مثبطات الهمة

في المعاجم العربية، أثبط همته أي أوهنها وضعفها وحملها على التراخي.. والمثبطات في الطب هي تلك العقاقير التي تقلل النشاط والحيوية والحركة..
أما في قاموس الوجع السوداني فالمثبطات التي نعنيها هي تلك التصريحات (الشتراء) التي تصدر في غير الموعد المناسب بشكل يبدو وكأنه متعمد.. أي تصدر لتفيد عكس ما يكون مطلوبا من الحكومة أن تفعل لإنجاز شعار من شعاراتها أو رجاء أو طموح من شعبها.
المثبطات السياسية أو الحكومية تصدر عن مسؤولين ينسفون بها صروحاً كبيرة من الهمة والنشاط المبني على دوافع ومحفزات تطرأ على الواقع الذي نعيش فيه.
الحكومة تمارس دائماً هذه العادة السيئة عند قمة كل أمل جديد وتحت كل سحابة تمر بنا من سحب من التفاؤل وكأنها تريد أن تذكرنا بأن الوجع المقيم فينا إن لم يتضاعف فهو بالتأكيد لن يخف أو يزول..
والآن وفي ظل سحابة رفع العقوبات الأمريكية المحملة بأطنان هائلة من الفرص الجديدة لهذا البلد.. والتي تنتظر وتشترط من الحكومة أن تكرس جهدها فقط في اتجاه تشجيع الإنتاج وتحفيز المنتجين وتسهيل كافة السبل أمامهم وتعبئتهم بكل معاني التفاؤل والهمة مع الابتعاد عن تعاطي التصريحات الحكومية المحبطة اللئيمة في هذا الوقت تحديداً..
نتذكر بتصريحاتهم المريبة القاعدة التي تقول من ترك (عادتو قلت سعادتو).. حين يخرج رئيس القطاع الاقتصادي في المؤتمر الوطني في حواره مع (اليوم التالي) ليذكرنا بأن سياسة تحرير ما تبقى من أسعار السلع والمحروقات المضمنة في البرنامج الخماسي ماضية إلى منتهاها بتحرير كل السلع بما فيها خبز الحياة بعد حين.
ويخرج في اتجاه آخر رئيس مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية في الدولة وفي توقيت مريب ليقول إن الحكومة قد شرعت في النظر في إعادة الضرائب الزراعية من جديد، باعتبار أن قرار إلغاء الضرائب الزراعية الذي أصدره مجلس الوزراء عام 2001 لم يكن قراراً دستورياً وأن للولايات الحق في تحصيل الضرائب الزراعية..
هذه التصريحات المحبطة في الحالة الأولى مثل التصريح الأول الذي يعني أن الشقاء سيستمر والمخيفة للمنتجين والمزارعين في الحالة الثانية والذين تأكل الضرائب إنتاجهم وكسبهم أكلاً، ليست تصريحات موفقة ولا متناسبة مع روح المرحلة الحالية مرحلة التشجيع المفترض أن تسود لغته ويسود خطابه في جميع المنصات الإعلامية والسياسية الرسمية.
كنا نظن أن الدولة تريد أن تشجع المواطن على العودة للإنتاج قولاً وفعلاً وتشجع المزارع تحديداً الذي ترك الزراعة ومضى يبحث عن خيارات أخرى للعمل غير الإنتاجي.
وبدلاً عن مثل هذه التصريحات التي تضاعف حالة اليأس والاحباط كنا نتوقع قائمة طويلة من بنود التحفيز والتشجيع والدعم المباشر لصغار المنتجين وكبارهم تعلن عنها الحكومة بشجاعة وذكاء حتى تتحرك عجلة الإنتاج المتوحلة في طين الإحباطات منذ سنوات بعيدة.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالى