السودان قبل العصيان المدني غير السودان بعد العصيان المدني

في الواقع لم يستقل السودان في العام 1956م استقلالا حقيقيا وإنما استبدل المستعمر الاجنبي بمستعمر وطني، لذا لم يرَ السودانيون أي أثر ايجابي للاستقلال. بل دخلوا في صراعات وحروب الى يومنا هذا، بيد أن المستعمر الأجنبي كان أكثر إيجابية من المستعمر المحلي، فعلى الأقل في سبيل النهوض بوطنه كان ينمي ويطور مستعمراته فمثالا لذلك إنشاءالسكة الحديد وجسري النيل الأزرق والمقرن وكلية غردون التذكارية التي اصبحت جامعة الخرطوم فيما بعد وكذلك مشروع الجزيرة كلها من صنع المستعمربجانب الخدمة المدنية الممتازة التي سار السودانيون على منوالها بعد ذلك فالاستقلال الذي يأتي على طبق من فضة بغير الكفاح المسلح ليس إستقلالا… فكان الاستقلال يومذاك مجرد تسلم وتسليم فكان السيدان (عبد الرحمن المهدي وعلى الميرغني) وريثان شرعيان للاستعمار البريطاني وكانا دوما على وئام مع الادارة البريطانية والمملكة فكتوريا شخصيا ولا ننسى ان السيد عبد الرحمن المهدي قدم سيف المهدي كهدية للملكة فكتوريا حينما قدم للمملكة المتحدة فشتان ما بين المهدي الذي حاصر الخرطوم وقتل غوردون وبين ابنه فالمهدي كان متقشفا وزاهدا في الدنيا وبطلا قوميا غير ابنه الذي هادن الانجليز… واللذان رفعا العلم كانا يعملان تحت امرة السيدان وحزبيهما ولم يرفعا سلاحا قط في وجه المستعمر على عكس الدول الافريقية الاخرى الذين قارعوا المستعمر وليست الجزائر وجنوب افريقيا وزمبابوي ببعيدة عنا… فأتي الاستقلال صوريا بلا طعم ولا رائحة ودون بذل جهد وعناء يذكر لذا لم يستطع هؤلاء الحفاظ عليه بل لجوا في صراعاتهم الطائفية والحزبية واللذان روجا لهذا الاستقلال الزائف هما بيتا آل المهدي والميرغني وحزبيهما الكبيران اللذان يصران في عصر التكنلوجيا العودة بالسودان الى الوراء ما أمكن ذلك…
فجاءت ما يسمى بالانقاذودمرت ما بقي من السودان على يديهافالحكومات المتعاقبة منذ خروج المستعمر البريطاني لم تفعل شئيا غير إذكاء الصراعات فيما بينها… كان هم الحكومات المتعاقبة فن الخطابة ودغدغة مشاعر الجماهير بالخطب الرنانة بجانب سرقة أمواله وبذا ظهرت طبقة استعلائيه تتلقف الحكم من يد الى أخرى تارة بالدسائس وتارة بالانقلابات العسكرية حتى يومنا هذا الذي نرى أثر النعمة والرفاهية بادية على محياهم وسط شعب يئن من الفقر والجوع والمرض…. وصنعوا أحياء راقية ما كانت لها وجود قبل يومهم ذاككأحياء الرياض والطائف والمعمورة والمنشية وكافوري وغيرها لتباع قطعة الارض فيها بالمتر والدولار وتبز في أسعارها كبريات العواصم الأوربية والاسيوية مثل طوكيو وسنغافورة ولندن وباريس وزيورخ وغيرها من العواصم … أناس حتى بالأمس القريب كانوا يعيشون على الكفاف(وكان شرفا لهم) وأطراف المدن ليتطاولوا في البنيان بين ليلة وضحاها وينهبوا أموال البسطاء ويهربونها للخارج…
فالاستقلال الحقيقي للسودان يبدأ من نوفمبر 2016م، من يوم بدء العصيان المدني الذي فرق بين الحق والباطل وأبهر العالم أجمع بأسلوبه الحضاري الراقي الذي أرغم حكومة المؤتمر الوطني لتتفرج عليه بانبهار وحقد… فسودان ما بعد العصيان المدني ليس السودان الذي عرفناه منذ الاستقلال الزائف الذي سود به كتب التاريخ…. الاستقلال الحقيقي هو أن يمتلك الشعب إرادته وحريته، فحتى اليوم تصادر الكلمة والصحف فهل هذا هو الاستقلال الذي ينشده السودانيون… حتى الآن أموال الشعب تُنهب من حكامه فهل هذا هو الاستقلال، هذا نوع من الاستغلال المبطن وليس من الاستقلال في شئ… فهل كان الشعب يمتلك حريته قبل هذا التاريخ… على السودانيين أن يؤرخوا فعالياتهم بعد هذا التاريخ ويفتخروا به… فالاستقلال الحقيقي بدأ منذ فجر أمس الأول وحان للسوداني أن يرفع رأسه ويقول أنا سوداني بعد أن كان يخجل حتى من ذكر السودانلما وصلت اليه حال السودان بين الأمم والشعوب… ففي عالم اليوم تقاس الدول بمدى رفاهية شعبها واستقرارها فانظروا الى السودان والى الدول من حولكم كيف تسير… فلماذا ادخلت هذه الحكومة (العصابة) السودان في جحر ضب وتدخل في صراعات داخلية وخارجية لا فكاك منها؟؟ لن يهنأ للسودان بال حتى تجتث هذه الطغمة الفاسدة من جذورها… وكثيرا ما أخافت الحكومة الشعب بان ذهابها يعني الفوضى…. من هول ما رأى من هؤلاء والله لو خير هذا الشعب بين الفوضى وهذه الحكومة لاختار الفوضى فعلى الأقل للفوضى نهاية لا بد أن يعقبها استقرار وان طالت ولكن هذه الحكومة ستفرخ الفاسدين إن رحل منها أحد استبدل به أحدا افسق منه ولن يرجى منها خير قط لأنها تعمل لنفسها فقط فالفساد يعشعش ويفرخ في عقر دار الرئيس ومكتبه وهو لا يحرك ساكنا.. أهؤلاء حكام ام عصابة من اللصوص؟… وما من وزارة أو مصلحة حكومية سواء إتحادية أو ولائية إلا وتجد لصا يتربص بأموال الشعب ليحولها الى منفعتها الخاصة فهذه المصالح الحكومية تدار الآن حكرا كمؤسسات عائلية وأسرية….
فكم من قوانين وضعتها هذه الحكومة كقوانينالشفافية واجتثاث الفساد وغيرها ولكن كيف يتسنى لهم ذلك وهم أساس الفساد فالفساد ليس في النصوص ولكن في النفوس الخربة التي أدمنت الفساد فماذا تفعل النصوص القانونية بالنفوس الفاسدة (وفاقد الشئ لا يعطيه)…فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم قبل مجاهدة الآخرين وأن يطهروا أنفسهم قبل تطهير المجتمع… فرائحة الفساد بدأت تزكم الانوف وتطير عبر الأثير حول العالم فيعرفها القاصي والداني،
فدول الاغتراب سواء في الخليج أو في العالم العريض ليست الحال كالسابق والمغترب مهما كان ميسور الحال فلابد وأن يعود الى حضن وطنه وان طال السفر وفي هذه الأيام لكم اخوة في الداخل يتلمسون طريقهم لصنع المستقبل واعادة كتابة التاريخ من جديد فعليكم أن تقفوا معهم فهم أصبحوا كعرب فلسطين في الداخل الاسرائيلي يواجهون اعتى أنواع الظلم والتعسف والتفرقة في الملبس والمأكل والمسكن فماذا بقي لهم غير اشهار سيف الاحتجاج في وجه أعتى أنواع التعسف التي عرفتها القارة السمراء في هذا القرن، فكونوا معهم قلبا وقالبا ودعموهم على الاقل بالأقوال إن لم تكن بالأفعال.. فهؤلاء يرسمون مستقبل السودان الآن….
وعلى هذا الشعب الكريم والصابر أن لا يركع بعد هذا اليوم إلا لله… فمسيرة الحرية طويلة ويحتاج الى صبر فحتى إذا وصلتم مع هؤلاء الى طريق مسدود فالخاسرونهمُو… فسوف يخسرون قصورهم وسياراتهم وخدمهم وحشمهم فالشعب ماذا عنده ليخسر، فمع بقاء هؤلاء فالشعب خاسر خاسر… فاذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن العار أن تموت جبانا … ومن لم يمت بالسيف مات بغيره .. تعددت الاسباب والموت واحد كما قال أبو الطيب المتنبي… المحامون بإذن الله سوف يعتصمون أمام الهيئة القضائية وكذلك الصحفيون البواسل وعلى الفئات المجتمعية الأخرى مثل المعلمين والعمال أن يعتصموا كل في مجال عمله…. فهؤلاء إن كانوا يعملون من أجلكم ما وصلت الحال الى ما وصلت اليها وما كانت الاسعار تسير بسرعة الصاروخ والمرتبات تزحف زحف السلحفاة… فهؤلاء عصابة اجتمعت على الشر وعلى استعدادلاراقة الدماء من اجل مكتسباتهم الدنيوية الرخيصة فكونوا على قلب رجل واحد واستمروا بأسلوبكم الحضاري حتى ترحل هذه الطغمة… فكلما كان ثباتكم أقوى كان يوم رحيلهم أقرب… وتيقنوا بان الاسعار لن تنخفض بعد اليوم وأن هؤلاء لن يرحلوا طواعية بعد أن أدمنوا أكل أموال الناس بالباطل ولا يفل الحديد إلا الحديد…
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الله يخضر ضراعك .. والله كلام في الصميم …. ما عندي تعليق عليه … لو علقت عليه سأقول نفس ما كتبته..

  2. لك منا الشكر والثناء
    هناك كتاب مقالات عتدما تقراء لهم تجد نفسك مجبرا على الشكر والثناء لهم لهذا الجهد المبذول وهذا الالق والفكر الرائع شكرا لكل من يبدع ويحفز وينير الدرب للاخرين

  3. الله يخضر ضراعك .. والله كلام في الصميم …. ما عندي تعليق عليه … لو علقت عليه سأقول نفس ما كتبته..

  4. لك منا الشكر والثناء
    هناك كتاب مقالات عتدما تقراء لهم تجد نفسك مجبرا على الشكر والثناء لهم لهذا الجهد المبذول وهذا الالق والفكر الرائع شكرا لكل من يبدع ويحفز وينير الدرب للاخرين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..