العلمانية و جوهر الدين و الرق و المسكوت عنه (11)

قبل البدء أشكر كل الذين علقوا مقرظين أو منتقدين و آمل بمعارفي القليلة جدا أن أكون مفيدا ، كما أشكر من راسلوني على البريد الالكتروني و حتى أولئك الذين أغضبتهم كتاباتي …. توقفنا عند عقيدة الحنفاء و سنرى كيف أنهم ملأوا دنيا ذلك الزمان بمعارف عن الحساب من ثواب و عقاب و عن العذاب و النار و الجنة و الخلود و غيره مما تناوله القصص القرآني باستفاضة فيما بعد و نذكر منهم عبد المطلب الذي كان يتحنث في غار حراء صائما في شهر رمضان و الذي سمّى حفيده محمدا ، و قد أوردت السيرة سبعا ممن تسموا بمحمد أوان البعثة لأنه قد شاع أن نبيا سيبعث و إن اسمه محمدا . مستفيدين من الكاتبة العبقرية أبكار السقاف و موسوعتها الشهيرة (نحو آفاق أوسع) و التي اقتبسنا منها أشعارا وردت في المقالة السابقة ، و من كتابها الأخير في الموسوعة :(الدين في شبه الجزيرة العربية) الناشر العصور الجديدة 2000م .. نبدأ بأشعار أمية بن الصلت عن تصوره لخلق الكون :
إله العالمين و كل أرض …… و رب الراسيات من الجبال
بناها و ابتنى سبعا شدادا …….. بلا عمد يرين و لا حبال
و سواها و زينها بنور …. من الشمس المضيئة و الهلال
و تصويره ليوم الحشر :
و يوم موعدهم أن يحشروا زمرا ….. يوم التغابن إذ لا ينفع الحذر
و أبرزوا بصعيد مستو حرز … و أنزل العرش و الميزان و الزبر
و أخبر كيف أنه لا بقاء إلا للمقدس ذي الجلال :
فكل معمر لا بد يوما ………… و ذي دنيا يصير إلى زوال
و يفنى بعد جدته و يبلى … سوى الباقي المقدس ذي الجلال
و كتب عن النار و الجنة و الثواب و العقاب :
و سيق المجرمون و هم عراة … إلى ذات المقامع و النكال
فنادوا ويلنا ويلا طويلا …… و عجّوا في سلاسلها الطوال
فليسوا ميتين فيستريحوا ……… و كلهم بحر النار صالي
و حل المتقون بدار صدق ….. و عيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون و ما تمنوا ….. من الأفراح فيها و الكمال
و قال أيضا :
رضيت بك اللهم ربا …… فلن أرى أدين إلها غير الله ثانيا
ألا أيها الإنسان إياك و الردى …فإنك لا تخفي من الله خافيا
و كتب عن قصة فداء اسماعيل بكبش عندما هم أبوه بذبحه و هي القصة التي تتطابق مع القصة التوراتية لكنها تختلف في اسم الذبيح إذ هو اسحاق في التوراة و أورد في شعره قصصا كثيرة يضيق المجال عن إيرادها منها قصة لوط و خراب سدوم و قصص فرعون و موسى و هارون و قصة مريم العذراء و حملها بالسيد المسيح و قصة يونس و الحوت و قصة الفيل .
نتعرض لبعض أشعار زيد بن عمرو بن نفيل (مات قبل البعثة بخمس سنوات ــ كما ذكر الشهرستاني في الملل و النحل في الجزء الثالث ــ و كما ورد في قصة الشاة التي أوردناها أنه عاصر الرسول (ص) ) يقول عن التوحيد و الثواب و العقاب:
أربا واحدا أم ألف رب …… أدين إذا قسّمت الأمور
عزلت اللات و العزى جميعا …. كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا عزى أدين و لا ابنتيها …… و لا صنمي بني عمرو أزور
و لكن أعبد الرحمن ربي …….. ليغفر ذنبي الرب الغفور
إلى أن يقول :
فترى الأبرار دارهم جنان …. و للكفار حامية السعير
و يخبرنا عن استسلام الأرض لربها و كيف بسطها على الماء :
أسلمت وجهي لمن أسلمت ….. له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما رآها استوت …. على الماء أرسى عليها الجبالا

