السباحة خارج عقلية السياحة ..!

قديما وفي تشكيلات الحكومات السابقة في أزمنة متفاوتة قبل الإنقاذ .. كان الإخوة الجنوبيون يتأففون من حصر توليهم لوزارات بعينها كالثروة الحيوانية مثلاً.. وهو ضيق ليس في مكانه لان ذلك لا يعتبر تقليلا من مكانتهم قياسا الى أهمية مثل هذه الوزارة والسودان حباه الله من تنوع الأنعام ما يتطلب إحكام الإمكانات المناسبة لتطوير هذه النعمة لاسيما في الجنوب الراحل .. وهو أمر كان من الممكن أن يكون رصيدا لمن يتولى هذه الوزارة ومثيلاتها كالأشغال والري لو أنه كان قانعا بمقدراته وليس متشككا في أن توليته لإدارتها من قيبل الترضية في قسمة السلطة !
بيد أن من غير المفهوم أن توكل الإنقاذ وبصورة راتبة في كل التشكيلات عبر السنوات الأخيرة وزارة السياحة لجماعة أنصار السنة مع كامل تقديرنا لهم .. وهي وزارة ذات طبيعة تتطلب عقلية منفتحة على ثقافة السياحة بمنظورها الأوسع وليس بالضرورة أن يكون في ذلك تنازلات فجة بالقدر الذي يطعن في سلوك وقيم المجتمع الذي نعتز أن فيه بقية من محافظة على إرثه الطيب !
ولكن أيضاً ليس أن يكون بالمقابل هنالك تضييق على السائح الذي يراد من إعطائه الصورة المثالية التي تدفع به إن لم يكن للعودة الى بلادنا بنفسه مرة ومرات فعلى الأقل من خلال تنويره للأخرين بمحاسن البيئة السياحية في وطننا الواسع .
الوزير الحالي الدكتور محمد أبوزيد يقول متباهيا في تصريحه الصادر عنه اليوم .. إن مدخول السياحة لهذا العام بلغ تسعماية وثلاثون مليون دولار ومع أن العافية كما يقال درجات ..فهو لعمري رقم متواضع للغاية في بلد بلغ عجز ميزان مدفوعاته الستة مليارات دولار و هي التي تملك من مقومات السياحة ما يجعلها تتفوق على كثير من البلاد التي بحكم مرونة عقليتها في تطوير صناعة السياحة بما توفره لمرتاديها من البنى التحتية و سبل الراحة والحركة والرفاهية والحماية للسائح فإنها تحصد مابين ثلاثين الى أربعين مليارا من الدولارات وقد طورت تلك الصناعة خلال فترة أقل بكثير من الفترة التي دمرت فيها أياد العقلية الإنقاذية المنغلقة هذا القطاع الهام مع كثير من المشاريع التي كان من الممكن أن تكون روافع للسياحة .. إذا ما وجدت من يديرها بعقلية السباحة في مجرى تطويرها إيمانا قاطعا بأهميتها .. ولكن كيف يتحقق ذلك والسباحة في مستنقعات العاصمة باتت هي السياحة الأفر في شوارعها وأصبحت مثالا طاردا لسياح الداخل قبل الزوار الأجانب وبيئة جاذبة لكل طائر وزاحف من حشرات وآفات نقل الأمراض كأبسط مثال لنفي الصفة السياحية عن بلادنا و الخرطوم نموذجاً !