جهاز الامن يحكم والشعوب السودانية خارج المشهد

بعد فتوي الشيخ حسن عبدالله الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي بمساواة المرأة بالمرأة في الشهادة،وليس لها مرجعية ثابتة في الاجتهاد الديني الاسلاموي ،فالترابي رجل جدل شديد في الاوساط الدينية في السودان والعالم الاسلامي،وفي مرات سابقة قال ان المرأة بامكانها ان تصلي بالرجال في حادثة شهيرة قلبت عليه ظهر المجن في الاوساط الدينية التي كانت معه في كيفية تطبيق المشروع الاسلامي في السودان،وحديثه الاخير عن مساواة المرأة مع الرجل في الشهادة،خرج عليه مارد التكفير من بعض(رجالات الدين) المسحوبين للحكومة بتكفيره وتوبته كذلك،ومن منابرهم الاسبوعية المدعومة من اموال الشعوب ،وهي المساجد، فتحوا النار عليه،و منهم من طالب من علي المنبر،اهدار دم الشيخ عبدالله الترابي،باعتباره مشككا في حديث السلف والصالحين من الامة الاسلاموية ، وبحجج الشريعة يستباح دماء السودانيين كل يوم،لم يسمع منهم احد ،رفضهم للسياسة الحكومية في تجاه السودانيين،حتي لو كان ذلك تلميحا فقط،وما يجيدونه في هذا الوضع هو التكفير والشتم ومحاولة اعادة الدمج في المشروع الاسلامي الكبير الذين يتفقون فيه مع الشيخ الترابي،وكان رد حزب المؤتمر الشعبي ان من يتهم الترابي بذلك سيتبوأ معقده في النار يوم القيامة،وكلهم يمارسون الفوضي الدينية في اجتهادهم،من يطالب التوبة ومن يذكرهم ان معقدهم الناري محجوز في يوم الاخيرة،يلعبون كلهم علي نفس الوتر الديني الحساس الذي يناقش تغيب آليات قبول الاخر المختلف عنهم….
وبعد تكفير الشيخ حسن عبدالله الترابي الاخير طالب جهاز الامن والمخابرات الوطني ائمة المساجد بعدم تناول القضايا الفقهية لكونها تحتاج الي مناظرات ومناقشات ومقابلات تعزز الروابط الاسلامية وتقوي الحجج والبراهين دون التعرض للمهاترات واحداث الفتن .ونقل المركز الصحفي للحزب الحاكم ان السلطات الامنية للائمة بانها لا تحجر علي الاراء ،وما اختلف حولها من قضايا فقهية في حدود تبادل الاراء ونقاشها دون المساس بالاشخاص او احداث الفتن بين جماعات مختلفة.وكان ائمة بعض المساجد قد اهدروا دم الترابي بعد افتائه بمساواة الرجل بالمرأة في الشهادة ،واعتبروها تشكيكا في كلام الله ورسوله،ودعوا الحكومة لتحكيم شرع الله ،ولجم من يتطاول علي الله ورسوله.فجهاز الامن اعد عدته الي الدخول في المساق الديني،وتوزيع ادودار التهدئة بين رجال الدين الاسلامي،وفي سنوات سابقة كان جهاز الامن والمخابرات الوطني هو من يأمر ائمة المساجد بفتح النار علي شيخهم الترابي،وتكفيره في ذات الوقت،وهذا تأكيد علي ان العملية السياسية في البلاد،هو من يستولي علي ادارة السودان في جميع المؤسسات الداخية،ويعمل علي تأسيس منبر تتفق عليه الجماعات الاسلامية،والتحرك الجماعي والعمل للاسلامويين في السودان تديره مؤسسة امنية قوية جدا،وتعمل سرا وجهرا علي قلب الاوضاع السياسية الدائرة الان،له المقدرة علي اللعب في جميع المساحات كما قلت سابقا سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا،فالحراك الدائر بين الحزبين المؤتمر الشعبي والحزب الحاكم المؤتمر الوطني ،ويبدو ان كثير من المسائل تتجه في طريق الاتفاق الكلي بين الحزبين المتخصامين سابقا،والمؤتمر الوطني يحرك جهازه الامن للجم حديث ائمة المساجد في الاونة الاخيرة،لان الاتفاق بينهما سينعكس علي كل الائمة الدينيين علي مقاعدهم التي يبدو يسيروا عليها وقف ماهو معمول به،ولا يتعدوا حدودهم،وخروج جهاز الامن وتصريحه ذو الرسالة الحاسمة،ورفضه لفكرة التكفير المتبادلة،ومثل هذا الاراء مكانها المناقشات المتبادلة بينهم..
.
