“أبيي” تبدد أحلام الخرطوم وجوبا

ياسر محجوب الحسين
رئيس تحرير سابق لصحيفة حزب البشير ” الرائد ”
بعد عدة أسابيع من التفاؤل بحدوث اختراق حقيقي في العلاقة بين جوبا الخرطوم، تبرز من جديد قضية أبيي المتنازع حولها.. أقصى درجات التفاؤل بلغت عندما تم الإعلان عن زيارة الرئيس سلفا كير إلى الخرطوم في ثاني زيارة له بعد انفصال دولة الجنوب في يوليو 2011.. التفاؤل في الخرطوم بدا متزامناً مع العمليات الجراحية التي أجراها في حكومته التي أقصى بموجبها نائبه رياك مشار ووزير السلام باقان أموم الذي كان يشغل في الوقت نفسه منصب الأمين العام للحركة الشعبية الحاكمة في جوبا، كما شمل الإقصاء وزير التعاون الدولي دينق ألور وهو أحد قيادات أبناء أبيي من دينكا نقوك الذين يشاركون قبيلة المسيرية العربية في أرض أبيي.. عمليات سلفا الجراحية طالت الذين عرفوا بمواقف حادة ومتطرفة ضد الاتفاقات التي وقعت في سبتمبر 2012 في أديس أبابا بين البلدين وهذا ما بنى عليه المتفائلون تفاؤلهم.. المتشائمون يؤكدون أن كلمات تقاربت قلوب البلدين ظهر ما يعكر الصفو بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد، وهنا يتشهدون بإثارة قضية أبيي مع قرب زيارة سلفا إلى الخرطوم.
من جانبها أعلنت جوبا بدء ترتيبات لاستفتاء أبيي في أكتوبر المقبل وأعلنت الرئاسة الجنوبية منح أبناء ما تسميه إقليم أبيي العاملين في جميع مؤسسات الدولة إجازات مفتوحة للعودة إلى الإقليم لتمكينهم من المشاركة في الاستفتاء.. الاستفتاء الذي كانت قد أعلنت عنه الوساطة الإفريقية ورفضته الخرطوم لأسباب منها توقيته والأشخاص المسموح لهم بالمشاركة في الاستفتاء، وسيقرر سكان أبيي في الاستفتاء مصيرهم بين تبعية جنوب السودان أو البقاء في السودان وفقاً لمقترح الاتحاد الإفريقي.. فور الإعلان الجنوبي أكدت الخرطوم أن الترتيبات الجنوبية غير قانونية بسبب اتفاق مسبق بعدم قيام الاستفتاء من أي طرف دون الآخر.. والرفض الأكثر حدة جاء من قبل قبائل المسيرية العربية صعبة المراس وكشفوا عن تهديد مبطن لحكومة الخرطوم بقولهم إن تفويضهم لحكومة السودان بشأن المنطقة هو تفويض سياسي لا يخول لها التصرف في الأرض ويقول ناظر القبيلة مختار بابو نمر إن المسيرية “باقون في أبيي إما على سطح أرضها أو تحتها”.. الخرطوم حاولت التأكيد على عدم رفضها مبدأ الاستفتاء بيد أن هذا الاستفتاء في نظرها لابد أن يتم وفق اتفاقية البروتوكول الموقع في شأن استفتاء المنطقة.. وتقول الخرطوم إن البروتوكول نص على الترتيب للاستفتاء من خلال آليات تحدد كيف ومتى يجري ومن الذي له حق الاستفتاء.. الخرطوم أعلنت بصراحة ووضوح أنه في كل الأحوال لا يمكن أن ينفذ الاستفتاء من طرف واحد، وهو الأمر الذي تصر عليه دولة جنوب السودان في أكتوبر القادم.. المسيرية يتهمون جوبا بأنها تريد إجراء الاستفتاء في أكتوبر لشيء في نفس يعقوب حيث الغلبة لدينكا نقوك باعتبار أن المسيرية يرحلون عن أبيي بحثاً عن العشب لمواشيهم في ذلك التوقيت.. في الوقت نفسه تصر جوبا على أن دينكا نقوك يحق لهم المشاركة في الاستفتاء حتى ولو كانوا يقيمون في أستراليا.
