من أجل (كرسي)!ا

اوراق متناثرة

من أجل (كرسي)!!

غادة عبد العزيز خالد

لازلت اذكر لقطة لبرنامج اطفال كرتوني يسرد أحداث قصة (جزيرة الكنز) الشهيرة. تعبر اللقطة عن خيبة الكابتن الكبيرة وهو يجد ان كل ما وصل إليه بعد عناء كبير في البحث عن الكنز هو مجرد صندوق خالٍ، صندوق لا توجد به الأحجار الكريمة او سبائك الذهب الغنية. وصار الكابتن يذكر المصاعب التي مر بها والرفاق الذين سقطوا خلال رحلة البحث عن الكنز من اجل لا شئ. وكان يمشي مع البقية المتبقية من رجاله وهو يغني بأعلى صوته قائلا :»خمسة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق.»
وكنت اتابع خلال الأيام السابقة الأحداث التي تجري في المنطقة العربية بصورة متسارعة. وكانت الجماهيرية الليبية هي في أعلى اولويات القائمة، تالية السودان. فلم تكن ليبيا ضمن الدول التي كنت اتوقع ان تشتعل بها الثورة بعد مصر، فلقد كانت هنالك شعوب اخرى تبدو اكثر تحمسا ورغبة في تغيير نظمها البالية. لقد كان هنالك الشعب الجزائري الذي استطاعت الحكومة ان تكبت محاولاته المتتالية، وكان هنالك الشعب اليمني الذي ظل يخرج إلى الطرقات أياما حاملا لافتاته مطالبا بتنحي رئيسه الذي بالرغم من إعلانه انه لا يعتزم، او ايا من ابنائه، الترشح لولاية جديدة، إلا ان الشعب لم يصدق هذا الوعد. فلقد نقض الرئيس وعده من قبل حينما رشح نفسه لولاية جديدة لا يزال يجلس حتى اليوم على فوهة حكمها. بينما فاجأ الشعب البحريني العالم حينما خرج وبقي في دوار اللؤلؤة في محاولة لان يحذو حذو اخوانه من الشعب المصري الذين لم يبرحوا ساحة ميدان التحرير حتى إنتصروا لنفسهم وبلادهم.
وبدأت استمع إلى التقارير المبدئية التي تصدر من وكالات الإعلام العربية والأجنبية وهي تحاول ان تحلل ثورة الشعب الليبي الناشئة. وإستضافت قناة الـ(سي ان ان) احد سكان مدينة بنغازي الذي قال مخاطبا المذيع:» إن الأمر لن يكون سهلا، فهذا الرجل -اي القذافي- مجنون.» ومرت ساعات قليلة لتثبت الأحداث صحة مقولة الرجل الذي هاتف القناة. لقد قام القذافي بضرب ابناء بلاده ضربات قاتلة، فلقد اوضحت الصور والتقارير ان الهدف من تدخل المرتزقة لم يكن فض المحتجين او وأد محاولات القمع في مكانها، بل كان الهدف هو الضرب في مقتل. فلقد اصيب هؤلاء الشباب في رؤسهم، او اعناقهم او صدورهم ليلقوا ربهم في ثانية بينما تبقى الجرحى ليموتوا موتا بطيئا وهم يملأون المستشفيات ولا يجدون اسرة خالية او ادوية علاجية.
إن الحكومات الديكتاتورية، وللأسف الشديد، تظن ان ضرب الشعب بيد من حديد هو افضل وسيلة لإسكات صوته. وقد تنجح هذه الخطة لفترة قصيرة لكن ما تنساه الحكومات انها بذلك تزيد من الإحتقان وتختبر صبر الشعب الذي سيأتي ليفاجئها بثورة عارمة لا تفيد فيها خططتها التي ستعترف بعدها بأنها كانت فاشلة. وسينظر الحكام المخلوعون لصور الشهداء الذين فارقوا الحياة بأوامر منهم وهي تنظر إليهم بينما يتذكرون سدة الحكم التي تركوها خلفهم، ويدركون، مثل كابتن جزيرة الكنز، ان كل ما فعلوه كان لمجرد كرسي صار بعد رحيلهم… خاليا!!

الصحافة

تعليق واحد

  1. لعمري ان هؤلاء الحكام قد استضعفوا شعوبهم وظنوا انهم قد ملكومهم وقد بدأ ذلك واضحا في خطابي القذافي وابنه الضال وسمعنا كيف ان هذا المخبول يكيل الشتائم لشعبه ويصفهم بالجرذان ولكنه ما علم ان للشعوب تأريخ ناصع بمقارعة الخطوب ومنازلة اعداء الوطن وانهم ما صبروا عليه الا لانه ابن ليبيا كما كانوا يظنون ولكنه عندهم الآن اهون من باعوضة وسيتم اقتلاعه وزمرته وسيكون حسايه عسير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..