و أغلبنا يذكر خطبة قس بن ساعدة : أيها الناس اسمعوا و اعوا ، من عاش مات و من مات فات و كلما هو آت آت ، ليل داج و سماء ذات أبراج …. الخ ، و قد كان النبي (ص) يعجب بخطبه و فصاحته كما جاء في السيرة …
و نظم الشعراء من غير الحنفاء أشعارا تحدث عن الثواب و العقاب و كريم الخلق .
لم تكن الأشعار وحدها هي التي تنشر ثقافة ذلك الزمان فقد كانت ظاهرة الكهان ذات أثر كبير على الثقافة السائدة . أثرها الخطير يأتي من أن سجع الكهان كان مرتبطا بالغيب ، فهو إما من الرئي (الجن) أو من مصدر سماوي . كانوا يعتبرون أن الجن يمكنه التلصص على السماء فيعرف أخبار ما غيّب عن عقولهم ، لذا كانوا يأتون الكاهن لاستفتائه فيما هو غيب . نعرف قصة اتهام السيدة هند زوجة أبي سفيان بالفاحشة و كيف برأها الكاهن . و كانت العقيدة السائدة إن الكاهن تتلبسه غالبا حالة (الاكستازــ أي الوجد الصوفي ــ) عندما يأتيه خبر الغيب ، و هي حالة تشبه الصرع عند بعضهم أو الدخول في غيبوبة . في الغالب لم يكن الكاهن يكذب لكنه ربما من النوع الذي تأتيه نوبة الهذيان التي يستدعيها بإرادته أو تداهمه رغما عنه مثل أنبياء بني إسرائيل أو أنبياء ساحل العاج أو أنبياء أمريكا اللاتينية في أيامنا ، و هي حالة تعرف اليوم بهذيان النبوة ، يعاني فيها الكاهن أو المتنبئ مما يعرف ببرحاء الوحي … من المؤكد أن الكاهن يرى هلاويسه المنداحة من داخل دماغه و هي حالة وصفناها في مقال سابق عن من يدعي أنه المهدي المنتظر و قلنا حسب الأخضر العفيف الأخضر : (إنها أونيرزم ، و هو حلم هاذي يخرج بقوة من نور الوعي الخافت.يمكن أن ُنكوّن عنه فكرة من الصور النعاسية ، اللواتي يعرفهن كثير منا ، بشكل طبيعي عندما يكون على حافة النوم . في الأونيريزم ، التجربة تستمر طويلاً بما فيه الكفاية،حتى تنتظم الصور في رؤى ، مع كثافة دراما ملأى بالإنفعالات في تسلسل يسمح بروايتها في ُرؤى . الهاذي يعيش اقتحام عالمه الخيالي ، كعملية خلع لباب وعيه ، من منتجات مسرحية لا يتعرّف على نفسه فيها ، فينسبها لقوة خارجية).
كان سجع الكهان في فترة ما قبل البعثة يسحر العقول و يأخذ الألباب بفواصله القصيرة البليغة ، إلا أنه كثيرا ما يتميز بفخامة اللغة من غير اهتمام بالجوهر و بتكرار المعاني خاصة تكرار القسم الذي يأتي خبره متواضعا ، أورد ابن هشام سجعا لربيعة بن ربيعة يقول فيه : ” و الشفق و الغسق ، و الفلق إذا اتسق ، إن ما أنبأتك به لحق .” و قد تعرضنا لسجع الزبراء الكاهنة التي عاشت في الفترة قبيل البعثة و عاصرت البعثة ، و هي أمة من مولدات العرب سيدتها عجوز تسمي خويلة من بني رئام إحدى بطون قضاعة ، و تعرضنا لسجعها : واللوح الخافق والليل الغاسق والصباح الشارق والنجم الطارق والمزن الوادق إن شجر الوادي ليأدو ختلاً ويحرق أنياباً عُصْلاً. وإن صخر الطود لينذر ثُكلاً لا تجدون عنه مَعْلا فوافقت قوماً أُشارى سكارى…. و نعرف قصة الخلاف بين هاشم بن عبد مناف و أمية بن عبد شمس و كيف احتكما للكاهن الخزاعي الذي حكم بنفي أمية للشام عشر سنوات ، قال الكاهن : ” و القمر الباهر ، و الكوكب الزاهر ، و الغمام الماطر ، و ما بالجو من طائر ، و ما اهتدى بعلم مسافر من منجد و غائر ، فقد سبق هاشم أمية إلى المفاخر .” نلاحظ أن كل تلك المقاطع المتكررة من القسم ، نتيجتها أن هاشم أفضل من أمية ، كان يكفيه القول مثلا : و القمر الباهر ، سبق هاشم أمية إلى المفاخر ……. كان السجع يفتتح بالقسم بالظواهر الطبيعية و كان رمزللبلاغة و دليل على اتصال قائله بالغيب .
كانت قريش تعرف دين الصابئة الذي كان منتشرا في العراق و بعض أجزاء من الشام . كان الصابئون يعتقدون في إله ساكن السماء يتم اتصاله بسكان الأرض بواسطة ملك مبعوث لمن تمّ اصطفاؤه من قبله . كان الصابئة يصلون خمس صلوات ، ثلاث في النهار و إثنتان في الليل ، و كانوا يغتسلون من الجنابة و يتطهرون قبل الصلاة و كانوا يحجون للكعبة كما تفعل العرب و كانوا ينحرون في اليوم العاشر من ذي الحجة في يوم عيد الأضحى كما أورد الشهرستاني في الملل و النحل (الجزء الثالث) . كان الصابئة يصومون شهر (ناتق) و النتق معناها الصوم ، و عندما انتقلت أسماء الشهور عن لغة العرب العاربة ، نقلت حسب حال المناخ وقتها و كان ناتق في زمن رمضاء حارة فسمي رمضان … سنواصل إن بقي في العمر بقية ….

