النظافة.. لا في العير ولا في “النفير”..!!

النفايات والأوساخ هي إفراز يومي يقتضي بالضرورة وجود نظام إداري محكم وعلمي لعملية التخلص منها.

ونظافة ولاية الخرطوم التي تفرز سبعة آلاف طن يومياً من النفايات ليست مهمة مستحيلة ولا هي قضية مفاجئة، وليست تلك الحلول الإسعافية المكررة والفاشلة، إلا محاولات للهروب من مواجهة حقيقة الفشل التام في تطبيق نظام نظافة بكفاءة إدارية وتشريعات واضحة وتوجيه إيرادات النظافة ورسومها المتحصلة من القطاع السكني والتجاري إلى وجهتها الصحيحة بعد تصحيح الخلل الإداري ومنع التنازع حول السلطات والاختصاصات والتجاوز الواضح في المناقصات بتشغيل شركات غير مؤهلة لتتولى عمليات النظافة.

مبادرة والي الخرطوم وما يسمى بالمجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية والريفية بتنظيم حملة نظافة تشارك فيها قطاعات المجتمع المختلفة يوم السبت من كل أسبوع، تذكرنا بنفير الوالي الخضر قبل سنوات حين تكدست الخرطوم بالأوساخ والنفايات وصار حالها مثل حالها اليوم، فقام الوالي الأسبق ومجلس وزرائه بنفس هذه المحاولة مع بعض الاختلاف، وكتبنا حينها مقالاً بعنوان (عقلية “الفزعة” تعطل حالنا) نورد فقرات منه الآن للتذكير، لأن الحال هو الحال القديم نفسه والمشكلة لا تزال عابرة للولاة والمسؤولين الذين يتعاقبون عليها، والعقلية هي ذات العقلية والفشل هو الفشل القديم المتجدد وتصنيف الخرطوم في ذيل قائمة المدن النظيفة لم ولن يتغير بهذه الطريقة:

(لا أثق إطلاقاً في جدوى أي مشروع تحمل لافتته مصطلحات مثل (حملة) أو (استنفار) أو (نفير) أو ما يشابه تلك المفردات التي تفيد معنى الاستدعاء الشعبي لأداء مهمة عاجلة في قضية مستمرة وقائمة وتحتاج لمعالجة جذرية.. ولا أفهم أن قضية مثل قضية إصحاح البيئة أو نظافة المدن مثلاً يمكن أن نتعامل معها بعقلية (النفير) تلك ثم نظن بعده أننا قد أنجزنا شيئاً.. النظافة هي ثقافة مجتمع يتم القيام بها بواسطة السلطات بشكل دوري ومستمر وفق نظم قانونية ولوائح صارمة، لكن أن تطالع خبراً مثل توجيه والي الخرطوم بتنفيذ ما وصفها الخبر بأكبر حملة لإصحاح البيئة في ولاية الخرطوم، فإن تلك مجرد زوبعة إعلامية قصيرة العمر والمدى.. وأعتقد أنها نوع من النشاطات التي يمارسها السياسيون للفت النظر الإعلامي لا أكثر و(ياما) نفذوا حملات وحملات ولا تزداد بعدها المدينة إلا اتساخاً وتلوثاً، فثقافة (الفزعة) تمثل عاهة كبيرة تعطل حالنا لأنها لا تهتم بعلاج الأسباب، بل تنظر فقط في إخفاء النتائج الماثلة..)

المجتمع السوداني لا تنقصه ثقافة النظافة والدليل على ذلك أن معظم السودانيين يحرصون على تنظيف منازلهم بشكل يومي، لكن الحلقة المكملة في الشارع هي مسؤولية الجهات المعنية بعملية التخلص من النفايات والتي بإمكانها وبسهولة شديدة تطبيق لوائح وعقوبات على المخالفين، لكن تلك القوانين لا يمكن تطبيقها إلا بعد أن تؤدي السلطات دورها في نقل النفايات بشكل منتظم وشامل.

فالدول التي تعاقب المخالفين من المواطنين لأنظمة النظافة تفعل ذلك حين تكون السلطات مطمئنة تماماً على قيامها بمسؤوليتها في التخلص من النفايات وتنظيم أماكن تجميعها.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..