مقالات وآراء سياسية

السودان اولاً.

 عبدالعزيز عبدالباسط

<[email protected]>

امام حكومة السودان الان مهمات أساسية مطروحة بإلحاح بالغ في سياق صحوة شبابه المتحفز للتغيير وهي إعادة قراءة مفهوم أبعاد التربية الوطنية وإعادة النظر في طريقة تلقيها عبر المناهج الدراسية بالطرق العلمية الصحيحة التي تجعل مفهوم حب الوطن أول المقدسات ثم استكمال سلام السودان بشكل صادق وحقيقي في إطار تحالف كل اهل السودان من اجل إصلاح يرضي ويثمر عن سودان جديد أكثر عدلا ومساواة بين كل ابنائه وذلك بإلغاء قوانين حالة الاستثناء التي خلفها الكيزان والتي تمخضت عنها أشكال متعددة للوصاية من طرف حكومتهم المهزومة علي الشعب السوداني والتي بها اختلت العديد من الموازين وإختلطت العديد من الاوراق خلال حكمهم البغيض.
نريد ان نصل الي استقلال سياسي واقتصادي شامل بالعمل مع كافة فرقاء الوطن عبر آليات سلام تخلصنا من سطوة البعض وعنجهيته التي يمارسها تحت ذريعة حماية السودان من اطماع دول الجوار والدول الكبرى وحينها سوف تصبح الظروف مواتية وناضجة لإعادة ترتيب اوضاعنا السياسية وتحالفاتنا الدولية.
ان مهمة الدولة اليوم تتعلق بتحقيق سلام داخلي حقيقي يساعدها في معرفة كل نقاط قوتها  في المرحلة الحالية من تاريخ سودان ما بعد الثورة بغض النظر عن المناوشات الحالية مع بعض دول الجوار والتي أرى انها سوف تستمر لمدة قد تطول ولا نريدها ان تشغلنا عن الارتقاء والنهضة بهذا الوطن العظيم.
اذا صدقت النوايا وأصبح الولاء للوطن يمكننا ان ننهض فعلا بالسودان خلال سنوات قليلة لان ظروفنا الحالية اضافة لما تمتلكه بلادنا من ثروات طبيعية وموارد حبانا الله بها وبهذه الثروات والموارد نستطيع ان نتخطى دولا كثيرة كانت اكثر تخلفا وتشرذما منا مثل ماليزيا التي كان لا يربط شعبها ديانة او جغرافيا والصين التي كانت من أكثر الدول تخلفا وفوضى وقد صارت الان ثاني اقتصاد في العالم في الوقت الذي أصبح فيه الاتحاد السوفياتي طيفا من الماضي وغدت العديد من الدول الأوربية مجرد أشباح تستجدي غذاءها مثل اليونان التي عصفت بها ضائقة اقتصادية طاحنة فيما تطورت العديد من الدول واخترقت جدار التخلف رغم ما فرض عليها من حصار مثل ايران التي اصبحت قوة نووية وتركيا التي اصبحت قوة افتصادية وصناعية وقطر هذه  الدولة الصغيرة التي واجهت حصارا ظالما رغم انها اقل منا مساحة وعددا ومواردا لكنها أقوى منا ارادة وعزما لقد أصبحت هذه الدول تنافس في جميع الميادين والأصعدة وتسبب صداعا مزمنا لخصومها..
إن الثوب الذي يرتديه السودان الان قد أصبح ضيقا عليه أكثر اللازم وقد آن الأوان لاستبداله بثوب اوسع منه وهو ما يتطلب إصلاحا جذريا  لسياساتنا الداخلية السابقة وذلك بتوسيع دائره الحريات والتمثيل السياسى المنصف ونبذ كافة اشكال العنصرية والقبلية والطائفية بقوانين صارمه تجرم كل اشكالها ويجب ان نمهد للتقسيم العادل بين كافة الاقاليم في الثروة والتنمية بتخصيص صندوق لكل اقليم تتناسب ايداعاته المالية مع احتياجات الاقليم التنموية الفعلية وان يصبح هذا الأمر حتميا يتناسب مع سياق التحولات السياسية التي يشهدها السودان الان مع وضع قوانين صارمة ورادعة ومفزعة علي كل انواع الفساد ماليا او سياسيا او اخلاقيا مع مراعاة ما يتمتع به السودان من حيث موقعه وتأثيره على دول الجوار التي قد تتخذ منه نموذجا يحتذى به.