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاخ الكاتب كأنى بمن أورد هذه الابيات الشعرية اول مرةٍ واقفاً يكتبها عن ابن الصلتِ وهو ينشدها! اراك تحب تحكيمَ العقلِ فهل لنا مما وصلنا عن حب السجع والاشعار المنمقّة التى سادت بعد عهدِ الامويين أن نظنُّ ظنّاً ان هذه الاشعار ربما نُحِلت نحلاً عن القرآن بدلاً عن الفكرةِ التى ارى انك تُمهّد لها تمهيدا!

  2. الاخ سرحان ..انا عرفت من هذا المقال القيم والذى غاص بنا فى الممنوع تداوله السبب الذى تم به تكفير العلامة المفكر الاديب الدكتور طه حسين لما اورده فى كتابه عن الشعر الجاهلى فى طبعته الاولى والزمه رجال الدين بتغيير بعض العبارات والافكار فى الطبعة الثانيه .انا لن اغوص فى التفاصيل ..هل انا مصيب ؟

  3. دنت الساعةُ وانشقَّ القمر عن غزالٍ صاد قلبي ونفر

    أحور قد حرتُ في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حَوَر

    مرَّ يوم العيــد في زيـنته فرماني فتعاطى فعقر

    بسهامٍ من لِحاظٍ فاتــكِ فتَرَكْني كهشيمِ المُحتظِر

    وإذا ما غــاب عني ساعةً كانت الساعةُ أدهى وأمرّ

    كُتب الحسنُ على وجنته بسَحيق المِسْك سطراً مُختصَر

    عادةُ الأقمارِ تسري في الدجى فرأيتُ الليلَ يسري بالقمر

    بالضحى والليلِ من طُرَّته فَرْقه ذا النور كم شيء زَهَر

    قلتُ إذ شقَّ العِذارُ خدَّه دنت الساعةُ وانشقَّ القمر

    وله أيضاً:

    أقبل والعشاقُ من خلفه كأنهم من كل حدبٍ يَنْسلون

    وجاء يوم العيد في زينته لمثل ذا فليعملِ العاملون
    ___________________________________________________

    خرافات قديمة …..

