مع رئيس لجنة التعليم بتشريعي كسلا:التعدين حرم كثير من الطلاب من مواصلة دراستهم و 10 من بناتنا فقط وصلن إلى المرحلة الثانوية

مشاريع إعمار الشرق تمت بترضية سياسية
حوار : نشوة أحمد الطيب
* من المعلوم عن قبيلة الرشايدة بشرق السودان عزوفها عن تعليم البنات، لكن السيدة مُصلحة عبد الله غانم رئيس لجنة التعليم بالمجلس التشريعي بولاية كسلا، استطاعت أن تكسر تلك القاعدة وتنال حظها من التعليم، لتصبح أول امرأة متعلمة في قبلية الرشايدة.
وواصلت السيدة مصلحة الصعود والترقي حتى وصلت إلى منصبها الحالي، تم تعيينها في عام (2007) في المنصب، وشاركت مصلحة في مباحثات اتفاقية الشرق ممثلة للأسود الحرة.. جلسنا إليها وطرحنا عليها العديد من الأسئلة، وكانت محصلة اللقاء ما يلي.
* من المعروف أن قبيلتكم مُتشددة في عاداتها وتقاليدها.. كيف استطعي أن تكسري هذا الحاجز؟
– من حُسن حظي أنني وُلدتُ بحي الميرغنية في مدينة كسلا، عندما بدأ أهلنا الرشايدة في الاستقرار، فأُتيحت لي فرصة التعليم حتى أكملت جميع المراحل التعليمية، ونلت حظي من نهل العلم والمعرفة، وأيضاً إغترابي بدولة الإمارات العربية المتحدة لعشرين عاماً ساهم في هذا بالكثير من تشكيل شخصيتي التي أنا عليها الآن، والحمد لله لم أواجه المشكلة التي عانتها المرأة الشرقاوية، ولسوء حظ إخواتي أنهن لم تتح لهن مثل هذه الفرصة التي أُتيحت لي، فمجتمع الرشايدة بعد أن كان مجتمعاً رعوياً متنقلاً، الآن بدأ في الاستقرار، وبدأ الرغبة في التعليم، والآن لدينا أكثر من (10) فتيات وصلوا للمرحلة الثانوية هذا العام، وهذا تقدم ملحوظ مقارنة بالعام الماضي، فالمجتمع اليوم بدأ في الوعي بأهمية التعليم ولا سيما تعليم المرأة .
* كيف استطعتم إحداث هذه النقلة؟
من خلال حملات التوعية المكثفة التي نقدمها من خلال راديو المجتمع بإذاعة كسلا، فالآن أنا أعمل كمنتجة براديو المجتمع، أناشد الأهالي بكل أرياف ولاية كسلا، فإذاعة كسلا مسموعة بكافة أرجاء السودان مدنه وأريافه، فبدأت الناس تستجيب لما نقدمه من توعية وإرشاد، والآن هناك رغبة أكيدة للتعليم، ولكن هناك بعض المشاكل التي مازلنا نعاني منها، كمشكلة التساقط والتسيب والتسرب، وذلك نتيجة للفقر وعدم الوعي الكامل بأهمية التعليم، كما نواجه مشكلة كبيرة جداً وهي مشكلة التعدين التي تواجه الطلاب في مرحلة الدراسة، إذ يترك الطلاب الدراسة للانخراط في تعدين الذهب لتوفير حياة كريمة لأسرهم، فالأغلبية العظمى من مجتمع الشرق يعمل أبناؤهم في المهنة، وبالرغم من كل هذا لم نستسلم، ولازلنا نقدم البرامج التنموية التي تسهم في حل مشكلة الفقر، والحمد لله حكومة الولاية قدمت الكثير من المشروعات والمؤتمرات التي تسهم في تنمية الأرياف بكافة أرجاء ولاية كسلا، بالمحليات الريفية الشمالية والغربية لولاية كسلا، وتم وضع حلول للعديد من تلك المشاكل حتى ننهض بإنسان الشرق .
* كم تبلغ نسبة تعليم المرأة بولاية كسلا؟
– تتفشى الأمية بنسبة عالية في أوساط النساء والرجال في الريف، ولكن هناك برامج محو أمية تقنية مدروسة ومنتوجة، فنحن الآن لسنا في عصر الأبجدية بل بعصر التقنية والعولمة والفضاءات، فقمنا بدراسة هذه البرامج عبر الطريقة التقنية، وسوف تكون ظاهرة للعيان في المستقبل القريب بإذن الله .
* في إعتقادك كم من الزمن تحتاجونه للتخلص من العادات والتقاليد المتشددة تجاه المرأة خاصة فيما يتعلق بقضية التعليم؟
– بالنسبة للتعليم فوعي المجتمع هذا من أدوار القيادات، فلا بد أن يكون لها وقفة، فأغلب أهل الشرق يستمعون لقياداتهم، فلا بد أن يكون لهم دور فعال في نقل رسالة التعليم، وحث المجتمع للتعلم والتعليم، والبداية لابد لها أن تكون بأنفسهم وبأبنائهم كقيادات، وكذلك بالنسبة لمعالجة مشكلة الفقر عبر طريقة الغذاء مقابل التعليم، فهذه الطريقة ناجحة جداً في ظل هذه الظروف، فهي طريقة جاذبة للتعلم لا سيما مع الأطفال في مرحلة التمدرس، وضرورة أن تسود مجانية التعليم وفقاً لقرار الرئيس عمر حسن أحمد البشير وقرار مجلس تشريعي كسلا، وهي قرارات ملزمة لكل الجهات الوزارية وغيرها، ولكن لابد من أن يتوفر تعليم الرُحل حتى تعم الفائدة بمساهمات من المنظمات، فالعادات والتقاليد ليست العائق فقط لقضية التعليم، بل التوعية بأهمية التعليم لها دور كبير، فالعصر عصر تعلم وليس عصر عادات وتقاليد تمنع التعلم، فاذا لم تتوفر المدارس والبيئة الدراسية الجاذبة للطالب والمعلم، لن تجد تلك العادات المانعة طريقها في صد التعلم والتقدم بمجتمع الشرق، ولابد من تعاون بين المنزل والمدرسة والقيادات من أجل النهوض بقضية التعليم .
