السوق الموازي للمستندات

بعض التصريحات تطعن نفسها بنفسها وتقلِّب مواجعها بيدها لا بيد عمرو.. نموزج إعلان جهاز الأمن والمخابرات الوطني ضبطه لخمس شبكات تخصصت في تزويرمختلف أنواع المستندات والوثائق الأختام بعد رصد ومتابعة ـ ولا يزال الإعلان على لسان الجهاز، ومتابعة وإجراءات إستخبارية وأمنية إحترافية إستمرت لأكثر من شهرين تحت إشراف قانوني كامل. ويزيد مدير الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات ان أتياماً من الجهاز داهمت في تواريخ مختلفة مقاراً لخمسٍ من أخطر وأمهر شبكات التزوير بالبلاد ، في عدة مواقع بين قوسين ـ أوكارـ بولاية الخرطوم مع تحديد تلك المواقع وتسميتها.
بربكم كم مرة طالعتم أخباراً في السياق لمثل هذه الضبطيات؟ في كامل جريمتها وتفاصيلها مع إختلاف طفيف في مكوِّن الشبكات الإجرامية وجنسياتها؟ ويُخال للمتابع مع تكرارها وإستمرارية النشاط الإجرامي ـ موضوع ـ الخبر كأنما هو خبر من الأمس، فماذا فعل جهاز الأمن والمخابرات الوطني وكل جهات الصلة بالبلاد لإنهاء وحسم حالة الفوضى وإستهداف الأمن القومي وأمن المجتمع جراء هذا الإستمراء الإجرامي؟ ويمكن قراءة المسألة في سياق دور جهاز الأمن والمخابرات في هذا الجانب أو هكذا يجب ان يحصر مع جوانب أخرى تتعلق أو ذات صلة بالأمن القومي وأمن المجتمع لا في ما تشتجر عليه قيادات الجهاز مع البرلمان وكل الأصوات التي تطالب بتحجيم دوره في الجوانب المذكورة، بينما القيادات ترى في إطلاق يد الجهاز ضرورة تقتضيها خطورة بعض صحافة الخرطوم الناشذ وبذلك تتمكن من المتربصين بالتضييق على الناشطين السياسيين والفاعلين بمنظمات المجتمع المدني، علماً بان للجهاز يد طولى وهو ليس بعاجزٍ عن إطلاق يده رغم التحجيم ان شاءت الدولة اصوات اخرى، وفي مقدور الجهاز تطويع الجريرة أو صحيفة الإتهام في مواجهة من تريد وإقحامها في منصوص زعزعة الأمن ومحاولة تقويض النظام الدستوري وما شاكل… بينما الضبطية الأخيرة ولن تكون الاخيرة بحال ، تكشف جلياً الخلل في منهاج الجهاز وليس الإنجازكما ترى فيما درجت من كشف عن ضبطيات حققتها بإحترافية ومتابعات إستخباراتية كما يقول الخبر ـ موضوعنا،
الضبطية في تكرارها تقول ـ قد تشابه علينا الخبرـ وفي التشابه والتكرار معا يكمن الخلل العظيم ويشرع للتساؤلات فضاءات يحلق في رحابتها حاجب الدهشة وتتقافز في مرجها علامات التعجب، تكرار الخبر وإستمرار هذا النشاط الإجرامي الخطير يؤكد تماماً وجود رواج وسوق كبير لمنتجات هذا التزوير في مختلف تخصصاته فلماذا لا تعمل جهات الإختصاص وعلى رأسها الجهاز على تجفيف هذا السوق؟ ويمكن إرجاع الرواج الى تعقيدات وما يلاقي المواطن من ـ جرجرة ـ وملطشة بمنافز استخراج الاوراق الثبوتية والمستندات ولعل الجميع له تجارب مع كائنات غريبة بالمراكز تلك يضمرون عدائيات وغبائن ضد المواطن تتجلى في التعليل العليل بالشبكة طاشة! ضف الى ذلك ان الرسوم المفروضة على حق المواطن الدستوري في إستخراج مستنداته وأوراقه الثبوتية رسوم تباهظ حقوق المواطنة المهدرة في ظل غياب الخدمات الضرورية بل غياب الدولة عن امن المواطن وإحتياجاته الضرورية ولعل كلفة المستندات هذي هي قيمة متواضعة لخيار هجرة المواطن وإنعتاقه من هذا الانتهاك الصريح
وهو في قناعة المواطن قيمة لا تقدر بثمن ، بهذا يمكن ان نخلص الى أس البلية وكل مايثير البكاء والضحك معاً في أن رواج سوق المضروب من المستندات تجيب عليه سرعة وإتقان وتسهيلات السوق الموازي والأهم في الأمرـ الحضور الدائم لشبكة ـ شبكات التزوير عكس شبكة سوق المستندات الرسمي الديمة طاشة.
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]