من دخلها فهو آمن.. شجرة المهربين بسوق كسلا

كسلا ? محمد عبد الباقي
لا يوجد شيء يبهر الزائر لمدينة كسلا سواء أطلال بقايا المزارات السياحية الطبيعية (القاش، جبلي توتيل والتاكا) التي عاث الزمان فيها خراباً ولم تستطع أيادي البشر إصلاحها، فالقاش أحاطته غابات المسكيت من كل جانب حتى صار كالفلق يشق دجي الليل البهيم، وأما توتيل والتاكا فإن بهائهما طمسته رداءة البيئة المحيطة بهما، فلا يمكن لشخص عاقل أن يصعد إلى قمة جبل يُسمع فيه فحيح الحيات.
لذا صارت الأسواق المتناثرة بالمدينة المتنفس الوحيد لزائرها الذي يريد أن يتعرف على ملامح الحياة في عاصمة الولاية التي طمست كل معالمها القديمة وتبعاً لذلك نبتت فيها شجرة عرفت بـ (شجرة التهريب) بلغت شهرتها مبلغاً جعل الزيارة لكسلا لا تكتمل إلا بزيارتها.
أسعار مختلفة
بمجرد وصلك لشجرة التهريب تكتشف فيها شيئاً مغايراً، فالأسعار هنا شتان بينها وبين المعروض في الخارج، فهي أسعار المصنع لا أكثر كما يقول التجار ويمكنك أن تتفقد المحلات وتستمع لشرح مفصل عن أسعار البضائع التي تملأ المحلات من كافة الجوانب، فهنا توجد أنواع من البضائع استمدت الشجرة سمعتها من جودتها وتدني أسعارها، فيمكنك أن تشتري كل شيء بنصف سعره في السوق المجاور، أما إذا سألت عن مصدر البضائع أو عن مكان استيرادها، فسوف يقود لك هذا السؤال الشُبه التي لن نستطيع دفعها مهما فعلت، وسيبتعد عنك كل أصحاب البضائع الذين التفوا حولك لحظة وصولك.
أصناف متعددة
وشجرة التهريب بوسط السوق الكبير صار زوار كسلا يقصدونها لشراء أصناف متعددة تتوفر تحت ظلها بنصف سعرها في المحلات التجارية الأخرى رغم أنها لا تبعد عنها أكثر من (50) متراً فقط، بعد تجوال فضولي بين أصناف البضائع التي تتنوع ما بين قماش التيترون وتلفزيونات والأطباق والديجتيلات والأدوات الكهربائية التي يعرض أغلبها على الأرض.. حاولت (اليوم التالي) معرفة سر تسمية (شجرة التهريب)، إلا أن جميع الذين يعرضون بضائعهم تحتها أنكروا معرفتهم بشجرة تحمل هذا الاسم، مؤكدين أن الاسم الحقيقي للشجرة هو (شجرة التيترون) وليس لديها اسم آخر.
مركز بيع
رغم إنكار البعض لهوية الشجرة التي أصبحت عبارة عن مركز توزيع للبضائع التي تغذي معظم أسواق الولاية، كان (ع) الذي يعمل بائعاً للأجهزة الكترونية في ركني قصي تحت الشجرة مستعداً لكشف خيوط القصة مشترطاً عدم إيراد اسمه في سياق الموضوع، لم يكتف (ع) بعدم كشف هويته فقط بل قطع موعداً ومكاناً قصياً في أحد أحياء المدينة وطلب ملاقاته هناك، وفي إحدى الرواكيب النائية بدأ سرد التفاصيل، قائلاً:
للشجرة ثلاثة أسماء، التجار يسمونها شجرة التيترون، ومواطنو الولاية يسمونها شجرة ترانذيت، وأما أمثالكم (يقصد غرباء المدينة) فيسمونها شجرة التهريب والأسماء الثلاثة صحيحة، فاسم شجرة التيترون صاح لأن التيترون الذي يعرض تحت هذه الشجرة يكفي حاجة الولاية بأكملها، ولهذا سميت شجرة التيترون، وأما اسم شجرة ترانزيت، فهو صحيح لأن البضائع التي تعرض هنا، فهي تأتي من الخارج ترانزيت لم تدخل بصورة رسمية للبلد، وأما اسم شجرة التهريب فهو صحيح لأن جميع البضائع التي تعرض هنا مهربة.
تجار كبار
وأضاف، أصحاب البضائع المعروضة هنا من كبار التجار ولكنهم بنوا تجارتهم على أسلوب معيناً وجدوا من ساعدهم عليه بالتسهيلات الجمركية والمعاملات الأخرى، التي هي كالآتي، أولاً بعض كبار التجار والموردون يذهبون للمصانع في الدولة المصنعة (حددها بالاسم) ويقومون بشراء بضائعهم، وهنالك شركة خاصة (حددها بالاسم) تقوم بشحن البضائع حتى تصل ميناء مصوع على البحر الأحمر، وفيه يتم تحصيل مبالغ ضئيلة (ذكر قيمتها) لا تقارن بما يتم تحصيله في الجانب السوداني ومن الميناء تخرج السلع مباشرة لمخازن خاصة بالشركة تقع في منطقة محددة (ذكر اسمها) فيتم تخزينها فيها ولا أحد يجرؤ على شراء قطعة واحدة منها لأن القانون يمنع بيعها وشراءها هناك حتى لا تضر بالبضائع التي تستوردها الدولة التي تأتي عبرها هذه البضائع.
طرق عديدة
ويواصل (ع) سرده للتفاصيل، فيقول: بمجرد وصول البضائع للمخازن المحددة يكون دور المورد انتهى، فيتولى آخرون مهمة إدخالها للسودان بطرق مختلفة، ومن ثم يتم عرضها تحت هذه الشجرة التي مهما تعددت أسماؤها تبقى حقيقة واحدة هي أن جميع البضائع التي تعرض تحتها لم تدخل للسوق بطرق رسمية !!
اليوم التالي
أخي كاتب التحقيق أعلاه، كل ماذكرته معروف لدى الجمبع ولا جديد قيه يستحق عناء الكتابة، ما الفائدة من عدم ذمر الاسماء والاكتفاء بما بين القوسين( حددها بالاسم)و( ذكر اسمها) هذا الموضوع يشير الى كارثة اقتصاديةتحل بهذا البلد الذي لا وجيع له. ويجب كشف كل من شارك ويشارك فيها، وبالاسماء ، والا ما فائدة كتابة مثل هذا المقال