الأجانب ينتهكون قوانين البلد- يدمرون الحياة البرية في ضيافة وسذاجة السودانين

ورد في الاخبار أن وزارة السياحة تقاضي (9) سوريين بتهمة تدمير الحياة البرية وتمت معاقبة ثلاثة من الشرطة “لسكوتهم عن المخالفات” (صحيفة الراكوبة الإلكترونية، 05-07-2018)
يتضح بجلاء:
1) عبس الأجانب خصوصا اللاجئون السوريون بثروات البلد وإستغلال حسن الضيافة و”الطيبة” الساذجة
2) تهاون وتقاعس (جهلا أو بسبب المغريات) المواطن والشرطي حيال ذلك.

“العالم مكان خطير، ليس بسبب أولئك الذين يفعلون الشر، ولكن بسبب أولئك الذين ينظرون ولا يفعلون شيئًا” ألبرت آينشتاين (1879 – 1955).
إن رياضة الصيد من الرياضات الممتعة لكثير من الناس لكنها باتت في السنوات الأخيرة تؤدي الى جرائم بيئية مدمرة كالصيد الجائر للطيور والحيوانات النادرة. اتسعت دائرة الجرائم البيئية والتي تقوم بها مجموعات وشبكات “جشعة” كوسيلة للتجارة الرابحة وهي شبيهة بشبكات تقوم بقطع الأشجار والغابات من أجل صنع الأثاث أو المنتجات الخشبية الأخرى دون مراعاة لدورات نمو الشجرة وتوقيت قطع الغابة. مع وجود قوانين تنظم الصيد والعقوبات للمخالفين، لكنها تظل غير فعالة كما يوجد غياب للتفاصيل الهامة التي تشرح الخروقات علاوةً على التراخي في تطبيق القوانين.
نتابع ما ورد في الخبر الذي يؤكد ردود افعال جيدة (على الأقل نظرياً) من الجهات المعنية:
“قال وزير الدولة بوزارة السياحة، في رده على سؤال عن الصيد الجائر أمام البرلمان: إن السوريين الـ (9) منحوا ثلاث تصاديق، عبر شركة تعمل في مجال الصيد، لصيد (240) طائر، بواقع (80) لكل رخصة، وأوضح أن التحري معهم لا يزال جاريا دون أن يحدد نوع مخالفتهم. وذكر الوزير أن الصيد في البلاد مقصور على الأجانب، دون أن يمنح لهم تصاديق مباشرة وإنما عبر شركات معتمدة للوزارة بمراقبة عناصر شرطة الحياة البرية، وقال إن سعر الرخصة الواحدة يبلغ (900) دولار. وكشف عن وجود مخالفات من الأجانب بخصوص الصيد لكنه عاد وقال: (لكن مقدور عليها). وأعلن عن وصول إيرادات موسم الصيد إلى مليون و(86) ألف دولار ومليون و(700) جنيه. وأشار إلى وجود أسواق تبيع الطيور داخل الخرطوم، تقوم دوريات بمراقبتها قال إنها تضبط لحوم طيور في أماكن تجارية تتم محاسبتهم. وأشتكي من ضعف قوة الحياة البرية وإمكانياتها المادية والفنية وقطع بأنها لا تتناسب ومساحة السودان مما يمكن للبعض القيام بالصيد الجائر.”
هذه الحادثة ليست الأولى، هناك عدد كبير من التقارير منشورة بالوسائل الاعلامية وهناك عدد أكبر لم تتناولة الوسائل الاعلامية وقد شاهدنا صوراً متنوعة لأكوم متراصة من الحيوانات والطيور النافقة (قتل جماعي) في مشاهد مؤثرة جداً، تقدم للمطاعم وتباع بشتى المسميات ولم تسلم حتى الحمير من ذلك.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل ردود الافعال الرسمية هذه كافية أو رادعة لتمنع تدمير الحياة البرية أو تقلل من الصيد الجائر؟ الإجابة غالبا لا- ليس في السودان فحسب بل في كثير من بلدان الشرق الأوسط وافريقيا. بيد أنه وإذا قارنا القوانين ضد الصيد الجائر في بلدان أفريقية مثل جنوب افريقيا وتنزانيا وكينيا وزمبابوي نجد أن الأمر يختلف، ونتائجه واضحة بوفرة السياح حيث توجد صرامة وجدية واستدامة في تطبيق القانون وذلك لان تلك الدول تدرك قيمة الحياة البرية وخطورة التدمير الذي يتهددها.
المواطن شرطي أو مدني هو الفيصل في الحفاظ على الثروات القومية خصوصاً الحياة البرية الهشة delicate)). الكل مسئول- على الأقل في محيطه والنواحي التي يتواجد بها- إذ أن الانسان “العصري? بات مؤهلاً ومدججاً باسلحة فتاكة ويمتلك سيارات هائلة تجوب الادغال من غير ان يستوقفها أحد أو يعوق طريقها وحلٌ، وهذه كفيلة بالقضاء علي الحياة البرية في سنين معدودة.
الإتهام لا يشمل كل الاجانب والسياح بالطبع: توم جينر “”Tom Jenner الذي كان يعمل معلماً في السودان أبدى إعجابه واحترامه للطبيعة السودانية وكان يتتبع عدد من الطيور وقام بتوثيقها ووفر لها كل ما يمكن من حملات إعلامية تُقدِر قيمتا، كما ورد في مدوناته (2012): “إستمتعنا جميعا بالخروج إلى بعض الموائل الجديدة ورؤية الطيور المختلفة، لا بد أن يكون هناك الكثير من الأماكن الجيدة على طول النهر، وعلينا أن نواصل البحث عن أماكن جديدة”، (ترجمة).
هذا دورُ ظل يقوم به معظم السياح والمقيمين من اوربيين وامريكيين ومن الشرق الاقصى، على العكس من السياح والمقيمين من الشرق الاوسط “الانتهازيين”.
