الدولة الدينية وقيادة الدنيا من جديد!ا

الدولة الدينية وقيادة الدنيا من جديد!
بقلم د. محمد بدوي مصطفى
[email protected]
كنت يومها بالجامع الأزهر وسنحت لي الفرصة بعد صلاة الظهر الحديث إلى شيخه الموقر، الشيخ الفاضل عيد عبدالحميد يوسف، الذي زرته بقرض الحديث معه عبر لقاء صحفي يتعلق بختان البنات وطهارة الذكور في سن مبكرة وما إذا وجدت فتاوي ومرجعيات علمية في هذا المجال. لقد اندهشت بصورة ايجابية إلى مدى مرونته في سماع الحقائق وتقديره لمستجدات العلم واحترام أسسها في تسهيل الفتاوي العصرية والتشريع الديني الآني على اساس الحقائق العلمية المثبتة. كان الحديث معه شيقا إلى أبعد درجة. فخرجت منه وأنا أحمل له كل تقدير واحترام. وفي طريقي للهوتيل ومع زحمة القاهرة وحرها الوقادة اشتريت صحيفة الرأي العام ولفت نظري فيها مقالا عن الدين والدولة يتصدى لمسألة في غاية الأهمية، تشعبت فيها الآراء وتشتت فيه الرؤى، سيما في بلدنا السودان الذي ما تزال فيه نيران الانفصال والتفكك الجغرافي لما بقي من أراضيه حامية ووقادة. تلك المشاكل تولدت من تأطير آليات ادخال الدين في الدولة وما تبع ذلك من نتائج وجب أن تتحملها الأقليات الدينية أو العرقية الأخرى.
كنت أقرأ هذا المقال الذي كتبه الصحفي المصري حسين عبدالواحد والذي نشر في جريدة الرأي العام المصرية يوم ١١ شهر سبتمبر ٢٠١١ واستمتعت وأيما استمتاع باتساع أفق زميلي الكاتب. لقد تعرض المقال لرؤى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي ارتفع صوته عاليا في مقولته أن الوقت الراهن هو “زمن الإسلاميين” الذين يجب أن يُعلِّموا العالم كيف تكون قيادة الدنيا من جديد. يقول الشيخ في لقاء عقد معه بهذا الصدد: أن لكل زمان دولة ورجالا وأن الليبراليين والعلمانيين قد أخذوا زمانهم وهذا هو زماننا”. الكل يُكِنُّ للشيخ القرضاوي التبجيل والاحترام إلا أن احترامنا لشخصه وتبجيلنا لعلمه الغزير لا يمنع من وضع مقولته هذه في ميزان التحقيق في صحتها وما إذا كانت مضامينها لا تخلو من المفارقات. فالأسئلة التي تفرض نفسها هنا هي:
– هل يكون تولي مقاليد سلطان الشعوب في الساحة السياسية العالمية بالدور والتوالي؟
– ألا تلعب علم وخبرة الحكام ومقدراتهم في تحمل المسؤولية لخدمة المواطن دورا هاما في مسألة تقليدهم مفاتيح الحكم؟
– ألا تلعب برامج التيارات السياسية واجنداتها لطرح المشاكل التي تهم الوطن ووضع الحلول الصائبة للخروج منها دورا هاما أيضا؟
– ثم ماذا عن الحريات العامة التي يجب أن يتمتع بها كل مواطن دون الرجوع إلى الجنس أو الدين أو العرق؟
مازلنا نرى بالسودان وبدول عربية أخرى أن بعض التيارات الإسلاموية تنادي بإدخال الدين في الدولة وتأطير سياسة الحكم على نسق (سلفيّ) تأريخي تقليدي. علينا نحن أن نفصل في هذا المسألة بين الاسلام كديانة سماوية لها كل القداسة وبين الإسلاميين الذين هم في نهاية الأمر مجرد بشر ليسوا معصومين من الخطأ. فهم عندما يُخضعون بعض المسائل لفكرهم الآدمي البشري سواء فيما يختص بمسائل تشريعية أو اقتصادية أو اجتماعية، شأنهم شأن أي تيار سياسي، فهم معرضون بدون أدنى شك، للإخفاق والخطأ، وجل من يخطأ كما وأنهم معرضون بنفس القدر إلى الصواب والنجاح. فالسلطة سلاح ذو حدين!
