مقالات وآراء سياسية

(التسويات) مقابل التنازلات

الاتجاه الخامس
د. كمال الشريف
العام ١٩٨٨م كتبنا عن كثير من الخلل في وزاراة التجارة التي كان يتزعمها مبارك الفاضل واصبح الرجل وزيرا للداخلية وكانت اول اوامره اعتقالنا  ونخن صحافين نكتب بشفافيه ووطنية وحسن نيه لم نعرف وقتها ظرف الوزير ولاغداء الوكيل ولاسيارة المدير ولاسفرية السفير  .
كنا نكتب للبلد الاقوي في افريقيا البلد الانظف في صحافته وفي اناقة اعلامه وفي علمية تناول ساسته واهله لكل ارجاء الوطن
واصدر الرجل امرا باعتقالنا بموجب (لائحة الطواريء) بدون تهم ولكنها كما كانت  (كعب داير مابين كوبر وسجون اخري) .
تابعت وقتها. محاكمات سدنه مايو وكان اشهرها علي المرحومين بهاء الدين محمد ادريس وعمر محمد الطيب وتابعت من داخل المعتقلات من كوبر للسلاح الطبي امر الرجلين بتواجدي المستمر معهم ومع من كان يتابع قضاياهم .
وعرفت وقتها ان اكبر التهم وجهت لعمر محمد الطيب
باستلامهم  ٣٥ مليون دولار  في قضايا مختلفة اشهرها
(تهريب الفلاشا) وان المال في احد البنوك الفرنسية .
تصور ٣٥ مليون دولار فقط
وليست مانسمعه اونعرفه اليوم اوماتم تداوله وقد بان منه ما بان واختفي ما اختفي  من اموال ومن ذهب ومن جاه
وجاءتني الاخبار فيما بعد بانه قد تمت التسوية مع عمر محمد الطيب واودع ١٥ مليون دولار في حساب حكومة السودان وتم اخلاء سبيله هذا ماحدثنا به صاحب صحيفة السياسة الاولي وقتها في صف الصحافة السودانية وكان الرجل رحمة الله (خالد فرح) مميزا في حديثه عن قضايا تمس شرفاء من الجيش ومن السياسة امثال ابوالقاسم ابراهيم وخالد عباس وحتي عمر محمد الطيب .
كان يزور نسيبا له مريضا في السلاح الطبي ايام اعتقالنا الاخيره ونحن مرضي ، اذن هي تسوية مال وليست تسوية سياسة ، او تسويات وطنية
وجاءت بعد ذلك تسويات علي مستوي افريقي ولكنها كانت من اجل احياء موتي من قبورهم وتشيد نهضة علي شواهد قبورهم وكانت روندا
بمذابحها وتصفيتها العرقيه ودمارها الذي يشبه يوم القيامة الا قليلا ، واقتلعت المذابح والاغتصابات والحريق انسانية العالم وليست سياسة العالم ،  ولكنهم اهل البلد نفسهم ، عادت اليهم بلادهم بعد الجلوس وهم يضعون علي الموائد حق الشهداء والقتلي من كل الجوانب وكل الاعراق دون تميز لقبيلة اولقرية اولجماعة .
ودون النظر في حق تقسيم للسلطة اوللثروة او اعادة المنهوب وماذا يكون منهوبا اكثر من قتل وحرق ملايين الناس من كل الاعراق ومن كل القبائل ومن كل الاعمار
كانت تسويتهم باسم
التسامح الوطني دون النظر لاتهام اوحتي لاسترداد حق بشري اوقصاص اوحق مادي بمعني النظر في السلطة والثروة وحق المفقودين والقتلي وبحثا لتوزيع مناصب. وقامت بلادهم عملاقة
لانهم لم يقتسموا سلطة اوثروة ونحن نعكس كل معايير الوطنية نسمي انفسنا بمسميات لتحرير السودان واخري لحق العدالة والمساواة وثالثة لحق التغيير والتعديل ورابعة لحق اقامة الدين كله وخامسة لحق اننا تحت التهميش .
واغلب الامر ان كل من يقود اتجاه لا يمتلك برنامجا
لتسوية الامر الوطني وكل التسويات ماليا  قبل ان تكن وطنيا .
ونحن نفقد سنويا اكثر من .٣٨ الف خريج جامعي يذهبون خارجا والعمل في مهن لاتعدو ان تكن تحت مسمي الصفر الوظيفي لتاهليهم الجامعي
ونحن نفقد سنويا اكثر من ٢٢ الف خريح من طب وصيدلة  ونحن مستشفياتنا تجد في بعضها طبيب واحد مقابل ٥ الف مريض .
ونفقد سنويا اكثر ٤ مليار دولار نتيجة تلاعب في اوراق رسمية في كل معاملاتنا الحكومية الخاصة بالاستيراد والتصدير .
ونفقد سنويا اكثر من ١٣ مليار دولار لكنوز تهرب من السودان من ذهب وحيوانات ويورانيوم ونحاس وكثير من الثروات القومية حتي سلعنا التي كانت مدعومة .
ونفقد سنويا اكثر من ٢ مليار دولار نتيجة فساد وظيفي واداري من اعلي هرم السلطة الي اسفلها .
ونفقد ستويا لخزينة الدولار اكثر من ٢ مليار دولار بسبب التهرب من سداد رسوم حكومية اوالتلاعب في تحصيلها .
ونفقد سنويا اكثر من ٢٩ الف امراءه نتجة خطا في الولاده اوناسورا بوليا .
واكثر من ١٢٢ الف طفل لسؤ التغذية وعدم وجود رعايا صحية .
ويزيد عدد اصابات السرطان بواقع ٥٥ الف اصابه سنويا المسجلة فقط .
ومنهم ٤٠ الف لايجدون علاجا
ويصبح عندنا اكثر من ٧ مليون متشرد كل ٦ اشهر ويزيد عدد المدنيين من الشباب بصورة مخيفة .
كل هذا واكثر حدث في دولة مقدار دخلها السنوي يزيد عن ٦٧ مليار دولار ونهبت منها خلال حكم ٣٠ عاما مايزيد عن ٣٠ مليار دولار
ونعود للتسوية من اجل  ان يكن لنا وطن كيف نسمح بان  تعود البلاد الي قائمة الدول الاكثر فسادا واقل نموا واكثر فقرا واميه وامراضا .
بان يعود مقابل تسوية اموال  وسلطة نهبها وفشل فيها يعود هو ويديرها مرة اخري
هنا التسوية تتوقف كما توقفت ايام محاكمات سدنه ولصوص مايو وبكل الكبرياء الخاص بهم يغادرون البلاد خارجا
وان بقي منهم احد بالداخل لزم بيته اومكتبه ولم يتحديء ويصرح ويصرخ معه اخرون
من اجل العودة لادارة امة نهبت مواردها ونهبت كوادرها العلمية وضاعت هيبتها وسط اولادها ووسط الامم ، كيف هذا ؟ .
اعتقد ان التسوية تبقي في حق ان يعود الحق لاصحابه
مالا
ونفوذا
واستحياء
بدون ان تقسم سلطة اوثروة وتبقي البلد لاصحابها النبلاء والعلماء والوطنيين .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..