في خضم كثرة القضايا المعلقة وتعقيدها ينسى البعض أن أبيي داخل حدود يناير 1956م وهي الحدود الفاصلة بين جنوب السودان وشماله وهي التي قامت عليها اتفاقية نيفاشا، وعليه فإن استفتاء أبيي ليس على الأرض لأنها محسومة الانتماء ولكن على المواطنين أي يُستفتوا على رغبتهم في البقاء في أبيي باعتبارها أرضا شمالية أو العودة إلى داخل حدود دولة الجنوب.. لا مجال لأن تبكي الخرطوم على اللبن المسكوب حيث إنها فرطت في ورقة مهمة كانت بيدها؛ إذ إنها وافقت على استفتاء الجنوب قبل حسم مسألة أبيي وبالتالي استفتي الجنوبيون على أرض غير معلومة الحدود وهنا كمن الداء؛ لكن العقل الرشيد والمنطق السديد يقول لكلا الدولتين إن أبيي (تساوي 1% من مساحة السودان قبل انفصاله) نزاع حدودي ليس بالضرورة حسمه الآن وهناك أكثر من (200) نزاع حدودي على نطاق العالم لكن النشط منها حوالي (13) نزاعاً.
السؤال هل سلفا جاد في إجراء الاستفتاء رغم مؤشرات الاستحالة أم أن الرجل الذي ذهب بعيداً في إرضاء الخرطوم، يريد أن يقول للداخل الجنوبي أن إرضاء الخرطوم لن يكون على حساب قضايا حساسة مثل أبيي؟. هل على الخرطوم تفهم المأزق الذي يمسك بتلابيب سلفا؟. هل لدى قبائل المسيرية قابلية لتحمل أي نوع من المرونة يمكن أن تبديها الخرطوم تجاه ملف أبيي؟.
الشرق
الاستهتار بتطبيق نيفاشا علي وجه الدقه هو سبب ما نحن فيه من حروب ؤالتقصير كان من جانب الحكومه
كان من المفترض ترسيم كل الحدود وسحب القوات التابعه للحركه الشعبيه من الاراضي السودانيه قبل
الاستفتاء000
(اختراق بتاع الساعة كم؟) الشغلة كلها أن الحركة الشعبية تقوم بإلهاء وتبديد وقت المؤتمر الوطني ومن وراءه الشمال المغلوب على أمره لأن المؤتمر الوطني بمجرد أن يشعر بأن هناك أمل في التفاهم مع الجنوب والوصول إلى سلام حقيقي معه يترك كل شيء ويبدد وقته وجهده ومال دافعي الضرائب الغلابى في مفاوضات عقيمة مع الحركة الشعبية التي بدورها تقوم بمجرد شعورها بأن المؤتمر الوطني قد ابتلع طعم المفاوضات بفرض شروط تعجيزية فيتبدد سراب الوصول إلى سلام حقيقي وتحقيق مصالح كبيرة في الوفاق مع الجنوب ويتبدد سراب الدولارات الهائلة التي يحلم قادة الوطني بالحصول عليها وملء جيوبهم من الاتفاق مع الجنوب. تمر فترة تذبذب بين اليأس من الوفاق والمصالحة مع الجنوب ثم تلوِّح الحركة الشعبية بمفاوضات جادة “هذه المرة” مع الشمال فيسارع المؤتمر الوطني وفريق تفاوضه الفاشل بالموافقة عليها والجعجعة بأن سلفاكير جاد تماماً في الوصول إلى تصالح مع الشمال وتحقيق منافع مشتركة ثم يذهب إلى المفاوضات فتفرض الحركة الشعبية شروطاً تعجيزية أخرى على الشمال فتتبخر كل الآمال مرة أخرى وهكذا دواليك … هذه الاستراتيجية التي تمارسها الحركة الشعبية منذ سنوات استراتيجية اسرائيلية 100% وقد جربها اليهود مع الفلسطينيين وقد مضت على الفلسطييين أكثر من عشرين سنة في مفاوضات لم يحصلوا من خلالها على شيء وهذا ما سيحدث في حالة المؤتمر اللاوطني والحركة الشعبية. المفاوضات إما جارية أو متوقعة والحال في الشمال يسير من سيئ إلى أسوأ (ياخي الرغيفة لم تعد تشبع طفلاً في الخامسة) ورطل اللبن وصل إلى ثلاثة جنيهات… اتقوا الله يا مؤتمرجية وتأكدوا أن كل هذا الإمهال يعني أن الله يعد لك ما لا ِقبَل لكم به من ابتلاءات (والله يوريكم وعاجلاً … آمين)
والذي نعرفه من هذا الإستفتاء هو بقاء الدينكا داخل حدود 1956م أو الرجوع إلى الجنوب أما أبيي كأرض باقية في شمالها لا تتزعزع فقط الدينكا يرحلو منها وهذا بسيط يجب على الحكومة السودانية أن تبين للدينكا ذلك حتى لايفهمو خطأ أنهم ليسو لم يكونو يوما أصحاب أرض بل لجؤوا لأبيي في وقت الحرب والآن الجنوب أصبح دولة فلايوجد على وجه الأرض من يأخذ معه الأرض التي لجأ لها.