يجب علينا في هذا السياق أن نذكر بتجارب الحكم الديني الثيوقراطي في كل مراحلها. إذ أنها لم تحقق لشعوبها ومواطنيها إلا الكوارث والنكبات. وخطر تأطير الدولة في الدين يظهر في تعامل الحكومات الدينية مع شعوبها انطلاقا من مبادئ احتكار الرأي الصائب وامتلاك الحقوق الإلهية المقدسة الملزمة الجميع بالطاعة المطلقة وبالولاء الخارق للعادة وإلا اصبحوا من الضالين، أو من أولئك الذين يستمعون القول ولا يتبعون أحسنه، إن كان الحكم خفيفا، وإن كان ثقيلا فإنه قد يرقى إلى درجة التهميش ثم التكفير ثم الاستئصال الجذري وفي هذا الشأن، فإن الأحداث – لا التاريخ – تعيد نفسها، منذ عهد الحلاج وإلى الحقب التاريخية المعاصرة. الجدير بالذكر أن خطورة هذه التداخلات (بين الدولة والدين) لا تنحصر على ديانة دون أخرى ولا تنفرد بها أيديولوجية دينية دون أخرى. فالتاريخ يقف شاهدا على العديد من “شطحات” السلطان بل قل التسلط التشريعي والتنفيذي منذ القرون الوسطى لحكومات حاولت الربط التعسفي بين الدولة والدين في اطار واحد. لن تنسى الإنسانية المذابح الفظيعة خلال الحكم الديني المسيحي في أروبا وعهد الركونكستا (التفتيش) التي استمرت إلى أن جاء عصر التنوير وفصل الدولة عن الكنيسة وما آلت إليه مجتمعاتها من انحطاط واظلام في شتى مجالات الحياة سيما في الأندلس المفقود.
نتفق مع فضيلة الشيخ القرضاوي بأن الإسلاميين قد حصلوا سلفا على فرصتهم في تولي السلطة. لكن الأسئلة المطروحة:
– كيف كانت النتيجة النهائية لتوليهم للحكم؟
– هل كانت الفشل أم النجاح؟
– هل تحولت إلى أنظمة أخرى، مثال ديكتاتورية أو ما شابهها؟
– كيف يرى العالم الدول التي هي تحت حكم الاسلاميين الآن؟
– هل تمثل نموذجا حضاريا ومرموقا يتمناه المواطن العربي أو المسلم لبلاده؟
مقولة الشيخ ? أننا الآن في “زمن الإسلاميين” ? لكن العالم كله يعيش مرحلة الليبرالية والديموقراطية وليس الثيوقراطية. ونحن لا ننكر أن الدول المسماة “دول العالم الثالث” أو “الدول المتخلفة” معظمها من الدول الإسلامية والتي تعيش عالة وعبء على الحضارة العلمانية اللبرالية في شتى وسائل الحياة. بالنظر إلى حالة العالم العربي منذ حرب الخليج وإلى الآن فنحن نجد أن حكوماتنا تلجأ في حل مشاكلها إلى أنظمة ليبرالية مسيحية. إذ لا توجد دولة اسلامية واحدة تمتلك العتاد العسكري أو القوة السياسية أو الاقتصادية التي تعطيها حقّ الطموح لتعليم العالم أو قيادة الدنيا. والعكس هو الصحيح فموجة تقليد العالم العلماني المسيحي الغربي بلغت أوجها في فه زماننا هذا في دول شبه الجزيرة العربية ودول الخليج. فالتقنيات، الأنظمة السياسية، الجامعات، المتاحف، وحتى الفكر أصبح مستوردا من أوروبا وأمريكا. لذا يجب علينا هنا أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا في ما آل إليه حال الأمة العربية والإسلامية من انحطاط في كل المجالات. بل ينبغي علينا أن نحدد مفهوم الاجتهاد في الفكر الإسلامي وكيفية الانتقال منه ? بل وضرورة هذا الانتقال كما ذكر المفكر محمد أركون ? إلى مرحلة نقد العقل الإسلامي ولا نقصد هنا التجربة الروحية للإسلام فهي تجربة عظمية بدون أدني شك. إن فكرة الصحوة الإسلامية المعاصرة والمنتشرة في كل أرجاء الوطن العربي تتلخص في انتشار التدين والتصوف وتعميم مبادئ الالتزام الديني بين الشباب. هذه صفات عظيمة، يفتقد إليها عالم الغرب، إذ أنها تدعم العلاقة بين المخلوق وخالقه وبين العبد وربه ولكنها نائية وبعيدة في مضامينها عن عوامل القوة المادية التي يجسدها التقدم العلمي الحضاري ويلخصها الفكر الليبرالي بكل ما يتحه من حرية للجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق.
