ديكتاتورية الكمساري..

ركبت البص السفري مع الكمساري صاحب الصوت الحاد والنظرات المتوترة وانا ادرك تماما وسلفا ان هذا الكمساري يمارس مهام تسلطية مجحفة في تشغيل الفيديو الموجود داخل البص السفري.. فهو يختار اغاني المطربة (ف) دون سواها .. وانا تروقني الاغاني الاخرى لفنانين اشعر معهم انني احلق فوق هضاب من الحب والعشق والهيام.. اما هذا الكمساري فهو يتجاوزهم عمدا فارضا ذوقه الكاسد على الركاب.. لم يتبق له الا ان يصيح انا من اطعمكم الهوت دوق.. الحقيقة انا امقت صوت المطربة (ف) فهو يذكرني بغرغرة الذين يتناولون التركين مع البصل الابيض المعصور عليه الليمون الحامض.. لو عشت في العصور السالفة.. اقصد ازمنة الاغاريق واليونانين .. لاخترت التركين آلهة للمقت والكراهية..
قبل شهور قرات مقالا مقتضبا يقول ان فساد الرئيس اصبح مستنسخا وسط الشعب.. فهو ذاك الجزار الذي يذبح الحمير ويقدمها للجمهور على انها لحم بقر.. وهو صاحب الحافلة الذي يطالب الركاب بضعف التسعيرة.. وهو صاحب الفرن الذي يبيع دقيق القمح المدعوم.. وهو وهو..
ايها السادة اصبح فساد النخبة الحاكمة يوزع جيناته الخبيثة وسط عموم الشعب مثلما عمالقة التراب النابتة من الارض.. التي يحاربها علي بابا والتي تنشا من ذرات الرمل تظهر هنا وهناك وتتكاثر ثم تعيث فسادا كما شاهدناها منذ عقود في مسلسل الاطفال (سندباد)..
انتظرنا اكثر من 30 عاما ليظهر علي بابا الذي سينتزع حبله ويضرب تماثيل الفساد التي تنشا من تراب السلطة ومن ذرات المحسوبية ومن وراء الدقون الخراب .. لم تطل وقفتنا.. عندنا الان الوف من (علي بابا).. انهم تلك الجموع الهادرة التي تضم الشباب اليفع والكنداكات الشامخات انهم قادرون ليس على محاربة الفساد بل قادرين على اجتثاث منظمة الفساد برمتها بطريقة (ام بحتي).. من رئيسهم الى خفيرهم.. عندها ستختفي جينات الفساد المكتسبة من خطل السلطة .. فحينما اركب البص لن اجد كمساريا اهوج يمارس ديكتاتوريته العاصفة على وعلى سائر الركاب..