ان جهاز الامن والمخابرات الوطني هو من يدير العملية السياسية في البلاد،وكل المؤسسات الاخري،ويعمل النظام علي اعادة انتاجه للعمل في السقف الامني،وحزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم بدأ الاعتماد كليا علي جهاز الامن،وبعد ان افرغ الجيش من الكوادر التي تحوم حولها الشكوك،وابدالها بكوادر امنية موالية للحكومة،ووجود قوات الدعم السريع (مليشيات) الجنجويد في يوما ما،وجودهم في الخرطوم بقيادة حميدتي،وفتح معسكرات تدريب لهم في العاصمة،وهذه عملية تهكير للجيش للسوداني،والجيش الان بات نائما بعدما استنفدته الحكومة في الحروب السابقة في جنوب السودان والنيل الازرق وجبال النوبة،والان قوات الدعم السريع هي التي تدير الحروب وتعدها الحكومة لخوض المعارك الموسمية من صيف وشتاء وغيره،والقائد (الجنجويدي) حميدتي يعتبر رأس الرمح العسكري في الصراعات في المناطق المشتعلة،وهو قائد (مليشوي) يتبع للقوات الخاصة لجهاز الامن والمخابرات الوطني،وكل من يحاول ان ينتقد قوات المليشيات الحكومية،سيكون مصيره مصير رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي الذي سجن قرابة الشهرين،وبعدها اعتقل جهاز الامن بعد بلاغ ضد رئيس حزب المؤتمر السوداني الاستاذ ابراهيم الشيخ،واعتقل قرابة الثلاثة شهور من سجن الابيض والفولة والابيض وبعدها اطلق سراحه بعد ان رفض الاعتذار لقوات الدعم السريع،الحكومة تجيش قواتها من الخرطوم،والحديث المتكرر عن حسم الجبهة الثورية،واطلق عليها الصيف الحاسم،رغم انها بدأت في العام الماضي الا انها الي الان لم تزيل الجبهة الثورية من علي ارض الواقع في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور…
.
سيتدخل جهاز الامن والمخابرات الوطني اذا حاول اعضاء الحزب الحاكم ان يحدثوا تغيير،وهذا مستبعد تماما،لان الكوادر كلها امنية بحتة،مدمنة للعمل الامني القمعي ،الا انه يشير الي مدي التدخل في كل الاشياء في السودان،من مطالبته لائمة المساجد بالكف عن التحريض الديني،وهو كان في السابق يحرك ذلك علي الارض للنيل من المعارضين للحكومة،وفي فترة استغل فيها رجال الدين وائمة المساجد لتنفيذ خطة محددة يتبعها بعد ان تؤتي ثمارها يطلب منها ان يحترموا انفسهم،والا انهم سيواجهون الاعتقالات التي ستطالهم في القريب العاجل،اذا (ركبوا) رأس،واصروا علي تكفير الشيخ الترابي بعد حديثه عن مساواة الرجل بالمرأة في الشهادة،وهذه الاوقايل من الترابي في هذا الوقت هي مسألة تضييع للوقت،وشغل الناس بقضايا ليست ذات جدوي اطلاقا،والترابي عندما يشعر ان الاوضاع السياسية في السودان تسير علي رصيف مغاير للذي يرغبه،يقوم بصك اشياء توهم الرأي العام ان الرجل القيادات الفكرية، في وقت يريد كثيرون ان يوضح رأيه حول جرائم وعمليات الاغتصاب الجماعية التي تقوم قوات حكومية هو من صنعها قبل الاطاحة من قبل ابناءه قبل 15 عاما.في مثل هذه الاوقات كل السودانيين ليسوا في حاجة الي مثل هذه الفتاوي،وهي ضياع للوقت في فترة احوج الي السلام عن ايقاف الحرب وانتهاكات الحكومة في حقوق الانسان،وتدخل جهاز الامن في هذه الاونة هي محاولة منه لرأب الصدع بين الطرفين،اعتبارا ان هؤلاء الائمة الموالين للحكومة ،ويأتمرون بامرها بإلزامه الصمت الامني،حتي لا يخرج المؤتمر الشعبي من التحالف الاسلاموي مع الحزب الحاكم، ثم تدخل بأمر من جهات امنية عليا في الحزب ان توقف مثل هذه (المهاترات) الدينية ضد الشيخ حتي تسير الخطة بينهما كما يراد لها ان تسير بخطة امنية،رائدها جهاز الامن والمخابرات الوطني التابع للحزب الحاكم بقيادة الرئيس المرتقب عمر حسن احمد البشير،امير المؤمنين كما تقول الجماعات الاسلاموية السودانية،انه الاقرب الي حكم،واكثرهم استعدادا للدفاع عن الشريعة الوهمية ،ان يحمي الشريعة من الاعداء،ويحافظ علي وحدة تراب الوطن الملطخة بالدماء وروائح جثث الاطفال..