في بلدان- مثل السودان- المسئولون أنفسهم يقومون بالصيد الجائر! (مقالنا السابق بعنوان: قاتل الحياة البرية- كيف يصبح مسئول كبير- الوزير يملك سيرة ذاتية مخيبة للأمال- صحيفة الراكوبة- 17-05-2017). هذا الوضع يعكس الفقر في الكفاءات التي تقود البلد، وإذا كان الوزير أول من ينتهكك القانون فماذا نتوقع من المواطن العادي والسائح الانتهازي؟ أن مشكلتنا في افريقيا هي “فقر القيادة”.
Poor leadership at the centre of Africa?s under-development) Newsday, October 18, 2016).
ثروات ومدخرات البلد هي ملك لكل الناس ولأجيال آتية لكي يستمتعوا بها ويسترزقوا من فضلها. أكدت مقررات المؤتمر العالمي للبيئة بـستوكهولم منذ عدة قرون مضت (1972م) على إن الإنسان يتمتع بحق أساسي في الحرية و المساواة، وفي ظروف عيش مُرضِية في بيئة تسمح له بالعيش في كرامة ورفاهية، وعلى الإنسان واجب متميز يقضي بحماية المحيط للأجيال الحالية والقادمة”.
تكررت التغريدات وبشكلٍ كبيرٍ التي تستنكر الإباده الكامله لأسراب الطيور النادرة- بيد أن الجهات المعنية في البيئة والمياه والزراعة والغابات والسياحة والحياة البرية والداخلية- تنفي على الفور أنّ الصور المتداولة هي ليس من المكان وانها قديمة وخلافه… هذا التقاعس (inaction)- ان نتجاهل أو نتناسى أو نقلل من المخاطر المحيطة بالحياة البرية- هو كدفن الروؤس في الرمال.
“أنا هنا لاحداث الفارق” مقولة يجب أن يتحلى بها المواطن قبل الوزير (مقدورعليها لا تبشر باحداث أي فارق!). مطلوب إحداث فارق ما، هذا إن لم نحافظ على ما تبقى من ثروات ونعم موروثة حفظتها “بعناية” أجيالٌ مضت تميزت بالاقتصاد في الاستهلاك والحب للطبيعة.
عودة لحديث الوزير:
“وكشف (اي السيد الوزير)عن وجود مخالفات من الأجانب بخصوص الصيد لكنه عاد وقال: (لكن مقدور عليها). واضح التخبط في حديث السيد الوزير وغياب الرؤية وربما عدم إيمانه بما يقول!! العبارة تدل على العشوائية.
الظروف الفوضوية وغياب فعالية القوانين الرادعة وهيبة الدولة توفر”ماءاً عكراً” يُسهِل عمليات الصيد والنهب وخلافه، البلد تمر بظروف صعيبة يظل المواطن العادي يلهث وراء ضروريات الحياة. وعليه، فإن مجرد التفكير في الحماية أوالاهتمام بالحياة البرية أو الحذر من معدلات التلوث البييئي أو التنبه لزيادة مخلفات الاسمدة والمبيدات في الأكل والشرب “نوع من الرفاهية”. فقر المواطن وجشع التجار واستغلال الاجانب لظروف البلد – مع وجودعنصر المال وفرص الفساد وسط هذه المنظومة- كفيلٌ بتمدير كل شيئ جميل في بلادنا. مطلوب نشر الوعي البيئي وأن نتعلم التضحيات من أجل الوطن الكبير والتخلي عن الأنانية والكسب الرخيص، يقولون: “رشوة صغيرة كفيلة بأن تسمح بمرور شحنة فاسدة”!!
الموضوع يحتاج لعدد من التداخلات ووقفات على مستوى البرلمان ومجلس الوزراء في العاصمة والولايات لمجابهة هذه الظواهر المدمرة. خيراً فعل البرلمان الوطني لاستجوابه لوزيرالسياحة- فهي بارقة أمل والأمل موجود بإذن الله في الوطن والمواطن متى ما توفرت الارادة للتصدي لهذه الظاهرة ولكثير من الظواهر السالبة المحطمة للحياة والثقافة والأدب والدين. لكل منا دور يجب أن يلعبه “حيال ذلك” كما يقول عبقري القرن العشرين- ألبرت آبشتاين.
الاخ الطاهر والابن معتز وغيرهم، أكرموا هولاء الضيوف “غير المرحب بهم” بالكِسرة والمُوية ولا تسمحوا لهم بالطلق الناري على هذه الثروات النادرة. أن حمل الرخصة لا يعني أن تقتل كل شيئ تراه، فهؤلاء بلاء قلوب رحيمة ولا يهمهم إنقراض الأنواع أوهجرتها الى بلاد أخرى بعيدة، فهذه ليست بلدهم وهو ليس وطنهم! فهم لا يكترثون! اللوم لا يقع عليهم فحسب بل علينا ?التقاعس والسكوت عن المخالفات!!
عاش كثيرٌمنا في بلدان ليست هي بلداننا ولا أوطاننا وظللنا نحترم قوانينها لدرجة “الخوف” حتى وأن لم نكن نفهمها، فلماذا ياتي هؤلاء ولا يحترمون قوانين البلد ولا يتماشون مع الأعراف الدولية التي تحرم قتل الحياة البرية النادرة؟
—————————————————————————–
من سلسلة: “تشوهات في الفكر والممارسة في مناحي المجتمع والصحة والبيئة”
أ.د. محمد الامين حامد [email][email protected][/email] [email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله نحنَ مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة *** ولا بإيدا جواز سفر

