مجلس (التعايشي) الأخير..!

خط الاستواء
عبد الله الشيخ
كان مرفهاً بعلايل النسمات.. نسمات اب روف والمزالِق، بينما سنابك خيل التُرُك تدشدش حصا الصحارى..
أطل على ما يريد (مِن تاني دور).. مدّ بصره فوق ضياع المدينة الحلم، أطل على بقعة زيتٍ من وجع الناس،، على هموم شتاء وأجساد منهَكة أتعبتها المهاجِر فساحت في فضاء الدم ..
كان المنتظَر يرتع في وسَن القائلة بين حرّاسه من الملازمية، ما جايب للدنيا خبر.. جهاديته – ناس الحرابة – بعضهم أدرك بعين البصيرة أصول لعبة الدنيا والدين،،، وبينهم من ظل على حاله ينتظر..
أجمعوا أمرهم و قالوا أحسن يلاقوهو – العين تشوف العين – وأمرهم شورى بينهم.. قالوا يشاورهم ويناصحونه، في أمر جيش النصارى الذي توغل كثيراً في دولة المهدية..
عقدوا الراي في مجلسه. قالوا لازم نصحّيهو.. البلد محَنانة ومضروبة بالمجاعة، والناس أكلوا الجيفة والشدر اليابِس.. قالوا له، والكلام ده، كان بعد صلاة العصُر..
– خليفة المنتظَر، جيش كتشنر وصل السبلوقة، يعني ممكن يصل أُم درمان في الليل ده، أحسن قبل ما يجونا، دايرين الإذن، نهجم عليهم في الضلام..
– خليفة المنتظَر، دايرين نطلع برّه البُقعة نلاقي الخواجات أولاد الكِدِكْ، نحجر عليهم الموية، ونرميهم بعيد في الخلاء، دي بلدنا ونحن أعرف بدروب الصحراء.
– نِحن نيلنا أزرق، وليلنا أزرق، وواطاتنا زرقاء، ونِحن زاتنا زُرُق،، دايرين إذن خليفة المنتظَر، عشان نقفرهم بعيد، ونقطع دابرهم زي ما قطعنا دابِر حملة هِكس..
الخليفة عاين لجُراب الراي – أخوهو – و حدَرْ ليهم.. وهوزز راسو مرتين، وقال كوْ..
– الراي شنو؟
– الراي نلاقيهم والدنيا ضوْ.
– خليفة المُنتظَر، الليل يغتي الجبال..
– انا كلامي تسمعو.. أمشوا نوموا مع عوينكم، تعالوا بكره الصباح، نهجم عليهم والدنيا ضو، العين تشوف العين..
نهضوا.. نفضوا الـ (على الله) وقالوا كبْ.. الخليفة عينو انقلبت زي شفق المغيب.. أما عجايب، ففي بقعة المهدي من لا يؤمن بأن الفيوضات ستضيئ جبال مكة وستفتح مغاليق بلاد الروم..
حدجهم بعينٍ حمراء فقالوا له بكل أدب احترام:
نحن كلامنا قلناهو، لكن كلام الخليفة ياهو البيمشي، إلا نُصرة مافي..
النُصْرَة تجي من وين؟ بعد كسرة كرري، كتب كتشنر في مذكراته، أنه كان يخشى هجومهم في الليل، لكنه عندما سمع أصوات الدّيّكة تتصايح في أطراف أم درمان أيقن بأن النصر أكيد..
ثم نُصِب لهم (المكسيم) فوق الجبال، و(حدس ما حدس).. استبيحت البُقعة كما استبيح ميدان الاعتصام، لأن الخليفة كان راقد فوق راي..
قال خليفة المنتظَر أن الجماعة (حلَّموهو) بالهجوم في ذات الساعة مع شرقة الشمش!
ثم ( حدس ما حدس)..
الرجال ماتوا في كرري..
اثنى عشر ألفا وأكثر لم يهزموا، بل سحقهم المكسيم في ذاك الضحى..
المواكب
قال تشرشل..وكان مراسلا صحفيا حينها..وصحب الحملة..ان خطة الخليفة كانت عبقرية..لانها عكس ما كان متوقعا..ولأن جيش الخليفة يحتاج الضوء لأن السلاح الأبيض هو الغالب..هذا كلام تشرشل وللتوضيح اكثر..لأن الجيش كان ضخما فقد يقتل الأنصار بعضهم البعض وتطيش السهام والحراب…وكان جيش كتشنر مستعدا ومتوقعا لذلك باعتباره الخيار المنطقي ..وما حدث هو أن رهط كبير من السودانيين الذين كانوا في جيش كتشنر كراهية في حكم الخليفة..قد أصابهم الذعر عندما هاجمهم الأنصار بشجاعة أثارت الرعب والهلع في نفوسهم وأصبحوا يطلقون القذائف والطلقات بكميات كبيرة ودون تركيز ..حتى انتهرهم العسكري الانجليزي وأمرهم بالثبات والتركيز….هذا ما حدث ..والاصرار على اظهار الخليفة كانه غبي …وعبيط ..رسالة للملكة البريطانية ..يدحضه ..ان الخليفة هو الذي أوحي للمهدي انه المنتظر ..وهو الذي أقنعه بالهجرة إلى قدير..وهو الذي اختاره المهدي خليفة .
الحرب فن..نفترض انو كان هاجم بالليل والجماعة الإنجليز عملو ساتر وانبطحوا أرضا.. وأطلقوا النيران..وجماعة الخليفة جارين ورامين لي قدام ..ويقع بعضهم فوق بعض..والدنيا ليل ..ولا شايلين مشاعل عشان يشوفوا فتظهر أماكنهم للنيران الإنجليزية.. ..الخليفة خليو ..خليل ابراهيم هاجم العاصمة بالنهار ليه…ولماذا اختار ثوار ديسمبر الواحدة ظهرا للزحف نحو القيادة….ويوم السبت …وهو يوم عطلة ويسهل اصطيادهم..والليل يغطي جبال..والاحد زحمة والزحمة رحمة….
الخليفة مات قبل اكثر من 120سنة…بعدين (على الله) لم تكن في زمن الخليفة …(الجبة المبرقعة كانت الزي)ابتكرها نقد الله ..لشباب الأنصار….والله اعلم ..لكن صراحة ما فهمت حاجة.
من قبل المهدية، ايام علي كنونة زعيم الحوازمة العنصرية كانت متفشية في نفؤسكم، وده سبب إنتصار المُستعمر، الخليفة ارسل كل من يخالفه الراي للموت، فاصبح لا راي له، وقُتل وهو هارب.