مقالات سياسية

المهدية.. (التمكين) بالسيف!

خط استواء
عبد الله الشيخ

لإثراء النقاش نشارك بهذه السطور حول (المهدية..؟!)، عنوان الكتاب الذي أصدره د. عمر القراي مؤخراً، وهو كتاب سيأخذ حظاً وافراً من الجدال بين الانصار، أشياعهم وخصومهم.

إن إهدار البعد التاريخي عِند الحكم على تجربة المَهدِية يفضي بالضرورة إلى أحكام جائرة ربما تطَال الجذر الدِّيني للتجربة وأنصارها ومَن خرجوا عليها على حدٍ سَواء، فقد كان مشروع الثورة مزيجاً بين الإبتكار والعودة – قدر المستطاع – إلى الأصول الإسلامية في محاولة فذة مِن المَهدِي لإبتداع حضارة سودانية تخلف الحضارة الأجنبية – التركية – وتعالج الهزة التى أحدثتها في المُجتمع.

وكذا فإن الذين خرجوا على الثّورَة، كانَ بديلهم البقاء في الأسر.. كانوا في أحسن الفروض على أُفُق الترقب الوارد بلسان الشّيخ العبيد ود بدر، الذي قرر واستفسر في جُملة واحِدة: (أكان المَهدِي جيدْ لينا، وأكان مَا المَهدِي شِنْ لينا..؟)..

لكن حال الترقب هذا، سرعان ما انقلب لدى كثيرين إلى (مُبارزة بالعداوة ظاهراً وباطناً) على حد تعبير المَهدِي، الذي لم يحارب النظام التركي فقط، بل تعسَّف أيضاً ضد قبيله مِن المُتطرقين الذين شكلوا في الغالب طليعة للثورة، لكن الاضطراب الفكري للدعوة أخرج عليها قيادات صوفية وقبلية وجَدَتْ في تعسف التعايشة من بعدُ مبرراً للمعارضة الصريحة..

في أجواء الثّورَة تلك أوعزَ الإمام للناس بأن المَهدِية هي الدِّين وأنه القناة الوحيدة التي يحق لها التحدُّث باسم الإسلام، كما جمعَ بين يديه كل السلطات فكانت النتيجة المباشرة هي اختزال الدِّين في شخصه، الأمر الذي جعل مَهديته تواصلاً للمركزية التركية القاهرة التي اندلعت الثّورَة لأجل القضاء عليها.
يُضاف إلى ذلك أن المهدي أعطى أنصَاره صلاحيات واسعة ضد الآخر وطنياً كان أم تركياً، فبعدَ تكفيره مَن لم يؤمن – بل مَن تشككَ – في مَهدِيته، عَاثَ الجِّهادية فساداً باسم الدِّين وارتبط عهدهم بسيفٍ لم يرجع إلى غمده حتـى استلاب الأجنبي للبلاد مرة أخرى.

إن عدم فِطام المَهدِية عن شرعيتها الثَّورِية أحال التجربة التي كانت تُمني النّاس بالعدل إلى حقبة لتصفية الحسابات القبلية والشخصية، بالتالي (تضعضع إيمان جيلها المهزوم بفعل التخثُّرالمريع، الذي حاق بالثّورَة في مرحلة الدّوْلَة)، ذلك أن الثورة أتبعت خطوتها إلى الأمام بخطوتين تراجعيتين، فعَادت عجْلَى إلى المعين السَّلفي بعد جفاف ينبوع الاجتهاد.

ولعل أسوأ ما في المهدية أنها لم تدع الحال الدِّيني على ركوده، وإنما اتخذت من الدِّين أداة سالبة للحقوق، فكانت بذلِك أول وأقسى تجربة مُتاجَرة بالمُقدّس لأجل تكريس السّلطة، بعدَ ذلك أهمَلت موضوع الدِّين وانصرفت نخبتها لمُتعة السلطان، بالتالي تحوّلَت المَهدِية من حلم تحرري إلى نظام ثيوقراطي يحتمي بولاء القبيلة.

لقد أحاط المأزق العقدي بالتجربة ولم يكن من سبيل للحفاظ على ما تحقق من انجازات إلا بإغلاق منافذ الحوار واعتماد القهر والقَداَسة كوسائل لتثبيت سُلطة الأمر الواقع.

المواكب

 

‫4 تعليقات

  1. مهدية شنو يا ود الشيخ دي كانت كذبة كبيرة حتي اصبحت في ذاكرة الشعب اهازيج مثل “جهادية حاربونا شدوا جمالن جونا جبنا ليهم سمسم السمسم ما كفاهم جلبنيهم سعية” حكم فترة التعايشي كانت اسوأ من حكم هتلر وموسيلني.

  2. محمد احمد عبدالله الفحل (هذا هو الاسم الحقيقي للمهدى )
    وهو اختار لقب المهدى حتى يتسلط علي رقاب الناس
    اما التعايشي فقد فعل افعال تخجل منها داعش الان
    يكفي انه قتل ٣٦ الف من اطفال ونساء وشباب ورجال الخرطوم في يوم واحد
    يكفي مذبحة المتمة المعروفة باسم كتلة المتمة التى قتل فيها معظم الجعليين صغارا وكبارا وسبئ نساء الجعليين وجردهن من ملابسهن
    يكفي مجزرة البطاحين

  3. جهادية الاورطية جهادية االحلبونا
    جلبنا ليهم سمسم و السمسم ما كفاهم جلبنالهم سعية…
    ….
    المهدية كانت اكذوبة فعلا ..
    و هى اقرب للداعشية المعاصرة..
    فرض الراى بقوة السيف…
    للاسف مازالت مقرراتنا بالمدرسة بمقرر التاريخ السودانى تعج بالمهدية بروايات منحازة للانصار و ليست محايدة بتاتا…
    شكرا للدكتور عمر احمد القراى على هذا الكتاب القيم الذى يقدم فيه قراءة نقدية للمهدية….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..