* تحت مظلة العادات والتقاليد يمارس مجتمع الشرق أبشع أنواع الانتهاك لخصوصية المرأة والطفل كالختان والزواج المبكر.. ما دوركم في الحد من تلك الممارسات الخاطئة؟
– هذه عادات متوارثة ولا نعتبرها بالمعنى الصحيح انتهاكاً لحقوق المرأة، بل هي عادات توارثت لعدم العلم وعدم المعرفة الجيدة بحقوق الطفل والمرأة، ولم يكونوا على علم بأنها إنتهاك لحقوقهم، وإنما فطروا عليها كعادات توارثوها أباً عن جد، وأغلبها الآن على وشك الاندثار، فهناك مجهود كبير عبر المنظمات وإدارات مجالس الأمومة والطفولة وعبر إدارة تنمية الأسرة وكليات المجتمع ووزارة الشؤون الاجتماعية للتوعية بأهمية التعليم، ونبذ العادات الضارة والحد منها، كختان الإناث والزواج المبكر وغيرها من الممارسات المتبعة في قبائل الشرق، فالوعي والإدراك سيقلل منها.
* هناك صعوبات تواجه القوافل والمنظمات التوعوية القادمة من خارج الولاية في أرياف كسلا؟
– في كسلا لم تواجهنا مثل هذه المشاكل، ولكن إن وجدت لا بد من أن تكون لعدم إحترامهم لعادات وتقاليد تلك الأماكن التي يقصدونها بغرض التوعية والإرشاد، فلإرشاد مجتمع ما لابد من الدخول له عبر مفتاح كشيخ القبيلة أو معرف من القبيلة أو ناظر القبيلة أو العمدة، فالمرأة الشرقاوية بعيدة عن مجتمع الرجال، ولا بد من احترام ذلك وتوعيتها وإشادتها لابد أن تكون عبر العنصر النسائي فقط، ولابد أن يكون التعامل في حدود، فتلك حرية شخصية كفلتها العديد من الدساتير والمواثيق الدولية .
* كيف سيتلقى الرُحل حظهم من التعليم؟
لدينا إدارة اسمها إدارة العرب الرحل تساهم في حل مشاكل التعليم بالشراكة مع منظمة اليونسيف، عبر خيام متنقلة، وأحياناً تتمركز في المدن، لأنه ليس هناك معلم على استعداد للتنقل، فتم توفير الأماكن ليتلقوا عبرها تعليمهم في فترة نزولهم بالقرب من إحدى المدارس .
* هناك إتهام طال صندوق إعمار الشرق بأنه قام بتنفيذ العديد من المشاريع دون دراستها دراسة صحيحة؟
– نعم هذا الاتهام صحيح فالترضية السياسية موجودة، فالمدارس التي شُيدت في مناطق ذات كثافة سكانية قليلة خير مثال، ففي بداية مشاريع الصندوق كانت هناك ترضيات سياسية دون استصحاب ذوي الإختصاص لمعرفة المداخل، والآن هناك معالجة لتلك الأخطاء للمشاريع التي نفذت بطريقة خاطئة .
* ما المشاريع التي قام صندوق إعمار الشرق بتنفيذها بولاية كسلا؟
– الآن نحن بصدد البدايات في المرحلة الأولى للكهرباء، ومشاريع مياه وآبار، وهناك مستشفيات تم بناؤها وهي الآن في مرحلة الافتتاح، وفيما يتعلق بخطة الكهرباء فهي تستهدف أغلب محليات الولاية الطرفية والشمالية، مثل محلية أروما والدلتا وتلكوك وهمشكوريب، وأيضاً غرب كسلا وريفي كسلا وخشم القربة ونهر عطبرة، والآن تم تنفيذ المرحلة الأولى للكهرباء، وبصدد الشروع في المرحلة الثانية، كما أنه تم بناء عدد من المشتشفيات بـ(7) محليات من محليات كسلا الـ(11) .
* تعاني بعض المحليات البعيدة من نقص في المعلمين مثل همشكوريب..
محليات كسلا استعانت بمعلمين يحملون الشهادة السودانية، دون اشتراط أن يكون خريج تربية أو غيرها، فبعض المحليات ذات الخصوصية والبعيدة لتوفير المعلمين بها قاموا بتعيين طلاب الشهادة السودانية، وقاموا بتدريبهم على التدريس وذلك بالتعاون مع الوزارة وجامعة السودان المفتوحة، بأن يؤهلوا هؤلاء المعلمين في المستقبل، وهناك حلول طرحت لمشاكل نقص المعلمين بهذه المناطق والمدارس متوفرة، كما أن المناهج الدراسية متوفرة .
* نريد توضيحاً أو تفسيراً لمصطلح الغذاء مقابل التعليم ؟
– هو بمثابة جذب الطلاب لا سيما الصغار منهم للحضور للمدرسة لتلقي التعليم، مقابل إعطائهم الطعام، فهناك منظمة الـ (دبليو إف) بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم قامت بتوفير الوجبة المدرسية، وهناك صندوق دعم الخريجين حيث تقوم بتوفير الوجبات الغذائية لجميع الطلاب، حيث لاقت هذه الفكرة نجاحاً وتقدماً ملحوظاً.
آخر لحظة.