يجب إعادة صياغة علاقاتنا مع دول الجوار بحزم وصرامة وعدم الانسياق الاعمي لمصالح بعضها علي حساب الاخر لاننا لسنا في وضع انكسار لاحد بل نحن في موقع جغرافي يمثل عمقا امنيا واستراتيجيا هام لكل جيراننا الاقليميين ولا يستطيع احد لوي ذراعنا بل نحن من نستطيع اخضاع الآخرين.
يجب إعادة النظر كليا في العلاقات مع الدول الأوربية  خصوصا بعدما تبين أن أوربا ليست شريكا موثوقا فيه لا سياسيا ولا اقتصاديا فقط هي دول تفهم في لغة المصالح اكثر من فهمها لمعاني الصداقة والوفاء لذلك فإن الانخراط في علاقات سودانية افريقية جيدة يتناسب تماما مع التحولات المقبلة التي نادى بها ثوار السودان العظام .
ليس خافيا على أحد حالة الوهن التي تسربت إلى السودان ايام حكم الكيزان حتى أصبحنا نجد عناء كبيرا في ايام ما قبل قيام ثورة ديسمبر المجيدة حين صرنا نعاني مشقة الحصول علي رغيف الخبز بسبب نهب ثرواتنا حتى كاد الشعب السوداني ان يفقد سيادته علي وطنه مع استمرار الكيزان في فرض سطوتهم على كل ثروات الوطن وتفريطهم في وحدته وخضوعم لمن احتلوا اراضيه في الشمال وفي الشرق بعد ان فرطوا في الجنوب كله برغم من انهم كانوا اضعف من خيط العنكبوت و كانت تنطبق عليم قصة سيدنا سليمان عليه السلام الذي ظلت الجن خاضعا له لولا دابة الأرض التي أكلت منسأته ليتبين للجن أن سيدنا سليمان قد مات وكذلك الكيزان دام حكمهم ثلاثة عقود رغم انهم شواذ متخلفون ضعفاء لا علم لهم ولا خلق ولا دين وكنا نظنهم اقوياء حتى قامت الثورة فتهالكت العصا التي كانت رمزا لقوتهم بفعل صدق وشجاعة  شهداءنا وشبابنا الاطهار الذين منحهم الله الصبر والقوة بفضل صدقهم وشجاعتهم وايمانهم بحقهم في الحياة فتهالك حكم الكيزان كبيت العنكبوت.
على البرهان وزمرته ترك الامر للشباب الذين صنعوا الثورة ونحن نثق في إنهم قادرون علي تحقيق السلام وحماية وتطهير مؤسسات السودان وتطوير اقتصاده دون التبعية لدول لا سيادة لها  علينا ومن غير السير وفق اهواء جيران لا يروا فينا الا فناء خلفيا لهم وجسرا يعبرون عليه لينالوا مصالحهم وعند تحقيق مآربهم يلقون بنا كما الحذاء البالي في اول “كوشة” يجدونها في طريقهم..
لقد أصبح من الضروري صياغة علاقاتنا وفقا لمصالح السودان الحيوية بإحداث ثورة دبلوماسية حقيقية في علاقاتنا الخارجية لا من حيث الطواقم والاشخاص فقط بل من حيث صياغة مشروع وطني شامل يهدف الى توسيع آفاق التفكير الاستراتيجي الذكي في سياساتنا الخارجية وفي علاقاتنا الدولية على مبدأ السودان اولاً .السودان اولاً. والسودان اولاً

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..