفران الله اللطيف الرحيم ..!
وكل عام والجميع مطهرون عن كل ذنب .. فحتى الكبائر في الغفران كاللمم !
تتصور ده البحصل فعلا فى البلد دى وكل يوم كمان قال شريعه قال