  4. قراءت الحلقتين 10 و 11 هذه قبل قليل واول خاطر خطر لي هو ما المح له الاخ المعلق (NB)، واعتقد ان مسار السلسلة من الان وحتى مرحلة النبوة قد صار واضحاً حيث سيركز على التلميح بأن لغة القرآن وتعبيراته قد وجدت في اشعار سابقة له، وان العبادات التي جاء بها الاسلام هي عبادات موجودة سابقاً وان مكارم الاخلاق التي دعا لها الاسلام موجودة من قبل وغير ذلك مما تكرر وتم الرد عليه مراراً لمن القى السمع وهو شهيد، وعموما في انتظار وصول الكاتب الى مرحلة الافصاح وبعدها نرد عليه ان شاء العزيز الحليم عالم ما تخفي الصدور.

    وقد وضعت طلباً بالمقال السابق واعيده هنا، حيث ارجو من الكاتب ان يضع لنا في مقالاته المصادر التي اعتمد عليها في كل مقال كهوامش، وارجو ان يلبي لنا هذا الطلب تماشياً مع العلمية التي تتوافق مع التعقل الذي ينادي به، وحتماً سيزيد ذلك من استفادتنا من مقالات الكاتب ذات المحور والهدف القديم المتجدد!!

    وقد لاحظت في هذا المقال ان الكاتب اورد كتابين قد اعتمد عليهما كمصدر للمعلومات وسأعود لهذين الكتابين لاحقاً بالاضافة الى الكاتبة أبكار السقاف وبعض التناقضات الغريبة في اسلوب كتابة كتبها التي يظهر فيها احترام نبي الاسلام بصلاتها عليه كلما ذكرته بموضع عليه الصلاة والسلام مقارنة مع الكتب التي ذكرها الكاتب مما يضع بعض علامات الاستفهام حول هذه الكتب، وسأعود لهذا الموضوع لاحقاً كما ذكرت.

    وعموما اريد ان اكرر طلبي لعالمنا الجليل سرحان بالالتزام بالمنهجية العلمية وأيراد مراجع المعلومات في مقالاته إما داخل المقال كما فعل هنا او كهوامش (حتى ولو كان ذلك دون ربطها بالسطور)، الا اذا كان عالمنا الجليل يرى سبباً لا نعرفه لاخفاء المراجع التي يستقي منها معلوماته!!

  5. شعرت منذ قراءتي للمقال السابق ان غرض الكاتب التشكيك في رسالة الاسلام و ربطها بمعتقدات الجاهلية و بقايا اهل الكتاب و اتضح اليوم من الاقتباس التالي من المقال أدناه و لعل الكاتب لم يكن لديه من الوقت ليقرأ قوله تعالى “ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ”
    نقول للكاتب باللهجة الدارجة ( غيرك كان أشطر) الامر ليس بغريب علينا ان يحاول المبطلون انكار النبوة و انكار الوحي و لكن لماذا لا ياتينا هؤلاء بآية واحدة مثل ءايات الذكر الحكيم؟

    و من ابسط الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه و سلم و لا يذكر كدليل هو سورة ابي لهب فبالرغم من أن السورة نصت على كفره لم يستطع الرجل حتى ان يدعي انه اسلم ليكذب القرءان الكريم , مع العلم بان بعض الداعداء الدعوة في ايامها الاولى اسلموا قبل الفتح و اصبحوا من كبار الصحابة

