عاد المشهد في السودان إلى مربّع التأزم الذي أعقب انقلاب العسكر أواخر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وذلك بعد جولة قصيرة تضمنت إخراج رئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك من الإقامة الجبرية وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة بعد توقيع اتفاق مع قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح البرهان. ولقد احتاج الجنرالات إلى أسبوعين فقط كي يريقوا المزيد من دماء السودانيين، بل ذهبوا أبعد حين عادوا إلى إحياء سياسات عمر حسن البشير في تخويل أجهزة الأمن صلاحيات قمع واسعة، كما كبّلوا سلطة حمدوك في التعيينات والقرارات الإصلاحية، وحرصوا بالتالي على تعطيل حواره مع القوى المدنية المختلفة. وهكذا يكشف الانقلاب مجدداً عن مضامينه الفعلية، ويضع السودان مجدداً أمام مخاطر سياسية واجتماعية واقتصادية وصحية جدّية.
