أنماط طرائق التفكير السوداني (٢٢)
ماذا يريد السودان وماذا يريد المجتمع الدولي في الحرب؟

عوض الكريم فضل المولى وحسن عبد الرضي
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل ٢٠٢٣ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخلت البلاد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والسياسية في تاريخها الحديث. هذه الحرب لم تُدمّر فقط البنية التحتية والمؤسسات الوطنية، بل مزّقت النسيج الاجتماعي وزادت من معاناة الشعب السوداني، الذي أصبح ضحية لصراعٍ لا يرى فيه طموحاته ولا مصالحه.
عندما أقول “السودان”، فإنما أشير إلى إرادة شعبه الذي ينشد السلام، والاستقرار، والتحوّل الديمقراطي الحقيقي. السودانيون يريدون وقف الحرب فورًا. الغالبية الساحقة من الشعب السوداني لا تريد استمرار هذه الحرب؛ إنها حرب لا تخدم سوى أطرافها المسلحة وتُفاقم المعاناة اليومية.
بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام البشير في ٢٠١٩، تطلع السودانيون إلى انتقال ديمقراطي، إلا أن الصراعات بين القوى العسكرية أجهضت هذا المسار. ما يريده الناس هو دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة.
الخوف من تفكك السودان بات حقيقيًا، خاصة مع اتساع رقعة القتال وظهور نزعات انفصالية وأصوات عنصرية غير خافتة، بل صارخة ومنظّمة، ذات منابر واسعة الانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو دعوات لحكم ذاتي بدواعي التهميش، بعد فشل المركز في تحقيق العدالة وفي توزيع السلطة والثروة. الشعب يريد دولة موحّدة تحترم التنوع، وتحمي الهوية الوطنية، والثقافات المتنوعة، واللغات المتعددة.
ملايين النازحين واللاجئين يحتاجون مساعدات إنسانية عاجلة. ما يطلبه السودانيون هو دعم حقيقي يصل إلى المحتاجين، دون أجندات سياسية.
المجتمع الدولي، بما فيه من دول كبرى ومنظمات إقليمية ودولية، ينظر إلى الحرب في السودان من زوايا متعددة، تتقاطع فيها المصالح الإنسانية، الاستراتيجية، والاقتصادية.
السودان يقع في منطقة جغرافية حساسة، قريبة من البحر الأحمر، ويجاور دولًا هشة أمنيًا مثل تشاد، جنوب السودان، وليبيا. استقرار السودان مهم لأمن المنطقة.
ويُمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا؛ إذ تخشى بعض الدول موجات جديدة من اللاجئين. لذا، تضغط بعض الدول من أجل وقف الحرب وتثبيت الاستقرار لتجنّب أزمة هجرة جديدة.
أما في ما يتعلّق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة، فإن استمرار الفوضى في السودان قد يخلق بيئة خصبة للجماعات الإرهابية وتجار السلاح والبشر، وهو ما يشكّل تهديدًا عالميًا.
بعض القوى الدولية تنظر إلى السودان من زاوية مصالحها، سواء في الموارد الطبيعية أو الموانئ أو الموقع الاستراتيجي، وهذا يؤثر أحيانًا في حياد تدخلاتها.
الحرب في السودان معركة خاسرة لكل الأطراف، خاصة الشعب السوداني. بينما يريد السودانيون السلام والحرية، تتضارب أحيانًا مصالح القوى الدولية، فتُبطئ الحلول. لكن لا سلام حقيقي بدون إرادة داخلية قوية مدعومة بضغوط خارجية إيجابية.
إنه وقت التحرك العقلاني والتاريخي لإنقاذ السودان قبل فوات الأوان.