    الاقتباس :قال سرحان في المقال اعلاه(( الغالب لم يكن الكاهن يكذب لكنه ربما من النوع الذي تأتيه نوبة الهذيان التي يستدعيها بإرادته أو تداهمه رغما عنه مثل أنبياء بني إسرائيل أو أنبياء ساحل العاج أو أنبياء أمريكا اللاتينية في أيامنا))

    أما كذب الكهان و المنجمون فمعروف انهم يصدقون مرة و يكذبون مئة مرة و لكن بسبب نفسية البشر ( يمكن الرجوع الى علم النفس) يتذكر الناس المرة التي صدقوا فيها و ينسون غير ذلك و لا ننسى كذبة او اسطورة المايا التي نشرت قبل اعوام بان العالم سينتهي عام 2012 و مثلها كثير

    تشبيه سرحان للوحي بهذيان الكهان بالاضافة الى بيان ضلاله فهو يبنؤ ايضا بان سرحان لا يتمتع باحترام عقول الاخرين فمن المعروف ان رسالة الانبياء تختلف عن أطماع الكهان و ضلالهم
    لقد ذكرت سابقا لسرحان ( أن كثرة الصراخ لا تنتج جملة مفيدة)

  6. الاخ مسلم انا.
    تحيه طيبه.
    اتفق معك ان الاستاذ سرحان يمم بنا للحديث عن التواصل بين الاديان التوحيديه او في اسوأ الظنون نحو النحل ولنتركه لنرى ما في جعبته.
    اعتقد ان مقالات سرحان تدور حول التناقض بين المظهر العباداتي الشرائعي في الاسلام الاصولي مقارنه بالقيم الاخلاقيه والمعرفيه التي يحويها هذا الدين -او في نظري كعلماني- تلك التي يمكن ايضا ان يحويها نتيجه تفاعل الانسان بالكون حوله.
    هذا التناقض بين القيم والشريعه يزيد كلما اقترب الفكر الاصولي من الدوله ويقل كلما تباعدت السلطه عنه. ولعلك تابعت معنا ماشاهدناه من ذلك الراعي الذي لا اظن ان الدوله الدينيه سواء في السعوديه او السودان قد زادته ذره في ايمانه او في قيمه. فهو لايحتاج من الدوله اكثر من ان تتركه يرعى بهائمه وتوفر له ماء وكلا.. وهو كفيل بنفسه يعبد ربه في فلاته كيفما شاء له.
    لااخفي عليك انني في زمن مضى حاولت ان اجد مثلكم نقد بنائي لهذا التناقض في الفكر الاصولي لكني ماوجدت غير نقد تبريري يجعل من قداسه النص ان كان ايه او حديث غايه في حد ذاتها مؤولا ذلك بحكمه المشرع الربانيه والتحدث عن ان الحل هو الدوله الرساليه الصحيحه متجاهلين تجارب مريره خلال 14 قرن مضين.
    ان نزع القداسه عن النص للتعامل معه ليس امرا سهلا خصوصا في ضوء التراث التحريمي وسهوله الاستناد عليه او مثلما يعمل السلفيين او الشيعه. الا ان التفكير العلماني لا يعوزه غياب تراكم تراثي يستند عليه فهو يستند على نقد كل التراث الانساني وخصوصا تلك التناقضات في الفكر الديني. الا ان الاستناد على العقل وحده في النقد- في نظري- ليس كافيا لحل هذه الاشكالات بل يجب ان يستخدم العلماني ايضا ذوقه او سمها علمانيه محببه. وهنا ارى ان الخطاب الصادم لسرحان نوعا ما بعيدا عنها.
    ودمتم.