    طائرٌ يشدو على فننِ

    جدَّد الذكرى لذي شجنِ

    قام والأكوانُ صامتةٌ

    ونسيمُ الصُّبْحِ في وَهَنِ

    هاج في نفسي وقد هدأتْ

    لوعةً لولاه لم تكنِ

    هزَّه شوقٌ إلى سكنٍ

    فبكى للأهل والسَّكَنِ

    وَيْكَ لا تجزعْ لنازلةٍ

    ما لطيرِ الجوِّ من وطنِ

    قد يراكَ الصُّبحُ في «حلبٍ»

    ويراكَ الليلُ في «عدنِ»

    يا أيها الأخ السوري: لقد جئتنا لاجئاً من كل أنحاء سوريا حلب والشام وداريا والغوطة ودير الزور وحمص وحماة، فآويناك ونصرناك وفضلناك فإذا أنت تفتح مطاعم الكِبة والحمص والتبولة، ومحلات الحلويات والآثاث الفاخر، فلماذا يكون جزاؤنا جزاء سنمار تحرش ببناتنا واستخفاف وتدمير للحرث والنسل والحياة البرية، في شهية لا تقل عن شهية بشار وبوتين في قتلكم وإهلاككم.

    وأنت يا حكومة الغفلة والسجم والرماد: أما يكفيك بيع الجوازات السودانية لهؤلاء الأجانب؟ حتى تتركينهم “يطيحون” ويفعلون ما هو متعذر عليهم حتى في وطنهم الأم.

    ويا شعب السودان: لا تكن “ضاناية” كما يقول أهلناالطيبون في غرب السودان. أنت في كماشة وجود أجنبي لا يرعى الجوار وحكومة لا ترحم ولا تحن، فماذا أنت فاعل.

    والتحية لك الأستاذ محمد الأمين على وعيك البيئي المتقدم، الذي نرجو أن يعم الشعب السوداني.

  2. والله نحنَ مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة *** ولا بإيدا جواز سفر

    طائرٌ يشدو على فننِ

    جدَّد الذكرى لذي شجنِ

    قام والأكوانُ صامتةٌ

    ونسيمُ الصُّبْحِ في وَهَنِ

    هاج في نفسي وقد هدأتْ

    لوعةً لولاه لم تكنِ

    هزَّه شوقٌ إلى سكنٍ

    فبكى للأهل والسَّكَنِ

    وَيْكَ لا تجزعْ لنازلةٍ

    ما لطيرِ الجوِّ من وطنِ

    قد يراكَ الصُّبحُ في «حلبٍ»

    ويراكَ الليلُ في «عدنِ»

    يا أيها الأخ السوري: لقد جئتنا لاجئاً من كل أنحاء سوريا حلب والشام وداريا والغوطة ودير الزور وحمص وحماة، فآويناك ونصرناك وفضلناك فإذا أنت تفتح مطاعم الكِبة والحمص والتبولة، ومحلات الحلويات والآثاث الفاخر، فلماذا يكون جزاؤنا جزاء سنمار تحرش ببناتنا واستخفاف وتدمير للحرث والنسل والحياة البرية، في شهية لا تقل عن شهية بشار وبوتين في قتلكم وإهلاككم.

    وأنت يا حكومة الغفلة والسجم والرماد: أما يكفيك بيع الجوازات السودانية لهؤلاء الأجانب؟ حتى تتركينهم “يطيحون” ويفعلون ما هو متعذر عليهم حتى في وطنهم الأم.

    ويا شعب السودان: لا تكن “ضاناية” كما يقول أهلناالطيبون في غرب السودان. أنت في كماشة وجود أجنبي لا يرعى الجوار وحكومة لا ترحم ولا تحن، فماذا أنت فاعل.

    والتحية لك الأستاذ محمد الأمين على وعيك البيئي المتقدم، الذي نرجو أن يعم الشعب السوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..