زمن الاسلاميين سيوقظ زمن الهندوس و زمن الصليبيين و زمن و زمن …ماذا لو تنامت ظاهرة حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي في الهند … هل سيناصر الاسلاميين اخوتهم في الهند في مطالبتهم بعلمانية الدولة أم سيقبلوا بدينية الدولة ؟؟ … هل سيحكي الاسلاميين قصص التاريخ كما حدثت أم سيستمرون في تزييف التاريخ لينتقوا منه ما يريدون ؟ هل سيكلموننا عن استباحة مدينة الرسول بعد معركة الحرة و افتضاض عذاريها بجيش يزيد و الآلاف من نسائها اللاتي حملن نتيجة لاغتصابهن ؟؟ زمن الدولة الدينية و دولة الخلافة قد ولى … زمن الاسلاميين استمر لأكثر من ألف سنة و هذه هي نتيجته : تخلف و غلظة و جلافة و نهب … ستصطدم الأفكار المتخلفة بالواقع و ستشرب شعوبهم الكأس حتى الثمالة و عندما يستيقظون سيجدون العالم قد تخطاهم و هم يجادلون بعضهم و يقتلون البعض بالردة و الكفر بل و حتى مخالفة فقه الفساء ….
(يجب علينا فى هذا السياق ان نذكر بتجارب الحكم الدينى الثيوقراطى فى كل مراحلها اذ انها لم تحقق لشعبها ومواطينها الا الكوارث والنكبات …)
شكرا يا دكتور ولكن لما التنقيب بعيدا فى التاريخ القديم لتذكير الناس بتجارب الحكم الثيوقراطى وكوارثها ونكباتها ، العبرة دائما بالتجربة الحية والمعاشة ، تجربة حكومة الانقاذ الجهادية التى ادت الى اختيار ربع سكان السودان لخيار الانفصال لاقامة دولة خاصة بهم تعتمد المواطنة المتساوية وليس غيرها(الدين او العرق او الثقافة ) كأساس للحقوق والواجبات ، واستمرار نهج الدولة الدينية والثقافة الاحادية حتى بعد انفصال الجنوب يهدد مجددا بقاء المتبقى من السودان كدولة موحدة . هل سئل القرضاوى عن الرؤية الاسلامية لمعالجة مسالة انهيار اسواق المال فى الغرب وما هى مساهمات الدولة الدينية الاسلامية لمعالجة مثل هذه الازمات المالية والتى بالضرورة تتأثر بها كل العالم بمسلميها وغير مسلميها وهم الاغلبية ؟ وبل ما هى البدائل الاسلامية لانظمة مالية راسخة وفاعلة على مدار مئات السنين ، فقط واجهتها بعض الصدمات العنيفة ولكن الجهود جارية لاصلاحها وبادوات التكنلوجيا ؟ . كيف بالشيخ القرضاوى يقنع العالم ان الوقت الراهن هو (زمن الاسلاميين الذين يجب ان يعلٌموا العالم كيف تكون قيادة الدنيا من جديد ) ؟ كيف تقود العالم وانت لا تملك ادواته ؟ وبل انت فقط متلقى لنعمة التكنلوجيا من مصادرها فى الغرب الكافر ، من عربة مكيفة ومنزل ومكتب مكيف بالريموت وانت جالس بعيدا فى الكراسى الوثيرة تداعب اللحيا الناعمة بفعل التمسح بمنتجات التكنلوجيا ! مثل قرضاوى سادتى سينتهى فى القريب بالفناء الطبيعى فلا خوف منه ولكن دعونا نقنع الاجيال الجديدة بخواء وخطل مثل هذه الافكار والتى يجب ان تذهب مع شيوخها عندما يحين وقت زوالهم .