  7. الاخ (موي) وحضرة العالم الجليل سرحان

    قد يطول الرد عليك يا اخ (موي) لأن معظم ما سردته يعتمد على مسلمات مفترضة لديك تحتاج في اصلها الى اثبات، ولكن دعني اضع بعض النقاط التي تتعلق بتعليقك، وسأختم التعليق بنقطة تثبت تناقض كاتب المقال الذي يدعوا الى العلمية عند النظر للتاريخ ورغم ذلك يأخذ من الكتب التي ثبت فيها الكذب والتدليس وارجو ان يثبت انني على خطاء (إن كان يستطيع) بالرد على النقطة الاخيرة بهذا التعليق:-

    – هناك فرق بين العلماني المسيحي والعلماني الملحد، أو العلماني المسلم والعلماني الملحد، والعلمانية في حد ذاتها لا تطلب نزع القداسة عن النص ما عدا العلمانية الوجودية، وأما العلمانية السياسية (وهو ما اوحى الكاتب انه يتحدث عنه ببداية السلسلة) وغيرها من العلمانيات فليس من متطلباتها نزع القداسة عن النص، ولم نسمع بمثل هذا في كل دولكم العلمانية التي تريدون الاقتداء بها وتضربون بها الامثال حيث يؤمن المسيحي بقدسية كتابه المقدس والهندي بقدسية الـ Pitakas والمسلم بقدسية القرآن، ولم يؤثر ذلك لا على علمانيتهم ولا علاقة تحقيق الاحلام التي تنومون وتصحون عليها.

    – العلمانية المحببة التي تعتمد على الدوق تشبه في مفهومها التقية عند بعض فرق الشيعة، ولكن ما يهمني هو انها دليل آخر على ان هذه العلمانية هي رداء فضفاض يحشوه كل منكم بما يراه، وإلا فلتشرح لي يا صديقي ما هو ما يحكم ذوق العلماني هذا الذي تتحدث عنه، وما الذي جعلك تنكر على سرحان لغته التي تراها انت صادمة بينما قد تكون في اطار الذوق لديه، وكيف يمكنكم حسم مثل هذا التفاوت في تقييمكم ونظرتكم للعلمانية؟!

    – كتابات الكاتب وبعضاً مما في تعليقك توحي بأنكم تتحدثون عن العلمانية الوجودية (مثل استطرادك بان قناعتك كعلماني هي انه حتى القيم الاخلاقية والمعرفية بالاسلام هي تطور ناتج عن تفاعل الانسان بالكون حوله)، فالعلمانية السياسية لا علاقة لها بقداسة النص من عدمه (سألناه كثيراً عن تحديد العلمانية التي يتحدث عنها او مراجعها حتى يكون واضحاً لنا كقراء إطار ما يتحدث عنه ولم يجب)، وبالتالي لو صح هذا الافتراض بان الكاتب يتحدث عن العلمانية الوجودية فانتم تنادون الى استخدام العقل في الحكم على اي شئ وان مقياس الخطاء والصواب هو مصلحة الانسان في هذه الدنيا فقط دون اي ميتافيزيقيات اخرى، ورغم ان هناك العديد الذي يكفي لملء الكتب مما يدحض هذا المنهج في التفكير ولكني اريد ان اسأل سؤالاً واحداً سئل الاف المرات وأشار اليه القرآن نفسه(وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات : 21])، والسؤال هو:

    إذا كنا سنعتمد النزعة المادية في التفكير وان كل شئ مرجعه العقل الذي يستطيع – في نظركم – تفسير كل شئ، فارجو ان تفسروا لنا فقط ما يتعلق بعمل هذا العقل الذي تتحدثون عنه مما لم يستطع العلم تفسيره حتى اليوم، وأما ان كنتم تعرفون بانكم لا تستطيعون الاعتماد على العقل فقط لتفسير عمل هذا العقل نفسه – دعكم من بقية الاعضاء او الكون او المخلوقات – فلا يعقل حينها ان تحدثونا على ان الايمان باي قوة وراء هذا العقل هو خرافة حيث أن هذا العقل يعمل بنظام لم تستطع عقولكم تفسيره ولم تضعه، وبالتالي فان هناك قوة وضعت هذا النظام الذي جعل عقلك هذا يعمل دون ان تدرك انت نفسك كيف يعمل؟ !!وأما قصة الداروينية فتلك قصة اخرى!!

    – قال الكاتب بتعليق بالاسفل انه يعتمد على التاريخ الذي لديه ما لم يثبت العلم عكسه، والمنهج العلمي التاريخي معروف من ان اثبات التسلسل التاريخي (الاسناد) هو الاساس بهذا لمنهج، ولكن رغم ذلك تجد الكاتب ومن حذا حذوه ينتقون التاريخ من مراجع تتناسب مع ما يريدونه حتى وإن تناقض منهجها مع المنهج العلمي التاريخي ويتركون التاريخ الموجود بمراجع اعتمدت العلمية التي تتحدثون عنها بصورة اكبر.

    وخير مثال لما ذكر اعلاه هو كتاب الكاتبة ابكار السقاف التي وصفها الكاتب بالعبقرية وجعل من كتابها محوراً لهذا المقال وسابقه، فمن امثلة التدليس الفاضحة في كتاب الكاتبة ابكار السقاف هو ان كتابها اعتمد على مقولة منسوبة الى جد الرسول عليه الصلاة والسلام تتعلق بتأسيس دولة توحد العرب ويسيطر عليها الهاشميين للايحاء بأن النبوة انما كانت فقط وسيلة لتحقيق هذه المقولة، وقد ذكرت الكاتبة ان مرجعها لهذه المقولة (مصدرها) هو كتاب ?قصة الأدب فى الحجاز فى العصر الجاهلى? من تأليف خفاجى والجيار حسب ما قالت، ورغم ان الكاتبة لم تحدد رقم صفحة في هذا الكتاب الذي يبلغ حوالي سبعمائة صفحة، ورغم انها نسبته الى مؤلفين خطاء حيث أن مؤلفيه هم د. محمد عبد المنعم خفاجى وعبد الله عبد الجبار (وليس الجيار كما قالت)، بالتغاضي عن كل هذا التخليط فإن نسبة هذه المقولة الى عبدالمطلب في الكتاب الذي استشهدت به الكاتبة هي كذبة كبيرة في حد ذاتها، والحقيقة هي أن الكتاب الذي استشهدت به لنسب المقولة لعبد المطلب تقول بأن مصدر المقولة هو اعرابي مر على عبدالمطلب واحفاده وليس عبدالمطلب نفسه، ولكن رغم هذا التدليس الفاضح من الكاتبة لخدمة فكرة كتابها، ورغم حديث عالمنا الجليل سرحان عن العلم والعلمية، فإن عالمنا الجليل سيصر على الاخذ من هذا الكتاب ذو التدليس ويصف لنا كاتبته بالعبقرية بينما يرمي وراء ظهره كل تلك الكتب التي اعتمدت العلمية في اسنادها للاقوال والاحداث التاريخية والتي لا نجد فيها مثل هذا التدليس المثبت والذي لا يمكن انكاره، ولمن اراد التأكد من التدليس والكذب الذي مارسته الكاتبة ابكار السقاف فيمكنه الرجوع الى الكتاب الذي استشهدت به ?قصة الأدب فى الحجاز فى العصر الجاهلى? بالصفحة رقم 306 (طبعة مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة 1980م).

    وارجو من عالمنا الجليل سرحان ان يوضح لنا رأيه بهذه النقطة الاخيرة وعلاقتها بالعلمية التي يتحدث عنها!!