د. محمد بدوي ،، لك التحية
الفكرة وصلت ،، إلا أني أتساءل ،، ما الحل في نظركم ؟ بمعنى رؤيتك الخاصة ،،
مع شكري
دكتور دباغة الجلود والعقول
تحية
مقال (ان كان جديرا بان يسمى كذلك) تحفة جدير بان ينشر فى كل المجلات والدوريات العلمية المختصة( ولقد اخذت الانيشياتف وقدمت مقالك للنيو ماغزين اوف الدمازين (1)- وهى مجلة علمية متخصصة تصدر عن جامعة الدالى والمزموم والبروف الدلاميطى فى انتظار اللمزيد من مقالاتك) ولكى تعم الفائدة الجميع راينا ان نترجمه بتحفظ للغة الانجليزية لعل وعسى اولاد جون يهتدوا للاسلام بفكرك الثاقب
رجاء راجع الكلمات ذات اللون الاحمر
الذي زرته بقرض الحديث معه عبر لقاء صحفي يتعلق بختان البنات وطهارة الذكور في سن مبكرة وما إذا وجدت فتاوي ومرجعيات علمية في هذا المجال.
سيما في بلدنا السودان الذي ما تزال فيه نيران الانفصال والتفكك الجغرافي لما بقي من أراضيه حامية ووقادة.
ألا تلعب علم وخبرة الحكام ومقدراتهم في تحمل المسؤولية لخدمة المواطن دورا هاما في مسألة تقليدهم مفاتيح الحكم؟
لذا يجب علينا هنا أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا في ما آل إليه حال الأمة العربية والإسلامية من انحطاط في كل المجالات. بل ينبغي علينا أن نحدد مفهوم الاجتهاد في الفكر الإسلامي وكيفية الانتقال منه ? بل وضرورة هذا الانتقال كما ذكر المفكر محمد أركون ? إلى مرحلة نقد العقل الإسلامي ولا نقصد هنا التجربة الروحية للإسلام فهي تجربة عظمية بدون أدني شك. إن فكرة الصحوة الإسلامية المعاصرة والمنتشرة في كل أرجاء الوطن العربي تتلخص في انتشار التدين والتصوف وتعميم مبادئ الالتزام الديني بين الشباب. هذه صفات عظيمة، يفتقد إليها عالم الغرب، إذ أنها تدعم العلاقة بين المخلوق وخالقه وبين العبد وربه ولكنها نائية وبعيدة في مضامينها عن عوامل القوة المادية التي يجسدها التقدم العلمي الحضاري ويلخصها الفكر الليبرالي بكل ما يتحه من حرية للجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق.
So here we must stand up and be honest with ourselves, in each case the Arab and Islamic nation of degeneration in all areas. Rather, we should define the concept of ijtihad in Islamic thought and how to move out – and the need for this transition as mentioned thinker Mohammed Arkoun – to the stage of criticism of the Islamic mind does not mean here the spiritual experience of Islam is the experience of bone without any doubt. The idea of contemporary Islamic awakening and spread throughout the Arab world is to spread religion and mysticism and universal principles of religious commitment among young people. These qualities of a great, missing the world of the West, as it supports the relationship between the creature and his Creator, between the slave and his Lord, but remote and far into the content by factors of physical force embodied in the scientific progress of civilization and are summarized in liberal thought with all the Atha of freedom for all regardless of religion, sex, race,
Questions that impose itself here are:
– Do you have people take the reins of authority in the political arena and the global role respectively?
– Not to play with knowledge and experience of the rulers and their fortunes to bear the responsibility to serve the citizens an important role in the issue of imitation of the keys is the ruling?
– Not to play the political programs and agendas currents to put the problems that concern the country and develop the solutions right out of them played an important role as well?
– Then what about the civil liberties that should be enjoyed by every citizen without reference to race, religion or race?
1) http://www.thenewmagazinofaldamazeen.org