  8. من الملاحظ ان بعض الناس يعتقدون ان الشرك و الكفر الذي كان سائدا في جزيرة العرب قبل الاسلام يعني عبادة العرب لأصنامهم من دون معرفة ان الله وحده هو الخالق و هذا الظن خطأ كبير اذ أن المعضلة كانت في اشراك القوم للأصنام و الالهة في عبادة الله أي ان العرب كانوا يقرون بالخالق عز وجل و لكنهم يعبدون معه ءالهة اخرى و هذا هو عين الشرك
    قال تعالى ” ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ( 61 ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم ( 62 ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون ( 63 ) ) . سورة العنكبوت
    و قد كان المشركون يقولون في تلبيتهم : ” لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك
    و كانوا يعللون عبادتهم للأصنام بان هذه الالهة هي واسطة
    قال تعالى : “والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . فبين أنهم يزعمون أنهم ما عبدوا الأصنام ، إلا لأجل أن تقربهم من الله زلفى”
    و كلمة زلفى تعني القرابة
    فالمشركون بكل تأكيد كان يؤمنون بالخالق و لكن خلطوا ذلك بالشرك و عبادة الاوثان وكثير منهم انكروا البعث و كان لديهم بعض العادات التي لا تخلو من الفواحش و الآثام
    و حتى وقتنا الحاضر تجد بعض الوثنيين من مختلف القارات لا يزالون يؤمنون بنفس معتقد ان عبادة ءالهتهم تقربهم الى الخالق عز وجل و ما دروا ان الله سبحانه و تعالى لا يحتاج الى واسطة فهو السميع البصير و الغفور الرحيم

  9. كتب او مؤلفين اعتقد اننا سنسمع عنها كثيراً في مقالات سرحان القادمة، وارشحهم له ان لم يعلم عنهم:

    – ابكار السقاف وكتاب (الدين في شبه الجزيرة العربية) الذي يعتبر امتداداً لسلسلة (نحو افاق اوسع)

    – سيد القمني صاحب الدكتوراة المشتراة بمئتي دولار والذي اعترف بنفسه بانه حصل على الدكتوراة من جامعة وهمية، ومن كتبه (الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية) وغيرها من الكتب التي تشكك في الاسلام والنبوة ولا تسوى في غباء طرحها قيمة الحبر الذي كتبت به.

    – خليل عبد الكريم وكتبه التي تشبه كتب القمني ويعتقد انها احد مصادر افكاره، مثل كتب (قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية)، (فترة التكوين)، (جذور الشريعة الإسلامية).

    – عباس عبد النور، وهي شخصية اقرب للوهمية يدعون انه شيخاً ازهرياً ويصفونه بالشيخ الدكتور رغم ان البعض تقصى عنه في الازهر وفي دمنهور التي قيل انه عاش فيها ولم يجد له اثر، ومن امثلة كتبه كتاب (محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن) المنسوب اليه بعد وفاته بحوالي سبعين سنة !!! والحجة بذلك انه ترك في وصيته ان لاينشر الكتاب الا بعد وفاته.

    – كتاب (الاسلام واصول الحكم) المنسوب للشيخ علي عبد الرازق، وفي ذلك علامات استفهام لا تحصى كما قد اوضح لاحقاً ان استدعى الامر.

    – بعض كتابات طه حسين وشلتوت التي يراد ان يطعن بها في النبوة وفي مصدرية القرآن.

    وعموما وراء كل هذه الكتب والمؤلفين قصص وحقائق مثبتة بالدليل الذي لا ينكره الا جاهل باصول العلمية والبحث العلمي، كما سنجد تشابها مريباً بينها وبين كتابات ومقولات اشخاص مثل صمويل زويمر و ديفيد صمويل مرجليوث وغيرهم ممن سأوضح لاحقاً ايضاً من هم وماذا يريدون، وفي انتظار بقية مقالات عالمنا الجليل سرحان.

  10. اعزائي الكرام لتحميل كتب ابكار السقاف ومن اجل ان تعم الفائدة اقدم لكم روابط تحميل بعض كتبها الهامة:
    اولا: الدين في شبه الجزيرة العربية
    http://www.4shared.com/office/iIlHRigj/_____.htm
    او
    http://t.co/Z84PsJO1

    ثانيا: الدين في مصر القديمة
    http://www.4shared.com/file/76505212/ab6d5bd4/___.html?s=1

    الحلاج وصوت الضمير:
    http://al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=001587.pdf

    الدين في الصين والهند وايران:
    http://www.megaupload.com/?d=TJ7FDYOH

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..